عجوز المدن حاضنة الماضي.. أم عروس البحر وليدة الأمس
عجوز المدن حاضنة الماضي.. أم عروس البحر وليدة الأمس
عجوز المدن حاضنة الماضي.. أم عروس البحر وليدة الأمس
لعبدالعزيز عمر أبوزيد AAZZEZ@HOTMAIL.COM
لقبها أبناؤها بعروس البحر الأحمر لأنها غيرت جلدها وجددت بشرتها وأعطت لنفسها ملامح جديدة ومنحت نفسها القدرة على التوسع والانطلاق..
وأجمع المؤرخون والرحالة وكُتّاب الأخبار على تسميتها بعجوز المدن فقد نزلت بها وعاشت جدة البشر حواء وسميت بها نسبة إلى ارتباطها القديم، هي في نظرهم كهلة عمرت آلاف السنين بدءً من نزول البشرية على الأرض..
هي معادلة غريبة الأطوار، عجيبة القياسات لا تقوى على الإمساك بطرفيها غير مدينة جدة، نظرًا لحالة الوفاق والوئام فيما بين العروس بنت الأمس وشقيقتها العجوز التي احتوت صفحات الماضي وربطت قرون التاريخ.
عجوز المدن ليست كبنت الأمس أو عروس البحر الأحمر وليدة الطفرة المادية التي جلبت جميع ملاح التطور والنمو السريع فترى فيها البيوت من فنون أوروبية وأمريكية ويابانية وهي حضارات حديثة ناسبت المدينة العروس من حيث زحفها نحو كل جديد وحديث ومتطور.
إنما لا تزال تلك العجوز تقتات على جذور التاريخ الممتدة في حاراتها القديمة وحياتها التقليدية وملامحها التراثية، لأنها لا تزال تجمع صفحاته في بواباتها وعلى رؤوس مداخلها وفي قمم بناياتها ومن أطراف أزقتها وأمام برحاتها وبين فتحات رواشين بيوتها الصامدة وفي ساحاتها وأسواقها الشعبية.
فالعجوز ليست كالعروس بجميع القياسات والمقارنات، ألوان العروس الصارخة وحركتها الصاخبة لا تجدها في العجوز أبدًا، لأن عمارتها التقليدية ليست مستوردة من الخارج وإنما جاءت من جبروت الحاجة إلى الشيء، ولم تتوفر مؤونة البناء بفعل القدرة المادية؛ بل من محاكاة تجربة عميقة كلفت من عمر المدينة طويلاً حتى رسمت لها ملامح خاصة من واقع الظروف الحياتية والعوامل البيئية والمناخية، وتولدت بذلك القدرة الإبداعية التي لا تحتاج إلى ألوان صارخة ولا إلى حركة صاخبة لتلفت إليها ولا إلى أفكار أجنبية غريبة تجذبك نحوها.
البناء القديم في جدة القديمة يعبر بصدق عن حياة المدينة وظروفها ومعاناتها ورحلة عمر طويل عاشه سكانها ومن مروا بها فحطوا رحالهم ونقلوا لها حضارات ومهن وصناعات وفنون حتى أُطلق عليها مدينة الألف مهنة، فمن قدِم للحج دجّ فيها وارتزق كما يتردد فيها المثل الشعبي الشهير (حج وبيع سُبح).
البناء القديم مهنة من بين الألف مهنة كما جاء في المثل الشعبي، بل ومهنة مشهودة بالأصالة والعراقة والقدم لأن المعلم البلدي كان من أبرز رجال المدينة في الماضي واليوم هو من عباقرتها بما تركه من لوحات إبداعية شكلت متحفًا هوائيًا مفتوحًا لكل زائر يقرأ تاريخها ويستمتع بالتعرف على ملامح تراثها وحياة أهلها القدماء ويتمعّن في حفريات الماضي السحيق فيدرك من مهنة واحدة من بين الألف مهنة من هي المدينة ومن هم سكانها.
