أول كتاب في تاريخ المدينة المنورة
صلاح عبد العزيز سلامة
محاضر بفرع جامعة الملك عبد العزيز
مقدمة
بالمدينة المنورة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين ، وبعـــد :
خص الله تعالى المدينة النبوية بفضل عظيم حيث جعلها ثانية الحرمين ودار هجرة نبيه صلى الله عليه وسلم وحصن نصرته ومنطلق نور الإيمان إلى مختلف نواحي الأرض ، وكان مسجدها ثاني المساجد التي تشد إليها الرحال ؛ فيه الروضة المطهرة التي هي من رياض الجنة .
وقد بدأ اشتغال مؤرخي المسلمين بكتابة سيرة الرسول صلوات الله عليه وسلامه ، وحولها تفجرت ينابيع أفكارهم فقدمت مادة تاريخية غزيرة عن المدينة المنورة ، تجلت في وصف الأماكن والأحداث التي كانت لها علاقة بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وكذلك الحال بالنسبة لكتب المغازي فقد وردت فيها أخبار عن بعض الأماكن التي مر عليها بجيش الإسلام في طريقه إلى غزواته .
وعندما ازدهرت الحركة العلمية عند المسلمين في القرن الثاني الهجري ظهر نوع جديد من الكتابة التاريخية ، وهو التأريخ للمدن الإسلامية ، ومكة والمدينة أقدسها ؛ فكانت عنايتهم بمكة المكرمة والمدينة المنورة فائقة ، وكان من أشهر من كتب عن المدينة المنورة محمد بن الحسن بن زبالة ، وأبو عبيدة معمر بن المثنى ، وعلي المدائني ، والزبير بن بكار ، وعمر بن شبة ، ويحيى العلوي ، وغيرهم ممن تفرقت أخبارهم في المصادر .
وكان للمؤرخين المذكورين شرف السبق في تناول تاريخ طيبة في كتب مفردة لهذا الغرض مما جعل لهذه المؤلفات أهمية كبيرة لدى المؤرخين الذين جاؤوا بعدهم فكانت كتبهم تلك هي المصادر التي اعتمدوا عليها ونقلوا منها ، ومن المحزن أنه لم يصلنا من مخطوطاتها سوى كتاب واحد هو كتاب تاريخ المدينة لابن شبة الذي عثر الباحثون على نسخة منه وطبع محققاً ، أما بقية تلك الكتب المؤلفة في المرحلة الأولى فلم تعرف منها نسخ مخطوطة ، وإنما وصلنا نصوص منقولة منها في كتب كثيرة متفرقة .
وقبل أن نتعرف على تلك المؤلفات التي وُضعت في تاريخ المدينة إبَّان القرنين الثاني والثالث الهجريين ، نلقي الضوء على بداية الكتابة التاريخية عند المسلمين ، ودوافع التأليف التاريخي وارتباط التاريخ بالحديث ، ثم كيف وصل المؤرخون لهذا النوع الجديد من الكتابة التاريخية وهو التأريخ المحلي للمدن وعلى الأخص التأليف عن تاريخ المدينة المنورة .
دوافع التأليف التاريخي عند المسلمين
إن فطرة الناس تلح عليهم أن يتركوا وراءهم تاريخاً ، وإن الأحداث الضخمة التي تؤثر في حياة الشعوب والأفراد لجديرة بأن تسجل ويضمها تاريخ مدون .
ولكن لم يكن هذا وحده ما دفع إلى كتابة التاريخ الإسلامي ، وما أعان على كتابة هذا التاريخ ، فقد كان بجوار هذين الدافعين القويين دوافع أخرى ، فخصائص الأمة العربية في فكرها وثقافتها كانت تعين على ظهور التاريخ ، فهي أمة تميزت بالحفظ والرواية ، وبالبلاغة والشعر ، وبالحرص على الأنساب والفخر بها([1]) .
والعلوم الإسلامية كان لها أثرها في دفع المسلمين قدماً نحو كتابة التاريخ ، والقرآن الكريم هو المصدر الأول لدراسة علم التاريخ عند العرب ، ويليه الحديث والسنة ، وكانت بداية التأليف العلمي في التاريخ وثيقة الصلة بهذين المصدرين .
ارتباط التاريخ بالحديث
كان علم التاريخ العربي الإسلامي عند نشأته يقوم على دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والاهتمام بها وأخبار الغزوات ومن أسهم فيها من الصحابة رضوان الله عليهم ، وكان مركز
النشاط في هذه الحركة التاريخية يتمثل في مكة والمدينة ، وكان المؤرخون الأوائل من المسلمين يعتمدون فيه على الروايات الشفهية شأنهم في ذلك شأن رواة الحديث ، فكان كل جيل منهم يستمد أخباره من الجيل السابق ، وكان الخبر التاريخي يستمد من السماع عن الحفاظ الموثوق بهم وهو ما يعرف بالأسانيد ، وهي وسيلة للإجماع على صحة الخبر ، وهي نفس الوسيلة التي اتبعها المحدثون في روايتهم للحديث ، مما يدل على أن التاريخ العربي عند نشأته سلك نفس الطريقة التي سلكها الحديث .
وأقدم الكتب التاريخية التي تجمع بين الحديث والتاريخ هي كتب المغازي والسير([2]) ، فقد دفع اهتمام المسلمين بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأفعاله للاهتداء بها والاعتماد عليها في التشريع الإسلامي ، وفي النظم الإدارية إلى كتابة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ مغازيه ومغازي الصحابة([3]) .
ولاشك أن عمل هؤلاء الكتاب ـ المحدّثين ـ الأفاضل ، وما جمعوه من أحاديث متضمنة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، وجهاده ومغازيه مؤيدة بالسند كان خطوة ممهدة لمولد علم التاريخ ، والمحور الذي تدور حوله حركة التدوين التاريخي ، بل إنها البوابة العريضة الهامة التي دخل منها المسلمون إلى دراسة التاريخ وتدوينه عموماً .
وكان من الطبيعي أن تتألق هذه الحركة في المدينة باعتبارها دار هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ودار السنة التي عاش فيها الصحابة وسمعوا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ورووها بدورهم إلى التابعين .
التأريخ للمدينة
اهتم المؤرخون المسلمون برصد تاريخ المدينة المنورة فظهرت في البداية روايات شفهية قبل ظهور المؤلفات المكتوبة ، وكان من أهم وأشهر هذه الروايات الشفهية ما وصل إلينا من روايات عبد العزيز بن
عمران الزهري (ت197) حول تاريخ المدينة ، نقلها عنه تلاميذه ، وهم : ابنه سليمان ، وعلى بن محمد المدائني (ت 225) ، وأبو غسان محمد بن يحي الكتاني ، وأبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي (ت 259) ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي (ت 236) ، وأبو مصعب الزهري (ت 242) ، وقد أشار إليهم ابن حجر([4]) .
وروى عنهم بعض من صنف في تاريخ المدينة ، مثل : ابن شبة([5]) الذي روى عن شيخه أبي غسان محمد بن يحيى الكتاني المدني في مواطن عديدة من كتابه تاريخ المدينة ، وأبو غسان هذا من الثقات ولا نعرف له مصنفاً في التاريخ ، ويبدو من هذه النقولات أن أبا غسان كان يلتزم الدقة في تحديد المواقع ويذكر مساحتها .
