\" الجمع و الضم لمسألة الشرف من الأم \"
الكاتب / الشريف محمد بن حسين الصمداني الحسني
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين ، و على آله الطيبين ، و أصحابه الغر الميامين . أما بعد :
فبين يديك مختصر في مسألة \" الشرف من الأم \" ، و هو مستل من كتابي \"الجمع والضم لمسألة الشرف من الأم\" [1].
واعلم رحمك الله أن هذه المسألة من ملح العلم و لطائفه ، صنَّفَ فيها العلماء و تبارى فيها الفضلاء ، كيف لا و شريف المسائل لشريف الناس ؟
ما لنا عليك في النَّدي اختيار = كُلُّ ما يمنحُ الشريفُ شريفُ
و مما يظهر أهمية هذه المسألة عدة أمور ، منها :
1- أن تحرير القول فيها يساعد على تمييز و تصحيح أنساب آل البيت ، و هذا من مقاصد الشرع . إذ إن ذلك من جملة العمل بحديث :\" الدين النصيحة \" ، و فيه :\" و لرسوله \" . فمن جملة نصيحة المسلم لرسول الاسلام صلى الله عليه و على آله و سلم أن ينافح عن نسبه و عرضه كما ينافح عن دينه و قوله .
2- أن تحرير حكم المسألة يوضح علاقة المولودين من الأم الشريفة بأحكام آل البيت الفقهية ، و التي تعد من جملة الخصائص ، كتحريم الزكاة ، و استحقاق مصرف الخمس ، و غير ذلك .
3- أن فيها تسليطاً للضوء على جانب من جوانب مسألة \" أولاد البنات هل هم من الذرية أم لا\" ؟! و هي مما تعين على حسن تصور و فهم بعض مسائل الوقف و الوصايا و غيرها من أبواب الفقه .
فهذا المختصر بإذن الله - مما يحتاجه : الفقيه ، و طالب العلم ، و المؤرخ ، و الناسب ، و غيرهم .
و قد عرضته و اختصرته لك ، أيها الفاضل ، في ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : صورة المسألة و زمن ابتداء القول فيها .
المبحث الثاني : الرسائل المصنفة فيها و جوانب تأريخية مهمة فيها .
المبحث الثالث : حكم الشرع فيها .
هذا ، و أسأل الله العلي العظيم أن ينفع به من شاء من العباد ، و أن يكتب لنا به ذخراً يوم التناد ، يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، و الله أعلم و أحكم ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
المبحث الأول : صورة المسألة وتارٍيخ ابتداء القول بها .
صورة \" مسألة الشرف من الأم \" هي :\" من كانت أمه شريفة من ذرية فاطمة رضي الله عنها ، وأبوه ليس كذلك ، فهل يكون الابن شريفاً من آل البيت ، بمعنى أن الشرف يسري إليه نسباً بسبب اتصاله برحم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقال فيه : \" الشريف الحسني أو الحسيني \" ، أم لا؟! \" .
وربما صيغت صورتها بمعنى :\" صدق النسبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم \". فيقال : هل يصدق القول فيمن كانت أمه شريفة فاطمية أنه \" محمدي \" ، كما يصدق ذلك فيمن أبوه شريف أم لا ؟!
ولتحسن صورة المسألة أكثر ، و تقاس على غيرها : \" ينبغي ان تؤخذ المسألة بمعنى أعم من هذا ، فيقال : هل يصدق على رجل من بني هاشم أمه زهرية أنه زهري أم لا ؟ \"[2] .
ومأخذ هذه المسألة أن ولد البنات : هل يصدق عليهم أنهم ولد لجدهم للأم أم لا ؟! و لذلك كانت هذه المسألة شديدة الشبه بمسألة \" كتاب الحبس \" من \" المدونة\" ، و هي : \" إن قال : حبست على ولدي . هل يدخل في ذلك ولد البنات أم لا ؟ و لا خلاف أنه يدخل في ذلك ولد البنين . فالذي ذهب إليه مالك و جميع اصحابه المتقدمين أنهم لا يدخلون ، و ذهب جماعة من أهل العلم أنهم يدخلون \" [3].
وقد صار من الشائع استخدام لفظ \" المُسيَّدين \" على الذين يزعمون أنهم أشراف من أمهاتهم ، ويعتقدون ذلك[4] .
ومن نماذج الأسئلة التي كانت تعرض للمفتين فيها ما يلي :
1. \" رجلٌ أثبت أن أمه التي ولدته شريفة النسب ، فهل يثبت لهذا الرجل شرف النسب من جهة الأم و يحترم بحرمة \" الشرفاء \" ، و يندرج في سلكهم أو لا ؟ و لإن ثبت له ذلك فهل يثبت لذريته كما ثبت له ؟! \"[5].
2. و سئل الفقيه أبومحمد سيدي عبدالله بن السيد أبي عبدالله الشريف عن جوابه في إثبات الشرف من جهة الأم هل يثبت لنفسه خاصة ؟ أم له و لذريته؟\" [6].
3. و قال القاضي أبو إسحاق بن عبد الرفيع ، و هو أحد المفتين في المسألة: \" سألني سائل عن مسألة كتب بها إلي ، و هي : أن رجلاً قال : إن أم أبيه شريفة ، و هو مع ذلك ينسب إلى الشرف ؟! فأجبته عن ذلك \" [7].
هذه المسألة بتلك الصورة و ما يتفرع منها ، حصل فيها خلاف عند المفتين و الفقهاء ، حتى صنف فيها من الكتب والرسائل الشيء الكثير ، وقد تعرض لها الشراح والناقلون لفضائل آل البيت عند إلمامهم بمباحث الشرف ومسائله في كتبهم.
وقت ظهور المسألة و ابتداء القول فيها :
كان من عادة العرب تسمية من كانت أمه أشرف من أبيه بـ:\" المُذرَّع \" ، ومنه قول الفرزدق[8] :
إذا باهلي تحته حنظلية= له ولدٌ منها فذاك المذرَّعُ
وقد ذهب آقا بزرك الطهراني الرافضي في\" طبقات أعلام الشيعة \" إلى أن إطلاق لقب \" الشريف \" على من كانت أمه شريفة لم يظهر إلا في القرن التاسع ! و بما أسلفناه تعلم أن قوله ليس بصحيح [12].
المبحث الثاني : الرسائل المصنفة في المسألة و شواهد تأريخية على أهميتها :
قال ابن عابدين رحمه الله تعالى :\" قد كثر الكلام بين العلماء الأعلام في حكم الشرف من الأمهات في جميع الحالات ، و ألفوا في ذلك رسائل ، و أكثروا فيها المسائل ، \"[13] .
وكانت هذه الرسائل محل تطلاب من الأفاضل و النبلاء في بلاد الشام ، و من ذلك ما ورد في رسالة لجمال الدين القاسمي رحمه الله موجهة لمحمود شكري الآلوسي، يقول فيها: \" .. ، و أما الآن ، فإني أهتم بجمع كتاب في إثبات الشرف من الأمهات[14] ، لأني ظفرتُ بفتاوى للمالكية ، و رسالة لابن سودة من أعلام فاس ، و من الأسف أني لم أظفر بمن تكلم على هذه المسألة بإسهاب من الحنفية و الشافعية، مع أنها شهيرة الذكر ، و يشير كثير من العلماء إلى قصص مع الخلفاء في هذا الباب إلا أن المواد مفقودة .