الاختلاف بين العجوز والعروس لا يعكس فقط حالة من التغير بين الجديد والقديم الحديث والعتيق أو بين المستورد من الخارج والنابت في جذورنا حيث الهوية التاريخية والخصوصية الاجتماعية والثقافية، هذا التباعد ليس وليد لحظة من التاريخ ولا حالة من التطور العصري لمجاراة ومواكبة رياح التقدم والتطور.. إنما بين المستورد من الخارج حيث السرعة وحداثة التشييد معتمدين على أفكار غربية وجديدة غيّبت مثلاً (الخارجة) كوحدة بناء متكيفة مع الظروف الاجتماعية وانتشرت البلكونات المباشرة للواجهات دون وظيفة حقيقية تذكر كونها طراز معماري حديث، بل كان النقل للخارجي استيرادًا صامتًا في كثير من الأحيان ولم ينطلق من تجربة الماضي في مقاومة الحجر المنقبي للظروف المناخية ودرجة الانسجام التلقائي بين الشبابيك والفتحات داخل المسكن محدثة تدويرًا طبيعيًا للهواء أو في نجاح الرواشين في استثمار واستغلال الواجهات للرياح المحببة من جانب ومن جانب آخر تتيح الرؤيا للخارج دون إعاقة الحركة داخل البيت.
معماريو عروس البحر أو بنت الأمس كان غاية طموحهم سرعة التصميم والنقل للجديد استيعابًا للطلب الكثيف واستجابةً لمرحلة الطفرة التي شهدها المجتمع دون بصمة معمارية أو إلقاء جانب للخصوصية التي هي أساس البناء، وهذا من المؤكد منح جدة القديمة أو عجوز المدن ببناتها الأربع، حارة المظلوم والبحر والشام واليمن هذا التفرد وهذه الأهمية والخصوصية الحياتية لمدينة مثلها حفلت بهذا التاريخ الممتد من بداية نزول البشرية وحتى وقتنا الحاضر.
وقد جمعت مادة هذه الحلقات واستقيت معظم ما فيه مصادر شفهية بالالتقاء المباشر مع معماريي الأمس، وكان يطلق عليه المعلم البلدي صانع هذه البيوت وأخص بالشكر هنا إدارة حماية المنطقة التاريخية بجدة إبان رئاسة المهندس سامي صالح نوار الذي بادر بدعوة المعمرين من المهنيين للمشاركة في إجراء الحوارات والظفر بهذه المعلومات الثمينة حيث استمر الحوار لفترة تزيد عن ثلاثة أعوام بين تواصل وانقطاع حتى كانت المعلومات الخارجة من أفواههم تشكل أهم وأغلب ما ورد في هذه الحلقات بالإضافة إلى العودة إلى المراجع والمصادر المتاحة، والمعلمين البلديين الذين أسهموا في تقديم معلومات هم: حسن محول وإسماعيل عبدالعاطي ومصطفى عبدالدايم ومعتوق عيسى عبدالعاطي ومن النوّارة والنجّارة المعلم عبدالله محمود سمندرة ومحمد أحمد مليباري وأحمد بخاري ومحمد محمد زاكر.
بهذا أمنح هذه الشخصيات حقها الشرعي في الحديث عن مباني تاريخية ساهموا وشاركوا في بنائها وتشييدها، وفي أن يبوح صانعها عن حياته وذكرياته وهمومه وقوانين وأعراف مهنته التي ترتبط بحياة الناس وتقاليد المجتمع الجداوي، وحتى ظهور منافسة الإسمنت على أيدي المهندسين والصراع المصيري الذي أوجب انتصار أحد الطرفين على حساب الآخر.
