• ×

حساب الجمل عند العرب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

حساب الجمّل عند العرب
لحامد بن محمد الشريف

قال الشاعر المصري ، شاعر ذوي عون ألمرحوم محمود أفندي صفوت الشهير بالساعاتي ، في قصيدته التي يرثي فيها الشريف محمد بن عون ويؤرخ فيها وفاته
بمصراع في أثناء القصيدة ، والتي مطلعها :
دمع همى وله في الخد تخديد ...... ونار حزن لها في القلب أخدود
وحسرة حسرت عن وجه آبدة ...... لذكرها بين أهل الأرض تأبيد
كادت تحطم سكان الحطيم وقد ...... شاب الصفا كدر منها وتنكيد
أودت بطود العلى والمجد صاعقة ..... تفجرت أعينا منها الجلاميد
ويقول في وسطها :
لك البقاء فلا جود تؤرخه ..... مات ابن عون فمات الحمد والجود
ويؤرخ شاعرنا في الشطر الثاني من هذا البيت لوفاة الشريف محمد
بن عون رحمه الله بتاريخ عددي تعبر عنه أحرف الشطر الثاني بما
يفيد أن وفاته كانت في عام 1274 من الهجرة الشريفة . وبذات الطريقة
يؤرخ شاعرنا المرحوم الساعاتي لبناء الخان الذي أنشأه المرحوم الشريف
محمد بن عون في جده والذي حسب القصيدة تم بناؤه في عام 1263 من الهجرة
والتي جاء فيها :
خير البناء الذي عمّت منافعه ..... كلّ البريّة من ناء ومن دان
كالروض قد سجعت ورق الوفود به ..... كأنها طربا تثني على الباني
ألعبدلي الذي شادت عزائمه ..... لآل هاشم شأنا قاهر الشّاني
بتاج دولته الإقبال أرّخه ..... أقام هذا ابن عون ملجأ العاني
ففي هذا الشطر الأخير وضع التاريخ لبناء الخان بالحروف ، وكتب التاريخ
والسير والشعر العربي تزخر بهكذا تأريخ لحوادث مختلفة . وقال في قصيدة
أخرى مؤرخا لأنشاء دار لتدريس علوم القرآن وتحفيظه من قبل سعادة
محمد زكي باشا بمدينة الطائف عام 1277 من الهجرة :
إن كنت ترغب في العلوم وفضلها ..... هذا محل قرائة القرآن
أسرع إليه تنل بفضل محمد ...... فضل الزكي به على القرآن
وبفضل بسم الله في تاريخه ...... إبدأ محب تلاوة القرآن
ففي الشطر الأخير من البيت الثالث أرخ الشاعر لبناء هذه الدار بالحروف
ولكن ما هذه الطريقة الحسابية التي اتبعها شاعرنا وغيره من العرب في
توثيق حوادث معينة وبكل دقة ، هذه الطريقة تسمى حسَابُ الجُمَّل وهي طريقةٌ
حسابية تُوضَع فيها أحرف الهجاء العربية مقابل الأرقام، بمعنى أن يأخذ الحرف
الهجائي القيمة الحسابية للعدد الذي يقابله وفق جدول معلوم ، يسمّى أيضًا حساب
الأبجدية على حروف أبْجَدْ أو الحروف الأبجدية، وهي: أبْجَدْ، هوّز، حطِّي، كَلَمُنْ
سَعْفَص قَرَشَتْ، ثَخَذْ، ضَظَغٌ ، ومجموعها ثمانية وعشرون حرفًا؛ تسعة منها
للآحاد، وتسعة للعشرات، و تسعة للمئات، وحرف للألْف. وهي كالتالي :
أ=1 ، ب=2 ، ج=3 ، د=4 ، ه=5 ، و=6 ، ز=7 ، ح=8 ، ط=9 .
ي=10 ، ك=20 ، ل=30 ، م=40 ، ن=50 ، س=60 ، ع=70 ،
ف=80 ، ص=90 ، ق=100 ، ر=200 ، ش=300 ، ت=400
ث=500 ، خ=600 ، ذ=700 ، ض=800 ، ظ=900 ، غ=1000
والتاريخ الشعري يقوم على إيراد الحدث المؤرخ له ضمن بيت من الشعر أو قِسْم
منه، ويكون غالبًا بعد كلمة أرِّخ أو أحد مشتقاتها، ومثاله قول أحدهم يذكر تاريخ طبع
كتاب المخصَّص في اللّغة لابن سِيْدَه في سنة 1321 هـ:
أقول لمّا انتهى طَبْعًا أؤرِّخُهُ== جاء المخصّص يروي أحسنَ الكَلِم.
وبجمع قِيَم حروف الشطر الثاني من البيت ـ وهو القِسْم الواقع بعد كلمة أؤرخه ـ
نحصل على التاريخ المطلوب، فكلمة (جاء) قيمة حروفها (4)، والهمزة لاقيمة لها،
وكلمة (المخصص) قيمتها (851) وكلمة (يروي) قيمتها (226) وكلمة (أحسن)
قيمتها (119) و(الكلم) قيمتها (121) فيكون المجموع 4 + 851 + 226 + 119
= 1321 وهو التاريخ الذي تمَّ فيه طبع الكتاب. وتجدر الإشارة إلى أن العرب
استخدموا هذه الطريقة في الحساب منذ الجاهلية إلى صدر العصر العباسي ، ثمَّ
انتشر استخدامها في العصور المتأخرة خاصة في العصر المملوكي في ما عرف
بالتاريخ الشعري .

كتبه لكم
حامد محمد الشريف
محرم 1433






[/size]

بواسطة : hashim
 1  0  3549
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    27-03-34 07:28 مساءً dr.mansour :
    ماذا لو جاءت الكلمة الداله على التأريخ في منتصف شطر البيت مثل المثال التالي :
    يبرى الضنا أرّخ بما أطيب .......هذا نعيم الحور والولدان
-->