و قد مكثت من أيام مع صديقنا مفتي الحنفية بدمشق قريباً من ساعتين أراجع معه مطولات كتب مذهبه ، فلم نعثر على من بسط ذلك ، و لا من أسهب ، ثم رأيت من عزا الفتوى بها للشرنبلالي ، فبقيت انتظر مراجعة رسائله ، و هي موجودة عند المفتي[15] .
و أظن شرفاء الإمامية يعنون بهذا البحث[16] ، فقد قرأت في بعلبك بعد العيد عند السيد جواد عالم الإمامية ثمَّة في \" شرح اللمعة الدمشقية \" قول المرتضى في اعتماده ذلك ، و لعلَّ له تأليفاً فيه[17] .
وبالجملة ، فعسى مولاي أن يتحفني بما يقف عليه ، و يأمر أحد تلامذته بكتابة ما يمكن نقله ، فإني في تشوف ليتمم الرسالة حيث موادها كملت ، و لم يبق إلا تبييضها ، و يكون ذلك من عظيم أياديه عندنا ، و الله يحفظه و يبقيه لنا سنداً و ذخراً ، \" . أهـ. كلامه رحمه الله تعالى [18] .
و من هذه الرسائل و الفتاوى :
1. \" جزء في إثبات الشرف من قبل الأم \" ، ألفه محمد بن أحمد بن محمد ابن مرزوق ، أبو عبدالله العجيسي التلمساني المالكي الشهير بحفيد ابن مرزوق، و قد يختصر بـ:\" ابن مرزوق \" [19].
2. \" إسماع الصم في إثبات الشرف من قبل الأم \" ، ألفه أحد المالكية ، وهو محمد بن عبدالرحمن أبو عبدالله بن أبي زيد المراكشي القسنطيني المغربي المالكي الضرير ولد سنة 739هـ [20]. قال السخاوي رحمه الله تعالى :\" و رأيت له عند البدر ابن عبدالوارث المالكي مصنفاً ابتدأه في ذي القعدة سنة إحدى و ثمانمائة ، سماه :\" إسماع الصم في إثبات الشرف من قبل الأم \" [21] .
3. \"النقول المنيفة في حكم شرف ولد الشريفة \" ، لابن بيري ، مفتي مكة ، مـات سنة 1099 هـ [22] .
4. \" الفوز والغنم في مسألة الشرف من الأم \" ، ألفه العلامة خير الدين أحمد بن محمد الرملي الفاروقي الحنفي ، صاحب \" نزهة النواظر على الأشباه و النظائر \" لابن نجيم ، و\" الفتاوى الخيرية \" ، و غيرها من الحواشي و الرسائل [23]. قال ابن عابدين في تلخيص ما جاء فيها[24] :\" ، و رسالته من أشرفها و أسماها ، و قد سماها \" الفوز و الغنم في الشرف من الأم \" ، و جزم بعدم حصوله على احكام القرشيين لتصريح الفقهاء بأن الولد يتبع أباه بيقين ، مستدلين بقوله تعالى :\" و على المولود له رزقهن \" ، فالزوجة تلد الولد للزوج ، و لا ينسب إليها ، و إنما ينسب إليه ، و مؤنته عليه ، و حكمة النسبة أن تخلق العظم و العصب و العروق من مائه و الحسن و الجمال و السمن و الهزال مما يزول و لا يبقى كالأصول من مائها ، .. \" .
5. \" تحفة الوارد في اختصاص الشرف من قبل الوالد \" لقاضي قسنطينة أبوالعباس أحمد بن حنين القسطيني الشهير بـ:\" ابن قنفذ \" ، و \" ابن الخطيب \"، مولده في حوالي سنة 740هـ ، ومات سنة 810 هـ [25].
6. وللشيخ العلامة ابن سودة :\" رفع اللبس والشبهات عن ثبوت الشرف من قبل الأمهات \" ، طبع سنة 1321 في مصر ، يقع في 114 صفحة [26].
7. وللشيخ عمر آغا الحنفي (مات 1077هـ ) رسالة بعنوان :\" الإتحاف في نسبة آل الأشراف \"، مخطوطة في (20ورقة ) [27].
8. و للشيخ يوسف أفندي الحنفي : رسالة في أن الولد يتبع الأب في النسب . تقع في صفحتين .
9. تقييدات على مسألة الشرف من قبل الأم [28]. لمجهول .
10. وللشيخ إسماعيل أفندي الشهيربالتآئب:رسالة في دعوى الشرف من جهة الأم .
11. شرف الأسباط ، للقاسمي .
جوانب تأريخية مهمة حول المسألة :
بلغ من تأثير هذه المسألة أن يصل الأمر ببعضهم إلى أن يترك نسبته الثابتة بأصرح نسب ، ليتعلق بالشرف من جهة النساء ، فإذا انتسب قال :\" الشريف الحسني \" ، أو :\" الشريف الحسيني \" ، ويترك :\" الأنصاري \" أو:\" القرشي \" ، بل قد وجد في ترجمة بعضهم أنه : ترك نسبه :\" الجعفري الطالبي \" الثابت وتعلق بـ :\" الحسيني \" بسبب تخلل النساء من ذلك البيت الشريف في عموده .
قال ابن حميد الحنبلي في \" السحب الوابلة \" عند ذكره لترجمة محمد بن عبدالقادر الجعفري المقدسي النابلسي ( 791هـ - 886هـ) ، وقد التقى ببعض ذرية المترجم في القرن الثالث عشر ، فقال : \" أقول : بقية هذا البيت إلى الآن في مدينة نابلس ، ويعرفون بـ\" دار هاشم \" نسبة لجدهم هاشم الآتي ، وهم من أهل الثروة والجاه ، وينتسبون سادة ، ونقابة الأشراف في بيتهم لاتخرج عنهم . ولما اجتمعت ببعضهم بينت لهم نسبهم من \" الدرر \" و \" الضوء \" وغيرهما : أنهم جعافرة لا علويون ، والآن صارت السيادة لاتطلق إلا على العلويين ، فأقروا بذلك ، وقالوا : هذا الواقع ؛ ولكن لنا نسب متصل بالسيادة من جهة الأمهات ، والشرف يثبت بذلك عند بعض الأئمة . فقلت : هذا قول ضعيف ، وما كان ينبغي لكم أن تهجروا هذا النسب الطاهر الجعفري المتحقق بالاجماع ، وتتمسكوا بما فيه خلاف ، والحال أن نسبكم فائق في الشرف ؛ فسكتوا ، وكلهم حنابلة \" أهـ[29].
و ممن نسب للشرف من جهة أمه : أحمد بن أحمد الفاسي البريسي الشهير بـ:\" ابن زروق \"[30] المتوفى سنة 899هـ ، مع أنه قال عن نسب والدته كما في \" الكناش \": \" أنه لم يتحقق نسبها لموت والده \" [31].
