مدير مكتب الآثار بجازان يشكك في تاريخ «المخلاف السليماني»
لم تكن دعوة إعادة كتابة التاريخ التي نادى بها غير قليل من المهتمين بالتاريخ، إلا لقناعة منهم أن كتب التاريخ تحمل في سطورها معلومات تحتاج إلى التوثيق وإعادة النظر بالبحث والدراسة والتنقيب، وما فتئت الدراسات المستمرة والحفريات المتواصلة تقدم معلومات جديدة وافتراضات حديثة تتقاطع مع ما هو سائد ومتعارف عليه، ومسجل في مباحث التاريخ بوصفها حقائق مطمئنة.. بما يؤكد الحاجة إلى إعادة كتابة التاريخ..
ومن هذه النافذة فجر الدكتور فيصل بن علي الطميحي مدير مكتب الآثار بمنطقة جازان قنبلة مدوية وذلك عندما أعلن في حديثه لـ»الأربعاء» بأن المخلاف السليماني الذي كانت تعرف به منطقة جازان سابقا ليس صحيحا نسبته إلى سليمان بن طرف الحكمي بل إلى الأشراف السليمانيين.. حيث استهل الطميحي حديثه بقوله: سأتكلم عن موضوعين الموضوع الأول هو ما يسمى المِخْلاف السليماني، الذي يُزعم انه الاسم القديم الذي كان يطلق على كامل منطقة جازان بحدودها الجغرافية الحالية، حيث تكاد تكون كل الدراسات التاريخية الحديثة التي بحثت في تاريخ منطقة جازان، تذكر أن الاسم القديم للمنطقة، الذي يعرف باسم المخلاف السليماني، هو نسبة إلى من يسمى سليمان بن طرف الحكمي، الذي كان حسب بعض المؤرخين، قائمًا بالأمر في مخلاف حكم، ثم استولى على مخلاف عثر، ووحد بين المخلافين، ومتخذًا من عثر عاصمة جديدة له، ومنه عرف الكيان الجديد باسم المخلاف السليماني، نسبة إلى سليمان هذا، غير أنه ظهرت، في الآونة الأخيرة دراسة اعتمدت على أدلة مادية، تمثلت في بعض المعثورات من النقود الإسلامية، وعلى نصوص تاريخية فريدة، تؤكد وبشكل قاطع لا لبس فيه، أن بني طرف الذين كانوا يتولون الحكم في مخلاف عثر، هم من موالى بني مخزوم القرشيين، ولا ينتمون بأي حال إلى قبيلة حكم، وهو أمر بلا شك، سوف يصطدم معه كثير ممن وقر في أذهانهم أن ابن طرف هو من قبيلة حكم. لكن صاحب تلك الدراسة رجح وبشكل عام، ودونما سوق للأدلة، أن من قام بتوحيد المخلافين، حكم وعثر، في كيان واحد هم الأشراف السليمانيون، وأن اسم المخلاف السليماني هو نسبة إلى هؤلاء، وليس نسبة إلى سليمان بن طرف.
