• ×

معالم الصحيح أن قرن المنازل غير قرن الثعالب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

معالم الصحيح أن قرن المنازل غير قرن الثعالب
والأخيــر جبـل مشــرف على أسفل منى
د. عثمان أبوزيد

حظيت مجلة "الرابطة" وهي تستعد لموسم حج هذا العام بزيارة الشيخ إسحاق بن عبد الملك خياط المدرس المتقاعد ، وهو من الرعيل الأول الذين فضلوا خدمة وطنهم عن طريق العمل بالتربية والتعليم. اعتنى الشيخ إسحاق بتوثيق المواضع التاريخية في مكة المكرمة والتعرف على جغرافية البلد الأمين. وقد انتهزنا فرصة اللقاء به وتوجهنا إليه بالسؤال عن سر العناية والاهتمام بالمواقع والآثار المرتبطة بمكة المكرمة ، فأفادنا مشكوراً بهذه المعلومات القيّمة.
يقول الشيخ إسحاق أن مولده كان عام 1360هـ بمكة المكرمة. نشأ بحارة الباب جوار المسجد الحرام. وتلقى أول تعليمه في مدرسة دار الحديث المكية. من أساتذته الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ. يذكر الشيخ إسحاق أول شيء أثار اهتمامه بهذا الشأن، نقاش عن حفرة عند باب الكعبة بين الحجر وبين الباب، كان يقال لها حفرة التوبة، وكان بعض الناس يجلسون فيها للتسبيح والدعاء، وقال عنها الشيخ عبد الله " ما لها أساس " ، والحفرة سويت بعد ذلك.
عمل الشيخ إسحاق بالتعليم، وبعد حصوله على البكالوريوس من جامعة الملك سعود تم ترفيعه ليعمل مدرساً بجدة، وتنقل بعد ذلك بعدد من المدارس، وعمل مديراً لمعهد إعداد المعلمين بمدينة الخرج بالقرب من العاصمة السعودية.
يذكر الشيخ إسحاق خياط من أساتذته في المرحلة الجامعية، الذين تأثر بهم الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الأنصاري والذي حبب إليه كل ما يتعلق بالتاريخ الإسلامي وتوثيق المواضع والآثار الإسلامية الحقيقية، ويذكر من أساتذته أيضاً الأستاذ الدكتور كامل السيد الباقر.
في أثناء عمله بالتربية والتعليم لاحظ الشيخ إسحاق أن أحد المناهج الدراسية يذكر الميقات المكاني لإحرام أهل نجد " قرن المنازل " على أنه الموضع الذي يقال له قرن الثعالب. أورد المنهج الدراسي ذلك عند شرح حديث البخاري: "عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد، قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ... الحديث".
جاء في شرح المنهج الدراسي: قرن الثعالب هو ميقات أهل نجد، ويقال له قرن المنازل أيضاً، وهو على يوم وليلة من مكة ، ويسمى اليوم السيل الكبير.
وهذا خطأ ابتدأ من زمن قديم ، وأول من توهّم أن قرن المنازل هو قرن الثعالب الأصمعي والقاضي عياض.
يقول الشيخ إسحاق: بدأت التحرّي عن ذلك الخطأ في المصادر المختلفة لبيان الصواب. هناك محققون نبّهوا إليه؛ ومنهم الشيخ محمد صالح بن عثيمين في كتابه الشرح الممتع، ومنهم الأستاذ الدكتور عبد الملك بن دهيش عند تحقيقه كتاب الفاكهي المسمى "أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه"، وخلاصة ما أورده بن دهيش عن موقع قرن الثعالب أنه في منى ويطلق عليه اليوم ربوة منى ويمر على طرفه الغربي الشارع القادم من جسر الملك عبد العزيز. وإلى ذلك أشار العلامة المؤرخ حمد الجاسر، وذكر الدكتور عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز أن قرن الثعالب كان بمنى أكيمة صغيرة ثم أزيلت.
وزيادة على ما قام به المحققون فإن الشيخ إسحاق تصدّى للمطالبة بتصحيح ما ورد في المنهج المدرسي، حتى استجابت جهات الاختصاص بتعديل المقرر الدراسي، وكان قد أعدّ مجموعة من الوثائق والمعينات التعليمية التي توضح هذا الموضع من مشعر منى، سمي بهذا الاسم لأن الثعالب كانت تأوي إليه بعد أن تأكل من لحوم الهدي والأضاحي. والمكان معروف قبل البعثة، ومن الشعر قولهم:
أجارتنا في الحج أيام أنتم ونحن نزول عند قرن الثعالب
والبيت لنصيب بن رباح. وجاء في قصة البعثة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح كل صنم منكساً فأتت الشياطين إبليس فقالت له: ما على الأرض من صنم إلا وصار منكساً ، قال: هذا نبي قد بعث فالتمسوه في قرى الأرياف، فالتمسوه، فقالوا: لم نجده، قال : أنا صاحبه، فخرج يلتمسه ، فنودي: عليك بحبة القلب يعني مكة فالتمسه بها، فوجده عند قرن الثعالب، فخرج إلى الشياطين فقال: قد وجدته معه جبريل عليه السلام ، فما عندكم؟ قالوا: نزين الشهوات في أعين أصحابه، ونحببها إليهم، قال: فلا شيء إذن.
والشيخ إسحاق بن عبد الملك خياط واحد من الذين رجعت إليهم لجنة من العلماء برئاسة الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين اختصت بالنظر الشرعي في توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للمسعى، وأخذت شهادته بأن جبلي الصفا والمروة يمتدان شرقاً بما يزيد عن توسعة الملك عبد الله حفظه الله.
وأخيراً يعبر الشيخ إسحاق عن سعادته أن وزارة التربية والتعليم استجابت لدعوته بتغيير ما جاء في منهج وقفات تربوية من السيرة النبوية، بل إن الوزارة بدأت عملاً طموحاً في تطوير المناهج في الحلقة الثانية ، وأتمت في هذا العام كما تابعنا شوطاً كبيراً في هذا المشروع والعمل على تفعيل ودور المعلم مساعدا ومنظما لعملية التعلم، كما تم تأليف أدلة للمعلمات والمعلمين، وهناك تطوير تم على تنويع أساليب التقويم وأنواعه بحيث يتم استخدام استراتيجيات متعددة للتقويم تستخدم الملاحظة والبطاقات والتركيز على الموقف التعليمي وغيرها من الأساليب التي تتيح الفرصة لتحقيق نظرية التعلم البنائية.



المصدر: موقع الألوكة


بواسطة : hashim
 0  0  4921
التعليقات ( 0 )

-->