صدور عدد جديد من «الدارة» ضم بحوثاً تاريخية ووثائقية دراسة فنية لسجلات محكمة مكة المكرمة
صدور عدد جديد من «الدارة» ضم بحوثاً تاريخية ووثائقية دراسة فنية لسجلات محكمة مكة المكرمة
مواقع النشر
صدور عدد جديد من «الدارة» ضم بحوثاً تاريخية ووثائقية دراسة فنية لسجلات محكمة مكة المكرمة
دعا الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز ورئيس تحرير مجلة الدارة الدكتور فهد بن عبدالله السماري الباحثين والمؤرخين إلى تحمل واجباتهم تجاه المصادر التاريخية وإعطائها الوقت الكافي من البحث الميداني وذلك بزيارة الوثائق والمخطوطات في أماكن حفظها في المؤسسات والجهات المعنية بها وهي نقية أصلية لم تثقلها أو تؤثر عليها شروحات وقراءات آخرين سابقين، في إشارة من السماري إلى نبذ تكرار الآراء واستنساخها، والانطلاق من النقل إلى إعمال العقل والقراءة الخاصة لمحتويات المصادر التاريخية من منابعها الأولى، ومواجهة المصادر التاريخية وجهاً لوجه بدل ما يحدث من تناقل للمصادر قد يؤدي إلى تقدمها في المدى البعيد.
وأشار في افتتاحية العدد الأول من السنة السادسة والثلاثين لمجلة ( الدارة ) إلى أن ذلك قد يحقق الخير الكثير للباحث والمؤرخ وللوثيقة والمخطوطة ويفتح مسارات حديثة لأفكار جديدة ومبتكرة، مهيباً بالباحثين الخروج من عذر المشاغل الأكاديمية والمهنية والقيام بدورهم البحثي الذي لا يستطيع القيام به غيرهم.
واشتمل العدد الجديد من مجلة الدارة على أربعة موضوعات رئيسة تصدرها دراسة أدبية تاريخية عن (صورة الملك فيصل في شعر الغزاوي) للدكتور عبدالرحمن بن محمد الوهابي عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز تطرق فيها إلى القصائد التي قالها الشاعر أحمد بن إبراهيم الغزاوي ( 1318هـ/ 1401هـ 1900م / 1980م ) في الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله منذ أن كان نائباً للملك عبدالعزيز في الحجاز طيب الله ثراه واستخلص الباحث سمات شخصية الملك فيصل رحمه الله وإنجازات علمية وأدبية في عهده من خلال تلك القصائد التي عرفت (بالفيصليات) ومناسباتها المختلفة.
وتحت عنوان( العرب والبلاد العربية في منظور سليمان شفيق كمالي باشا ) كتب الدكتور فاضل مهدي بيات من مركز الأبحاث والتاريخ والفنون الإسلامية( إرسيكا) بأستنبول بحثاً اجتزأ فيه مقاطع مما كتبه سليمان شفيق سويله مزأوغلي وما دونه مشاهدةً أثناء حياته في البلاد العربية ومعاصرته للأحداث في المنطقة.
وأورد الدكتور فاضل بيات في بحثه أن سليمان شفيق كمالي باشا كان محباً للبلاد العربية وشعوبها، حيث وصفهم بالمروءة والكرم والشجاعة واحترام الكلمة وأظهر حزناً مرّاً على قلة تعليمهم التي سببت نقصاً كبيراً في الشخصية العربية، مورداً رأي سليمان باشا في كتابه (رحلة للحجاز ) الذي وصف الباحث أسلوبه بالبلاغة وسرعة الوصول إلى الفكرة دون إثقال لغوي .
وفي البحث الثالث في العدد انبرى الدكتور خليفة حماش من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بمدينة قسنطينة بالجزائر للتعريف بدكان الحرمين الشريفين في مدينة الجزائر في العهد العثماني وهو المؤسسة المعنية بحفظ أموال أوقاف الحرمين الشريفين في الجزائر وأحد المؤسسات ذات الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الحياة العامة بمدينة الجزائر إبان ذلك الوقت، وعدّد الباحث وظائف هذا الدكان ،بالإضافة إلى جمع وحفظ أموال أوقاف الحرم المكي والحرم النبوي الشريف فهو يقدم القروض للأفراد ، كما يقرض المؤسسات الوقفية ، وفق ثلاث طرق منها ما هو بضمان كالحلي أو كراء العقارات أو الألبسة أو بدون رهن حسب ما تراه إدارة الدكان، أو وفق قرض ( المضاربة ) الإسلامي.
وقال الدكتور خليفة حماش إن الوثائق التاريخية ذكرت أن مكان الدكان حالياً هو ساحة الشهداء بمدينة الجزائر، أمّا الوظيفة الثالثة للدكان فهي حفظ أمانات الناس لمدد غير محددة ، ومنهم خاصة الأيتام والغائبون عن مدينة الجزائر من أسرى ومسافرين وكذلك الخائفين على أموالهم من السرقة والصدقات وعقود العقارات ، وكانت الأمانات تحفظ في صناديق تسمى ( فينق ) وكل فينق يحمل رقماً متسلسلاً كما يعمل به الآن في البنوك الحديثة ويحق التعامل مع الأمانات المودعة جزئياً بنظام الإيداع والسحب، وجاء البحث بنصوص ووثائق من واقع سجلات الدكان تؤكد هذه الوظائف الثلاث وبأسماء أشخاصها والمستفيدين من خدماته منذ تأسيسه الذي رجح الباحث أن يكون عام 1068ه واستمر حتى أواخر القرن الثاني عشر الهجري أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، إلا أن الباحث الدكتور حماش ترك أسئلة في آخر بحثه عما إذا كانت مدينة الجزائر انفردت بهذا الدكان دون مدن العالم الإسلامي الأخرى؟ .
أوردت مجلة الدارة في صفحاتها دراسة فنية لسجلات محكمة مكة المكرمة قدمها تركي بن مطلق القدّاح مبينا أسماء قضاة مكة المكرمة (1206ه / 1343ه) خلص فيها إلى أن أقدم سجلات تلك المحكمة يعود إلى العام 1206ه وأن تلك السجلات ذات مقاسات مختلفة الحجم كتبت على ورق يميل لونها إلى الأحمر الداكن وهو اللون السائد في العهد العثماني ، يسجل فيها الوقائع الشرعية كل عام من بيع وشراء ، ووقف ، وزواج،وخصومات وتقاض، وإثبات وفاة وحصر ورث وورثة، ووفاة رجل، وإصلاح بين ، أو تعيين أمير لمكة أو تنصيب مسؤول في الدولة، إلا أن الأمر ليس مقتصراً على مكة المكرمة فقد شملت السجلات الموجودة وقائع شرعية وسياسية واقتصادية في المدينة المنورة وجدة والطائف وكذلك الشام إلا أن مكان تقييدها كان في محكمة مكة المكرمة.
وكشف الباحث أن هناك سجلات لأعوام خلال فترة البحث غير موجودة مرجعا سبب فقدانها إما لسيل عرم أو لحريق تعرضت له ، كما كشف الباحث أن اللغة السائدة في كتابة هذه السجلات اللغة العربية ، إلا أن هناك مجلدات كتبت باللغة العثمانية وأن الخط المكتوب به تلك الأضابير اختلف باختلاف القضاة والزمن ، كما عرض داخل البحث مدونات الافتتاح والختام لكل مجلد ولكل واقعة.