ولقد أتاحت لنا مجموعة من النقود التي ندرسها الفرصة للبحث والتقصي في قصة اسم المخلاف السليماني، كونها تنتمي إلى حاكم تولى مقاليد الحكم في هذا المخلاف، وكون هذا المخلاف يمثل بعضًا من الإطار الجغرافي للبحث، وعليه فإننا وجدنا أن مقتضى الحال يتطلب منا مناقشتها وبحثها، ولا مناص من ذلك، فمن أين أتت هذه التسمية، وهل هي نسبة إلى سليمان بن طرف، أم إلى الأشراف السليمانيين؟
بين رأيين
ويمضي الطميحي في حديثه مضيفًا: هناك رأيان في كتب التاريخ حول هذه التسمية، فرأي يقول وهو الغالب، أنها نسبة إلى سليمان بن طرف، وان اسم المخلاف السليماني منسوب إلى سليمان هذا، ومن أوائل من قال بهذا الأمر هو ابن عبدالمجيد ( المتوفي سنة 743 هـ/ 1342م )، في كتابه تاريخ اليمن، وانتقل هذا الرأي عنه إلى معظم كتابات المؤرخين الذين أعقبوه، وصار هذا الرأي هو الرأي الشائع حتى فترة قريبة من الزمن، وهناك رأي آخر، ولكن لا شيوع له، وهو أن المخلاف السليماني منسوب إلى الأشراف السليمانيين، وهو ما رجحه صاحب الدراسة نايف بن عبدالله الشرعان بعنوان التعدين وسك النقود في الحجاز ونجد وتهامة في العصرين الأموي والعباسي، لكنه، كما ذكرنا، لم يَسُق الدليل على صحة ذلك الترجيح، وهذا الرأي، وللتأكيد، أورده المؤرخ اليمني الجندي (المتوفي سنة 732هـ /1331م)، في كتابه السلوك، ولعلنا من خلال تتبع ظهور هذه التسمية نستطيع أن نقدر أيا من الرأيين هو الأقرب إلى الصواب. حيث إنه لم يظهر معنا طيلة القرون الهجرية، الرابع، والخامس، والسادس، والسابع، اسم المخلاف السليماني في كل ما اطلعنا عليه من مظان، فيما عدا كتاب السمط لابن حاتم ، وما وجدناه في تلك المظان، هو أن المخلاف يظهر معنا باسم مخلاف ابن طرف، ولا شك أن ابن طرف هذا، هو من أسرة بني طرف موالي بني مخزوم حسبما أشرنا إليه قبل قليل.
جذور التسمية
ويتابع الطميحي حديثه لـ»الأربعاء» مضيفًا: إن أول من أورد هذه التسمية، هو عمارة الحكمي ( توفي سنة 569هـ/ 1173م ) في كتابه المفيد، ومن المتعارف عليه أن عمارة قد بدا في تأليف كتابه ذلك سنة 563هـ/ 1167م، بعد ارتحاله إلى مصر، واستقراره بها، والمعلومة التي يوردها عمارة، هو يتحدث فيها عن بلدته، بلدة الزرائب التي ولد فيها، وعن مكانها الواقع، حسب ما يقول عنها، في «مخلاف ابن طرف»، ويعيد عمارة هذا الأمر مرة أخرى، ويؤكده في مكان آخر في كتابه المذكور، حين حديثه عن أحد الشخصيات الواردة في كتابه، وهو الأمير غانم بن يحيى وذاكرًا عنه: «وهو يومئذ مالك مخلاف ابن طرف»، وما عدنا بعد ذلك نجد ذكرا لذلك الاسم طيلة القرن السابع بكامله عند أي من المؤرخين، أما عند غير المؤرخين، فإننا نجد أن الشعر، في هذه المرة، قد أورد اسم مخلاف ابن طرف، وذلك الشعر يعود على اقل تقدير، إما إلى نهايات القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وإما، وهو ما نرجحه، إلى بدايات القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي، فهو شعر منسوب إلى الشاعر منصور بن سحبان الضمدي (المتوفي سنة 725هـ/ 1324م الذي يذكر مخلاف ابن طرف، في واحدة من قصائده التي يهجو فيها احد الشعراء المعاصرين له، وهو الشاعر المسمى الحنديدي (توفي سنة 704هـ/1304م)
ولا يغررك بعدك فالليالي
بما ترجو وما تخشى حبالى
فبعد هجاك مخلاف ابن طرف
فلست لمكة ترجو وصالا
فكما نرى، فان ابن سحبان في بيته الشعري الثاني من بيتيه السابقين، مازال يرسخ وجود مكان باسم مخلاف ابن طرف وليس المخلاف السليماني، على الرغم من مضي زمن طويل على زوال أسرة بني طرف وطالما أن مسمى مخلاف ابن طرف مازال يظهر معنا حتى تلك اللحظة، فعلى ذلك نقول إن ظهور اسم المخلاف فيما بعد باسم المخلاف السليماني، وينسب إلى سليمان ابن طرف بعد مرور تلك السنوات والقرون، أمر لا نعتقد صحته، ولماذا لم يطلق هذا المسمى في ذات الفترة التي كان سليمان بن طرف قائما فيها، وعليه فإن الرأي الذي أورده الجندي في كتابه السلوك، وسبق أن أشرنا إليه من قبل، بان تسمية المخلاف السليماني بهذه التسمية، هي منسوبة إلى الأشراف السليمانيين، وهو في رأينا الرأي الأصوب الذي نميل إلى الأخذ به.