وإلى جانب أبي غسان نجد إبراهيم بن المنذر الحزامي الأسدي القرشي المدني وأبي مصعب الزهري أحمد بن أبي بكر بن الحارث ، وكلاهما من العلماء البارزين والرواة الثقات عند علماء الجرح والتعديل ، ولهما روايات شفهية حول تاريخ المدينة نقلها عنهما تلميذهما الزبير بن بكار (ت256) الذي صنف في تاريخ المدينة .
ولا بد من الإشارة إلى أن شيخهما عبد العزيز بن عمران قد انتقده علماء الجرح والتعديل وخاصة تلميذه أبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي المدني (ت 259هـ) غير أنه كان ذا عناية واهتمام كبير بتاريخ المدينة([6]) .
أما المؤلفات المكتوبة عن المدينة إبان القرنين الثاني والثالث الهجريين فكان من أشهرها :
1 - أخبار المدينة لمحمد بن الحسن بن زبالة (ت بعد 199هـ)([7]) .
2 - حرب الأوس والخزرج لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي ، (ت 207هـ)([8]) .
3 - وقعة الحرة لمحمد بن عمر الواقدي ، (ت 207 هـ)([9]) .
4 - الأوس والخزرج لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت210 هـ)([10]) .
5 - الحرات لأبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي (ت210 هـ)([11]) .
6 - حرة واقم ( وهي من حرار المدينة الشرقية ) ،لأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الله المدائني (ت 225هـ)([12]) .
7 - قضاة أهل المدينة لأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الله المدائني ، (ت 225هـ)([13]) .
8 - حمى المدينة وجبالها وأوديتها لأبي الحسن علي بن محمد المدائني([14]) .
9 - كتاب المدينة لأبي الحسن المدائني أيضاً([15]) .
10 - نسب الأنصار لعبد الله بن محمد بن عمارة ، المعروف بابن القداح المدني الأنصاري كان موجوداً قبل سنة 236هـ([16]) .
11 - نسب الأوس لعبد الله بن عمارة أيضاً([17]) .
12 - أخبار المدينة النبوية لأبي زيد عمر بن شبة النميري البصري ، ت262([18]) .
13 - أمراء المدينة لأبي زيد عمـر بن شـبة أيضاً ، ت 262([19]) .
14 - أخبار الأوس والخزرج للزبير بن بكار ، أبو عبد الله ، (ت 265هـ)([20]) .
15 - نوادر المدنيين للزبير بن بكار أيضاً([21]) .
16 - أخبار المدينة للزبير بن بكار([22]) .
17 - أخبار المدينة لأبي طاهر يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله الأعرج الحسين العلوي ت 277 ه وقيل 287هـ([23]) .
18 - بين المسجدين لعلي بن أحمد بن علي بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب العقيقي كان حياً عام 298 هـ([24]) .
19 - المدينة لعلي بن أحمد العقيقي أيضاً([25]) .
وكما أسلفت ؛ لم يصلنا من الكتب التسعة عشر تلك سوى كتاب واحد هو كتاب تاريخ المدينة لابن شبه الذي عثر على نسخة منه وطبع محققاً . أما بقية تلك الكتب المؤلفة في المرحلة الأولى فلم تعرف منها نسخٌ مخطوطة ولم تجمع متفرقات أخبارها في كتب أو رسائل وذلك حسب ما توصلت إليه . وحيث إن ابن زبالة أول من صنف كتاباً شاملاً في أخبار المدينة ويعد رائداً في التاريخ المحلي للمدينة المنورة ، وبما أن كتابه مفقود ، فقد كان ذلك دافعاً لي في جمع نصوص هذا الكتاب ودراسته دراسة علمية .
محمد بن الحسن بن زبالة :
نسبته
ونشأته
هو محمد بن الحسن بن أبي الحسن القرشي المخزومي المدني ، أبو الحسن ، وقيل أبو عبد الله ، ويعرف بابن زبالة بفتح الزاي وتخفيف الموحدة أي على زنة سحابة([26]) . أحد كبار الأخباريين الذي برزوا في القرن الثاني الهجري ومهدوا الطريق أمام المؤرخين الكبار الذي جاءوا من بعده ، كما أنه يعد أول من صنف كتاباً شاملاً في أخبار المدينة المنورة([27]) .
عده ابن حجر من كبار الطبقة العاشرة ، وهو من أصحاب الإمام مالك ابن أنس([28]) ، أخذ العلم عن كثير . وكان له باع طويل في حفظ الأخبار ووصف الأماكن والديار . ولا تحدثنا المصادر المتوفرة لدينا عن حياة ابن زبالة ، إذ أننا لم نجد في أي من الكتب السابقة ما يشير صراحة إلى أصله ونشأته ، ولكن الذي يتضح من اسمه أنه قرشي من بني مخزوم ، وهناك احتمال أنه هو أو أبوه قدم إلى المدينة لطلب العلم ونزل منطقة زبالة([29]) التي تقع في أطراف المدينة([30]) فنسب إليها([31]) .
ومعروف أن المدينة كانت تستقطب عدداً كبيراً من طلبة العلم ، كما كانت حلقات العلم في المسجد النبوي تخرج الكثير من العلماء الذين أصبح لديهم شهرة كبيرة في العالم الإسلامي ، وبقيت آثارهم لوقتنا الحاضر .
وهناك احتمال آخر هو أن يكون جد ابن زبالة هو الذي قدم المدينة أيام الهجرة أو بعدها([32]) .
عصره وبيئته
كان عصر ابن زبالة حافلاً بالأحداث الكبيرة ، منها تحول الخلافة من الأموين إلى العباسيين ، والاضطرابات التي حدثت في المدينة المنورة وانتهت بثورة محمد النفس الزكية ومقتله ، ثم مرحلة الاستقرار في عهد الرشيد والمهدي ، ولكن أكثر ما يميز هذه الفترة هو الاهتمام الكبير بالعلم والعلماء وظهور علوم كثيرة مثل علم الرجال وتدوين سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتدوين حديثه وكتابة التاريخ الإسلامي والمغازي .
وقد ساعد ذلك كله ابن زبالة على أن يلتقي بعلماء هذا القرن من أهل المدينة والعلماء الوافدين إليها طلبا للعلم والثواب . وكان من أشهرهم الإمام مالك بن أنس ، مما هيأ له أن يغرف من مناهل علمهم ويصبح عالماً ومؤرخاً ونسابة وعمدة لمن جاء بعده .
مؤلفاته
تذكر المصادر التي ترجمت لابن زبالة ثلاثة كتب هي : كتاب أزواج النبي ، وكتاب مثالب الأنساب ، وكتاب أخبار المدينة الذي نعرض له ، ولم يصلنا منها سوى منتخب من الكتاب الأول ، غير أننا نستطيع أن نصل من الأخبار المتفرقة إلى تصور محدود عنها .