وفي ترجمة \" اسماعيل بن عبدالكريم الجراعي النابلسي الحنبلي \" يقال :\" الحسيني\"، لأن أمه شريفة من آل البيت النبوي [32]. وفي ترجمة محمد بن عمر العرضي الحلبي في \" خلاصة الأثر \" : قوله :\" وكان له سيادة من جهة أمه \" [33]. وفي ترجمة \"القاضي عبدالوهاب بن عبدالرحمن الدمشقي الحنفي التاجي \" في \" خلاصة الأثر \" [34] : ادعاءه للشرف بسبب أن أمه شريفة ، فوضع العلامة الخضراء على عمامته ، وتزيى بها ؛ فقال فيه أبو المعالي درويش محمد الطالوي :
طـافتْ يهوديةٌ بالبيتِ ، قلتُ لهـا حويتِ إسلاماً وكفراً نرى عجبا
فاستضحكتْ ثم قالتْ كالذبيحِ يُرى مُشَرَّفاً وهو من عِجْلٍ إذا انتسبا .[35]
وفي \" تاريخ الجبرتي \" : \" ومات الشيخ الامام العلامة الهمام أوحد أهل زمانه علماً وعملاً محمد بن سالم الحفاوي الشافعي الخلوتي ، وهو شريف حسيني من جهة أم أبيه ، وهي السيدة \" ترك\" ابنة السيد سالم بن محمد بن علي بن عبدالكريم بن السيد برطع المدفون ببركة الحاج ، وينتهي نسبه إلى الحسين رضي الله عنه\"[36].
وفيه أيضاً : \" ومات الشيخ العلامة والنحرير الفهامة السيد أحمد بن محمد بن اسماعيل من ذرية السيد محمد الدوقاطي الطهطاوي الحنفي ، والده روميٌ حضر إلى أرض مصر متقلداً القضاء بطهطا بلدة بالقرب من أسيوط بالصعيد الأدنى ، فتزوج بامرأة شريفة ، فولد له منها المترجم ، وأخوه السيد إسماعيل \" [37] .
وإذا استنكر بعض الناس النسب الشريف المدعى من بعض الناس الذين لايعرف فيهم شرف النسب ، قام ذلك المدعي وحلف بالأيمان المغلظة أن نسبته للشرف صحيحة ما تخللتها نساء [38] . قال الكتاني عند ذكره لمحدث الشام أحمد بن عبيد العطار الدمشقي الشافعي ، : \" قال عنه الحافظ ابن عبدالسلام الناصري :\" وسألته أترفع نسبك لصحابي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا قد توهمتُ فيه الشرفَ المصطفوي ؟! فقال العطار رحمه الله تعالى :\" لا يرفعُ نسبَه إلاّ مَنْ تقدم في آبائه علم ، وأنا لم يتقدم في آبائي علم \" . فازددتُ بكلامه هذا محبة لما لاح عليه من الصدق ، ومراقبة الله \" انتهى . ثمّ قال الكتاني رحمه الله :\" وانظره ، مع ما نقله الشيخ محي الدين العطار في ثبت والده نقلاً عن عمه الشيخ حامد العطار أنه جلس على ركبته ، وحلف بالله العظيم أنّ نسبتنا الى النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الذكور صحيحة ، ما تخللتها نساء ، وقال : حلفت كما حلف والدي ! \" .انتهى. يعني بوالده المترجم \" انتهى[39] .
و إذا خفي وجه عمود المرء المنتسب للشرف ، فإن من ضمن إجابات المترجمين له الإحالة على هذه المسألة ، و إن كان هذا ليس مطرداً . و لهذا لما أثير الكلام حول عمود نسب العلامة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى كان من ضمن إجابات الشيخ محمد بهجة البيطار أن قال :\" والدة رشيد رضا شريفة من أهل \" القلمون \"[40] ، بالإضافة إلى أن الشرف من جهة الأم كالشرف من جهة الأب سواءٌ ، و الأسباط في شرف النسب كالأحفاد \" [41].
وتطالعنا سجلات \" محاكم دمشق \" بأسماء أسر في القرون المتأخرة اكتسبت الشرف و انتسبت إليه بسبب مسألة \" الشرف من الأم \" [42].
ومن نفوذ المسألة و صيالها على قاعدة النسب أن كثيراً ممن يثبت النسب من جهتها ، يدبج ذلك على مشجرات الأنساب و أعمدة الناس ، و يظل هذا لذريته من بعده ، تستند عليه ، و تركن إليه . قال عبدالغني النابلسي - لما اجتاز ببيروت ، و لقي نقيبها - في رحلته للحج المسماة بـ\" الحقيقة و المجاز في الرحلة إلى بلاد الشام و مصر و الحجاز \" ما نصه :\" و أطلعنا أيضاً على نسبه الكريم ، نسب الشرف له عن آبائه و أجداده ، و ذلك من جهة الأم ، فرأيناه نسباً عجيباً ، عليه خطوط العلماء و الصالحين و الأشراف المعتبرين ، و رأينا عليه بخط المرحوم الوالد الشيخ إسماعيل النابلسي المتقدم ذكر ترجمته ، و ذلك ما نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه اجمعين . ذكر النسفي في المدارك تفسير القران العزيز في سورة الأنعام عند قوله تعالى :\" و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس كل من الصالحين \" ، و ذكر عيسى معهم دليل على أن النسب يثبت من قبل الأم أيضاً ، لأنه جعله من ذرية نوح عليه السلام ، و هو لا يتصل به إلا بالأم . و بذا أجيب الحجاج حين أنكر أن تكون بنو فاطمة رضي الله عنها أولاد النبي صلى الله عليه و سلم . انتهى . و في البيضاوي ، و مثله في تفسير المرحوم أبي السعود المفتي : \" و هو ابن مريم ، و في ذكره دليل على أن الذرية تتناول أولاد البنت \" ، و أجاب المرحوم شيخ الاسلام أبو السعود حين سئل عن ثبوت النسب من جهة الأم بأنه صحيح أم لا ؟ بقوله : نعم ، ثبوت النسب من جهة الأم صحيح ، معتد به ، واجب ثبوته شرعاً و عرفاً ، فإن ثبت شرف امرأة ، كان أولادها لبطنها ذكوراً و إناثاً شرفاء ، مع قطع النظر عن آباءهم ، حتى و لو كانوا أرقاء ، لا يضرهم ذلك ، و لا يمنعهم من ثبوت سيادتهم من جهتها ، و يميزون على غيرهم ممن لا شرف له بوضع العلامة ، خوفاً من انتقاصهم و عدم احترامهم بين العامة ، فمن كانت أمه شريفة ، يثبت الشرف له و لأولاده ، و نسله و عقبه ، و انتظم في سلك الأشراف ، و الأدلة في ذلك كثيرة ، يضيق عنها المقام ، و تنبغي الإشارة إلى بعضها ، و هو أن جميع الأشراف الموجودين الآن في مشارق الأرض و مغاربها إنما يثبت لهم الشرف من فاطمة الزهراء رضي الله عنها أم السيدين الجليلين الحسن و الحسين ابني الإمام علي رضي الله عنهم ، و إلا لكان أولاده من غيرها كمحمد ابن الحنفية شرفاء ، و ليس كذلك ، حتى أن بعض علمائنا جعل ذلك قياساً منطقياً مركباً من صغرى و كبرى من عشرة أوجه ، فأما كبراه ، فلم تحتج إلى بيان ، و تحرير كون مقدمتي القياس يقينية : أن الولد بضعة من أمه ، يثبت له ما يثبت لها ، و كذا حكمنا بشرف الحسنين رضي الله عنهما ، و قد أفردت المسألة بالتأليف ، و حظيت بالتصنيف . و في هذا القدر كفاية ، و الله تعالى ولي الهداية . انتهى . فكتبنا نحن أيضاً على ذلك، بعد الطلب هذه الأبيات : \" . أهـ [43].