وقناعات كهذه ارتبطت بالناس عاطفيًا ولم تتغير من تلقاء الظروف بل كانت حربًا بكل ما تعنيه الكلمة استمرت لفترة تزيد عن عشرين عامًا انتهت بهزيمة المعلم البلدي ومعه جميع أعوانه ومساعديه حين اقتنع الناس بجدوى الإسمنت كمادة حديثة وقوية للبناء، وطأطأت الهزيمة برأس المعلم أرضًا وسقط كبرياؤه وظل حتى يومنا هذا مُرممًا للبيوت الآيلة للسقوط ومعالجًا لأعطابها وعيوبها.
وقد مثلت هذه الحرب مرحلة جديدة لحياة المدينة وسكانها بعد هدم سورها تحديدًا عام 1367هـ من الحياة الشعبية البسيطة إلى الحياة المادية المعقدة، من جدة القديمة عجوز المدن إلى جدة الجديدة عروس البحر، من الحارات الشعبية والأزقة والممرات إلى المخططات الشاسعة والشوارع الفسيحة والطرق الطويلة، من بيوت الحجر وواجهات ذات شبابيك ورواشين خشبية إلى بيوت واجهاتها من زجاج ورخام ومرمر.
أهمية هذه الحلقات تأتي في وقت انتهى زمن البناء التقليدي الذي بقي شاهدًا على عصور تطور هذه المدينة المعروفة ببوابة الحرمين الشريفين فهي مدخله الشهير ولقبت أيضًا بدهليز الحرمين الشريفين فبها يحط الزائرين رحالهم حيث يطيب لهم المقام.
قهوة أبو القعود
البيت هو عشق أزلي قديم يطارد كل ساكن في كل حارة من الحارات، بل هو همّ ورغبة مزمنة تلاحق كل إنسان يعيش في كل بقعة على وجه الأرض، فالهم والقلق نتيجة كلفة مادية تحول دون تحقيق المطلب، والرغبة أيضًا لها جوانبها المعنوية التي تجعله ينام فاره الإحساس هانئ البال، فلا مطالبات تلاحقه لدفع مستحقات إيجار متأخّر أو معاناة في جمع دفعة لإيجار متقدم .
وكانت تلك الرغبة وذلك الهم في حارات جدة الأربعة وفي تفكير سكانها في ذلك الحين وفي تلك الظروف لا تنطلق من أهداف مادية تجارية أو ربحية كطموح الحصول على إيجار أو رغبة التخلص من التزام دفع إيجار شهري، هذه الاحتمالات مستبعدة من تفكير رجال الجيل القديم كما أجمعت الآراء، إنما هو تاريخ يسعى كل شخص من القادرين لأن يسجله لنفسه وينحت اسمه في سجل المدينة التاريخي وقائمة الأسر المعروفة بها.
وهذا يتضح لنا اليوم جليًا، فبيوت المنطقة القديمة هي سجل تاريخي لجميع الأسر كبيرة كانت أو صغيرة غنية أو فقيرة عريقة أو منقطعة، والسبب الرئيسي في البيوت لأنها تسمى بأسماء أصحابها، فيقال بيت نصيف أو بيت باعشن أو بيت الشربتلي أو نور ولي أو بيت قابل أو بيت بن حمد أو بيت باجنيد أو بيت باناجة.. ومعنى أن البيت يسمى باسم صاحبه أي إنه يمثل ذوقه في المظهر الخارجي ويعبر عن ثراؤه إذا كان البيت ضخمًا وجميلاً ومميزًا.
وأول ما يستشهد الناس بالرجل في حياته وبعد مماته ببيته الذي تركه يذكّر الناس به، فهو بذلك قد ترك أثرًا خالدًا وذكرى دائمة في نفس محبيه ومعارفه وأقربائه والأهم من ذلك أنه ترك موقعًا مناسبًا لسكنى أسرته وأهله، فيذهب هادئًا هانئًا دون عناء التفكير في هذا الجانب، ومن أجلها بذل ما بذل وانفق ما انفق، فالبناء القديم يعتمد على اليد في العمل بل في كل خطوة من خطواته ومراحله.
