[ سيرة أول من ألف في الأنساب ]
عُبَيد بن شَرِيَّة الجُرهمي ومنهجه الإخباريّ
الدكتور زريف مرزوق
كلية الآداب ـ جامعة مؤته
الكرك (الأردن)
عُبَيد بن شَرِيَّة الجُرهمي ومنهجه الإخباريّ
الدكتور زريف مرزوق
كلية الآداب ـ جامعة مؤته
الكرك (الأردن)
حياته
مع أن عُبيد بن شريَّة يعتبر من أوائل الإخباريين العرب، إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الكبير من قبل المؤرخين الذين تعاملوا مع مجريات الأحداث التاريخية قبل الإسلام إلا بالنزر اليسير، بل تكاد المعلومات التي وردت عن عبيد ترد في مصدر واحد كما سنرى، أو رواية واحدة، ثم جاء المتأخرون ونقلوا هذه الرواية مع بعض التغيير في بعض الألفاظ لكن الدلالة واحدة.
إن عدم الاهتمام بعبيد بن شرية بصورة تليق بإخباري متقدم أدى إلى عدم معرفتنا لحياة هذا الإخباري. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أضفي عليه بعض الأساطير، ولا سيما فيما يتعلق بسني حياته.
إن المعلومات المتوافرة لدينا لا تشير إلى نسبه الكامل، بل إن كتب الأنساب ـ وعلى رأسها ابن الكلبي ـ التي نقلت المصادر معلوماتها عن عبيد لم تشر إلى نسبه من قريب أو بعيد. وكذلك البلاذري في كتابه "أنساب العرب"، وابن حزم في كتابه "جمهرة أنساب العرب".
ونجد في موضوع آخر أن عبيد نفسه يقر بأنه لم يبق جرهمي غيره، وأنه قد أتى عليه خمسون ومئة سنة ([1]).
إن هذا الاعتراف من عبيد ربما جعل النسابة والإخباريين في حيرة من أمرهم. ويعود ذلك إلى أن جرهماً قد خرجت منذ زمن بعيد من اليمن، وانتقلت إلى الحجاز. فدخلت في صراع طويل مع أهل الحجاز للسيطرة على مكة. فهل لم يبق من جرهم إلا عبيد بن شريَّة حسب قوله؟
إن واقع الأمر مخالف لذلك، إذ يذكر ابن النديم أن عبيداً روى عن بعض الجراهمة ومنهم الكسير الجرهمي وعَبْدُ وُدٍّ الجرهمي ([2]).
إننا لا نجد اختلافاً كبيراً في اسم عبيد واسم أبيه وقبيلته. وإن رأينا بعض الاختلاف، فإن ذلك ـ في اعتقادي ـ قد جاء من التصحيف وليس من عدم المعرفة أو الاختلاف في نسبه. فقد جاء اسمه في معظم المصادر التي أشارت إليه بأنه عبيد بن شرية الجرهمي([3]). لكنهم أشاروا أيضاً إلى أنه عبيد بن سريه([4])، وفي موضع آخر ذكر عبيد بن سارية([5]).
ولدى التدقيق في هذا الاختلاف، فإننا نجد التشابه الكبير في الألفاظ، وأن الأمر لا يتعلق بغير الكتابة بالشين المعجمة أو بالسين. وهذا ـ كما ذكرت ـ ناتج عن تصحيف النساخ أو عن عدم المعرفة الحقيقية لاسم والده.
ومثل هذا التصحيف جاء أيضاً باسم عبيد حيث أورده ابن حجر باسم عمير، وعمير قريبة إلى عبيد. ولما كان عبيد هو الأكثر شيوعاً في المصادر، فإننا نستثني كلمة عمير، ونعتمد كلمة عبيد([6]).
أما ابن الأثير، فقد صحف اسمه واسم والده وقال: هو عمير بن شبرمه([7]). وهذا التصحيف أيضاً لا يخرج عن دلالته الأولى التي تشير إلى أنه عبيد بن شرية. وإن وجدنا بعض التصحيف في اسم عبيد، فإننا نرى أيضاً بعض الاختلاف في المكان الذي كان يقيم فيه. فقد أشارت بعض المصادر إلى أنه من صنعاء([8])، وفيها كان يقيم.
وبعضها الآخر أشار إلى أنه من أهل الرقة في العراق([9])؛ كما قيل بأنه من أهل الحيرة، وفيها التقى بمعاوية بن أبي سفيان لما توجه إلى العراق بعد الصلح مع الحسن بن علي بن أبي طالب([10]).
باعتقادي أنه ليس هناك اختلاف في المكان الذي ينتمي إليه: فجميع المصادر التي تعرضت له تجمع على أنه يماني، بل إن المعلومات التي جاءت في كتابه الذي وصل إلينا تؤكد ذلك. ويزداد هذا التأكيد إذا قلنا إن الإخباريين الأوائل أمثال وهب بن منبه، وكعب الأحبار، وعبيد بن شرية هم من أصول يمانية.
أما نسبته إلى الرقة أو إلى الحيرة، فهو أمر عادي في ذلك الوقت. فلربما انتقل عبيد إلى الرقة، ومنها إلى الحيرة؛ فاعتبره البعض من أهل الرقة، واعتبره الآخرون من أهل الحيرة.
وأعتقد أن في نسبته لأهل الحيرة ما يؤكد أن عبيد ربما اطلع من أهل الحيرة على بعض القصص والأساطير التي راجت في اليمن قبل الإسلام. ومن المعلوم أن الحيرة كانت مركزاً ثقافياً متقدماً في الجزيرة العربية عشية ظهور الإسلام، وذلك لكون المنطقة ملتقى تجارياً، وعاصمة للمناذرة.
إن المصادر المتوافرة لدينا لا تشير بشيء إلى حياته، وإنما ذكر أنه كان من المعمرين ([11]). إن الاختلاف في عمره، ومدة الزمن الذي عاشه عبيد لا يتناسب ومتوسط العمر الذي كان يعيشه العربي في تلك الفترة. وتكفي نظرة إلى خلفاء بني أمية لنرى أن متوسط أعمارهم لم يتجاوز الثلاثين عاماً؛ كما أن الرسول r قال: »أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك«([12]).
فهل كان عبيد شاذاً في هذه القاعدة ليذكر بأنه عاش ثلاثمائة سنة، وقيل عاش عشرين ومئتي سنة ([13]).
ويظهر لنا عدم الدقة في ذكر هذا الرقم من أن عبيداً لما التقى بمعاوية، سأله معاوية: كم أتى عليك؟ فقال عشرين ومئتي سنة. قال له: ومن أين علمت؟ قال: من كتاب الله. قال: ومن أي كتاب الله؟ قال: من قول الله تبارك وتعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم، ولتعلموا عدد السنين والحساب}® ([14]).
وفي رواية أخرى وردت في كتاب عبيد نصها: »... قال له معاوية: كم أتى عليك من العمر يا عبيد؟ قال: كثير يا أمير المؤمنين، كفاك أنه لم يبق جرهمي غيري. أتى عليّ مائة سنة وخمسون«([15]). وفي "كتاب المعمرين" أنه قال: »مائتان وعشرون سنة« ([16]). وإذا افترضنا أن مقابلة عبيد للخليفة معاوية لأول مرة قد تمت سنة 41 ـ 42 هـ بعد عام الجماعة، وأن وفاة عبيد كانت في خلافة عبد الملك بن مروان يحددها في سنة 67 هـ ([17]). فإذا أضفنا هذه المدة إلى عمره عندما التقى بمعاوية، فإنه يقل كثيراً عن العمر الذي ذكره السجستاني وتابعه عليه غيره من الذين كتبوا عن عبيد بن شرية.
