التوقيت الزوالي والتوقيت الغروبي
في الستينات الميلادية ، تحولت المملكة من استخدام التوقيت الغروبي إلى التوقيت الزوالي وذلك في عهد الملك فيصل
يرحمه الله ، فقد كانت الساعات في المملكة تظبط حينها وفقا للتوقيت الغروبي الذي يبدأ بموجبه اليوم من لحظة غروب
الشمس ، حيث تظبط الساعات مغرب كل يوم على الساعة الثانية عشره . جاء هذا التحول بعد جدل كبير على
صفحات الصحف السعودية حول ضرورة وحتمية هذا التحول الذي وجد تشجيعا من بعض الدوائر الحكومية
التي تتعامل مع جهات خارجية وفق التوقيت الزوالي ، فكان أن بدأ التحول عن طريق ألإذاعة ، حيث أعلنت
وزارة الإعلام عن موعد تجارب مشروعها الإذاعي الكبير وحددت الساعات التي سيبدأ فيها البث على أساس توقيت
جرينتش زائدا ثلاث ساعات ، وهذا يعني أن التوقيت وضع وفقا لتوقيت المملكة الزوالي ، حدث هذا تقريبا في
عام 1384 من الهجرة الشريفة ، ويذكر من الكتّاب والأدباء الذين تطرقو إلى هذا الموضوع وناضلوا من أجله
الدكتور حمود البدر والاستاذ عمران محمد عمران والمرحوم عبدالكريم الجهيمان وآخرون . ولا شك أن هذا الموضوع
وجد في البداية معارضة شديدة من بعض فعاليات المجتمع الدينية والسياسية والاجتماعية ، ولكن هذه المعارضة لم تثن
المسؤولين عن المضي قدما فيه نظرا للفائدة الكبيرة التي تعود على الدولة والمجتمع من وراء تطبيقه . كانت المملكة هي
تقريبا الدولة الوحيدة التي تستخدم التوقيت الغروبي الذي تشوبه كثير من العيوب عدى عن عدم استخدام الدول الأخرى
له والتي منها على سبيل المثال أن التوقيت الغروبي يعتمد على غروب الشمس وهو موعد يختلف من مكان إلى آخر
بمعدل أربع دقائق لكل خط من خطوط الطول ، كما أن الغروب يخضع للعوامل الجوية في كثير من الأحيان . أما التوقيت
الزوالي وهو التوقيت الذي يبدأ من زوال الشمس وهو التوقيت الأصلي والأساسي للعرب والمسلمين وكانت تحدد
بموجبه مواقيت الصلوات ، فقبل أن توجد الساعات كان ضبط الوقت يعتمد على آلات بدائية وهي عبارة عن شواخص
توضع في مقدمة الجوامع ويحدد الوقت بواسطة الظل الناتج عن زوال الشمس وحركتها ولا يستخدم الغروب إلا في
رمضان عند الإفطار ، بل أننا لو عدنا للتقاويم القديمة لوجدنا أنها وضعت وفق زوال الشمس ، هذه الطريقة هي محاكاة
للمزولة الشمسية والتي كانت تسمى بالرخامة أيضا ، وهي أداة فعالة لضبط التوقيت النهاري ، وتتكون من عدة نقاط
وخطوط رسمت على صفيحة عريضة ثُبّت في وسطها عمود خشبي مستقيم بشكل أفقي يحدد طول ظلها الناتج عن
حركة أشعة الشمس عليها الوقت بدقة استنادا إلى النقاط والخطوط المرسومة على الصفيحه ، وتعتبر المزولة الشمسية
أول ساعة اخترعها الإنسان وقد كتب عنها العالم الخوارزمي وهي تعتمد على الشمس وزاوية انحرافها عن الافق فمبدئها
يعتمد على الزوايا عوضا عن الساعة والدقائق والثواني ويقال أن ابن الشاطر هو من صنعها لضبط وقت الصلاة وسماها
الوسيط ووضعها على مآذن الجامع الأموي . من هنا تظهر أهمية التوقيت الزوالي والذي يعتمد على حركة الشمس
بالنسبة لتحديد الوقت بدقة خاصة اوقات الصلاة ، فصلاة الفجر تبدأ من لحظة طلوع الفجر الصادق وهو أول ضوء
الشمس - غير المباشر إلى قبل طلوع الشمس وصلاة الظهر عند أقصر أقصر ظل خلال النهاروذلك لحظة بلوغ
الشمس أقصى ارتفاع لها ، وصلاة العصر عندما يصبح طول الظل مساوٍ لطول الجسم ، صلاة المغرب بعد مغيب كامل
قرص الشمس تحت الأفق ، وصلاة العشاء عند مغيب الشفق الأحمر . تجدر الإشارة إلى أن العرب قسموا يومهم الغروبي
إلى اثنتي عشرة ساعة للّيل ومثلها للنهار ، كما قسّموا الساعة الواحدة إلى خمس عشرة درجه وقسموا الدرجة إلى أربع
دقائق وهذه هي الساعة الزمانية . أما اليوم في التوقيت الزوالي فيبدأ في الثانية الأولى بعد الساعة الرابعة والعشرين أو
الثانية عشر عشرة ليلا ساعة منتصف الليل كما يطلقون عليها ، ويمتد على مدى أربع وعشرين ساعة ، ولهذا التوقيت
مزايا كثر فهو يوحّد ساعات بدئ العمل في الدولة الواحدة وغيرها من المواعيد والمناسبات ، كما يوحد ساعات الليل
والنهار في البلد الواحد ، ومن مساوئه أنه لا يراعي التوازن بين أيام السنة خلال الفصول المختلفة نظرا لاختلاف شروق
الشمس ، من أجل ذلك طبقت الدول التي تستخدم التوقيت الزوالي ما يعرف بالتوقيت الصيفي الذي تُقدم فيه الساعة
ساعة واحدة ، ولكن هذا النظام لم يؤخذ به في المملكة ، ويقترح بعض الخبراء أن يتم عوضا عنه تقديم ساعات الدوام
والدراسة ساعة واحدة خلال الشتاء .
كتبه لكم : حامد محمد الشريف
القيمة
وجعلها في ميزان حسنات الأعمال