وربما يكون هناك سبب آخر وراء الحرص على البناء وامتلاك بيت وهو أن مدينة جدة القديمة تكاد تكون مساحات البناء داخلها محدودة فلا تزيد عن 1200كم2 بحسب أمانة محافظة جدة وبذلك كان كل شخص يحرص على حجز مساحة لأسرته داخل المنطقة المحاطة بسور قديم يحميها من التسلل حيث كانت الأبواب الأربعة للسور تقفل ليلاً، فلا يتمكن أحد من الدخول أو الخروج إلا من خلال هذه الأبواب.
تبدأ أول خطوة في تحقيق هذا الهدف بشراء قطعة الأرض وهي الأساس في قيام المشروع، وبعدها يقوم الشخص بزيارة لمقهى يسمى (قهوة أبو القعود) التي يجتمع فيها المعلمون البناؤون يتبادولون الأحاديث وهموم ومعاناة مهنتهم وحكاياتهم ومشروعات كل منهم ومشاكلها وأوضاعها، المعلمون تربطهم ببعض علاقات مهنية تحتم صداقتهم وارتباطهم ببعضهم البعض.
ويبحث الشخص عند زيارته للمقهى الشعبي عن معلم بلدي يحقق له هذه الفكرة ويساعده المعلمون في النصح والإرشاد والتوجيه لمن يستطيع منهم التعاون معه فهم يعرفون أحوالهم المهنية والعملية، فمعلم مثلاً مشغول ببناء أو ترميم أو إصلاح بيت بينما الآخر ليس لديه ارتباطات عملية، ومن المناسب أن نشير هنا أيضًا أن للمعلمين النجّارة والنوارةّ قهوة يتمركزون ويجتمعون فيها وهي قهوة (عزّي) في سوق الندى.
فالمعلمون عمومًا، سواءً بنائين أو نجارين أو نوارة يستمر عملهم من بعد صلاة الصبح وحتى صلاة المغرب، بعدها يجتمعون في القهوة ليلاً يدخنون الشيشة ويشربون الشاي ويتبادلون أحاديثهم التي تربطهم بعشق المهنة وأسرارها.
وإذا توصّل الشخص إلى اتفاق مع أحد المعلمين البنائين وشاوره حول أرضه التي يرغب بناءها، يتم الاتفاق على تحديد الأجرة التي سيتقاضها يوميًا نظير عمله اليومي الذي يستمر من الصباح وحتى المغرب وغالبًا ما يتحدد أجر المعلم يوميًا بريال ونصف، ومساعديه (الصنايعية) لا يتجاوز أجر كل واحد منهم ريال واحد والعمال نصف ريال.
بعد الاتفاق على الأجر ومعرفة المالك عدد العمال والصنايعية تتضح الصورة كاملة أمامه، يذهب المالك والمعلم لرؤية الأرض المطلوب بناؤها، فيراها المعلم ويضع بعض فرضياته المهنية وهو يرسم على الأرض بعصاه يطلق عليها (القدة) أو تعرف باسم الذراع المعماري، وهي تمثل وحدة قياس لتحديد المساحات الخاصة بالغرف والأسياب مخططًا حسب ما يراه مناسبًا مثل تحديد الواجهة الأساسية للمبنى.
والمعلم يصب جل تركيزه لأن تكون واجهة البناية شمالية أو باتجاه الغرب ولهذا الإصرار بُعد نظر ورؤية مهنية ومستقبلية فهو يتطلع لتخفيف درجة حرارة البيت بإطلالته على هذه الجهات التي تستقبل الهواء المحبب للمدينة وهذه الواجهات الشمالية والغربية ستجعل من السكن ممتعًا لأن مخطط البناء في ذهن المعلم البلدي يتوقف عليها فتخصص لها النوافذ ذات الفتحات الكبيرة ويبالغ في مساحة الصالات أو الغرف المطلة على الواجهة لتدوير الهواء داخلها وداخل الغرف بأسلوب يكفل تحقيق هذه الوظيفة.