إن إلصاق العمر الطويل لم يكن ـ في اعتقادي ـ إلا تبريراً للذين نقلوا رواياته، في محاولة لتأكيد أن عبيد بن شرية كان قريباً من الأحداث التي ذكرها في أخبار اليمن، وأن رواياته لا تقع في باب الأساطير، وإنما في باب الحقيقة على حد قولهم.
والمسألة الأخرى المتعلقة بعبيد بن شرية هي إسلامه. فقد ذكر ابن قتيبة أنه أدرك النبي r ولم يسمع منه شيئاً([18]). أما ابن عساكر، فقد ذكر رواية مرفوعة لهشام بن محمد الكلبي أنه أدرك الإسلام، فأسلم، ولم يذكر أنه قابل الرسول r، أو أنه سمع منه شيئاً ([19]). وإلى مثل ذلك أشار ياقوت الحموي ([20]).
ومع أن ابن الأثير قـد أورده مع أسماء الصحابة، فقد قال: »ليس فيه ما يدل على أن له صحبة، إلا أنه قد كان قبل النبي r وبعده، وقد أسلم، فلعله أسلم على عهد الرسول r. والله أعلم«([21]).
أما ابن حجر العسقلاني، فمع وضعه مع أسماء الصحابة، فإنه لم يشر إلى هذه الصحبة واكتفى بالقول إنه أسلم([22]). من خلال استعراض هذه النصوص، يتبين لنا أن عبيداً لم تكن له صحبة مع الرسول r، بل ربما يكون إسلامه قد جاء بعد موت الرسول r وقيام حركة الفتوحات.
لقاؤه بمعاوية بن أبي سفيان
تكاد المصادر تجمع على أن معاوية هو أول من التقى بعبيد بن شرية الجرهمي على اعتبار أنه من الإخباريين المعمرين. وبالرغم من هذا الإجماع، فإنها اختلفت في الطريقة والمكان الذي التقى فيه معاوية بعبيد بن شرية الجرهمي.
ففي حين ذكر عبيد بن شرية نفسه أنه التقى به في مدينة الرقة ([23])، نجد أن ابن قتبية يشير إلى وفوده على معاوية وهو بالشام ([24])، ولكن دون أن يذكر المكان الذي وفد منه: هل كان ذلك من اليمن أو من العراق، وذلك بناء على نصيحة من عمرو بن العاص لمعاوية باستقدامه.
أما ياقوت، فنجد اضطراباً في روايته حول لقاء معاوية بعبيد. ففي حين يذكر ياقوت نقلاً عن ابن عساكر أنه وفد على معاوية دون أن يحدد المكان ([25])، نجده في موضع آخر أنه لقيه بالحيرة عندما توجه معاوية إلى العراق بعد تنازل الحسن ([26]). ويعود مرة ثالثة ويقول إنه استحضره من صنعاء اليمن ([27])، ليسأله عن الأخبار المتقدمة، وملوك العرب والعجم، وسبب تبلبل الألسنة، وأمر افتراق الناس في البلاد.
وفي ما تقدم، فإن هذه المصادر القليلة تجمع على لقاء معاوية بعبيد بن شرية. إلا أنها اختلفت في مكان هذا اللقاء. ولكن النقطة اللاَّفتة للنظر هي دور عمرو بن العاص في هذا الشأن، إذ جاء في أخبار عبيد أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: »لو بعثت إلى الجرهمي الذي بالرقة من بقايا من مضى، فإنه أدرك ملوك الجاهلية وهو أعلم من بقي اليوم في أحاديث العرب وأنسابها، وأوصفه لما مر عليه من تصاريف الدهر، فبعث إليه معاوية... «([28]).
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الشأن هو من أين عرف عمرو بن العاص عن عبيد بن شرية، ومتى وأين التقى به؟ إذ من المعلوم أن عمرو لم يتوجه إلى العراق إلا في فترة النزاع بين علي ومعاوية، أثناء معركة صفين. وفيما بعد، أمضى طيلة حياته في مصر.
وأمام هذه التساؤلات لا يبقى أمام المرء إلا أن يقرر بأن عمرواً ربما قد تعرف إليه أثناء أحداث وقعة صفين، وأن عبيداً ربما دخل في صف معاوية قاصاً لجنده في ذلك الوقت العصيب. ولاشك في أن لمثل هذه القصص وقع كبير على جند الشام والغالبية منهم من القبائل اليمانية التي انحدرت من الأصل الذي ينتمي إليه عبيد بن شرية الجرهمي.
أما عن فترة لقاء معاوية بعبيد بن شرية في الشام، فأرجح أنها لم تكن عند ذهاب معاوية إلى العراق بعد تنازل الحسن، وأنها كانت متأخرة عن ذلك وربما كانت في السنوات الأخيرة من عمر معاوية أو أنها قبل ذلك. إذ تذكر المصادر أن معاوية قد أصيب في آخر حياته بالأرق([29])، وكان يفتش عن سمَّار يحدثونه ليلاً، ولا سيما في ليالي الشتاء الطويلة، ليقضي عليه ليله، ويذهب عنه همومه.
وهناك إشارة أخرى لابد من التعرض لها، وهي عن الغاية التي استقدم بها معاوية عبيداً. فالمصادر تجمع على أنه أراد الاستماع إليه عن أحداث الماضي، ولكن مما يلفت النظر ما ذكره عبيد من أن معاوية لم يكتف بمنادمته ولكن طلب منه أن يكون وزيراً له في أمره([30]).
ومن خلال تتبع حياة معاوية، لا نجد لعبيد بن شرية ذكراً في أن معاوية كان يستشيره في قضاياه، وأن ما ذكره عبيد فيه مبالغة كبيرة، وبالتالي فإن وجوده إلى جانب معاوية لا يعدو أن يكون قصاصاً في مجالس معاوية الليلية بعد أن تقدمت به السن.
ثقافة عبيد بن شرية
لا نستطيع الحكم على ثقافة عبيد إلا من خلال الكتب التي وضعها. وأبرز هذه الكتب هي الأمثال، وكتاب الملوك وأخبار الماضين. ومن خلال تتبع كتب الأمثال التي وصلت إلينا لم نجد فيها ما يشير إلى أن أحدهم قد أخذ عن عبيد. وحتى بعض الأمثال التي جاءت في أخبار عبيد([31]) حاولت البحث عن أصل لها في كتب الأمثال فلم أعثر عليها. ولو أن لهذه الأمثال قيمة علمية في ذلك الوقت، لربما اعتمد عليه من وضع كتباً بهذا الباب. وبالتالي، فإن ذكر اسم الكتاب لا يعطينا صورة واضحة عن ثقافته.
أما الكتاب الثاني، وهو "كتاب الملوك وأخبار الماضين"، فهو الكتاب الذي جاء عنوانه مختلفاً في المصادر التي كتبت عن عبيد. وأخيراً، وصل إلينا هذا الكتاب تحت اسم "أخبار عبيد بن شرية الجرهمي في أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها"([32]).
ومن خلال ما جاء في "أخبار عبيد"، نجد أن عبيداً كان على درجة من المعرفة بأخبار ملوك لخم وكندة وحمير وغسان([33]) بالإضافة إلى معلومات عن العرب البائدة مثل عاد وثمود وطسم وجديس وإرم والعماليق وجرهم وقحطان بن هود([34])؛ كما أشار إلى قبيلة جرهم في مكة وزواج إسماعيل منهم([35]).