ومن أسباب الحرص على الانتساب للشرف من قبل الأم في القرون الماضية: الحرص على تخفيف المغارم السلطانية و الديون الخراجية التي تضرب على القرى وأهلها ، فإن من انتسب للشرف يعفى من هذه الكلف في عهد الدولة العثمانية. و لهذا قال العلامة الشيخ خير الدين أحمد بن محمد الرملي الحنفي - من أهل الرملة بفلسطين الأسيرة - :\" و قد كثر في زماننا ، و فحش في كل البلاد ، و لُزِمَ اختلاط الأطراف بالأشراف ،حتى رأينا في بلدتنا كثير ، فمن يضع العلامة بسبب تزوج أبيه قرشية لكثرة ماله أو جاهه عند الحكام ، فلا يفرق بينه و بين من كان متأصلاً عريقاً في النسب ، فترفع عنه بسبب ذلك التكاليف العرفية و الغرامات السلطانية ، و تطرح على غيره زيادة على ما عليه ، لئلا تنقص عما هو المطلوب ، فاشتدَّ اجتهاد الناس في تحصيل ذلك ، بصرف الأموال فيه ، و الاجتهاد في تحصيله من كل أحد ، لما ينتج من المعافات و الراحات ، و طرح غراماته على أهل بلده و جيرانه و مساويه من إخوانه ، فغرم ضعف الغارمين ، و سلامته من كان في جملة المكلفين ، و وقع الضرر والضرار ، و تأذى بذلك الأخ المسلم ، و الغريب ، و الجار . فلولي الأمر أيده الله تعالى النظر في ذلك \" [44].
ولما رأى الرافضة الحال كذلك عند الجهال ، صنفت آياتهم الشيطانية رسائل في هذه المسألة ، فادعى خلق كثير منهم للنسب الشريف عبر هذه المسألة، كما كان حالهم في غيرها من المسائل .
فمن رسائلهم في المسألة و هي متأخرة التصنيف عن أهل السنة - :
1. كتاب \" الإشراف على سيادة الأشراف \" لحسين بن الحسن بن أبي جعفر محمد الموسوي الكركي ابن بنت محقق مذهبهم الكركي . توفي بأردبيل سنة 1001 . أوله :\" الحمد لله الذي رفع آل هاشم و آل عبدمناف على جميع الأعاظم و الأشراف \" إلى قوله :\" فهذه جملة كافلة بالإشراف على سيادة الأشراف ، و ضعتها للانتصاف ممن عدل عن جادة العدل و الانصاف \" ، ألفه باسم الوزير المير شجاع الدين الحيدري الصفوي . قال في \" الذريعة \" عن هذا الوزير :\" لعله كان من وزراء الشاه طهماسب الصفوي ، كما استظهره في \" الرياض \" . ثم قال عن ذلك الكتاب :\"بسط الكلام في أوله في تحقيق معنى السيد و السيادة ثم إثبات أن الشرفاء المنتسبين إلى فاطمة سلام الله عليها بالأم كلهم من السادة ، \" . أهـ[45] . و نقل الخوانساري أيضاً في \" روضات الجنات \" عن هذا الكتاب قوله:\" الطريق الثاني : الهاشمي من كان أبوه الأعلى هاشمياً ، و الأب للأم أبٌ ، لتحقق معنى الأبوة فيه ، و لأن الأب الأعلى ينقسم إلى كل من الأبوي و الأمي ضرورة أن آدم أبو عيسى ، و أن النبي صلى الله عليه و سلم أبو الحسنين ، و لا مانع يتوهم سوى توسط الأم ، و ليس بمانع قطعاً بل تأثيرها في التولد أشد لانخلاقه في رحمها ، و حصول التغذية والتنمية له فيه ، و يشهد له العادة بإمكان تولد الولد من الأم من غير أب كما في عيسى ، و انتفاء العكس . و يؤيده ما ذكره العالم ميثم البحراني في بيان قول باب مدينة العلم عليه السلام \" و لا تكونوا كالمتكبر على ابن أمه من غير ما فضل \" : و إنما قال ابن أمه دون أبيه ، لأن الوالد الحق هو الأم ، و أما الأب ، فلم يصدر عنه غير النطفة التي ليست بولد بل جزءاً مادياً له ، و لهذا قيل : ولد الحلال أشبه الناس بالخال !! و إذا كان الرضاع على ما صح عنه يغير الطباع بعد الولادة و الانفصال فكيف بما قبله عند الاتصال ، يؤيد ذلك ما رواه الغر المحدث عنه صلى الله عليه و سلم : كل قوم فعصبتهم لأبيهم إلا أولاد فاطمة عليها السلام ، فإني أنا عصبتهم و أنا أبوهم . فانظر إلى أنه عليه السلام حكم بأنه عصبتهم ، و العصبة هم الأقارب المذكور من جهة الأب ، خصص جهة العصبة بالأبوة . انتهى كلامه . \" أهـ[46] .
2. رسالة في كون المنتسب بالأم إلى هاشم من السادة . لمير محمد بن باقر الاسترابادي الشهير بالداماد . مات سنة 1041 . قال في \" لؤلؤة البحرين \" عن هذه الرسالة :\" و هي جيدة ، موافقة لما اخترناه في المسألة المذكورة \"[47] .
3. \" رسالة في فضل الفاطميين و كون المنتسب إليها بالأم منهم \" ، لإسماعيل بن محمد المازندراني المشهور بالخاجوئي ، مات سنة 1173 [48].
4. رسالة في المنتسب إلى هاشم من طرف الأم . للميرزا حيدر علي الأماسي . قال في \" الذريعة \" :\" ألفها سنة 1205 \" [49].
و اما انتشار أثر هذه المسألة عند الرافضة فلا يحصيه إلا الله تعالى .
