• ×

لا يليق اتخاذ اسم ((خديجة بنت خويلد)) عنواناً لانفلات النساء

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم

مختصر مقالة
(لا يليق اتخاذ اسم ((خديجة بنت خويلد)) عنواناً لانفلات النساء)
للعلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
30/12/1431هـ

الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد، فإن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها هي أول امرأة في تاريخ الإسلام وأول زوجة لسيد الأنام نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وكانت له نعم الصاحبة والسكن وهي أم أولاده سوى إبراهيم وهي مع عائشة أفضل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن وعن الصحابة أجمعين، قال الإمام الذهبي في السير (2/110): ((ومناقبها جمة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها))، وكانت وفاتها رضي الله عنها في مكة قبل الهجرة ولم يتزوج عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، وكل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر وترجو ثواب الله وتخشى عذابه تتخذ منها وسائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في الطهر والعفاف والبعد عن كل ريبة.
وإن مما يؤسف له أنه في هذا الزمان انفلتت النساء في كثير من بلاد المسلمين بسفورهن واختلاطهن بالرجال وزهدهن في الأخذ بالأخلاق والآداب التي جاء بها الإسلام تقليداً لنساء الغرب اللاتي تخلين عن الفضائل وانغمسن في الرذائل ولم يبقَ محافظاً على التقيد بأحكام الإسلام من الحجاب والبعد عن الاختلاط بالرجال إلا نساء بلاد الحرمين ومن رحم الله منهن في البلاد الأخرى ومع ذلك ففي الآونة الأخيرة وقبل سنوات قليلة ظهر نشاط المستغربين والتغريبيين الذين يريدون للنساء في هذه البلاد أن تنفلت وتذوب كما انفلت وذاب غيرهن من النساء في البلاد الأخرى، وكان من أنشط الذين يريدون أن تميل هذه البلاد ميلاً عظيماً المسئولون في الغرفة التجارية في جدة الذين سبقوا غيرهم إلى اختيار امرأة نائبة للرئيس وإشراك بعض النساء في مجلس الغرفة سافرات مختلطات بالرجال، وقد كتبت كلمة بعنوان: ((الغرفة التجارية الصناعية في جدة رائدة الغرف التجارية في انفلات النساء)) نشرت بتاريخ 30/9/1431هـ، ومن أسوأ ما عملته هذه الغرفة إنشاء مركز تابع لها قبل ست سنوات للتخطيط لتغريب النساء في بلاد الحرمين ومتابعة تنفيذ ذلك التخطيط، سموه مركز السيدة خديجة بنت خويلد وتفرع عنه إيجاد منتدى باسم منتدى السيدة خديجة بنت خويلد عقدت دورته الأولى في عام 1427هـ ودورته الثانية في الأسبوع الماضي وهذا المنتدى الأخير في غاية الخطورة والسوء وهو بمثابة كارثة على هذه البلاد في أخلاق نسائها، وأشير حول هذا المركز والمنتدى إلى ما يلي:
1ـ أن تسمية هذا المركز وهذا المنتدى باسم السيدة خديجة بنت خويلد أمر منكر وإساءة إلى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لأن هذا السفور والاختلاط وغيرهما من منكرات المنتدى مجانبة لهدي الإسلام، وخديجة رضي الله عنها بريئة من هذه الأفعال التي قدوة أصحابها الغربيون، ولو ظهرت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لتبرأت من ذلك وكذا لو ظهر الملك عبد العزيز رحمه الله مؤسس هذه الدولة لتبرأ من ذلك وهو الذي قال: ((أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يُخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية: من تدبير المنزل، وتربية الأطفال))، ولو سموه (مركز هدى شعراوي) لكانت التسمية مطابقة للواقع لأنها أول امرأة مسلمة في مصر كشفت وجهها وتمردت على الحجاب في أوائل القرن الماضي، انظر حراسة الفضيلة (166) للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله، وقد ذكر الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته (5/226) أن أول امرأة مسلمة كشفت وجهها في بلاد الشام كان ذلك أوائل القرن الماضي ثم آل الأمر إلى ما هو مشاهد ومعاين في بلاد الشام ومصر، والسعيد من وعظ بغيره ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭼ.
وقد كتبت قريباً كلمة بعنوان: ((المرأة في بلاد الحرمين بين أنصارها حقاً وأدعياء نصرة حقوقها)) نشرت في الأسبوع الماضي 23/12/1431هـ وكل من يدعو إلى انفلات النساء في بلاد الحرمين ـ وفي مقدمتهم أصحاب الغرفة والمركز والمنتدى ـ من أدعياء نصرة حقوقها الذين يدعونها إلى النار، ألا فليتقِ الله هؤلاء جميعاً في أنفسهم وفي نساء بلاد الحرمين قبل أن يفجأهم هادم اللذات ومفرق الجماعات، وقد أورد البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب الرقاق ((باب في الأمل وطوله)) قبل الحديث (6417) أثراً معلقاً عن علي رضي الله عنه قال: وقال علي بن أبي طالب: ((ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل)).
2ـ جاء في المنتدى أن رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية في جدة صالح كامل أوضح: ((أن غرفة جدة رفعت من خلال مركز السيدة خديجة مطالبة بوضع آلية لعمل المرأة في محال بيع الملابس الداخلية للنساء، مبينا أن الطلب رفع إلى وزارة التجارة التي ستبحث مع الوزارات الأخرى وضع الآليات المنظمة، فعمل المرأة في مثل هذه المحال هو من الأفضل لها ولبنات جنسها مؤملا أن تصدر هذه التنظيمات في القريب العاجل))، أقول: إن الطريق الصحيح السليم لعمل النساء في محال الملابس الخاصة بالنساء أن يُعمل على إيجاد مجمعات تجارية خاصة بالنساء لا يبيع فيها إلا النساء ولا يدخلها إلا النساء ويمكن إبقاء بعض هذه المحال قريبة من المجمعات يبيع فيها الرجال ليشتري منها الرجال ومن معهم من محارمهم، أما أن تكون المحال التي تبيع فيها النساء بارزة للرجال يبعن فيها سافرات الوجوه أمثال المشاركات في المنتدى ففي ذلك من الضرر وقلة الحياء على الرجال والنساء ما فيه.
3ـ حَرِص أصحاب الغرفة والمركز والمنتدى أن يظفروا بأحد ينتسب إلى العلم يشاركهم في منتداهم فلم يجدوا ضالتهم إلا في شخص واحد رخص لهم في قيادة المرأة السيارة وكشف وجهها وعبر عن الحجاب بقوله: ((ما يسمى بالحجاب))، والذي سمى الحجاب هو الله عز وجل في قوله: ﭽﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﭼ، وكذا جاءت تسميته في السنة في قول عائشة رضي الله عنها في تخلفها عن الرَكْب ومرور صفوان بن المعطل رضي الله عنه عليها وأنها لما أحست به خمرت وجهها وقالت: ((وكان رآني قبل الحجاب)) رواه البخاري (4141) ومسلم (7020)، وقيد هذا الشخص كشف الوجه بأن لا يكون عليه زينة فنقلوا عنه ((شرعية جواز قيادة المرأة السيارة وكشف وجهها دون تكلف أو زينة))، ومن المعلوم أن جمال الوجه الحقيقي هو جمال الخِلقة وليس جمال طليهِ بالأصباغ؛ قال الشاعر:
دع التكلف لا يُجديك منفعة
ليس التكحُّل في العينين كالكَحَلِ