أما كتاب أزواج النبي : فقد روى الزبير بن بكار منتخباً منه ، سلم من عوادي الدهر ، وقام الدكتور أكرم ضياء العمري بتحقيقه ونشره ، وفي توثيق نسبة الكتاب لابن زبالة يقول المحقق : (( كتب على الورقة الأولى من النسخة الخطية ما نصه : ( منتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن الزبير بن بكار ) فلم يصل إلينا كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كاملا بل منتخب منه فقط . ولا نعرف من الذي انتخبه ؟ ولم تسم المصادر للزبير بن بكار ، ولا لابن زبالة كتابا بهذا العنوان وإن كان فؤاد سزكين قد ذكره ضمن مؤلفات الزبير بن بكار بالاعتماد على ما ذكر في عنوان النسخة الخطية فقط .
وإذا كانت المصادر قد سكتت عن تسمية الكتاب ونسبته للزبير أو لابن زبالة فإن الذي دعاني إلى تحديد نسبته والقول بأنه لابن زبالة ، وأن الزبير كان مجرد راوية له هو أن سائر الروايات في المنتخب يرويها الزبير عن ابن زبالة سوى روايتين لم يسندهما الزبير لابن زبالة ، واحدة تبين اسماً مبهماً والأخرى تتناول مسألة لغوية ، وهذا دليل كاف على أن الكتاب لابن زبالة وليس للزبير بن بكار كما كتب على ورقة العنوان في النسخة الخطية([33]) .
وأما كتاب مثالب الأنساب : فلم يصلنا منه شيء ، ولكن عنوانه يدل على أنه يركز على المثالب ، ويؤكد ذلك ما ذكره ابن حجر العسقلاني نقلاً عن الساجي من أنه عَرَّض فيه ببعض أهل المدينة فجفوه([34]) .
وأما كتاب أخبار المدينة : فهذا الذي اشتهر به ابن زبالة ؛ لكثرة ما نقل منه ، وقد ذكره ابن النديم في الفهرس([35]) . وذكر السمهودي أن مؤلفه من أقدم من أرخ للمدينة ، وأنه صنف كتابه هذا في صفر سنة 199هـ([36]) . وذكره البغدادي في ( هدية العارفين ) باسم تاريخ المدينة([37]) ، وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون باسمه الأول ( أخبار المدينة )([38]) ، وذكر فؤاد سزكين أن هذا الكتاب كان موجودًا في عهد السخاوي ( القرن العاشر الهجري ) ووصفه بأنه في مجلد ضخم([39]) ، ويذكر صالح العلي كلاما مشابها لكلام سزكين([40]) .
وقد تبين لي من النصول التي نقلها المؤلفون اللاحقون من كتابه أنه كان يتضمن الفقرات التالية : اسم المدينة ، وحرمها ، وبدء سكنها ، وتاريخ اليهود فيها ، وعشائرهم ، والأوس والخزرج وخطط عشائرهم ، وطريق الهجرة ، وفصّل في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصله وذرعه وعلاماته وزخرفته ، وتخليقه ، والمنبر ، والسوارى والأساطين ، والمنائر ، وتوسيعات المسجد في زمن الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين ، وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبور الصحابة ، والسقايات والبلاليع ، وآداب المسجد ، والقناديل والأبواب ، والدور التي حوله ، كما بحث أسواق المدينة ، والمصلى ، وعدداً كبيراً من المساجد التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والبقيع وآبار المدينة وأوديتها ، وصدقات النبي صلى الله عليه وسلم ، وبقاع المدينة وأحوالها .
ويتبين مما ذكرنا أن نطاق بحث ابن زبالة واسع . تناول فيه مختلف المواضيع ، وأنه وضع الطريق الذي سار عليه من ألف بعده عن المدينة ، كابن النجار والمراغي والسمهودي . غير أنه لا يمكن الجزم بالتسلسل الذي اتبعه ابن زبالة في بحثه ، وقد أشار السمهودي إلى أن ابن زبالة صدر كتابه في بدء من سكن المدينة([41]) .
ولا شك أن هذه المعلومات الغزيرة في أقدم مصدر يدون عن تاريخ المدينة تؤكد أهميته ، ومما يزيد في أهميته أن مؤلفه كان يعتمد على ملاحظاته ومعلوماته الشخصية فيما يتعلق بوصف معالم المدينة ، كما كان لا يهمل ذكر الشيوخ الذين نقل عنهم وجلهم من أهل المدينة ، وعلى الرغم مما قيل عن ابن زبالة من جرح فإننا نجد السمهودي يدافع عنه ويبعث الثقة في كتابه حين قال (( وابن زبالة وإن كان ضعيفاً لكن اعتمد بموافقة يحيى له وروايته لكلامه من غير تعقيب ))([42]) .
أما عن أسلوبه فهو دقيق مركز خال من اللغو أو الزخارف اللفظية ، وكتابته بسيطة واضحة مفهومة([43]) .
أقوال أهل الجرح والتعديل في ابن زبالة
تجمع كتب الجرح والتعديل على أن ابن زبالة ضعيف ضعفا شديدا في الحديث ، بل إن معظمهم يقول بترك حديثه([44]) ، لكن أبا حاتم يرى انه على ضعفه لا يترك حديثه ، وقد وضعه في مصاف الواقدي . ومعروف أن الواقدي مثل ابن زبالة متهم بالكذب والوضع ومحكوم عليه بأنه متروك في الحديث . إلا أن كتب الواقدي تشكل مصدراً مهمًا من مصادر التاريخ لا سيما في مجال السيرة والمغازي .
والمحدثون رغم تشددهم في قبول الأحاديث واشتراطهم العدالة في سائر رجال الإسناد والاتصال بين الرواة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنهم في الأخبار التاريخية المتعلقة في السيرة وعصر الخلفاء الراشدين أظهروا تساهلا ومرونة في الاطلاع على هذه الأخبار والاهتمام بها ونقلها في مصنفاتهم رغم حكمهم على مصنفيها بالضعف الشديد في الأحاديث ورفضهم مروياتهم فيها .
روى الخطيب البغدادي([45]) بإسناده عن إبراهيم الحربي قال : كان أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سعد يأخذ منه جزءين من حديث الواقدي ينظر فيهما إلى الجمعة الأخرى ثم يردهما ويأخذ غيرهما . والواقدي حكم عليه ابن حجر بأنه متروك الحديث ، ومع ذلك فانه لخص مغازيه لنفسه فكان يحتفظ بها . ونقل أقوالاً عن الواقدي في الأخبار المتعلقة بأحداث السيرة في مؤلفاته كالإصابة وفتح الباري ، كما انه اقتبس عن ابن زبالة ونقل عنه في ثمانية مواضع في الإصابة .
ولاشك أن إهمال المعلومات التي ذكرها الواقدي وابن زبالة عن المدينة المنورة تعد خسارة كبيرة وذلك لغزارتها ولقيمتها التاريخية الكبيرة ولاشك أيضا انه لا يمكن التعويل عليهما وعلى أمثالهما في أمور العقيدة والشريعة ، لكن من التعسف الذي لا مبرر له أن ترفض الأخبار التي رووها جملة بحجة انهما متروكان في الحديث ، ولو قارنا بينهما وبين مدوني الأخبار التاريخية عند الأمم الأخرى لبان فضلهما وعلا شأنهما عليهم . كما أن الروايات التاريخية التي تستند إليها تواريخ الأمم الأخرى دون أسانيد ، وأن الإسناد من خصائص الأمة الإسلامية لم تسبق إليه ولم تدرك فيه([46]) .