فقد ورد في \" رجال المماقاني \" : أن العجم يقولون : \" ميرزا \" لمن أمه علوية [50]. و هذا يدل على أن الشرف المتحصل من هذه الألقاب عند القوم إنما هو أثرٌ من آثار مسألة \" الشرف من الأم \" ، و لهذا قيل في \" الشيخ عبدالرحيم \" من أسرة \" آل شهريار \" أنه شريف لأن أمه علوية بنت خادم الروضة الحيدرية [51]. و نُسِبَ : أحمد شريف الأنصاري إلى :\" الحسينية \" بسبب أن أمه حسينية فيما يقولون . قال آغا بزرك الطهراني :\" ، و ذكر في آخره أن أمه بنت شرف الدين حسن الحسيني ،.. ، فيظهر أن النسبة إلى الحسيني إنما هي من طرف أمه ، و لذا وصفه بـ:\" شريف \" ، و ليس هو من السادة من طرف الأب . \" أهـ [52]. و قيل أيضاً في : محمد شريف بن فلاح الكاظمي النجفي ( مات قبل 1191 ) أنه :\" السيد الشريف \" ، كما في كتاب ( تتميم الأمل ص179 ) . و ردَّ بزرك الطهراني الرافضي على هذه الدعوى بقوله :\" ، و ما يرى في\" التتميم \" من توصيفه بالسيد الشريف إنما هو من طرف الأمهات ، أو من باب أنه سيد الشعراء ! مثل السيد إسماعيل الحميري ، \" أهـ[53] . فاعجب لهذا الشرف المدعى إذا كان يثبت بهذه الوجوه الباطلة ، فلهم و الحال هذه أن يطيلوا عمائمهم كما شاءوا ، و يختاروا لها ما شاءوا من الألوان ، فما تحتها إلا سراب بقيعة يحسبه الظمئان ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً .
بل إن بعض الأسر الغير علوية تتحصل على لقب \" الشريف \" دون نسب أدنى صلة لها بالشرف ، فتتحصل عليه بسبب مصاهرة من ينتسب للشرف من الرافضة ، كما في بيت \" الشريف \" الذين صاهروا الخاتون آبادية المنتسبين للأفطس ، و هم بيت صغير لا يعرف منه أحد اليوم في \" النجف \" ، فقد تحصلوا على هذا اللقب ، و أصبحوا يخاطبون به بسبب أن أحد أجدادهم ، وهو \" آغا عبدالرحيم \" كان يطلق عليه \" الشريف الكبير \" ، بسبب أن أمه علوية أفطسية !! و لهذا السبب عقدت لهم ترجمة في \" مشجرة السادة الخاتون آبادية \" التي ألفت سنة 1139 [54] .
ما تقدم من شواهد و أمثلة يدل على ضرورة العناية و الاهتمام بنسب آل البيت، و وجوب حياطته من الكذابين الخراصين . و لهذا عقدنا المبحث الثالث لبيان حكم المسألة من جهة الشرع المطهر بعد أن رأينا أثرها في الواقع .
المبحث الثالث : أصل المسألة من جهة الشرع :
إذا نظرت إلى أصل الشرع وقانون الفقه في أصل هذه المسألة ، تجد أن القاعدة عند الفقهاء : \" أن المولود يتبع أحد والديه في شيء دون شيء \" ، ومن صور ذلك :\"
1- النسب : يتبع فيه المولود أباه .
2- الدين : يتبع المولود فيه خيرهما ديناً .
3- الحرية والرق : يتبع فيه الأم .
4- السبي : يتبع فيه سابيه في الاسلام ، إذا سبي وحده . \" [55] .
وتلك القاعدة محكمة لها أدلة كثيرة في الشرع ، خاصة مسألة النسب منها ، فإنه لايعرف خلاف عند الفقهاء أن الابن يتبع أباه في النسب ، إلا في مسألَتيْ المرأة الزانية والملاعنة ، فإنَّ الولد يُنسبُ إليهما ، و على هذا جادة كتب المذاهب الفقهية المشهورة .
و أصل ذلك من الكتاب و السنة و الإجماع .
أما الكتاب فمن محكمه في أصل هذه المسألة قوله تعالى :\" ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله \" ( الأحزاب : آية رقم5) . و قوله تعالى :\" و على المولود له رزقهن\" .
و أما السنة النبوية فأدلتها كثيرة في هذا الشأن . منها حديث :\" ملعون من انتسب إلى غير أبيه .. \" . و حديث :\" ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله ، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار \" رواه البخاري . و حديث :\" من انتسب إلى غير أبيه و هو يعلمه فالجنة عليه حرام \" رواه مسلم . و غير ذلك من محكم الحديث النبوي .
و أما الإجماع على تبعية الابن لأبيه في حمل النسب ، فقد حكاه غير واحد. منهم :
1 - ابن عبدالسلام المالكي [56] .
2 - و ابن مفلح الحنبلي [57] .
وقال خير الدين الرملي الحنفي :\" قد استفاض النقل بأن النسب للآباء دون الأمهات بحيث يُعْجِز نقله الكتبة ، و إن أجهدوا أنفسهم ! \" أهـ.
بل نقل الإمام العلامة ابن القيم اتفاق المسلمين على ذلك ، فقال : \" اتفق المسلمون على أن النسب للأب ، كما اتفقوا على أنه يتبع الأم في الحرية و الرق ، و هذا هو الذي تقتضيه حكمة الله شرعاً و قدراً ؛ فإن الأب هو المولود له، و الأم وعاء و إن تكون فيها ، و الله سبحانه جعل الولد خليفة أبيه و شجنته، و القائم مقامه ، و وضع الأنساب بين عباده ، فيقال : فلان ابن فلان ، و لا تتم مصالحهم و تعارفهم و معاملاتهم إلا بذلك ، كما قال تعالى :\" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا \" ، فلولا ثبوت الأنساب من قبل الآباء لما حصل التعارف ، و لفسد نظام العباد ، فإن النساء محتجبات مستورات عن العيون ، فلا يمكن في الغالب أن تعرف عين الأم ، فيشهد على نسب الولد منها ، فلو جعلت الأنساب للأمهات لضاعت و فسدت، و كان ذلك مناقضاً للحكمة و الرحمة و المصلحة ، و لهذا إنما يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم . قال البخاري في صحيحه : باب يدعى الناس بآبائهم يوم القيامة ، ثم ذكر حديث :\" لكل غادر لواء يوم القيامة عند إسته بقدر غدرته ، يقال : هذه غدرة فلان ابن فلان \" .
فكان من تمام الحكمة أن جعل الحرية و الرق تبعاً للأم ، و النسب تبعاً للأب \" أهـ [58].
وقال ابن مفلح :\" و تبعية النسب للأب ( ع ) ما لم ينتف منه ، كابن ملاعنة، فولدُ قرشي من غير قرشية : قرشيٌ ، لا عكسه . و تبعية حرية و رق لأم (ع) إلا من عذرللعيب أو غرور ، و يتبع خيرهما ديناً . وقاله شيخنا.\" أهـ[59].
وقال ابن القيم رحمة الله عليه أيضاً :\" فإن النسب في الأصل للأب ، فإذا انقطع من جهته صار للأم ، كما أن الولآء في الأصل لمعتق الأب ، فإذا كان الأب رقيقاً ، كان لمعتق الأم . فلو أعتق الأب بعد هذا ، انجر الولآء من موالي الأم إليه ، ورجع إلى أصله ، وهو نظير ما إذا كذّب الملاعن نفسه ، واستلحق الولد ، رجع النسب والتعصيب من الأم وعصبتها إليه ، فهذا محض القياس وموجب الأحاديث والآثار ، وهو مذهب حبر الأمة وعالمها عبدالله بن مسعود ، ومذهب إمامي أهل الأرض في زمانهما ، أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، وعليه يدل القران بألطف إيماء وأحسنه ، فإن الله سبحانه جعل عيسى من ذرية ابراهيم بواسطة مريم أمه، وهي من صميم ذرية ابراهيم \" أهـ [60].