وأقول في الختام: هذه الكلمة هي المتممة لعشرين كلمة في موضوع انفلات النساء أخيراً في بلاد الحرمين وسفورهن واختلاطهن بالرجال، كتبت هذه الكلمات العشرين خلال عامين تقريباً وقد نشرت الكلمة الأولى منها بتاريخ 18/2/1430هـ أي قبل تعيين نائبة وزير التربية والتعليم لشؤون البنات بيوم واحد وعنوانها: ((دعاة تغريب المرأة ومتبعو الأهواء والشهوات هم الذين وراء بدء انفلات بعض النساء أخيراً في بلاد الحرمين))، ونشرت الكلمة الثانية بتاريخ 2/3/1430هـ بعنوان: ((لا يجوز للمرأة الولاية على الرجال))، وكتبت عدة رسائل في هذا الموضوع، هي: ((لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟!)) طبعت في عام 1428هـ، ورسالة: ((الدفاع عن الصحابي أبي بكرة رضي الله عنه ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال)) طبعت في عام 1425هـ وطبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/359ـ427)، ورسالة: ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها)) طبعت في عام 1430هـ، ورسالة: ((العدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة)) طبعت في 1426هـ وطبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/329ـ375)، ورسالة: ((وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها)) طبعت عام 1430هـ، وهذه الرسائل والكلمات في الرد على عدو خطير لبلاد الحرمين ـ حكومة وشعباً ـ وهم: قتلة الأخلاق المتبعون للشهوات من التغريبيين، وأما العدو الثاني وهم: قتلة الأنفس فقد كتبت في التحذير منهم رسالتين إحداهما بعنوان: ((بأيِّ عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً؟! وَيحَكم أفيقوا يا شباب!!)) طبعت في عام 1424هـ، والثانية بعنوان: ((بذل النصح والتذكير لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير)) طبعت في عام 1426هـ وطبعتا معاً ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/225ـ243)، وما يقوم به العدو الثاني هو نتيجة لما يقوم به العدو الأول، لقول الله عز وجل: ﭽﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﭼ، وقوله: ﭽﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭼ.
وجهاد مرضى القلوب من أهل الشبهات والشهوات بالقلم واللسان هو الجهاد في سبيل الله المتيسر في هذا الزمان.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين في كل مكان للفقه في الدين والثبات على الحق، وأسأله تعالى أن يوفق خادم الحرمين حفظه الله لإطفاء فتنة انفلات النساء التي حدثت في عهده بمكر الماكرين من التغريبيين والمترفين، إنه سميع مجيب، اللهم وفق خادم الحرمين للأخذ بنصح كل ناصح يدعوه إلى الجنة والحذر من مكر كل ماكر يدعوه إلى النار، اللهم هيئ له البطانة الصالحة الناصحة واصرف عنه بطانة السوء الماكرة بما تشاء من هداية أو إقصاء أو إهلاك إنك على كل شيء قدير، اللهم وفق خادم الحرمين للأخذ بنصح كل ناصح يدعوه إلى الجنة والحذر من مكر كل ماكر يدعوه إلى النار، اللهم هيئ له البطانة الصالحة الناصحة واصرف عنه بطانة السوء الماكرة بما تشاء من هداية أو إقصاء أو إهلاك إنك على كل شيء قدير، اللهم وفق خادم الحرمين للأخذ بنصح كل ناصح يدعوه إلى الجنة والحذر من مكر كل ماكر يدعوه إلى النار، اللهم هيئ له البطانة الصالحة الناصحة واصرف عنه بطانة السوء الماكرة بما تشاء من هداية أو إقصاء أو إهلاك إنك على كل شيء قدير.
وأرجو من كل غيور على الدولة السعودية ورعيتها واحتشام نسائها وسلامتهن من السفور والتبرج والاختلاط بالرجال أن يدعو بهذا الدعاء وغيره لعل الله أن يستجيب دعاءهم فيلطف بالأمة ويكشف هذه الغمة ويقطع دابر المفسدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بواسطة : hashim
 0  0  7809
التعليقات ( 0 )

-->