الزكاة واجبة عليك إذا كان عندك مبلغ 726 ريالا تقريبا وحال عليه الحول
قال الشيخ عبد الرحمن بن صالح السديس
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وسلم أما بعد.
فإن الله تعالى فرض على عباده الزكاة ، وجعلها من مباني هذا الدين العظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه .
وقال ربنا تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ }.
وقد جاء الوعيد الشديد على مانعها ، فقال الله تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [34-35] التوبة.
وفي الصحيحين عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: « مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» . الحديثَ.
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ ـ يَعْنِي: بِشِدْقَيْهِ ـ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ » ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }.
والشجاع: ذكر الحيات. والأقرع: الذي تقرَّع رأسه لكثرة سمه. ذكره معناه في فتح الباري.
وإخراج الزكاة واجب على الفور، ولا يجوز تأخيرها بلا عذر.
ويشترط لوجوب الزكاة:
1- مُلك مالٍ يبلغ النصاب، والنصاب، هو : المقدار الذي إذا بلغه المال وجبت فيه الزكاة .
2- حولان الحول على هذا المال، ومعناه: أن يمكث المال عندك سنة كاملة.
وقد حدد الشرع نصاب الأموال كالذهب والفضة وبهيمة الأنعام والزروع ...
فنصاب الذهب عشرون مثقالا، وهي تساوي: 85 جراما تقريبا.
ونصاب الفضة 200 درهم ، وهي تساوي: 595 جراما تقريبا (1).
فإذا حال الحول على مالك؛ فانظر كم يساوي سعر نصاب الذهب ، وهو:
85 × سعر الجرام بالريال = النصاب بالذهب.
مثلا: لو فرضنا أن سعر جرام الذهب 100 ريال، فتكون العملية هكذا :
85 ×100 = فيكون نصاب الذهب: 8500 ريالا.
ثم انظر كم سعر نصاب الفضة ، وهو:
595 × سعر الجرام بالريال = النصاب بالفضة.
ولو فرضنا أن سعر جرام الفضة ريال واحد ، فتكون العملية هكذا :
595 × 1= فيكون نصاب الفضة: 595 ريالا.
ثم اعتمد الأقل منهما؛ لأن الراجح في إخراج نصاب النقود المعاصرة أنه يخرج نصابها بناء على الأقل من نصاب الذهب والفضة؛ لأنه الأحظ لأهل الزكاة، والأبرأ للذمة.
وفي هذه الأزمنة الأقل دائما هو نصاب الفضة = فيكون هو المعتمد.
فإن كان مالُك الذي حال عليه الحول يساوي النصاب أو أكثر = فإنه يجب عليك إخراج ربع العشر منه كما دلت على هذا النصوص والإجماع.
وطريقة إخراج ربع العشر أن تقسم المبلغ على العدد 40 ـ الذي هو ربع العشرـ والناتج هو مقدار الزكاة .
أمثلة :
رجلٌ عنده مبلغ 40000 ألف ريال، وحال عليها الحول، وطبعًا قد بلغت النصاب:
40000 ÷ 40= 1000 فـ1000 ريال هي مقدار الزكاة التي يجب إخراجها.
مثال آخر:
رجل عنده مبلغ 8000 ريال:
8000÷40= 200ريال هي مقدار الزكاة.
مثال آخر:
رجل عنده مبلغ 12680 ريالا:
12680÷40= 317 ريالا.
تنبيه:
سعر جرام الذهب في تاريخ 13/9/1429هـ 92 ريالا تقريبا.
و سعر جرام الفضة في 13/9/1429هـ 22و1 ريالا تقريبا .
وعليه فيكون النصاب الآن هو : 726 ريالا، فمن ملكها وحال عليها الحول = وجب عليه إخراج الزكاة، إلا إن كان عليه دَينٌ فحل قبل مضي الحول فأنقص النصاب .
أخي الكريم: إن أشكل عليك هل تجب عليك الزكاة أو لا ؛ فاسأل أحد المشايخ أو طلبة العلم وأخبره عن وضعك المالي بالتفصيل تجد التوجيه بإذن الله، فالهدف من الموضوع التنبيه على أهمية هذه الفريضة وأنها قد تجب على بعض الناس وهو لا يعلم بذلك.
تنبيه آخر:
تبين لي من كثرة ما أسمع أن بعض الناس يبلغ عندهم النصاب ولا يزكون لعدة سنين جهلا منهم، وظنا أن الزكاة إنما هي على الأثرياء فقط، وربما تجد أحدهم يسب مانعي الزكاة ويلعنهم لبخلهم بها وتضرر الفقراء من ذلك وهو منهم ولا يشعر !
فعلى طلبة العلم وأئمة المساجد تنبيه الناس على هذا، وتفقد من حولهم أداءً للواجب في تبلغ هذا الدين .
وجزى الله خيرا من نشر هذا الموضوع في مواقع أخر لينتفع به الناس .
والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وسلم .
----------------
(1) اختلف العلماء في تقدير وزنها بالجرام، وهذا القول لعله أرجح الأقوال.
وانظر: «فتاوى اللجنة الدائمة» 9/255، و«فتاوى الشيخ ابن باز» 14/80 و«فتاوى الشيخ محمد العثيمين» 18/141، و«الشرح الممتع» له 6/103، و«كتاب الزكاة» للدكتور الطيار ص91، و«نوازل الزكاة» للدكتور عبدالله الغفيلي ص97-101.
* صيد الفوائد
ولكم الشريف محمد الغالبي تحياتي وتقديري