ومن المسلَّم به عند الفقهاء أن النسب لا يقبل النقل ، و لهذا قالوا: \" النسب لا يقبل النقل \"[61]. و قال ابن بطال :\" أجمع العلماء على أنه لا يجوز تحويل النسب \"[62]. و قال القرطبي - عن حديث \" نهى عن بيع الولاء \" : \" و وجه الدلالة : أنه أمرٌ وجودي ، لا يتأتى الانفكاك عنه كالنسب ، فكما لا تنتقل الأبوة و الجدودة ، فكذلك لا ينتقل الولاء \" [63] .
وتصوير المسألة بذلك الشكل المتقدم ، و إثبات الشرف و النسب من خلالها بإطلاق ، يعارض هذه المسلمة المقررة في كلام الفقهاء .
وإذا كان الأمر كذلك عند الفقهاء ، فما هي حجة من قال باستثناء ولد الشريفة ، وهل عنده ما يقاوم تلك الأدلة المحكمة والقواعد المستقرة في الشرع أم لا؟
قبل الإجابة عن ذلك ، ينبغي التفريق بين مسألتين قد تختلط على البعض وهي: مسألة حمل عمود النسب ، ومسألة الدخول في الذرية والنسل والعقب ، فإن بينهما عموما وخصوصا وجهي ، ومن لم يفرق بينهما لايطرد له قول . ولهذا يتجاذب أصل هذه المسألة عدة أبواب وفروع فقهية ، مثل مسآئل : الوقف والوصية للأولاد ، وأولاد الأولاد : هل يدخل فيهم أولاد البنات أم لا ؟ وهي مسألة مشهورة عند الفقهاء ، وأرباب الفتوى ، لايكاد أن يخلو كتاب فقه من الاشارة إليها .
وكثير من الأدلة التي قد يسوقها بعضهم للانتصار للشرف من الأم وثبوته ، لايوجد كبير فآئدة من مناقشتها وتتبعها ، لأنها ليست من صُلَبِ الأدلة ، وهي غير صريحة في المسألة ، فهي أدلة تثبت شيئاً من الشرف و المتات ، والصلة والرحم ؛ والنسبُ شيءٌ ورآء ذلك .
وفي حقيقة الأمر ، فإنَّ الشرف المتنازع في إثباته بين الفقهاء الخائضين في المسألة لم يحرر المراد به . و لهذا قال الشيخ أبو عبدالله الشريف المالكي في هذه المسألة لما سئل عنها: \" لا أعلم في المسألة نصاً للمتقدمين من أصحابنا المالكية ، و لا للمتأخرين ، إلا ما وقفت عليه للتونسيين ، القاضي أبي إسحاق ابن عبدالرفيع ، و هو يذهب إلى أن الشرف لا يثبت من جهة الأم ، و رئيس البجائيين الشيخ أبو علي ناصر الدين ، و هو يذهب إلى أن الشرف يثبت من جهة الأم .
وكلام الفريقين لم يتحقق فيه معنى الشرف المتنازع فيه نفياً و إثباتاً ، لكن المفهوم من كلام أبي إسحاق أن الشرف هو النسب ، و المفهوم من كلام الشيخ أبي علي أن الشرف هو الفضيلة على الغير ، و كأن الشيخ أبا علي راعى في ذلك الوضع اللغوي ، \" [64].
أقول : و لكن أبا علي ومن نحى منحاه يقول بإثبات النسب أيضاً !
ومن جملة أدلتهم : استدلالهم بآية الأنعام و ما فيها من ذكر أن عيسى عليه السلام من ذرية ابراهيم عليه الصلاة والسلام ، وستأتي مناقشة ابن القيم لها عند عرض كلامه في المسألة .
واستدل بعضهم بحديث :\" ابن أخت القوم منهم \" [65] . وهذا الحديث - كما يقول الحافظ ابن حجر - :\" ليس على عمومه ، إذ لو كان على عمومه ، لجاز أن ينسب إلى خاله مثلاً ، وكان معارضاً لحديث :\" من ادعى إلى غير أبيه \" المصرح بالوعيد الشديد لمن فعل ذلك ، فعرف أنه خاص ، والمراد به : أنه منهم في الشفقة والبر والمعاونة ، ونحو ذلك \" أهـ[66] .
ومما يبين أن هذا الحديث ليس المراد به أمر النسب : استدلال من استدل به في مسألة ذوي الأرحام هل يرثون كما يرث العصبات أم لا ؟! والذي يبين ذلك: \" أنه لو صح الاستدلال بقوله :\" ابن أخت القوم منهم \" على إرادة الميراث لصحَّ الاستدلال به على أن العتيق يرث ممن أعتقه لورود مثله في حقه ، فدلَّ على أن المراد بقوله :\" من أنفسهم \" وكذا :\" منهم \" في المعاونة والانتصار والبر والشفقة ، ونحو ذلك لا في الميراث\". أهـ[67].
وتكون الحكمة - والله أعلم - في إيراد هذا الحديث :\" إبطال ما كانوا عليه في الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات فضلاً عن أولاد الأخوات حتى قال قائلهم :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن بنو الرجال الأباعد
فأراد بهذا الكلام التحريض على الألفة بين الأقارب \" أهـ[68] .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :\" قلت : وأما القول في الموالي ، فالحكمة فيه ما تقدم ذكره من جواز نسبة العبد إلى مولاه لا بلفظ البنوة ، لما سيأتي قريباً من الوعيد الثابت لمن انتسب إلى غير أبيه ، وجواز نسبته إلى نسب مولاه بلفظ النسبة ، وفي ذلك جمع بين الأدلة ، وبالله التوفيق \" أهـ[69] .
المحاجـة بين القولين عند الإمام ابن القيم :
أجرى المحاجة بين القولين باختصار ابن القيم في \" جلاء الأفهام \" ، فقال رحمه الله تعالى: \" الذريةُ : الأولادُ وأولادهم ،وهل يدخل فيها أولاد البنات ؟ فيه قولان للعلماء ، هما روايتان عن أحمد . إحداهما : يدخلون ، وهو مذهب الشافعي . والثانية : لايدخلون ، وهو مذهب أبي حنيفة .
واحتج من قال بدخولهم : بأن المسلمين مجمعون على دخول أولاد فاطمة رضي الله عنها في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم المطلوب لهم من الله الصلاة ؛ لأن أحداً من بناته لم يعقب غيرها ؛ فمن انتسب إليه صلى الله عليه وسلم من أولاد ابنته ، فإنما هو من جهة فاطمة رضي الله عنها خاصة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن ابن ابنته :\" إن ابني هذا سيد \" ، فسماه ابنه ، ولما أنزل الله سبحانه وتعالى آية المباهلة :\" فمن حاجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنآءكم \" الآية . دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً ، وخرج للمباهلة . قالوا : وأيضاً فقد قال تعالى في حق ابراهيم :\" ومن ذريته داود وسليمان وايوب ويوسف وهارون وكذلك نجزي المحسنين . وزكريا ويحيى وعيسى\"، ومعلوم أن عيسى لم ينتسب إلى ابراهيم إلا من جهة أمه مريم عليها السلام.