أيضًا التركيز على جعل الواجهات الخلفية الجنوبية والشرقية سميكة لمنع تسرب أشعة الشمس بأكبر قدر ممكن حفاظًا على البرودة الداخلية للمبنى حيث تطل الواجهات الخلفية على الحمامات والمطابخ والمخازن و(بيت الدرج)، أما الواجهات الأمامية الغربية والشمالية تطل على الصوالين وغرف المبيت والمجالس العائلية.
جميع هذه الافتراضات يستجمعها وهو يرسم ويخطط على الأرض بعصاه، وهذا الاستحضار والرسم الافتراضي يعكس خبرته الطويلة ومقدرته الشخصية وبعد نظره وفي ذات الوقت هو حريص على البدء والتنفيذ وإنهاء المشروع إلا أن هناك حُكمًا خارجًا عن قوانين البناء البلدي يؤخّر سرعة التنفيذ ويؤجّل نهايته، فإذا كان المشروع يستغرق من عامين إلى ثلاثة أعوام فإن المالك قد يتسبب في تأخير الانجاز لسنوات إذا تعثرت ظروفه المادية.
وغالبًا ما يستفزّ هذا التوقف أفراد الفريق العمالي لأن الحياة تتوقف في عملهم، وتقاليد المهنة تتطلب الإمهال والانتظار في حالة كهذه كثيرًا ما تقف عائقًا في بناء البيوت، ولو لم يكن المعلم ورفاقه متواصلين مع صاحب البناية فستكون العلاقة منقطعة وبالتالي لن يتمكنوا من إتمام المبنى الذي بدءوا أول خطواته.
وكما جاء في وثيقة تعريفية خاصة ببلدية البلد 1412 لمفردات الهرم العمالي في البيت القديم قسمت الفريق لعدة مستويات يبدأ بالمعلم وهو من يقوم بعملية البناء ورصّ الحجر للحصول على الشكل البنائي المطلوب ومهنته تحتاج إلى خبرة في العمل وقوة في الإدراك والفهم لا يصل إليها الشخص إلا بعد اجتياز عدة مراحل يثبت من خلالها قدرته المهنية الذوقية والإبداعية ويقف إلى جانب المعلم مجموعة من المساعدين يطلق عليهم (الصنايعية).
القرارّي يقوم بتحديد مقاسات وارتفاعات الحجر ونحت جوانبه وتحديده باستخدام آلة يدوية تسمى (الشاحوطة) حسب نوعية الحجر وحجمه ويتم قص الحجر وتهذيبه وتحديد مقاسه حسب رغبة المعلم بتسمية متفق عليها، المروّج يقوم بحمل ونقل الحجر إلى المعلم بعد أن يتم نحته وتحديده وتهذيبه وغالبًا ما يطمح المروج لأن يكون قراريًا بعد اكتساب الخبرة والمهارة، الطيّان يحمل الطين من المخلطة إلى المعلم ومهنته لا تحتاج إلى مهارة ودقة، الخلاّط يُعد المخلطة بخلط الماء مع الطين المجلوب من بحر الطين ويقوم بعجنه وتليينه بالماء حتى لا ينشف ويقوم بتحميله للطيان.
المعلم البلدي الكبير هو رئيس هذا الفريق العمالي ويقوم بدورين المقاولة ورئاسة العمال كونه يعمل مع بقية العمال بنظام الأجر اليومي، وهو مخطط المشروع والمسؤول الأول والأخير عنه ونجاح المشروع يُنسب إليه وفشله يُعلّق على سمعته، المعلم هنا لا يخشى على شيء أكثر من خشيته على سمعته وهي في المهنة رأس ماله الحقيقي.