آراء حول المخلاف
ويتساءل الدكتور الطميحي: هل حقا أطلق اسم المخلاف السليماني آنذاك على كامل منطقة جازان، وبما يكاد يتوافق، حسب ما يذكر بعض الباحثين في تاريخ المنطقة، مع الحدود الإدارية الحالية لمنطقة جازان؟
ويمضي في الإجابة على ذلك بقوله: طالما وقد تبين أن الزعم القائل بأن سليمان بن طرف من قبيلة حكم غير صحيح، فبالتالي فإن العملية المزعومة لتوحيد المخلافين، حكم وعثر، في مخلاف واحد من قبل ابن طرف هي أمر أيضا غير صحيح، وذلك لانتفاء الصحة في انتقال ابن طرف من مخلاف حكم إلى مخلاف عثر، وطالما أن ابن طرف كان حاكما لمخلاف عثر، فبالتالي نستطيع القول إن ما صار يعرف فيما بعد باسم مخلاف ابن طرف، هو ذاته المخلاف الذي كان يطلق عليه من قبل مخلاف عثر، وهو في الوقت نفسه، المخلاف الذي صار يعرف فيما بعد الاثنين باسم المخلاف السليماني، بذات الحدود القديمة التي كان عليها من قبل مخلاف عثر، أو مخلاف بيش، وكلا المخلافين واحد، على أساس أن عثر هي ساحل بيش، فبيش يطلق على الامتداد الداخلي للمكان، وعثر تطلق على الساحل، أي عثر الساحلية ، وتلك الحدود إذن، لا تمثل كامل منطقة جازان بحدودها الإدارية الحالية، والأشراف السليمانيون في هذه الحالة، هم حكام مخلاف عثر، أو مخلاف ابن طرف، وليس كامل منطقة جازان، وبهم تغير اسم المخلاف إلى المخلاف السليماني.
ولعلنا نجد الآن شروحات عدة منطقية لبعض المعلومات التي ترد في بعض الكتب المصدرية، وهي معلومات بينة وواضحة، ولا يوجد بها ما يوحي بالتشويش أو الاضطراب، بل هي في واقع الأمر حقيقية وتتفق تمامًا مع السياق الذي أوردناه حول تسمية المخلاف السليماني وحدوده، ونقصد بذلك ذكر بعض النسابة والمؤرخين في كتبهم لتوزيعات السكان من الأشراف الذين نزحوا إلى منطقة جازان وقطنوا بها، ومن أولئك الملك الرسولي الأشرف عمر بن يوسف، الذي ذكرهم وذكر توزيعاتهم، فذكر: الأشراف في المخلاف السليماني، وجازان، وباغتة، والأمراء الذرويين أهل صبيا، والأمراء القاسميين أهل ضمد الأسفل، والأشراف الهضاميين أهل ضمد الأعلى، والشرفاء العلويين أصحاب وساع، وغيرها من المخلاف، والأشراف الحثاثة، أصحاب اللؤلؤة، وأصحاب الحجبية، فتلك إذن، وحسب كلام الملك الأشرف، توزيعات قائمة في كيانات متفرقة في أجزاء عدة من كامل منطقة جازان، ولن يفهم من كلام الملك الأشرف إلا ذلك، وبالتالي فإن المخلاف السليماني في تصورنا، ما هو إلا جزء من المنطقة وليس كل المنطقة.
