حب آل البيت - رضوان الله عليهم
لعلي الفضلي
لعلي الفضلي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له أما بعد :
إن من ينظر إلى أحوال كثير من المسلمين ، يجدهم بين الإفراط والتفريط في حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الأطهار ، فطرف غلوا حتى ألّهوا آل البيت وهم الرافضة ومن وافقهم ، وطرف جفوا حتى تنقصوا آل النبي الكرام ، فمنهم من سبهم على المنابر ، ومنهم من ازدراهم وتنقصهم ، وهؤلاء على رأسهم الناصبة ثم من وافقهم، ومنهم من لا يوقِع لهم حقا خاصا في قلبه على سائر المؤمنين .
فلما كان ذلك كذلك ، نقلت بعض أقوال الأئمة والعلماء في حق أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا و اعلم أخي الحبيب ، أختي المكرمة أن مِن أفضل ما أُلف في بيان فضلهم وحقهم ، رسالة لبعض طلبة العلم اليمنيين ، وهي : " شذا الأزهار في بيان خصائص آل بيت النبي الأطهار ".
ولنشرع في المقصود :
روى أحمد والحاكم والبيهقي والطبراني في الكبير عن عدد من الصحب الكرام عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه قال:
[كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي].
قال العلامة أحمد عبد الرحمن البنا في " بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني " المطبوع مع " الفتح الرباني " :
[ النسبة : بالولادة ، والسبب بالنكاح قاله الديلمي مُصَدِّرا بأن السبب هنا الوصلة والمودة ، وكل ما يتوصل به إلى الشيء لِبعد عنه فهو سبب ....].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في " الفصول في سيرة الرسول " :
[ومن الخصائص : أن كل نسب وسبب فإنه ينقطع نفعه وبره يوم القيامة إلا نسبه وسببه وصهره صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ......... قال أصحابنا : قيل معناه : أن أمته ينتسبون إليه يوم القيامة ، وأمم سائر الأنبياء لا تنتسب إليهم .
وقيل : يُنتفع يومئذ بالانتساب إليه ، ولا يُنتفع بسائر الأنساب .
وهذا أرجح من الذي قبله ، بل ذلك ضعيف ، قال الله تعالى : ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم النحل. ، وقال تعالى : ولكل أمة رسول ، فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهو لا يظلمون يونس. ؛
في آي كثيرة دالة على أن كل أمة تدعى برسولها الذي أرسل إليها ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ]. انتهى كلامه رحمه الله تعالى - .
وأخرج ابن حبان في " صحيحه " ، والحاكم في " مستدركه " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم - : [والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار]. وانظر السلسلة الصحيحة (2488).
وقد ترجم ابن حبان رحمه الله تعالى على هذا الحديث بقوله :
[ذكر إيجاب الخلود في النار لمبغض أهل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم].
قال النيسابوري في تفسيره : [وإذا استحقوا النار ببغضهم ، فلأن يستحقوا النار بقتلهم أولى] .
الإمام أحمد بن حنبل :
[ أخرج الخطيب أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى كان إذا جاء شيخ وحدث من قريش أو الأشراف قدمهم بين يديه وخرج وراءهم .
وقد صنف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى مسنده الذي يشتمل على نحو أربعين ألف حديث ، وبدأ فيه بمسانيد العشرة المبشرين بالجنة ، ثم مسانيد أهل البيت .
وكان إذا سئل عن علي وأهل بيته ، قال : أهل بيت لا يقاس بهم أحد].
انتهى من رسالة " شذا الأزهار في بيان خصائص آل بيت النبي الأطهار ".
شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع فتاويه " :
[ وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات(بعض وزراء المغول) ، فسألني فيما سألني: ما تقولون في يزيد؟
فقلت : لا نسبه ولا نحبه، فإنه لم يكن رجلا صالحا فنحبه ونحن لا نسب أحدا من المسلمين بعينه.
فقال: أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالما؟ أما قتل الحسين؟.
فقلت له: نحن إذا ذُكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله نقول كما قال الله في القرآن ألا لعنة الله على الظالمين ، ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه، وقد لعنه قوم من العلماء ،وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد ،لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن.
أما من قتل الحسين أو أعان على قتله، أو رضي بذلك :فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
قال: فما تحبون أهل البيت؟
قلت : محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه ، فإنه قد ثبت عندنا في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خماً بين مكة والمدينة،فقال:[ أيها الناس! إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله ،فذكر كتاب الله وحض عليه ثم قال : وعترتي أهل بيتي ،أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي].