وفاتــــه
ورد نص في كتاب بهجة النفوس والأسرار للمرجاني يفيد بأن ابن زبالة كان حيا سنة مائة وتسع وتسعين للهجرة ، يقول المرجاني : وأما السقايات فقال محمد بن الحسن بن زبالة : كان في صحن المسجد تسع عشرة سقاية ، إلى أن كتبنا في كتابنا هذا في صفر سنة تسع وتسعين ومائة ))([47]) ، كما يشير السمهودي أن ابن زبالة قد وضع كتابه أخبار المدينة سنة تسع وتسعين ومائة([48]) .
كما ذكر ابن حجر أنه توفي قبل سنة مائتين للهجرة([49]) .فإذا جمعنا بين الروايتين ، فيمكن أن نقدر أنه توفي بعد أن فرغ من تصنيف كتابه في السنة نفسها .
دراسة
الكتاب
ذكرنا أن كتاب أخبار المدينة لابن زبالة ضاع ولم يصلنا منه إلا المقتطفات التي نقلها المتأخرون كابن النجار في ( الدرة الثمينة في أخبار المدينة ) والزين المراغي في ( تحقيق النصرة بتلخيص
معالم دار الهجرة ) والسمهودي في كتابه ( وفاء الوفا في أخبار دار المصطفى ) وغيرهم . ولا ريب أن هذا يؤدى إلى أن يكون بحثنا أولياً لا يشمل كل التفاصيل ، لأن الكتب الناقلة المتأخرة كثيراً ما تنقل من المؤلفين الأولين دون الإشارة إلى مصدرها ، وقد يختار مما ينقل منه نصوصًا ويحذف أخرى ، وقد يلخص أو ينقل بالمعنى كما فعل السمهودي نفسه([50]) ، ومع أنه يمكن علاج هذا بجمع كل ما نقلته كافة المصادر ، إلا أن هذا قد لايغني في تكوين صورة كاملة للمؤلف القديم ، إذ قد تتفق كافة المصادر على حذف نصوص معينة ، كما أن النصوص مقتطفات جزئية لا تكفى وحدها لتوضيح تنظيم الكتاب وتسلسل أبحاثه ، مما له أهمية كبرى في تقرير قيمة الكتاب .
موضوع
الكتاب
بما أن الكتاب مفقود فلا نستطيع أن نحدد موضوعاته بدقة ، ولكن من خلال النصوص التي وصلتنا نستطيع القول بأنه يروي أخبارًًا عن المدينة المنورة منذ تأسيسها حتى نهاية القرن الهجري الثاني ، ويعرض لتطور العمران بعد الهجرة إلى زمن تأليفه .
وتتناول النصوص التي بين أيدينا من كتاب ابن زبالة تاريخ أول من سكن المدينة([51]) وتقدم أدلة على سكن العماليق قبل اليهود بالمدينة وسبب نزول اليهود عليهم كما تضم دراسة تفصيلية وشاملة لبقايا اليهود وآطامهم بالمدينة([52]) وكيف سكن الأوس والخزرج المدينة وسبب ذلك وإقامتهم مع اليهود بها([53]) .
كما يضم هذا الجزء الخاص بأول من سكن المدينة ثبتاً دقيقاً بمنازل قبائل الأوس والخزرج وآطامهم([54]) .
ويتحدث عن أسماء المدينة ، ويعرض أكثر من سبعة عشر اسمًا لها ، وهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها ، وحبه ودعائه لها ، وتحديد حرمها ، والأحكام الفقهية فيه .
كما تتناول نصوص كتاب ابن زبالة مصلى النبي صلى الله عليه وسلم في العيد والمساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكانت معروفة في عصره ، والمساجد التي لم تعرف ، والمساجد التي يقال إنه صلى فيها ويقال إنه لم يصل فيها([55]) .
كما تقدم نصوص ابن زبالة تحديدًا لمقابر المدينة ، وبخاصة مقبرة البقيع ، ومواضع قبور أولاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهم من آل البيت وأصحابه وأسلاف المسلمين([56]) ، والغريب أننا لا نجد في هذه النصوص شيئًا عن قبر حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء وشهداء أحد الآخرين .
وتضم نصوص ابن زبالة ثبتاً دقيقاً بآبار المدينة وأوديتها ، وسيولها ، وأعراضها ، وأموال النبي صلى الله عليه وسلم وصدقاته وبقاع المدينة ، وأعراضها ، وأعمالها([57]) تتناول تلك النصوص خطط المدينة ، وأحياءها وآطامها ، ومحال القبائل من الأنصار من أهل المدينة ، كما تذكر أسواق المدينة المشهورة وكذا المنشآت التجارية التي أقيمت بالمدينة في العصر الإسلامي وبعض الأحكام المتعلقة بالأسواق([58]) ، ثم نجد نصوصاً أخرى كثيرة تتناول تاريخ المسجد النبوي الشريف وعمارته منذ أن اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع مسجده الشريف ، وكيفية بنائه ، ثم زيادته صلى الله عليه وسلم في المسجد بعد ذلك ، وكم كانت مساحة المسجد ، وحدوده زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم([59]) .
كما تتناول نصوص ابن زبالة مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وتحويل القبلة ، وقصة الجذع الذي كان يخطب إليه صلى الله عليه وسلم ، واتخاذه المنبر ، والاختلاف في صانع المنبر ، ومساحته ، وكسوته ، وذرع ما بينه وبين القبر ، وفضله([60]) .
كما يضم كتاب ابن زبالة حديثًا مفصلاً عن أساطين المسجد([61]) وأبوابه([62]) وعمارة الحجرة الشريفة ، والاختلاف في صفة القبور الشريفة بالحجرة([63]) ، وتوسعة المسجد النبوي والزيادة فيه ؛ زيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم زيادة عمر بن الخطاب وزيادة عثمان بن عفان رضي الله عنهما ([64]) ، ثم زيادة الوليد بن عبد الملك على يد عمر بن عبد العزيز وما أحدثه عمر بن عبد العزيز في المسجد من محراب واتخاذ حرس وتحصيب وتخليق وتجمير وفرش المسجد وبعث المصاحف إليه وتصريف الماء وعمل السقايات والقناديل والمنارات([65]) ، ثم تناول زيادة المهدي([66]) .
كما يورد بياناً تفصيلياً بمنازل المهاجرين التي حول المسجد الشريف وأسماء أصحابها إلى زمن المؤلف([67]) ، كما يشمل على ذكر آداب تتعلق بالمسجد والزيادة([68]) .