ويواصل الطميحي حديثه قائلاً: وإذا ما ذهبنا إلى غير ما ذكره الملك الأشرف، فنجد المؤرخ الخزرجي يأتي بما يكاد يتفق مع ما ذكره الملك الأشرف، فهو يورد خبرًا مقتضبًا في كتابه العقود، أثناء حديثه عن حوادث سنة 773هـ/ 1371م، مفاد ذلك الخبر، إن أهل جازان قد قاموا بمخالفة (عصيان) الأمير الرسولي، وانضم إليهم، في تلك المخالفة، أهل المخلاف السليماني ، ورغم اقتضاب الخبر، إلا أننا نفهم منه أن هناك كيانين قائمان آنذاك في منطقة جازان، يختلفان عن بعضهما، الأول هو جازان، والثاني هو المخلاف السليماني. واستمرارا في سوق الأدلة، وإمعانا في تأكيد هذه الحقيقة، نجد أن المؤرخ الأهدل في احد كتبه، عند ذكره توزيعات أشراف المنطقة، نجده يقول عنهم إنهم «خلق كثير، بصبيا، وجازان، والمخلاف، وباغتة، وغيرها» وعلى الرغم من أن المؤرخ الأهدل يورد ذكر لفظة المخلاف مفردة، ودونما إضافة، إلا أننا نرجح أن المقصود بتلك اللفظة هو المخلاف السليماني، ونجد المؤرخ الأهدل في ذات الكتاب، وبعد بضع صفحات عما أورده سابقا، يزيد في التوضيح والتأكيد معا، فهو يذكر: «ومن الأشراف طوائف بالحجاز: مكة، والمدينة، وينبع. وباليمن: بجازان، والمخلاف، وصبيا، وباغتة، وسردد، وسهام، وصنعاء، وصعدة، وحضرموت، وغير ذلك من البلاد لا تكاد تنضبط أنسابهم» ولن يكون المخلاف الذي يذكره المؤرخ الأهدل في نصيه، حسب ترجيحنا، إلا المخلاف السليماني، فاستعاض عن إيراد الاسم كاملا بكلمة المخلاف، لشهرة المكان، كما هو الحال عند ذكرنا مكة، والتي نقصد بها بطبيعة الحال مكة المكرمة، وكذلك الأمر مع المدينة. وورود لفظة المخلاف، أو مكة، أو المدينة لوحدها، جزء يكتفي به عن كل.
وَعَودا إلى ما أشار إليه ابن حاتم، في كتابه السمط، من نص تاريخي مهم للغاية، ويتفق تماما مع طرحنا السابق حول حقيقة المخلاف السليماني، وحقيقة حدوده، فهو في ذلك النص يذكر قائلا: « فوصل - توران شاه بن أيوب - اليمن في سنة تسع وسبعين وخمسمائة، فأول من لقيه من أهل اليمن الأمير قاسم بن غانم السليماني من المخلاف السليـماني، جاءه إلى حرض من موضعه، وكان يسمى أبي تراب» فكما نرى، فإن ابن حاتم قد حدد تماما الموضع الذي قدم منه الأمير قاسم، وذلك التحديد سيجلو الغموض عن صورة، وحقيقة المخلاف السليماني، فالموضع المسمى أبي تراب الوارد في النص، هو اسم مدينة تقع في بيش وبيش وعثر، كما أُشير إليهما سابقا، اسمان لمكان واحد. وسيصير الأمر أكثر جلاء وأكثر وضوحا، عندما نستحضر ما ذكره الإمام الشوكاني (ت 1250هـ /1839م )، أثناء ترجمته للشريف حمود بن محمد الخيراتي (ت 1233هـ/1818م ) قائلا عنه: «.. ثم استقل بولاية أبي عريش وسائر الولاية الراجعة إلى أبي عريش كصبيا وضمد والمخلاف السليماني».
وفي كلام الشوكاني، كما نرى، عن ممتلكات الشريف حمود، توافق تام ليس فقط، مع ما ذكره ابن حاتم، بل مع كل الأدلة التي سقناها حول حقيقة المخلاف السليماني.
وفي رأينا فإن حدود المخلاف الحقيقي، أي المخلاف السليماني، قد تقاصرت إلى أضيق الحدود، إذ صارت تشتمل فقط على شريط ضيق يقع إلى الجهة الشمالية، والشمالية الغربية من صبيا، ويحتوي على قرى قليلة، وهو المكان الذي يعرف في وقتنا الراهن باسم المخلاف إلا أن الاسم، وبطريقة ما، شاع بين الناس بأنه لكامل المنطقة، أي منطقة جازان، وهو ليس كذلك، حسب ما سقناه سابقا.