وجاءت معلوماته حول هذا الأمر مختصرة جداً، بل هي ليست بالجديدة عما كان يتداوله أهل قريش قبل الإسلام. ومن الطبيعي أن يكون لهذه المعلومات انطلاقة جديدة لدى أهل قريش عندما جاء الإسلام، وأخذ الرسول r يبشر بالدين الجديد.
وقد أشار عبيد إلى شعر لحسان بن ثابت يذكر تمود([36])، وشعر لأمية بن أبي الصلت([37]). وهذا ما يؤكد ما ذهبت إليه.
وانتقل عبيد إلى الحديث عن بابل، وتفرق الناس في ذلك الوقت. وهي أيضاً معلومات مقتضبة لا تخرج أيضاً عن كونها قصصاً كان يتداولها الناس في ذلك الزمن.
ويبدأ عبيد في بداية كتابه بالاستشهاد بالشعر. والواقع أن غالبية الأشعار التي جاء بها عبيد قد وردت لدى وهب بن منبه، مع بعض الاختلاف في الألفاظ، وتقديم صدر بيت أو عجزه على الآخر، وفي بعض المواقع من كتاب "الإكليل" للهمذاني.
وإذا كانت وفاة وهب سنة 114 هـ([38])، ووفاة عبيد بن شرية سنة 67 هـ أو 70 هـ([39])، فمن الطبيعي أن يكون وهب قد عاصر عبيداً، إذ أن ولادة وهب كانت سنة 34 هـ([40]). ولكننا لا نجد ذكراً لعبيد في روايات وهب بن منبه؛ كما أننا لا نجد ولو رواية واحدة لابن هشام ترد عند عبيد بن شرية.
والملاحظ في أمر هذا الكتاب ما يلي:
أولاً: أن عبيداً في الكتاب كان يخاطب معاوية باسمه فقط. فقد وردت أربعاً وعشرين مرة في الكتاب، وأحياناً أخرى بلفظة »أمير المؤمنين«([41]). صحيح أن بعض رؤساء القبائل كانوا يخاطبون معاوية باسمه في بعض الأحيان؛ كما أشار إلى ذلك الوليد بن عبد الملك في بعض خطبه عندما قال: »إنكم تكلمون من كان قبل من الخلفاء بكلام الأكفاء وتقولون يا معاوية ويا يزيد«([42]). إلا أن ذلك لم يكن ليسمح به من قبل عبيد في مجالس سمر معاوية.
ثانياً: يرد كثيراً عند عبيد بن شرية وهو يقول معاوية بقوله: سمعت ابن عمك ـ والمقصود عبد الله بن عباس([43]). فهل كان يسر معاوية أن يتحدث عبيد عن ابن عباس، وهو يرى في بني هاشم الخصوم الألداء أو أن هذا الكتاب قد دون فيما بعد، أي بعد قيام الدولة العباسية، فحاول الرواة إعطاء صورة عن علم ابن عباس (صورة تمجيدية)؟
جاء الكتاب على صيغة أسئلة وجهها معاوية لعبيد بن شرية، وكان عبيد يجيب عليها. وهذا يشير إلى أن معاوية كانت لديه معلومات سابقة عن هذه الأمور، وإلا لما تكونت لديه حصيلة معرفية عن طبيعة هذه الأسئلة.
ثالثاً: إن عبيد قد حفظ الكثير من الآيات القرآنية. وقد عبر عن ذلك في أكثر ما يزيد على أربعة وعشرين آية أوردها في مواضع متعددة. ويبدو أن معاوية قد أعجب بحفظ عبيد فسأله: »هل قرأت القرآن؟«. فأجاب: »حفظته في شهر«([44]).
رابعاً: لم تقتصر ثقافته على قراءة القرآن الكريم، بل تعدى ذلك إلى الحديث الشريف([45]).
خامساً: ثقافته الشعرية. يلاحظ أن عبيداً قد أكثر من اقتباس الأشعار التي تؤيد وجهة نظر في ما رواه. ومثال ذلك ما ذكره من شعر الأعشى والنابغة، وأمية بن أبي الصلت، وأسد بن عباس بن مرداس، وابن ربيعة الكلابي، وحسان بن ثابت وغيرهم من الشعراء وهم في أغلبهم ممن كانوا في الفترة التي سبقت الإسلام مباشرة([46]).
سادساً: أورد عبيد أقوالاً كثيرة لعبد الله بن عباس. ولم تتوافر لنا معلومات حول لقائه بابن عباس، ولكن من المرجح أن عبيداً قد التقى بابن عباس عندما كان الاثنان في العراق. ويؤكد ذلك ما ذكره عدة مرات أنه سمع ابن عباس([47]).
سابعاً: كان عبيد في كثير من الأحيان يلجأ إلى التفسير ليربط بين النص القرآني والأحداث التي تحدث عنها معتمداً في ذلك على تفسير ابن عباس([48]).
ثامناً: وعرف عن عبيد أنه كان يجيد لغات أخرى غير اللغة العربية مثل اللغة السريانية والعبرانية. فترد إشارات يذكر الاسم بالعربية وما يقابله بالعبرية أو السريانية([49]). فأبو إبراهيم آزر واسمه تارخ، وعبار هو هود.
رأي العلماء في عبيد بن شرية
يمكن تقسيم وجهة نظر العلماء في عبيد إلى فريقين:
أولاً: فريق العلماء الأوائل؛
ثانياً: فريق العلماء المحدثين.
أما الفريق الأول، فيأتي في مقدمته ابن النديم عندما تحدث عن الإخباريين وفي مقدمتهم عبيد، وعدَّه من أوائل الإخباريين الذين سردوا التاريخ بأسلوب قصصي([50]). ومع أن المصادر الأولية التي وصلت إلينا لم تشر في غالبها إلى عبيد، فإننا نجد أن البعض قد أخذ عنه بعض المعلومات، ولاسيّما المتعلقة بأخبار اليمن([51]).
ويأتي في طليعة من أخذ عن عبيد الدينوري([52]) والمسعودي حيث قال: »وأما عبيد بن شرية حين وفد على معاوية وسأله عن أخبار اليمن وملوكها وتواريخ سنيها، فإنه ذكر أن أول ملوك اليمن سبأ بن يشجب. وإذا قارنا معلومات المسعودي بمعلومات عبيد، نجد تطابقاً بين الاثنين([53])؛ كما نجد أيضاً هذا التطابق في كتاب "تاريخ سني ملوك الأرض" للأصفهاني([54]). ويتناسب هذا التطابق مع ما أورده وهب بن منبه([55])، ثم جاء الهمذاني فيما بعد وضمّن كتابه بعض الروايات التي ذكرها عبيد بن شرية في كتاب "الإكليل"([56]). وهذا يعطينا مؤشراً بأن الرواة الأوائل قد اعتمدوا على مصادر لم تصل إلينا، أو على قصص وأساطير كان يتداولها الناس في ذلك الوقت.