ويتبين مما ذكرنا أن ابن زبالة تناول مختلف المواضيع ، إلى درجة يمكن القول بأنه وضع الطريق الذي سار عليه من ألف بعده عن المدينة ، كابن النجار والمراغي والسمهودي . غير أنه لا يمكن الجزم بالتسلسل الذي اتبعه ابن زبالة في بحثه ، إذ ربما عدل السمهودي أو بدل فيه ، وقد أشار السمهودي إلى أن ابن زبالة صدر كتابه في بدء من سكن المدينة ، بينما وضعها السمهودي بعد بحثه عن تسمية المدينة وحرمها([69])
منهج ابن زبالة في كتابه :
أ التأريخ
بالموضوعات
يعد محمد بن الحسن بن زبالة واحداً من المؤرخين المسلمين الأوائل الذين كتبوا التاريخ على المنهج الموضوعي ، ذلك أنه اتبع طريقة التأريخ بالموضوعات وهو يصنف كتابه ( أخبار المدينة ) ،
فهو عندما يتناول معالم المدينة وخططها والتطور العمراني فيها ، يتكلم عن موضوعات مستقلة ، قد وضع لكل منها عنواناً ، كبدء من سكن المدينة([70]) ، وأسماء المدينة ، وفضائل المدينة ، وحرم المدينة ، وموضوع المصلى والمساجد ، والبقيع والمقابر ، والآبار والأودية ، وذكر بقاع المدينة وأسواقها ، وكذلك عندما يتحدث عن المسجد النبوي الشريف فإنه يتناول موضوعات مستقلة أيضاً ، تحت عناوين رئيسية ، كبناء المسجد النبوي وذرعه ، وذكر مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، وموضوع تحويل القبلة ، وقصة الجذع واتخاذ المنبر ، وذكر الأساطين والحجرة ، وتوسعة المسجد النبوي والزيادة فيه ، وذكر الأبواب وما كان مطيفاً بالمسجد من الدور والمنازل ، وذكر آداب المسجد .
وقد حرص ابن زبالة على جمع الحادثة في موضوع واحد ، بقدر الإمكان مع ذكر كل شيء عنها .
والكتاب يكاد يكون خالياً من التأريخ للأحداث ، فالأحداث التي أرخها قليلة جداً([71]) ، كما أنه أهمل جوانب التأريخ الثقافي والعلمي في المدينة المنورة بخلاف غيره ممن كتب في تواريخ المدن الإسلامية حيث أرخوا للمدن من خلال علمائها .
ومما تجدر الإشارة إليه أيضاً أن كتاب ابن زبالة كان يركز على الناحيتين الدينية والعمرانية في حين أن دراسة الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لم تحظ بكثير من العناية .
ب مصادر
ابن زبالة
اعتمد ابن زبالة في مادته التأريخية على الرواية الشفهية ، إلى جانب المعاينة والمشاهدة التي قام بها وسجلها ، والتي كانت ضرورية لكتاب يتناول خطط المدينة وآثارها ومشاهدها ، وقدم في ذلك معلومات وافية ودقيقة ، فقد اتسمت موضوعات كتابه بغزارة مادتها وأهمية وثائقها .
أما بالنسبة للرواية المكتوبة أو النقل من الكتب ، فلم ينقل ابن النجار أو السمهودي أو أي ممن روى عن ابن زبالة أنه كان ينقل من الكتب ، ويرجع ذلك في نظري بسبب قلة الروايات المكتوبة عن المدينة في تلك الفترة ، بالإضافة إلى عدم وجود كتاب متخصص في تأريخ المدينة يسبق كتاب ابن زبالة .
الرواية الشفهية
ويقصد بها ما تحصل عليه ابن زبالة من معلومات ونصوص من مشايخ وعلماء . إذ تميز هذا النوع من المصادر بالدقة والضبط . وكان ابن زبالة لا يهمل ذكر الشيوخ الذين نقل عنهم ،
وقد ذكر منهم أكثر من مائة([72]) وقلما يروى عن أي منهم أكثر من رواية واحدة ، وأغلبهم من أهل المدينة ، وكثير منهم ممن اعتمد عليهم ابن إسحاق والواقدي وروى عنهم المحدثون([73]) .
وتعدد المشايخ والعلماء الذين أخذ عنهم ابن زبالة يدل على سعة علمه واطلاعه ورغبته في الحصول على أكبر قدر من المعرفة ، ولا شك أن دراسة ابن زبالة الأولى التي تلقاها على أيدي شيوخه في مطلع حياته العلمية تمثل رافداً من جملة الروافد التي استقى منها مادته ومعارفه ، كما أن المدينة كانت - وما زالت - محط أنظار كثير من العلماء المسلمين الذين قدموا إليها بغرض العبادة وطلب العلم مما أتاح لابن زبالة لقاء عدد كبير منهم ، وكان أكثر مشايخه ممن اشتهروا بالعلم في عصرهم وانتهت إليهم علوم الأخبار والأنساب والأدب والعلوم الإسلامية بوجه عام .
وكان ابن زبالة ينقل عن بعض مشايخه أحداثاً شاهدوها بأنفسهم أو كانوا أحد الأطراف فيها أو رووها بالسند المتصل حتى وصلت إليهم([74]) ، إلا أنه كان في بعض الأحيان يروى عن الثقات ما لم يحدثوا به ، وهذا من أسباب إجماع أهل الحديث على ضعفه وترك حديثه([75]) .
المعاينة والمشاهدة
وهي ما سجله ابن زبالة من ملاحظات شاهدها بنفسه وعاينها ، وقد اتصف هذا المصدر بالدقة والأهمية وبموافقة يحيي العلوي (ت 277هـ ) له وروايته لكلامه من غير تعقيب([76]) ،
كما أن السمهودي كان يرجح في كثير من الأحيان ملاحظات ابن زبالة التي شاهدها وعاينها على روايات غيره من المؤرخين([77]) لدقتها وكون ابن زبالة عاصر الحدث أو نقل عن أشخاص أحداثاً شاهدوها بأنفسهم أو كانوا أحد الأطراف فيها وقد صرح السمهودي أن ابن زبالة ويحيى عمدة في التاريخ للمدينة([78]) .
جـ - استخدامه
الإســـناد
تميزت العلوم الإسلامية في مصادرها الأولى باستخدام طريقة المحدثين في رواية الأخبار والأحداث بإسناد الروايات إلى أصحابها ، وقد كان لظهور علم التاريخ عند المسلمين مختلطاً بعلم
الحديث في المراحل الأولى من نشأته أثر كبير فيه من حيث موضوع البحث ومن حيث منهجه ، وكان من سمة ذلك المنهج إيراد الأخبار مقرونة بأسانيدها ، وقد ظل المؤرخون المسلمون ملتزمين بهذه الطريقة ، ومن بينهم ابن زبالة الذي سار على هذا المنهج في أغلب مروياته . ومع أن معظم النصوص والروايات التي نقلت عن ابن زبالة لم يكن السند مذكوراً فيها كاملاً ( مثل النصوص التي نقلها المراغي والسمهودي )([79]) ، وذلك بسبب ميل كثير من المؤرخين منذ القرن الثالث الهجري إلى التخلص من هذه الطريقة السندية كما أن النظرة إلى الأسانيد التاريخية الهامة كانت قد استقرت في تلك الفترة وأن كثيراً من الأحداث التاريخية قد أصبحت معروفة ومثبتة جيداً بواسطة الأسانيد المتعددة ، ولهذا فإن وجود الأسانيد أصبح حشواً إضافياً ، وتكراراً يبعث على الملل ، ولهذا لم نجد نصوصاً كثيرةً لابن زبالة مذكورةً بالسند الكامل إلا عند ابن النجار الذي لم يغفل السند في نصوص ابن زبالة بل نقلها إلينا بالسند الكامل([80]) ، وهذا يدل على أن ابن زبالة لم يكن يغفل ذكر السند في أغلب نصوصه وأنه اتبع طريقة المحدثين في ضبط مادته العلمية وتوثيق أخباره ورواياته .