وأما من قال بعدم دخولهم : فحجته أن ولد البنات إنما ينتسبون إلى آبائهم حقيقة . ولهذا إذا ولَّد الهذلي أو التيمي أو العدوي هاشمية لم يكن ولدها هاشمياً ، فإن الولد في النسب يتبع أباه ، وفي الحرية والرق أمه ، وفي الدين خيرهما ديناً ، ولهذا قال الشاعر :
بنونا بنو أبناءنا وبناتنا = بنوهن أبناء الرجال الأباعد .
قالوا : وأما تمسككم بدخول المسيح في ذرية ابراهيم ، فلاحجة لكم فيه . فإن المسيح لم يكن له أب ، فنسبه من جهة الأب مستحيل ، فقامت أمه مقام أبيه ، وهكذا كل من انقطع نسبه من جهة الأب ، إما لعان أو غيره ، قامت أمه في النسب مقام أبيه ، ولهذا تكون في هذا الحال عصبة في أصح الأقوال \" . انتهى كلام ابن القيم [70].
وبالجملة ، فمن التفت إلى التفريق بين مسألة حمل النسب ، ومسألة الذرية والعقب ، وبان له الفرق بينهما ، انحل عنده اشكال مسألة :\" أولاد البنات \" ودخولهم في الوقف والوصية وغيرها من المسآئل . وبه يظهر الراجح في مسألة \" الشرف من الأم \" ، والله تعالى أعلم .
وممن قال من الأئمة والفقهاء أن الرجل لايحمل نسب آل البيت الأشراف إنْ لم يكن أبوه كذلك جمعٌ من محققي المذاهب الفقهية الأربعة :
فقهاء الحنفية :
قال بهذا القول العلامة ابن عابدين الحنفي خاتمة محققي الحنفية في حاشيته ، المشتهرة باسم \"حاشية ابن عابدين \" [71]. وقد صرّح رحمة الله عليه في الفتاوى الحامدية بأن :\" ولد الشريفة ليس بشريف \" [72].
فقهاء المالكية :
في شرح الزرقاني على \" خليل \" :\" و أما ابن الشريفة : فذهب ابن عرفة و من وافقه إلى أن له شرفاً دون من أبوه شريف ؛ و خالفه جمعٌ من محققي المشايخ التلمسانيين ، و ذهبوا إلى أنه شريف مثله \" [73] . و منهم : محمد بن عرفة الدسوقي المالكي في حاشيته على \" الشرح الكبير \" [74].
قول الشافعية :
جعل السيوطي رحمه الله هذا القول مما جرى عليه السلف والخلف ، فقال في \" الحاوي للفتاوى \" :\" ولهذا جرى عمل السلف والخلف على أن ابن الشريفة لايكون شريفاً \" أهـ[75].
وفي \" الفتاوى الحديثية \" لابن حجر الهيتمي :\" ولهذا جرى الخلف كالسلف على ان ابن الشريفة من غير الشريف غير شريف ، ولو عمّت الخصوصية أن \" ابن كل شريفة شريف \" : تحرمُ عليه الصدقة ، وليس كذلك\" أهـ[76].
قول الحنابلة :
قياس المذهب عندهم عدم إثبات النسب الشريف من جهة الأم . و قد تقدم قول ابن حميد الحنبلي في تضعيفه للقول بهذه المسألة ، و هو أحد متأخرة الحنابلة ، و الله أعلم .
و هذا القول ، والله أعلم ، هو الراجح ، ويتأيد ذلك بعدة أمور أخرى غير ما ذكر:
منها : أن القول بأن ولد الشريفة شريف قد جرّ إلى ادعاء النسب الشريف، وتعرض فاعل ذلك لكبيرة من كبائر الاثم ، وذلك أن يدعي الرجل غير أبيه ، كما في الحديث :\" ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله ، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار \" رواه البخاري .
ومن قاعدة الشرع سده للذرائع ، وقد أصبح القول بهذه المسألة سبباً لادعاء النسب وحمله على غير المعروف عند النسابين ، ولهذا يجب سد هذا الباب .
وقد وصل الحال في بعض العصور إلى أن يتسنم نقابة الأشراف من لا يحمل نسبهم ، بل قد يُطرد عنها صاحب النسب الثابت ليتولى أمرها من ثبت شرفه من جهة الأم ؟! و من ذلك أيضاً تسلم الشيخ محمد بن أحمد بن محمد المعروف بـ \" الدواخلي \" الشافعي للنقابة بعد موت محمد بن وفا ، وكان يقال للدواخلي :\" السيد \" ، وذلك :\" لأن أباه تزوج بفاطمة بنت السيد عبدالوهاب البرديني ، فولد له المترجم منها ، ومنها جاءه الشرف ، وهم من محلة الداخل بالغربية \" أهـ [77].
ومنها : أن طرد هذا القول يشغب على أصول مستقرة ثابتة في أبواب الفقه ومسائل الشرع ، مثل مسائل الوقف ، والوصايا ، والمواريث ، وسهم ذوي القربى ، وتحريم الزكاة على الآل المحمدي ، وغير ذلك من المسائل والفروع .
ومنها : أن إطلاق لقب \" الشريف \" أو \" السيد \" أصبح في العرف مقصوراً على \" ذرية الحسنيين\" ، أو أحدهما دون الآخر ، أو أن المراد به \" كل آل البيت \" على خلاف طويل في ذلك ، لا طائل شرعي من تحقيق المراد به ، فالقول بهذه المسألة مما يزيد النزاع في ذلك المصطلح ويوسعه ، و يغير الأعراف شبه المستقرة ، و لا يخفى ما في هذا من محاذير .
كل ذلك مما يتأيد به المنع من حمل النسب الشريف عبر تلك المسألة .
وأما من قال من الأئمة و الفقهاء بأن :\" الشرف يثبت لمن كانت أمه شريفة \" ؛ فيقال : نعم ، يحصل الشرف لمن حصل له الايلاد من جهة الآل المحمدي لوجود الصلة والرحم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولاريب أن في هذا شرفاً لصاحبه ، كما تقدم ذكره في كلام ابن القيم رحمه الله تعالى ، لكن هذا لا يسوغ له شرعاً أن يخاطب ب:\" الحسني \" ، أو \" الحسيني \" ، أو حتى :\" الشريف \" .
و أنت خبير بما تقدم ، أن هناك فرقاً بين حمل عمود النسب الشريف ، ومسألة الشرف ، وأن ذلك مطرد في الشرع والقدر . فإثبات نوع من الشرف لمن حصل له ذلك الايلاد الكريم ، موجود في كلام من منع من حمل عمود النسب الشريف ، فقد صرح ابن عابدين رحمه الله تعالى وغيره بأن الشرف يحصل له ، ولكن يمنع صاحبه من حمل نسب غيره[78] . ولهذا مضت عادة بعض من يترجم لأخبار الناس وسيرهم أن يقول في ترجمة بعض من حصل له ذلك الشرف :\" ابن الشريفة \" [79]، ولا يقول فيه: \" الشريف \" ، والله تعالى أعلم .