وأما الفريق الثاني، فيأتي في طليعته »كرنكو« الألماني الذي ادعى أن عبيد بن شرية شخصية خرافية اخترعها ابن النديم([57]). وأود الإشارة هنا إلى أن عبيد بن شرية قد ذكر في المصادر قبل ابن النديم بفترات طويلة. فالكلبي الذي عاش في القرن الثاني الهجري قد ذكر معلومات عن عبيد قبل ابن النديم بقرنين من الزمن. وكنا نتمنى لو أن »كرنكو« دعم معلوماته بما ذهب إليه، ثم ما الفائدة التي سيجنيها ابن النديم من اختراعه لهذا الاسم، وهو يعلم أن كتابهُ عبارة عن ببليوغرافيا للمؤلفين وكتبهم في الحضارة العربية الإسلامية حتى عصره.
إن نزولنا عند رأي »كرنكو« معناه نزولنا عن مصادرنا والطعن فيها. فإذا كان ابن النديم يأخذ عمن يتلقف من الأفواه دون تثبت، فما قيمة كتابه "الفهرست"؟ وإذا كان ابن النديم يأخـذ عن غير المتثبتين ـ لأنه ذكر ابن شرية ـ، فلم لا يكون ابن قتيبة كذلك من الذين يأخذون من غير المتثبتين ـ فهو أيضاً ذكر ابن شرية وقاله عنه: »وفد على معاوية، فسأله عن الأخبار المتقدمة« ـ وما قيمة كتبه: "المعارف" و"عيون الأخبار" و"الشعر والشعراء" وغيرها؟ ولم لا يكون الدينوري مثل ابن النديم يأخذ من غير المتثبتين: فهو أيضاً ذكر عبيد بن شرية في كتابه "الأخبار الطوال"، فقال عنه: »وذكر عن ابن شرية أنه قال، إلخ«. وما قيمة مؤلفاته؟!
فالحكم على عبيد بن شرية بأنه شخصية خيالية، وعلى أخباره بأنها من اختراعات أصحاب القصص، حكم يسري على ابن منبه وكعب الأحبار وغيرهما ممن تحدث في العصر الإسلامي عن التاريخ بعقلية النصوص التي اطلع عليها.
أما جب (Gibb)، فيقول عن كتاب العرب الجنوبيين، ومنهم عبيد، بأنهم يفتقرون إلى الحس والمنظور التاريخي حتى حينما يتطرقون إلى أحداث تكون معاصرة لهم([58]). من الطبيعي أن لا يكون لمثل هؤلاء الرواة ذك الحس في تلك الفترة، إلا أنه يمكن القول إنهم بدأوا بوضع أسس المدرسة التاريخية اليمنية.
أما عن المؤرخين العرب المحدثين، فقد عده جواد علي في طليعة من اشتغل برواية أخبار ما قبل الإسلام([59]). وأخذ عليه جواد علي أن أسلوبه كان يميل للأسلوب القصصي الأسطوري([60])، ثم إن الأشعار التي ذكرها على ألسنة التابعة قد تكون من صنعه([61]).
ولم يكن عبيد أول من اتهم بوضع الإشعار لتأييد وجهة نظره في الأحداث التي يرويها، بل إن من جاء من بعده مثل محمد بن إسحق قد وجهت إليه مثل هذه التهمة.
وإلى مثل ذلك ذهب الدوري الذي ذكر أن الروايات اليمنية الموجودة في المصادر الأولى بمجموعها ذات طابع أسطوري حتى ما كان منها في القرن السادس الميلادي، وهو القرن الذي ظهر فيه الإسلام. قبل أن تصلنا روايات متينة، نجد الرواة مثل عبيد بن شرية ووهب بن منبه (ت 114 هـ/ 732 م) يوردون قصصاً خيالية شعرية لتاريخ اليمن هي مزيج من القصص الشعبي والإسرائيليات([62]).
ويرى شاكر مصطفى أن عبيد كان نواة مدرسة اليمن وأساس مدرسة الشام في التاريخ([63])، وأن أول تدوين تاريخي معروف في الإسلام كان في دمشق وبأمر من معاوية حين استقدم عبيد بن شرية إليه وسأله عن أخبار الأمم وأمر الكتبة أن يدونوا أقواله وأن تنسب إليه([64])؛ كما يراه السيد عبد العزيز بأنه كان قصاصاً إخبارياً([65]).
ومن خلال ما تقدم، يمكننا القول ـ بناء على ما جاء في كتابه "أخبار الملوك" الوحيد الذي وصل إلينا ـ إن عبيد كان من أوائل المؤلفين في الأخبار وملوك العرب وأخبار الماضين، وإن أخباره في طليعة ما دون بناء على أوامر من الخليفة معاوية بن أبي سفيان([66]). وأول من نقل المعلومات هو أحد تلامذة محمد بن هشام([67])؛ وليس أدل على ذلك من أن كتابه هذا قد حصل على شهرة بعيدة، وطلب في كل مكان، وكثرت نسخه المختلفة([68]). وإن اختلاف هذه النسخ لا يقلل من أهمية الكتاب، بل ربما يعود إلى النساخ والمهتمين الذين كانوا يضيفون معلومات عليه أو حذف بعضها.
آثار عبيد
أورد ابن النديم كتابين فقط لعبيد بن شرية: الأول كتاب "الأمثال"؛ وهذا الكتاب ـ ويا للأسف! ـ لم يصل إلينا، ولعله لا يزال في خزائن المخطوطات التي لم تكتشف بعد، علماً بأن ابن النديم قد رأى هذا الكتاب في نحو خمسين ورقة ([69]). ولاشك في أنه كان يحوي من خلال الأمثال شيئاً من أخبار العرب في الجاهلية.
أما الكتاب الثاني في ما نحن بصدده، فهو كتاب "الملوك وأخبار الماضين"، طبع في حيدر آباد سنة 1347 هـ بعنوان "أخبار عبيد بن شرية"، وضم إلى كتاب "التيجان" لوهب بن منبه ([70]).
وأود التنويه هنا إلى أن هذا الكتاب يحمل عنواناً آخر وهو أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها، ولا يزال مخطوطاً في المتحف البريطاني ([71]).
ولدى المقارنة، تبين لنا أن المعلومات الموجودة في الاثنين متشابهة جداً، ولعلَّ هذا الاختلاف في اسم الكتاب جاء من بعض النساخ الذين رأوا أن المادة الأساسية لهذا الكتاب تتعلق بأخبار اليمن، فلا داعي ـ حسب رأيهم ـ أن يأتي العنوان مطلقاً، بل أرادوا تقييده حسب المعلومات الواردة فيه.
ويذكر حسين نصار أن عبيد نفسه لم يدونه ولا عنونه، بل دونه كتاب معاوية ونسبوه إليه دون عنوانه كما يبدو؛ ومن ثم اختلف النساخ في عنوانه ([72]).
أما من حيث المصادر والرواة الذين اعتمد عليهم عبيد، فلم يفصح عنها في كتابه إلا عرضاً في غالب الأحيان. ويأتي في طليعة هذه المصادر الإشارات القرآنية؛ فنلاحظ عبيد يستشهد بالآيات القرآنية، وذلك لإثبات قصصه، ومحاولة إضفاء الصفة الشرعية عليها ([73]). كما يعود إلى الآيات القرآنية لتفسير بعض الأحداث وتأييد أخباره ([74]).
كذلك استشهد بالآيات في الرد على المتندر به بالقرآن من خلال سؤاله عن قصة بلقيس ([75]).
ويستشهد عبيد بالحديث الشريف، وذلك من باب إكساب أخباره صفة المصداقية ([76]). والتفسير الذي سمعه عن ابن عباس ([77]) ومن مصادر عبيد أيضاً الاستشهاد بالشعر وأخبار القصص الأخرى ([78]).