ومع ذلك فإننا أحياناً نجد ابن زبالة يعلق الخبر([81]) أو يسنده إلى مجهول فيقول مثلاً : ( عن مشيخة من أهل المدينة قالوا )([82]) . ( وقال بعضهم ) ([83])
و( عن غير واحد من أهل العلم )([84]) كما نجد ابن زبالة دقيقاً في استعماله المصطلحات اللفظية في علم الرواية فيستخدم لفظ حدثني مما يدل على السماع واللقاء والمشافهه مثل : (( حدثني داود بن مسكين الأنصاري ))([85]) و (( حدثني حاتم بن إسماعيل ))([86]) و (( حدثني إبراهيم بن حمد ))([87]) .
تساهل
ابن زبالة في الرواية
من المعلوم أن علماء الحديث يشددون في الرواية فيما يتعلق بالحلال والحرام ، بل في كل أحكام الإسلام ، وقد يتساهلون فيما عدا ذلك فيروون عن أناس لا تنطبق عليهم الشروط التي يشترطونها
في المحدث الثقة ، وابن زبالة - وبما أنه أخباري - سار على هذه الطريقة ، فقد روى عن عدد من الأخباريين والرواة ممن يرى المحدثون في الرواية عنهم حرجاً فيما له صلة بقواعد الدين أو من الرواة المجهولين أو من الرواة المطعون في عدالتهم .
وكثيراً ما نجد في النصوص المنقولة عن ابن زبالة ما يتطابق مع بعض الأحاديث الواردة في كتب الصحاح([88]) ، أو ما يعتضد به الثقة أمثال يحيى العلوي الذي يروى لكلام ابن زبالة من غير تعقيب([89]) ، كما نلاحظ أن السمهودي ينقل عن ابن شبة وهو ثقة وابن زبالة نفس النص فيقول : ( وروى ابن زبالة وابن شبة)([90]) وقس على ذلك الكثير من الروايات التي لم ينفرد ابن زبالة في روايتها ولكنه رواها عن طريق رواة اعتمد عليهم ابن إسحاق والواقدي وروى عنهم المحدثون([91]) .
وقد أظهر ابن زبالة تساهلاً كبيراً فيما يتعلق بالأخبار التاريخية التي لا تتعلق بشيء من أحكام الإسلام وقواعده وأصوله ، وهذه قاعدة معروفة عند المحدثين([92]) ، فنجد في روايته معلومات جمة تلقاها عن علماء من الأخباريين وغيرهم ممن لا يروى عنهم المحدثون ، غير أن تساهل ابن زبالة في ذلك وإدراكه أن العلم لا ينحصر في طبقة واحدة أو عند حد معين ، أدى إلى توسيع أفق المعرفة عنده ، وجعله يدون معلومات بالغة الأهمية في كتابه المفقود ، ويتضح ذلك جلياً في أثر ابن زبالة على من جاء بعده من العلماء الذين اعتمدوا عليه ونقلوا كثيراً من أخباره ورواياته في كتبهم ، وهذا بلا شك دليل على سعة معلوماته وتنوعها وأهميتها ، فهو أحد كبار الأخباريين الذين برزوا في القرن الثاني الهجري ومهدوا الطريق أمام المؤرخين الكبار .
أسلوبه
من خلال استقرائنا لنصوص ابن زبالة لا حظنا أن هناك بعض السمات الأساسية التي تميز منهجه وأسلوبه في الكتابة ، وأهم تلك السمات هي الوضوح والإيجاز مع البساطة وحسن العرض وعدم التكلف ، فالبلاغة عنده إيضاح بإيجاز .
ومن واقع حرص ابن زبالة على أن يبقى أسلوبه سهلاً واضحاً نلاحظه يلجأ أحياناً إلى تفسير المصطلحات الغريبة أو الألفاظ الصعبة أو المصطلحات الفنية التي لا يدركها عامة القراء([93])
ومن هنا نرى ابن زبالة مع غزارة علمه وكثرة مشاهداته خفيف الظل ذا أسلوب دقيق مركز وخال من اللغو أو الزخارف اللفظية ، وكتابته بسيطة واضحة مفهومة([94])
القيمة العلمية للكتاب
يعتبر كتاب ( أخبار المدينة) من الكتب المهمة التي أُلفت في تاريخ المدينة إبان القرن الثاني الهجري ، فقد حوى بين دفتيه معلومات دقيقة ومفصلة لوصف المدينة عمرانياً ، منذ نشأتها وحتى عصر المؤلف وتدل النصوص التي نقلها السمهودي عن كتـاب ابن زبالة على شموله لكل آثار المدينة([95])
وتبرز أهمية هذه المعلومات وقيمتها العلمية في أن ابن زبالة قد عاصرها وعايش الكثير منها ، وأن أغلبها كانت مستمدة من ملاحظاته ومعلوماته الشخصية وخاصة فيما يتعلق بالوصف العمراني للمدينة .
كما حوى كتاب أخبار المدينة بالإضافة إلى وصف المدينة عمرانياً معلومات سبّاقة عن المسجد النبوي الشريف ، وعمارته ، وتوسعاته ، وما يتعلق به من أمور كالأبواب ، والأساطين ، والحجرات ، والمنبر ، والمقام ، وما كان مطيفاً بالمسجد من الدور ومنازل المهاجرين .
كما يقدم الكتاب معلومات فريدة عن أول من سكن المدينة ، وآطام اليهود ومساكنهم بالمدينة ، ومساكن الأنصار ، وعدّ أكثر من سبعين مسجداً من مساجد المدينة ، وقدم ثبتاً طويلاً عن بقاع المدينة وآبارها وأوديتها ومقابرها وسوقها .
ومن هذا يتضح أن الكتاب يعتبر من المصادر المهمة ، والعمدة الذي اعتمد عليه المؤرخون الذين صنفوا في تاريخ دار الهجرة ، ليس في عصر ابن زبالة فحسب ، بل وأيضاً في عصور من جاء بعده من المؤرخين الذين اهتموا بالتاريخ لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ومما لا شك فيه أن ضياع كتاب ( أخبار المدينة المنورة ) لابن زبالة يعتبر خسارة علمية كبيرة ، لكن سلوانا في ذلك أن المؤرخ السمهودي قد عوض بعض هذه الخسارة فيما نقله عن ابن زبالة في كتابه ( وفاء الوفا ) . كما نقل عنه بعض المؤرخين المهتمين بتاريخ المدينة كابن النجار والمرجاني والمراغي وغيرهم .
أثره في المؤرخين اللاحقين
كان محمد بن الحسن بن زبالة رائداً في الكتابة التاريخية للمدينة المنورة ، وقد تأثر به عدد من المؤرخين والجغرافيين ، فمنهم من تأثر بمنهجيته ، ومنهم من تأثر بنتاجه العلمي .