ويمضي الدكتور فيصل الطميحي في بيان حججه بقوله: حاولنا تقصي بدء شيوع وهم هذه التسمية، ومتى بدأ إطلاقها على كامل المنطقة، لم نستطع التأكد على وجه التحقيق متى بدأ ذلك، وان كنا نرجح أن ذلك كان في القرن الحادي عشر للهجرة/ السابع عشر الميلادي، وذلك من خلال بعض المؤلفات التاريخية التي دونت لتاريخ المنطقة، ولعل أول تلك المؤلفات، « كتاب العقيق اليماني في تاريخ المخلاف السليماني»، لمؤلفه ابن المنطقة المؤرخ علي بن محمد النعمان (المتوفي سنة 1075هـ/1667م) وقد اعتمد المؤرخ النعمان، في تسجيل أحداث كتابه، على نظام الحوليات، تتبع من خلال ذلك أحداثا جرت في كامل منطقة جازان، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وظواهر طبيعية وهو أمر نستطيع من خلاله أن ندرك أن النعمان يتحدث عن المخلاف السليماني باعتبار انه منطقة جازان، وفي ذلك توافق بين عنوان كتابه وبين منطقة جازان، من حيث الحدود الجغرافية، باعتبارهما منطقة واحدة.
حاولنا البحث عمن كتب عن المنطقة قبل النعمان، فلم نجد سوى بعض إشارات وردت في بعض المصادر التاريخية، لاسمَي مؤرخَين من المنطقة، ينتميان إلى القرن العاشر الهجري/ القرن السادس عشر الميلادي، وتذكر تلك المصادر اسمَي مُصَنفين لكل من هذين الاثنين، أما أولهما فهو يحمل عنوان: « الجواهر الحسان في تاريخ أبي عريش وجازان»، لأحمد بن مقبول الأسدي، أما الثاني فهو: «السلاف في تاريخ صبيا والمخلاف» لصالح بن صديق النمازي، لكن المصنفين، للأسف الشديد، لم يظهرا حتى اللحظة، ويعدان في حكم المفقود وبالتالي لا نعرف ما إذا كانت مجريات الأحداث التي دونها الاثنان في كتابيهما، تغطي كامل المنطقة، أو إنهما يدونان لجزء منها، مع ملاحظة أن كتاب الجواهر الحسان، من خلال عنوانه يكاد يتوافق تماما مع كيان سياسي كان قائما في تلك الفترة، يطلق على من كان قائما به لقب «صاحب أبي عريش وجيزان» فهل كان كتاب الجواهر الحسان يدون لذلك الكيان ولصاحبه؟ لا نستبعد ذلك، وإن كان هذا الرأي في تصورنا، يبقى راجحا، حتى يظهر الكتاب إلى حيز الوجود، أما الكتاب الآخر، فهو، كما يظهر من عنوانه، يؤرخ لصبيا والمخلاف، فصبيا معروفة، لكن ما المقصود بالمخلاف؟ هل المقصود به المخلاف السليماني الذي حددناه وبيناه فيما مضى، أو كامل منطقة جازان، أو إنه مجرد عنوان اقتضاه أسلوب السجع؟ ما نرجحه هو الرأي الأول، أي أن المقصود به المخلاف السليماني، كجزء من منطقة جازان وليس كامل المنطقة، ويظل هذا الترجيح بدوره قائما حتى يبرز كتاب السلاف، وسابقه كتاب الجواهر.
وفي ظل ما سقناه، نقول إن المؤرخ النعمان، في كتابه العقيق اليماني، يبقى هو أول من ساق هذا الوهم، المتمثل في إطلاق اسم المخلاف السليماني، في العصر الحديث، على كامل منطقة جازان، حتى صار الاسمان مترادفين، ثم أعقبه سائر المؤرخين والباحثين في كتاباتهم عن المنطقة.
المصدر: صحيفة المدينة الأربعاء 04/04/2012