واستقى عبيد أيضاً معلوماته من كتب أهل الكتاب، أي من "التوراة" و"التلمود"، فكان كثير الاعتناء بكتب القصص اليهودية والنصرانية. وقد أصاب عبيد في أشياء وأخطأ في أشياء أخرى، قد تبدو لليهود من البديهيات. ونجد بين مروياته أقوالاً صادرة عن مصادر نصرانية بالإضافة إلى "الإنجيل"، ومرويات صادرة عن مصادر فارسية وسريانية ([79]). إلا أن ابن النديم ذكر أن عبيد روى عن الكيس النمري النسابة واللسين الجرهمي، وزيد بن الكيس وعبد وُدّ ([80]).
وأعتقد أن ابن النديم قد أخطأ في ذكر زيد هذا، إذ قيل إن الكيس لقبه، وزيد اسمه، وبذلك يكون الكيس وزيد اسمين لشخص واحد. وكذلك الكيس واللسين وهو أيضاً تصحيف للكسير، وهذا ما لم يفطن إليه من حقق كتاب "الفهرست". وعبد ودّ الجرهمي والكسير الجرهمي ([81]). وبذلك يكون من رواته اثنان من جرهم، والثالث من النمريين، وفيه قال حسان بن ثابت مفتخراً:
وعـنـد الكـيـس النمـري علــم
ولو أمسى بمنخرق الشمال ([82])
ويلاحظ على روايات عبيد أنها لا تحفل بالإسناد. ويبدو أن عدم ذكره الإسناد مرده إلى أن ما جاء في كتاب "الملوك" هو مجموعة من الأقاصيص والأساطير، ولا مجال للإسناد في مثل هذه القصص([83]).
هيكل معلوماته
لا يجد الدارس لآثار عبيد بن شرية تسلسلاً تايخياً للأحداث التي أوردها في كتابه، ويمكن وضع الهيكل الذي بناه عبيد لمعلوماته على النحو التالي:
1 ▄ يبدأ الكتاب بالبسملة والحمد، ثم يأخذ في إسناد روايته: »حدثنا عبيد بن شرية الجرهمي عن البرقي يرفع الحديث أن معاوية... «([84]).
2 ▄ يشتمل الكتاب مقدمة تتناول ولاية معاوية وولعه بالسمر وما كان استدعاء عبيد بن شرية من اليمن بإشارة من عمرو بن العاص الذي كان يعرف في معاوية شغفه بأخبار الماضين. وتذهب المقدمة بعدئذ للتعريف بشخصية عبيد وغزارة علمه الذي امتلك به قلب معاوية، كما تشير إلى تقدمه في العمر([85]).
3 ▄ يتناول عبيد في كتابه تاريخ موطنه اليمن، بادئاً باجتماع البشر في بابل وافتراق ألسنة الناس، ثم تفرقهم شيعاً، وخروج بعض بني سام إلى اليمن. ثم يأخذ في سرد تاريخ هؤلاء اليمنيين مبتدئاً بما أرسل إليهم من أنبياء، وإن كان همه كله موجهاً لملوكهم وغزواتهم في بطون الأرض([86]).
أ ـ تحـدث عن قحطـان باعتبـار أنــه أول من تـكـلم العربية. وفي هذا
الباب تحدث عن العرب البائدة مثل عاد وثمود وعمليق وطسم وجديس. وتحدث عن هذه الأقوام والأماكن التي أقاموا فيها([87]).
ب ـ تحدث عن العبرانيين وقتل داود لجالوت([88]).
ج ـ تحدث عن القبط([89]).
4 ▄ قصص الأنبياء عليهم السلام.
أ ـ نوح عليه السلام وأولاده والأقوام التي تنسب إليهم ولغاتهم وأولاد نوح سام وحام ويافت([90]).
ب ـ هود وصالح عليهما السلام: تحدث عن هود وبعثه لقبائل عاد.
ولما هلكوا، التحق هو ومن آمن به بمكة وبقوا فيها حتى ماتوا. وبعد أن هلكت عاد، عمّرت ثمود فبطروا وأفسدوا في الأرض، وبعث الله فيها صالحاً نبياً. وقد آمن به قليل من ثمود، وقد أهلك الله قومه فطلب من الذين آمنوا به أن يرحلوا إلى الحرم فوصلوا مكة وبقوا فيها حتى ماتوا([91]).
ج ـ ويذكر إسماعيل عليه السلام ونشأته مع آل جرهم في مكة وزواجه من بنت ابن عمرو الجرهمي([92]).
د ـ وينتقل عبيد إلى سليمان عليه السلام الذي تسلم الأمر بعد أبيه وعلاقته مع بلقيس وغزواته وحروبه([93]).
5 ▄ أخبار الأمم: ذكر الأقوام البائدة، قوم عاد وقوم ثمود([94]).
6 ▄ ذكر جرهم وخروجهم من اليمن إلى الحرم([95]).
7 ▄ وينتهي الجزء الذي وصل إلينا بمقتل طسم وما قيل في ذلك من شعر.
وأول ما يلاحظ على الكتاب أنه ليس كتاباً تاريخياً بالمعنى المصطلح عليه، وإنما هو مجالس سمر تاريخية مدونة. ولذلك يغلب عليه ما يغلب على تلك المجالس من خصائص. فترى الأسلوب الحواري يشيع فيه، أي أن الكتاب اتخذ صورة الحوار بين معاوية وعبيد. قال معاوية: وما كان اللسان يومئذ؟
قال عبيد: سرياني أوله وآخره، وهو لسان نبينا آدم عليه السلام ونوح وإدريس([96]).
قال معاوية: كيف اختصت أرض بابل باجتماع الناس فيها؟
قال عبيد: هي سرة والأرض في فضلها، وأراد الله ذلك بها([97]).
أسلوب عبيد ومنهجه
من خلال الأخبار التي كونت "كتاب الملوك وأخبار الماضين"، نلاحظ أن عبيد امتاز بأسلوب قصصي يغلبه عليه طابع التسلية، وصاغ قصصه بخيال حاذق متمشياً في أسلوبه مع أسلوب القصص الشعبي السائد آنذاك والذي كان يروى في المجالس. فأسلوبه امتداد لتلك الحركة القصصية المعروفة بقصص الأيام. وجاءت قصصه بأسلوب بسيط واضح، ولكنه صاغها بقالب أدبي جذاب([98]). فهو يطلق لخياله العنان في تصوير الوقائع وكأن الأحداث تجري أمام القارئ. ويلون الحوادث التاريخية بأطياف خيالية تخرج بها إلى حد الأسطورة. ولا غرابة في ذلك، فقد اعتمد الإسرائيليات مادته الأولى في سرد أخباره التي لا يتورع عن الإضافة إليها من جعبته ليسد الثغرات التي لم يجد عنها شيئاً، ويستند إلى تفسير القرآن أحياناً([99]).