ويأتي في مقدمة من تأثروا بكتابه ( أخبار المدينة المنورة ) عدد من المؤرخين الكبار المعاصرين له أمثال : الزبير بن بكار المتوفى سنة 256هـ ، والذي كان تلميذ ابن زبالة ورواية كتابه([96]) ، اقتبس منه عدداً من النصوص في كتابه ( الأخبار الموفقيات ) بلغت ثلاثة عشر نصاً([97]) وقد صنف كتاباً عن العقيق اعتمد عليه ياقوت ونقل عنه السمهودي ، ومن المحتمل أنه نقل فيه عن ابن زبالة نصوصاً كثيرة([98]) .
أما المؤرخ عمر بن شبة المتوفى سنة 262هـ ، فنجده قد تأثر بمنهجية ابن زبالة ، في بعض أجزاء كتابه ( تاريخ المدينة المنورة ) ، مثل آداب المسجد([99]) ، والمساجد والمواضع التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم والمساجد التي يقال إنه صلى فيها ، ويقال إنه لم يصل فيها ([100]) ، وما ذكر في مقبرة البقيع ، ومقبرة بني سلمة والدعاء هناك وتعيين قبور بعض من دفن بالبقيع من الصحابة وأهل البيت ([101]) وما جاء في أسماء المدينة ([102]) ، وذكر آبارها وأوديتها وعيونها وصدقات النبي صلى الله عليه وسلم ([103]) حتى يكاد يكون ما تضمنه الجزء الأول من كتاب ابن شبة مشابهاً لما جمع من نصوص ابن زبالة .
ولكن لم ينقل لنا ابن شبة أي رواية عن ابن زبالة ، وهذا لا يمنع احتمال إطلاع ابن شبة على كتاب ابن زبالة والاستفادة من منهجه في ترتيب مادة كتابه ، وكذا في عرضه لمعالم دار الهجرة وخططها .
وابن زبالة من أبرز المؤرخين الذين أخذ عنهم الشيخ يحيى بن الحسن العلوي المتوفى سنة 277هـ ، واستسقى منه مواد كتابه ( أخبار المدينة ) حيث كان يروى عنه بدون تعقيب ، وقد أشار السمهودي إلى مثل هذه الاقتباسات في ستة وأربعين موضعاً في الجزء الأول([104]) ، حتى أنه يقول " إن ابن زبالة وإن كان ضعيفاً ولكنه اعتضد بموافقة يحيى له وروايته لكلامه من غير تعقيب([105]) " .
أما الإمام إبراهيم الحربي المتوفى سنة 285هـ ، فقد تأثر بمنهجية محمد بن الحسن في ترتيب مادة كتابه ( المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة ) في الجزء الخاص بالمدينة النبوية الكريمة وعرضه لخططها ، ومساجدها ، وحدودها ، وعيونها وآبارها وأوديتها ، وذرع المسجد والزيادات التي حدثت له ، والحجرة والمقام . حتى يكاد يكون ما تضمنه كتاب المناسك عن المدينة تلخيصاً لما نقل عن ابن زبالة من نصوص وأخبار . بالإضافة إلى أن الحربي نقل عن ابن زبالة ثمانية عشر نصاً([106]) .
أما الإمام الحافظ محمد بن محمود بن النجار المتوفى سنة 643هـ فإنه في كتابه ( أخبار مدينة الرسول ) المعروف بالدرة الثمينة ينقل اثنين وثلاثين نصاً حرفياً كاملاً بالسند عن كتاب ( أخبار المدينة) لابن زبالة ([107]) ، ويبدو واضحاً أن ابن النجار تأثر بمنهجية ابن زبالة في أسلوبه وتبويب محتويات كتابه .
وينقل الإمام جمال الدين محمد بن أحمد المطري ( ت 741هـ) في كتابه
( التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة ) أكثر من خمسين نصاً عن ابن زبالة في مختلف الموضوعات المتعلقة بالتاريخ للمدينة المنورة والمسجد النبوي الشريف .
كما يلاحظ تأثير ابن زبالة وكتابه تاريخ المدينة على كتاب المطري من حيث المنهج والأسلوب([108]) .
أما عبد الله بن محمد المرجاني ( ت 769هـ ) فإنه في كتابه ( بهجة النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة النبي المختار ) ينقل لنا أربعة عشر نصاً كاملاً عن ابن زبالة([109]) ، كما يبدو واضحاً أن المرجاني تأثر بمنهجية ابن زبالة في أسلوبه وتبويب محتويات كتابه .
أما الإمام زين الدين المراغي المتوفى سنة 816هـ ، فقد تأثر بمنهجية ابن زبالة في عرضه لمادة كتابه ( تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة ) ونرى ذلك جلياً في عرضه لمعالم دار الهجرة وخططها ، وفضائلها ، وأسمائها ، وسكانها ، ومسجدها الأعظم وما يتعلق به من أمور ، والبقيع وقبور المسلمين بالمدينة ، ومساجد المدينة ، وآبارها وأوديتها وصدقات النبي صلى الله عليه وسلم ، وحدود المدينة وآداب الزيارة وما يؤول إليه أمر المدينة وأثر مسجدها ، حتى أننا نجد معظم موضوعات كتاب المراغي مشابهاً لما نقله ابن زبالة من روايات ([110]) ، بالإضافة إلى أن المراغي نقل أكثر من ثلاثة وتسعين نصاً عن ابن زبالة في مختلف موضوعات كتابه([111]) .
أما نور الدين السمهودي المتوفى سنة 911هـ ، والذي يعد أكثر مؤرخي المدينة شهرة في القرن العاشر الهجري فقد كان أكثر المؤرخين الذين تأثروا بمنهجية ابن زبالة ، إذ اعتمد على كتاب ابن زبالة باعتباره موردًا أساسيًا لكتابه ( وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ) ، وانتهج بكل الوضوح والجلاء منهج ابن زبالة ، واقتبس منه ستمائة وأربعة وثلاثين نصاً ، وفنَّد بعض رواياته حينًا ورجحها حينًا آخر ، وخاصة التي عاصرها ، وصرح بذلك في كتابه وفاء الوفا([112]) . ولا يكاد يخلو موضوع من موضوعات كتاب السمهودي من نص لابن زبالة .
كما انتهج أسلوبه في عرض مادته ،وتبويب أكثر محتويات مصنفه ، إذ كانت تحت يــد السمهودي نسخــة من كتاب ابن زبالة ينقل منها وقد صرح هو بنفسه بذلك أكثر من مرة([113]) .
ومن مؤرخي المدينة في القرن العاشر الهجري أحمد بن عبد الحميد العباسي وقد جاء بعد السمهودي ، وألف كتابه ( عمدة الأخبار في مدينة المختار ) ، ونقل فيه عـن ابن زبالة تسعــاً وستــين نصاً كامــلاً في مختلف موضوعـات كتابـه ، كما أنه تأثر بمنهجه خاصة وهو يؤرخ لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومساجد المدينة ، وبقاعها ومعالمها([114]) .