قلت لمقدم :ونحن نقول في صلاتنا كل يوم : "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال مقدم: فمن يبغض أهل البيت؟
قلت: من أبغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
ثم قلت للوزير المغولي: لأي شيء قال عن يزيد وهذا تتريٌ ؟
قال: قد قالوا له : إن أهل دمشق نواصب ، قلت بصوت عالٍ يكذب الذي قال هذا ، ومن قال هذا، فعليه لعنة الله، والله ما في أهل دمشق نواصب، وما علمت فيهم ناصبيا، ولو تنقص أحد عليا بدمشق لقام المسلمون عليه، لكن كان قديما لما كان بنو أمية ولاة البلاد ،بعض بني أمية ينصب العداوة لعلي ويسبه، وأما اليوم فما بقي من أولئك أحد.].
الشيخ محمد بن عبد الوهاب :
[...وأمَّا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فله ستَّةُ بنين وبنت واحدة، وهم عبدالله وعلي وحسن وحسين وإبراهيم وعبد العزيز وفاطمة، وكلُّهم بأسماء أهل البيت ما عدا عبد العزيز، فعبد الله وإبراهيم ابنا النَّبِيِّ ، والباقون علي وفاطمة وحسن وحسين: صهره وبنته وسبطاه.
واختياره تسمية أولاده بأسماء هؤلاء يدلُّ على مَحبَّته لأهل بيت النَّبِيِّ وتقديره لهم، وقد تكرَّرت هذه الأسماء في أحفادِه].
انتهى من " فضل أهل البيت " للشيخ العلامة العباد.
العلامة محمد بن إبراهيم في " فتاويه " :
[فضيلة أَهل البيت معلومة، والأَدلة على ما لهم من الميزة على من سواهم من أَجل أَنهم من البيت وقرابة النبي معلومة، فيجب أَن يحبوا زيادة على غيرهم من المسلمين.
ومن لم يدن بدين النبي صلى الله عليه وسلم بان كان تاركه أَصلاً أَو انتسب إليه ووجد منه ناقض من نواقض دينه فان هذا لا ينال حقًا من حقوق المسلمين فضلاً عن أَن ينال حقًا من حقوق سيد المرسلين..........المقصود أَن أَهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم مزية ومحبة لمكانهم من رسول الله صلى الله عليه].
الشيخ العلامة محمد خليل الهراس في " شرحه للواسطية " :
[فأهل السنة والجماعة يرعون لهم حرمتهم وقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كما يحبونهم لإسلامهم، وسبقهم، وحسن بلائهم في نصرة دين الله عز وجل.......
وأما قولـه عليه السلام لعمه: ((والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبُّوكم للـه ولقرابتي))؛ فمعناه: لا يتم إيمان أحدٍ حتى يحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - لله؛ أولاً: لأنهم من أوليائه وأهل طاعته الذين تجب محبتهم وموالاتهم فيه. وثانيًا: لمكانهم من رسول الله، واتصال نسبهم به].
الشيخ العلامة عبد المحسن العباد في رسالته " فضل أهل البيت...." :
[عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في آل بيت النَّبِيِّ وَسَطٌ بين الإفراط والتفريط، والغُلُوِّ والجفاء، وأنَّهم يُحبُّونَهم جميعاً، ويتوَلَّونَهم، ولا يَجْفُون أحداً منهم، ولا يَغلُون في أحدٍ، كما أنَّهم يُحبُّون الصحابةَ جميعاً ويتوَلَّونَهم، فيجمعون بين مَحبَّة الصحابةِ والقرابة..........
لقد رزقنِي الله بنين وبنات، سميت باسم علي والحسن والحسين وفاطمة، وبأسماء سَبْعٍ من أمهات المؤمنين، والمسمَّى بأسمائهم جمعوا بين كونهم صحابة وقرابة.
والحمد لله الذي أنعم عليَّ بمَحبَّة صحابة رسول الله وأهل بيته، وأسأل اللهَ أن يُديم عليَّ هذه النِّعمةَ، وأن يحفظَ قلبِي من الغِلِّ على أحدٍ منهم، ولساني من ذِكرهم بما لا ينبغي، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ].
نسأل الله تبارك وتعالى بحب النبي وآله أن يحشرنا معهم في الفردوس الأعلى .
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: موقع الالوكة.