خاتمة المختصر
ما يتعلق بآل البيت ، سوآءً في الآحكام الشرعية أو المسائل العقدية أو الحديث عن الفرق المنتسبة إليهم أو المتمسحة بعتبات أبوابهم ، أو الكلام في ما يتعلق بتواريخهم و أنسابهم ... كل ذلك و غيره يحتاج إلى بحث علمي طويل بعيد عن الغرض و الهوى ، و أناس كآل محمد لا يليق بهم أن تبحث المسائل المتعلقة بهم على أي وجهٍ كان ، بل لابد من التحقيق و الجمع و استنطاق نصوص الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين ، و تحرير المسائل تحريراً يليق بمثل هذا البيت الشريف الذي لا يوجد على ظهر الأرض بيت يوزايه أو يقاربه في نسبه و منزلته .
و أرجو من الله تعالى أن يكون في هذا المختصر هدى لمن شاء الله رحمته من العباد ، و بلاغاً للحاضر و الباد ، و تنبيهاً لمن يشتغل بنسب آل البيت على غير وجه مرضي ، فإنَّ :\" ... النعام في القرى \" .
إذا كان أثلُ الواد يجمع بيننا فغيرُ خفيٍ شيحُهُ من خُزَامِه
كتبه
الشريف محمد بن حسين الصمداني الحسني
قلت أي صاحب الموقع -: أبحاث الشريف محمد بن حسين المتقنة حقًا غنية عن التعريف به ، ومؤلفاته وتحقيقاته كثيرة قد أخبرني باسمائها ، منها المنشور في بعض المجلات العلمية ، والمصفوف؛ ولكنه حفظه الله لا يرغب في ذكرها ، ونزولاً عند رغبته اعرضنا عن ذكرها.
________________________________________
[1] قد آثرتُ به صاحب هذا الموقع المبارك ، لما رأيت فيه من حب صادق لآل البيت ، و دفاع عن أنساب أهل البيت .
[2] المعيار المعرب ( 12 / 213 ) .
[3] المعيار المعرب ( 12 / 213 ) .
[4] انظر : التذكرة التيمورية (37) .
[5] هذا هو السؤال الذي أجاب عنه ابن مرزوق في جزءه في مسألة الشرف من الأم . انظر : المعيار المعرب ( 12 / 193- 194).
[6] المعيار المعرب ( 12 / 208 ) .
[7] انظر : المعيار المعرب 12 / 226 .
[8] الديوان ( ص 514 ) .
[9] انظر : الضوء اللامع ( 8 / 48 ) .
[10] يعني الثامن .
[11] المعيار المعرب ( 12 / 225 ) .
[12] طبقات أعلام الشيعة ( الضياء اللامع في أهل القرن التاسع ) ، ففيها :\" :\" ، و لكن استخدام هذا \" الاسم \" لمن كانت أمه شريفة لم يظهر إلا في القرن التاسع \" أهـ .
[13] تنقيح الحامدية ( 1 / 11 ) .
[14] هو كتاب ( شرف الأسباط ) .
[15] سيأتي بعد قليل أن للحنفية تصانيف في المسألة ، و لكن لم يعلم بها القاسمي و لا المفتي !
[16] سيأتي بعد قليل أن عنايتهم بها متأخرة عن أهل السنة .
[17] ليس للمرتضى تأليف في المسألة ، و لكن له قول في مسألة دخول ولد البنت في الوصية أو الوقف ، انظر :\" رسائل المرتضى \" : \" 4 / 327 328 \" ، تحقيق رجائي . و ما ذكره عنه في شرح \" اللمعة \" شيء آخر غير مسألة \" الشرف من الأم \" .
[18] الرسائل المتبادلة بين جمال الدين القاسمي و محمود شكري الالوسي ، جمع محمد بن ناصر العجمي ( ص 204-205 ) .
[19] الضوء اللامع 7/51 .
[20] الضوء اللامع 8/48 . و شجرة النور الزكية (ص 275 ) . و نسب الزركلي \" إسماع الصم \" لحفيد ابن مرزوق . و ما في \" شجرة النور الزكية \" ، و \" الضوء \" و غيرهما على خلافه ، و هو الصواب .
[21] الضوء اللامع ( 8 / 48 ) .
[22] هو : ابراهيم بن حسين الشهير بـ:\" ابن بيري \" مفتي مكة . انظر : \" الاعلام \" للزركلي 1/29 . و انظر : طبقات النسابين ، لبكر أبو زيد ( ص 242 ) ط:2 .
[23] انظر : غمز عيون البصائر ( ط : الكتب العلمية 4 /348 ) ، و خلاصة الأثر ، للمحبي ( 2/ 134 ) .
[24] تنقيح الحامدية ( 1 / 11 - 12 ) .
[25] شجرة النور الزكية لابن مخلوف (ص250 ) . و نقل الزركلي في \" الأعلام \" عن صاحب \" جواهر الكمال \" قوله عن هذا التصنيف :\" و هو غريب \" . ( 1 /117 ) .
[26] ذكره سركيس في \" معجم المطبوعات العربية \" (ص 124 ) .
[27] أخبرني بأمرها بعض طلبة العلم جزاه الله خيراً . و هو موجود في \" مركز جمعة الماجد بالإمارات \" .
[28] الفهرس الشامل للتراث العربي ( 2 / 736 ) قسم الفقه و أصوله .
[29] السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة ص949 الطبعة المحققة .
[30] انظر في ترجمته : الأعلام ( 1 / 91 ) .
[31] انظر : الرباطات والزوايا في تاريخ المغرب \" ص 115 ، \" من منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط \" . و من \" الكناش \" صورة رديئة في \" مكتبة الحرم المدني \" . انظر: مجاميع 132/80 ؛ رقم الحاسب 3794 .
[32] السحب الوابلة 285.
[33] خلاصة الأثر ( 4/ 89 ) .
[34] خلاصة الأثر (3/103-104)
[35] لمزُ أبي المعالي الطالوي للقاضي عبدالوهاب الحنفي التاجي بهذه الأبيات ، سببه أنه كان \" يُرمى بأنه سامري الأصل \" ، ثم حصل منه ادعاء الشرف ؛ ومن عادة أهل الاسلام إكرام ضحاياهم وذبآئحهم قبل الذبح ، وهي بهائم ، فشبهه بالعجل منها لحصول المناسبة بما يرمى به ، سامحه الله .
[36] ( 1 / 339) .
[37] تاريخ الجبرتي ( 3/ 531 ) .
[39] فهرس الفهارس ( / ) .
[40] ضبطها غبدالغني النابلسي في \" الحقيقةو المجاز : ص76 \" بأنها بفتح القاف و اللام ، و ذكر أن بعضهم يسكنها .
[41] انظر : مج