وتميل أخبار عبيد إلى الطول، وهذا يتمشى مع أسلوب القصة. ووفقاً للأسلوب الأدبي، ملاحظة الخيال الواسع في قصصه وأخباره، ويلاحظ عنايته بالشعر فقط؛ فكان يستشهد بالشعر كثيراً في ما يروي: فقد أورد شعراً منسوباً إلى عاد وثمود ولقمان وطسم وجديس والتبابعة ([100]). وهناك أمثلة أخرى عديدة([101]). وأما الشعر الكثير الذي روي على أنه من نظم التبابعة وغيرهم، وفيه قصائد طويلة، فلا ندري أمن نظمه أم من نظم أشخاص آخرين قالوها على لسان من زعموا أنهم نظموها، أو أنها أضيفت فيما بعد إلى الكتاب ونسبت روايتها إلى عبيد ([102]). والشعر الذي جاء به عبيد يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام: قسم ضعيف ركيك، ليس من الشعر الحق في شيء، وهو موضوع على من نسب إليهم، وهو الغالب على الكتاب، ومن أمثلته ما ينسب لطسم بن لاوذ بن إرم حين انتقل من بابل إلى بلاد العرب ([103]). وقسم آخر أجود من السابق، ولكنه من الموضوعات أيضاً، ومن أمثلته ما ينسب لتبع ([104]). أما القسم الثالث، فأشعار تنسب إلى شعراء معروفين، مثل العباس بن مرداس، وأعشى بن وائل، وحسان بن ثابت، وأمية بن أبي الصلت، وامرئ القيس، وعبيد بن الأبرص، والنابغة الذبياني([105]). وقد وجدت أكثر هذه الأشعار في دواوين أصحابها، وإن كانت قد تختلف في بعض الألفاظ والعبارات.
وهناك ظاهرة جديرة بالتسجيل في عداد حسنات عبيد، إذ نراه يُعْنَى في بعض الأحيان بإيراد جملة من الأشعار بعد سرده الأخبار التي يعالجها، كما فعل بعد تناوله أخبار عاد وثمود، وكان عبيد يشعر بأن هذا المنهج الأكمل ([106]). ومن أجل السمر أيضاً، عني عبيد ببعض القطع النثرية وجودها وهذَّبها، لتلفت النظر من باقي الأخبار، وتظهر هذه القطع أوضح ظهورها في بعض الأحاديث التي ينسبها عبيد لأبطال تاريخه، وفي بعض أوصافه للأجناس ([107]).
ومن خصائص أسلوب عبيد أنه متأثر بالقرآن الكريم محاولاً أن يتبع خطاه، وأنه يستند إلى آياته ويقتبس من ألفاظه ([108]). ويقصد من ذلك إثبات قصصه ومحاولة إضفاء الشرعية عليها، فيورد آيات عن العرب البائدة ([109]). ويعود عبيد إلى الآيات القرآنية لتفسير بعض الأحداث، وتأييد أخباره عن عاد وثمود إجابة على أسئلة معاوية ([110]). ويصرح حسين نصار فيقول: »وإن نحن لا نبعد كثيراً عن الصواب، إذا أعددنا كتاب عبيد مدونة تحوي الأخبار التاريخية، معالجة كما كان يعالجها الجاهليون، ولا تختلف عنهم إلا في اعتمادها على القرآن في قصص الأنبياء والشعوب التي تعرض لها القرآن«([111])، واعتمد عبيد بن شرية في القصص القرآنية على ابن عباس كثيراً ([112]). ويلاحظ أيضاً أن عبيد يستشهد بالحديث الشريف، وذلك بهدف إضفاء الصحة والمصداقية على أخباره ([113]). ويلاحظ عنايته بالأنساب، فيورد سلسلة ملوك اليمن وتواريخ سنيها ([114]).
يغلب على عبيد المبالغة وعدم التدقيق فيما يرويه ويقبله دون نقد أو تمحيص، بالرغم من أن أغلبه أساطير؛ فهو قلما ينقد أخباره، بل يحورها ليكسبها حيوية. وهذا يظهر في حديثه عن عاد ومللوكها وعن لقمان وأعمارهم، وعن عا الآخرة وعن ثمود وملوكها وصالح نبيها ولمع من أخبارها، وذكر مكة وأخبارها، وبناء البيت، ومن تداوله من جرهم وغيرها، وذكر اليمن وأنسابها وما قاله الناس في ذلك، وذكر اليمن وملوكها من التبابعة وغيرها، وسيرها ومقادير سنيها، وأخبار أصحاب الفيل، واختلاط الألسنة، ومسير يعرب وسكناه اليمن، ومسير عاد إلى الأحقاف وإرم ذات العماد([115]).
ويلاحظ أحياناً أن روايات عبيد يُعارض بعضها البعض كما ظهر في الحديث عن لقمان بن عاد، وعن أعمار بعض الملوك([116]). ولا يورد روايات عديدة عن الخبر نفسه، بل يقتصر على إيراد خبر واحد؛ فهو لا يوثق معلوماته ولا يعرض وجهات النظر المختلفة. والذي يبدو أن روايات عبيد حرفت على يد نقلها مستغلين شهرته وشهرة كتابه وأخذوا ينسجون من عندهم أخباراً مدعين أن عبيد ذكرها([117]).
وظهرت في أخبار عبيد خاصية تظهر في المسامرات، ألا وهي خاصية الاستطراد. فكثيراً ما كان عبيد يذكر عرضاً في أثناء حديثه بعض الأمور أو الأشخاص، فيسأله معاوية عنهم، فيضطر إلى الخروج إليهم، ثم يرجع إلى السياق الأصلي. وكان معاوية يشير عليه أحياناً بالرجوع إلى السياق قائلاً: »خذ في حديثك« أو »خذ في حديثك الأول« أو »دع هذا وخذ في حديثك الأول«. وكان معاوية يستعجل أحياناً بعض الحوادث، فيشير عليه عبيد بالتمهل([118]). وغلب على أخباره الخيال البدائي المبالغ بل المغرق في المبالغة، وخرجت أخباره قصصاً وخرافات وأساطير، عن ملوك اليمن، لا تختلف في شيء عما كان في الجاهلية، في غالب الظن. بل يمكننا أن نعتبر كتابه تدويناً للقصص التاريخية التي كانت شائعة في الجاهلية، وخاصة في جنوب بلاد العرب. وهي قصص تاريخية، لا أخبار تاريخية، فلا نستطيع أن نخرج منها بأخبار تاريخية علمية، وإنما نظفر بأدب شعبي خيالي. ومما يكمل صورتها ويقرب بينها وبين الجاهلية تلك الأنساب التي تشيع فيها، حتى قلما يظهر شخص دون أن تورد سلسلة نسبه، حقّاً كانت أو باطلة([119]). وقد رتب عبيد معلوماته بشكل يشبه التسلسل الزمني وإن لم يورد ذلك بتاريخ أو تحديد للزمن، فهذا مفقود عنده، ولكنه تناول الأقدم ثم الذي يليه زمناً ثم الذي يتبعه([120]).
وفي الختام يتبين مما سبق أن عبيداً من الرواة الأقرب إلى القصاص منهم إلى المؤرخين. ويصدق القول على ما رواه بالقصص التاريخي، لذلك وصلت إلينا أخبار ضئيلة لا قيمة لها خالية من الفكرة التاريخية الموضوعية. وما صنفه عبيد في هذا الموضوع دليل واف على أن العرب الأقدمين كانت تنقصهم الملكة التاريخية والنفوذ إلى الحقائق حتى في أخص ما يتصل منها بحوادث العصر. ومع ذلك، فقد قبلت الأجيال التالية روايات عبيد بمجموعها وأدمجها المؤرخون وكتاب آخرون في مؤلفاتهم([121]). ويكفي عبيد أن معلوماته كانت أول تدوين تاريخي معروف في الإسلام وبأمر من معاوية حين استقدم عبيد بن شرية وسأله عن أخبار الأمم وأمر الكتبة أن يدونوا أقواله وأن تنسب إليه([122]). وقد مهد الطريق لمن أتى بعده من المؤرخين الذين تأثروا به من ناحية المادة والهيكل، وابن خلدون لم يتوان عن إيراد هذه القصص بعينها لتحلية نظرياته والترغيب فيها([123]).