أما الإمام قطب الدين النهرواني المتوفى سنة 988هـ فيكاد يكون كتابه
( تاريخ المدينة ) تلخيصاً لما جاء في كتاب ابن زبالة ،كما أنه اقتبس من كتاب أخبار المدينة لابن زبالة أكثر من عشرة نصوص وهو يؤرخ لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفند رواياته([115]) .
كما نقل محمد كبريت ( ت : 1070 هـ) في كتابه ( الجواهر الثمينة في محاسن المدينة ) عن ابن زبالة سبعة عشر نصاً بإسناد غير مباشر([116]) ، وقد تأثر محمد كبريت بمنهجية ابن زبالة في أسلوبه وعرضه لمحتويات كتابه .
وينقل إسماعيل الاسكداري المعروف بالنقشبندي ( ت 1182هـ ) في كتابه ( ترغيب أهل المودة والوفا في سكنى دار الحبيب المصطفى ) عن ابن زبالة أكثر من 10 نصوص كاملة عن ابن زبالة([117]) ، كما يلاحظ مدى التشابه بين موضوعات كتاب النقشبندي وكتاب ابن زبالة .
وأخيرًا نلاحظ تأثير ابن زبالة وكتابه ( أخبار المدينة المنورة ) في عدد من المؤرخين المعاصرين الذين أخذوا عنه ونقلوا كثيراً من نصوصه بإسناد مباشر أو بواسطة ، ونلاحظ أيضاً مدى تأثير منهجية ابن زبالة في كتاباتهم التاريخية عن المدينة .
ومن أمثال هؤلاء المؤرخين : إبراهيم العياشي صاحب كتاب ( المدينة بين الماضي والحاضر) والذي نقل عن ابن زبالة أكثر من تسعين نصاً كاملاً في مختلف مفردات كتابه([118]) . وعبد القدوس الأنصاري الذي ينقل عن ابن زبالة في أكثر من موضع من كتابه ( آثار المدينة المنورة )([119]) .
/
([1]) محمد فتحي عثمان/ المدخل إلى التاريخ الإســلامي، دار النفائس، بيروت، ط 1، 1408هـ ـ 1988 م، ص 144 .
([2]) ومنها :
1 محمد بن مسلم بن عبدالله بن شهاب الزهري : ( ت124ه ) : وكتابه المغازي النبوية، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر، دمشق ، 1401ه - 1981 م .
2 محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي : ( ت151ه ) : وكتابه السير والمغازي، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر، دمشق ، ط1،1398ه - 1978 م .
3 محمد بن عمر بن واقد المعروف بالواقدي: ( ت207 ) : وكتابه المغازي، تحقيق مارسدن جونس، مؤسسة الأعلمي، بيروت ، 1384ه - 1964 م .
4 عبد الملك بن هشام : ( ت218ه ) : السيرة النبوية، تحقيق همام عبد الرحيم، مكتبة المنار، ط1، 1409ه .
([3]) السيد عبد العزيز سالم/ التاريخ والمؤرخون العرب، مؤسسة شباب الجامعة، الأسكندرية، 1387هـ ـ 1967 م، ص 53 ـ 54 .
([4]) ابن حجر العسقلاني : تهذيب التهذيب، دار صادر، بيروت، (د.ت)، ج 6، ص351 .
([5]) ابن شبة : هو أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري، ولد سنة 173ه، وتوفي سنة 262ه، وقد ترجم له ابن النديم في الفهرست، وياقوت في معجم الأدباء، والبغدادي في تاريخ بغداد، وقد أجمع من ترجم له انه ثقة في كل ما يروى، له من المؤلفات أكثر من ثمانية عشر كتاباً لم يعثر على غير واحد وهو كتاب ( تاريخ المدينة ) . أبو زيد عمر بن شبة : تاريخ المدينة ، مصدر سابق ، ج1 ، ص ط .
([6]) عبد الله عبد الرحمن عسيلان / المدينة المنورة في آثار المؤلفين والباحثين قديماً وحديثاً، ط1، 1418هـ ـ 1997م، دار النشر، ص 18 ـ 20 .
([7]) وسأعرض له بالتفصيل في الفقرات التالية .
([8]) ذكره ابن النديم في الفهرست ، دار المعرفة ، بيروت ، ( د . ت ) ، ص 144 ، وقدم السخاوي في التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1414ه - 1993 م ، ج 2 ، ص 556 ، ترجمة طويلة للواقدي اشتملت على رأي المحدثين فيه .
([9]) أشار إليه حمد الجاسر في رسائل في تاريخ المدينة ، منشورات دار اليمامة ، الرياض ، ص 43 ، وذكر أن السمهودي اطلع عليه ولخصه .
([10]) هو أبو عبيده معمر بن المثنى التيمي من تيم قريش وهو مولى لهم ، لما مات لم يحضر جنازته أحد لأنه لم يكن يسلم منه شريف ولا غيره . ولد سنة ( 114هـ ) ، وتوفي سنة (210هـ ) . له كتب كثيرة منها : كتاب المثالب ، وكتاب الأوس والخزرج . ذكره ابن النديم في الفهرست ص 79 .
([11]) ذكره ابن النديم في الفهرست ص 79 ، ولعلة كتاب عام في الحرات وربما تطرق فيه لحرات المدينة .
([12]) هو أبو الحسن على بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف ، ولد في البصرة سنة ( 135ه ) . ثم انتقل إلى المدائن ، ثم إلى بغداد التي توفي فيها سنة ( 225هـ ) .
ألَّف أكثر من تسعٍ وثلاثين ومائتي كتاب من بينها: كتاب عن حرة واقم، وكتاب عن قضاة أهل المدينة . انظر ابن النديم في الفهرست ص 147 ، وبدري محمد فهد : شيخ الأخباريين أبو الحسن المدائني ، مطبعة القضاء ، النجف ، ( د.ت ) ص 39 ، 51 .
([13]) سبق ذكره في الهامش
([14]) ذكرهما ابن النديم في الفهرست ص 147 ضمن كتب المدائني ، غير أن المصادر المتأخرة لم تنقل منها ، وحتى السمهودي لم ينقل منها إلا نصاً واحداً عن وادي قناة . انظر صالح العلي . مرجع سابق ، ص 130 وبدري محمد فهد . مرجع سابق ، ص 47،52 .
([15]) سبق ذكره في الهامش .
([16]) انظر عبد الله عسيلان . مرجع سابق ، ص 127 .
([17]) سبق ذكره في الهامش.
([18]) ذكره ابن النديم في الفهرست ص 163 ، والكتاب يضم ثلاثة أقسام . القسم الأول : عن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة . وتعرض في أثناء ذلك لتاريخها العمراني مما يتصل بمساجدها وأحيائها وقبائلها وأسواقها ومقابرها وعيونها وجبالها . والقسم الثاني : عن حياة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . والقسم الثالث : عن حياة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه . انظر ابن شبة . مصدر سابق ، ص ل ، ع .
([19]) ذكره ابن النـديم في الفهرست ص 163 .
([20]) ذكره ابن النديم في الفهرست ص 160 ، والزبير هو الإمام أبو عبد الله الزبير بن بكار بن