فكل من يطلع على كتاب أخبار ابن شرية يجده أسئلة يجيب عنها ابن شرية، ونجد أكثر أجوبة ابن شرية تستند إلى مصادر اطلع عليها عبيد بن شرية كما يظهر من قوله: »ويقال: جميع أجناس الفرس من ولده، إلخ« و»بلغني أن أولاد "بربر"، إلخ«، وقال: »وقال أسد بني ناعض«([124]).
لم يتطابق الكتاب مع المقدمة التي ذكرناها، إذ أنه ذكر أنه سوف يتحدث عن ملوك لخم والغساسنة. إلا أنه لم يورد عنهما شيئاً فيما بعد، ولا ندري هل تعرض لهم أو أن ما كتبه عنهم قد فقد.
وفي الختام يتبين لنا مما سبق أن عبيداً من أوائل الإخباريين القصاص، وأن المعلومات التي وصلت إلينا في كتابه تتطابق تماماً مع المعلومات التي ذكرها وهب بن منبه وكعب الأحبار. وهذا ما يؤكد أنهم قد نقلوا عنه دون أن يشيروا إلى ذلك صراحة أو أنهم جميعاً قد استقوا هذه المعلومات من مصدر واحد لم يصرحوا به.
وكتاب عبيد ذو أهمية كبيرة، لا في تطور حركة التأليف التاريخي فحسب، بل لأنه يكشف لنا النقاب عن الثقافات التي كان يعرفها العرب في الصدرالأول من الإسلام، وربما التي كان يعرفها العرب في الجاهلية، وخاصة في اليمن.
وعلى أية حال، فإن الإخباريين اليمنيين يعتبرون الرواد في الكتابة التاريخية، وإن سرودها بالأسلوب القصصي الذي تغلب عليه الناحية الأسطورية في بعض الأحيان لا يقلل من أهمية المعلومات التي أوردوها.
بل يمكن القول إنها كانت نقطة البدء في التدوين التاريخي الذي بدأ يأخذ طريقه منذ النصف الثاني من القرن الهجري الأول عن طريق مدرسة المغازي التي بدأت بعروة بن الزبير، إلى أن بدأت تتضح معالم المدرسة التاريخية في العصر العباسي انطلاقاً من بدء الخليقة مروراً بأيّام العرب والسير والمغازي حتى اكتملت الحلقة التاريخية العربية الإسلامية.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) عبيد بن شرية الجرهمي، أخبار عبيد، طبع في ذيل كتاب "التيجان في ملوك حمير" لوهب بن منبه، حيدر آباد الدكن، الهند، 1347 هـ، ص. 313.
([2]) محمد بن إسحق ابن النديم، الفهرست، تحقيق ناهد عباس عثمان، ط 1، دار قطري بن الفجاءة، الدوحة، 1985، ص. 18.
([3]) أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة (ت 276 هـ)، المعارف، تحقيق ثروت عكاشة، ط 2، دار المعارف، القاهرة، 1969، ص. 534؛ أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري (ت 282 هـ)، الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر، مراجعة جمال الدين الشيال، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1960، ص. 7؛ أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت 345 هـ)، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق قاسم الشماعي، ط 1، دار القلم، بيروت، 1989، ج 2، ص. 85؛ ابن النديم، الفهرست، مصدر سابق، ص. 180؛ ياقوت الحموي (ت 626 هـ)، معجم الأدباء، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1980، ج 12، ص. 73.
([4]) انظر: ابن قتيبة، المعارف، مصدر سابق، ص. 534؛ الدينوري، مصدر سابق، ص. 7؛ المسعودي، مصدر سابق، ج 2، ص. 85؛ ابن النديم، مصدر سابق، ص. 180؛ ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 12، ص. 72.
([5]) الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله بن عبد الله ابن عساكر (ت 571 هــ)، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، 1996، ج 38، ص. 202؛ ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 12، ص. 72.
([6]) أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة، دار الفكر العربي، بيروت، د. ت، ج 3، ص. 101.
([7]) أبو الحسن علي بن محمد الجزري ابن الأثير (ت 630 هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق محمد إبراهيم البنا وآخرون، دار الشعب، القاهرة، 1970، ج 3، ص. 541.
([8]) ابن النديم، الفهرست، مصدر سابق، ص. 181؛ ياقوت الحموي، معجم الأدباء، مصدر سابق، ج 12، ص. 72.
([9]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، مصدر سابق، ص. 202؛ ياقوت الحموي، معجم البلدان، مصدر سابق، ج 12، ص. 78.
([10]) ابن عساكر، المصدر السابق، ج 38، ص. 202.
([11]) أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني، المعمرين، تحقيق محمد إبراهيم سليم، دار الطلائع، القاهرة، د. ت، ص. 59.
([12]) الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجة (ت 275 هـ)، سنن ابن ماجة، حققه محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، ج 2، ص. 1415.
([13]) انظر: السجستاني، المعمرين، مصدر سابق، ص. 59؛ ابن قتيبة، مصدر سابق، ص. 534؛ ابن عساكر، مصدر سابق، ج 38، ص. 202.
® سورة الإسراء، الآية 12.
([14]) ابن عساكر، المصدر السابق، ج 38، ص. 202؛ ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 12، ص. 73.
([15]) عبيد بن شرية، أخبار، مصدر سابق، ص. 313.
([16]) السجستاني، المعمرين، مصدر سابق، ص. 59.
([17]) خير الدين الزركلي، الأعلام، ط 9، دار العلم للملايين، بيروت، 1990، ج 4، ص. 189.
([18]) ابن قتيبة، المعارف، مصدر سابق، ص. 534.
([19]) ابن عساكر، مصدر سابق، ج 38، ص. 202.
([20]) ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 12، ص. 73.
([21]) ابن الأثير، أسد الغابة، مصدر سابق، ج 3، ص. 542.
([22]) ابن حجر، الإصابة، مصدر سابق، ج 3، ص. 101.
([23]) عبيد بن شرية، أخبار، مصدر سابق، ص. 312.
([24]) ابن قتيبة، مصدر سابق، ص. 534.
([25]) ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 12، ص. 72.
([26]) المصدر نفسه، ج 12، ص. 73.
([27]) المصدر نفسه، ص. 78.
([28]) عبيد بن شرية، مصدر سابق، ص. 312.
([29]) ابن عساكر، مصدر سابق، ج 59، ص. 214.
([30]) عبيد بن شرية، المصدر السابق، ص. 313.
([31]) المصدر نفسه، ص. 313.
([32]) المصدر نفسه، ص. 311.
([33]) المصدر نفسه، ص. 313.
([34]) المصدر نفسه، صص. 313 ـ 319.
([35]) المصدر نفسه، ص. 315.
([36]) المصدر نفسه، ص. 393.
([37]) المصدر نفسه، ص. 395.
([38]) محمد بن إسماعيل البخاري (ت 194 هـ)، كتاب التاريخ الكبير، دار الفكر، بيروت، 1407 هـ/ 1986 م، ق. 2، ج 3، ص. 164؛ يعقوب بن سفيان الفسوي (ت 191 هـ)، كتاب المعرفة والتاريخ، المجلد الثاني، تحقيق أكرم ضياء العمري، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1975، صص. 29 ـ 30؛ ابن أبي زرعة (ت 281 هـ)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي، ج 1، تحقيق شكر الله بن نعمة الله القوجاني، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، دمشق، 1980، ص. 295.
([39]) الزركلي، الإعلام، مصدر سابق، ج 4، ص. 189؛ نور الدين حاطوم وآخرون، المدخل إلى التاريخ، مطبعة الهلال، دمشق، 1972، ص. 152.
([40]) محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ)، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1990، ج 4، ص. 544؛ عبد العزيز الدوري، بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، ط 1، دار المشرق، بيروت، ص. 103؛ يوسف هورفتس، المغازي الأولى ومؤلفوها، ترجمة حسين نصار، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1949، صص. 27 ـ 28.
([41]) عبيد بن شرية، أخبار، مصدر سابق، ص. 324 ـ 327، 330 ـ 331، 335 ـ 337، 339، 348 ـ 350، 352، 356، 367، 376، 425.
([42]) عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255 هـ)، التاج في أخلاق الملوك، حققه فوزي عطوان، الشركة اللبنانية للكتاب، بيروت، ص. 113.
([43]) عبيد بن شرية، أخبار، مصدر سابق، ص. 226، 327، 336، 352، 365، 366، 373، 384، 388، 412، 419.
([44]) المصدر نفسه، ص. 322، 325 ـ 327، 336، 340، 365، 371 ـ 374، 377، 380، 382، 384 ـ 385، 388، 413، 415 ـ 418، 421، 424.
([45]) المصدر نفسه، ص. 323، 326، 352، 378، 381، 438.
([46]) المصدر نفسه، صص. 353 ـ 354، 367، 393، 395، 405.
([47]) المصدر نفسه، صص. 326 ـ 327، 335 ـ 336، 352، 365، 366 ـ 367، 373، 378 ـ 379، 384، 387، 413 ـ 415، 419، 438.
([48]) المصدر نفسه، ص. 326، 335، 352، 366، 373، 378، 384، 387، 414، 419، 438.
([49]) المصدر نفسه، صص. 313 ـ 315.
([50]) ابن النديم، الفهرست، مصدر سابق، ص. 180.
([51]) انظر: الدينوري، الأخبار، مصدر سابق، ص. 7؛ المسعودي، مروج، مصدر سابق، ج 2، ص. 89.
([52]) الدينوري، المصدر نفسه، صص. 7 ـ 8.
([53]) المسعودي، مصدر سابق، ج 2، صص. 89 ـ 90.
([54]) حمزة بن الحسن الأصفهاني (ت 336 هـ)، تاريخ سني ملوك الأرض، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1980، صص. 180 ـ 190.
([55]) وهب بن منبـه (ت 114 هـ)، التيجـان في ملـوك حمــير، حيدر آبـاد الدكـن، الهـند، 1347 هـ، ص. 144.
([56]) الهمذاني، الإكليل، ج 8، ص. 71، 184، 215، 232، 234، 240.
([57]) أمين مدني، التاريخ العربي ومصادره، دار المعارف، القاهرة، 1966، ج 2، ص. 374.
([58]) هاملتون جب، دراسات في حضارة الإسلام، ترجمة إحسان عباس وآخرين، ط 2، دار العلم للملايين، بيروت، 1974، ص. 114.
([59]) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار العلم للملايين، مكتبة النهضة، بغداد، ج 1، ص. 83.
([60]) المرجع نفسه، ج 1، ص. 83.
([61]) المرجع نفسه.
([62]) الدوري، بحث، مرجع سابق، ص. 15.
([63]) شاكر مصطفى، التاريخ والمؤرخون العرب، ط 3، دار العلم للملايين، بيروت، 1983، ج 1، ص. 126، 137.
([64]) المرجع نفسه، ج 1، ص. 135.
([65]) السيد عبد العزيز سالم، التاريخ والمؤرخون العرب، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1981، ص. 45.
([66]) ابن النديم، الفهرست، مصدر سابق، ص. 180؛ ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 12، ص. 73.
([67]) عبيد بن شرية، أخبار، مصدر سابق، ص. 312.
([68]) جواد علي، المفصل، ج 1، ص. 84.
([69]) ابن النديم، الفهرست، مصدر سابق، ص. 180.
([70]) انظر: عبيد بن شرية، مصدر سابق، ص. 311.
([71]) شاكر مصطفى، التاريخ، مصدر سابق، ج 1، ص. 126؛ EI , « Ibn Sharya ».
([72]) حسين نصار، نشأة التدوين التاريخي عند العرب، ط 2، منشورات اقرأ، بيروت، 1980، صص. 24 ـ 25.
([73]) عبيد بن شرية، أخبار، مصدر سابق، ص. 322، 325 ـ 327، 336، 340، 365، 371 ـ 374، 377، 380، 382 ـ 385، 388، 413، 415 ـ 418، 421.
([74]) المصدر نفسه، ص. 326، 335، 352، 366، 373، 378، 384، 387، 414، 419، 438.
([75]) المصدر نفسه، ص.323، 326، 352، 378، 381، 438.
([76]) المصدر نفسه.
([77]) المصدر نفسه، ص. 326، 335، 352، 366، 373، 378، 384، 387، 414، 419، 438.
([78]) المصدر نفسه، صص. 353 ـ 354، 367، 393، 395، 405.
([79]) جواد علي، المفصل، مصدر سابق، ج 1، صص. 83 ـ 84، 353، 506؛ نور الدين حاطوم، المدخل، مصدر سابق، ص. 142، 153.
([80]) ابن النديم، مصدر سابق، ص. 180؛ ياقوت الحموي، مصدر سابق، ج 5، ص. 32؛ ج 12، ص. 78.
([81]) المصدر نفسه، ج 12، ص. 78.
([82]) المصدر نفسه، ج 5، ص. 24.
([83]) حسين نصار، مصدر سابق، صص. 30 ـ 35.
([84]) عبيد بن شرية، مصدر سابق، ص. 312.
([85]) المصدر نفسه، صص. 312 ـ 313.
([86]) المصدر نفسه، صص. 314 وما بعدها.
([87]) المصدر نفسه، صص. 316 ـ 380.
([88]) المصدر نفسه، صص. 322 ـ 325.
([89]) المصدر نفسه، صص. 323 ـ 326.
([90]) المصدر نفسه، صص. 322 ـ 327.
([91]) المصدر نفسه، صص. 317 ـ 325.
([92]) المصدر نفسه، صص. 315 ـ 317.
([93]) المصدر نفسه، صص. 412 ـ 422.
([94]) المصدر نفسه، صص. 325 ـ 370.
([95]) المصدر نفسه، ص. 396.
([96]) المثصدر نفسه، ص. 316.
([97]) المصدر نفسه.
([98]) المصدر نفسه، ص. 316.
([99]) انظر الأخبار التي وردت عند: عبيد بن شرية، أخبار عبيد، مصدر سابق، ص. 325، 336، 356، 38، 359، 361 ـ 364، 367، 370، 396، 425، 428، 433، 439، 483..
([100]) انظر: المصدر نفسه، ص. 316، 321، 328، 331، 333، 338، 339، 341، 351، 361، 388، 395، وغيرها.
([101]) المصدر نفسه، ص. 318، 320، 328، 330، 338 ـ 339، 341، 349، 351، 355، 36
عن عُبَيد بن شَرِيَّة الجُرهمي ومنهجه الإخباريّ
وفقكم الله