الكريمي([1])
الشريف علي بن أحمد بن منصور بن أحمد، أبو زامل الكريمي البركاتي الحسني، المؤرخ، النَّسَّابة، الحكيم، أمير رابغ ثم جـدة
(1301هـ-1406هـ)
ولد الشريف علي في 12 ربيع الأول سنة 1301هـ في قرية التويدره التي تبعد عن الحديبية(الشميسي) بأقل من كيلو ونصف متر تقريبًا([2]).الشريف علي بن أحمد بن منصور بن أحمد، أبو زامل الكريمي البركاتي الحسني، المؤرخ، النَّسَّابة، الحكيم، أمير رابغ ثم جـدة
(1301هـ-1406هـ)
نشأة الشريف علي:
نشأ الشريف علي في كنف والده أمير المدينة النبوية([3]) -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام-، فأعتنى به غاية الاعتناء في تأديبه، وتعليمه، وغرس مكارم الأخلاق فيه.
علمه والده رحمه الله- تعليمًا أوليًا على يد معلمين خصوصيين كان أحدهم يعرف بـ «الفقيه»، وكان أكثرهم من اليمن أو من المغرب، وأهم العلوم التي يتلقاها على يد الفقيه هي القرآن الكريم، وقليل من الخط والفقه، ثم يعتمد بعد ذلك على نفسه في تثقفيها بإقتناء الكتب ومجالسة العلماء وحضور حلقاتهم في المسجد الحرام، وحلقات العلم الخاصة والعامة، ولقد أحب العلم والعلماء والمثقفين؛ ولقد زاد من إهتمامه بالعلم والتثقيف الذاتي ما يجده من كتب ومخطوطات قيمة لدى مكتبة أخيه الشريف دخيل الله.
وكما هي تربية علية القيم في ذلك الوقت فقد علمه والده إلى جانب العلم الشرعي علمه الفروسية وركوب الخيل في سن مبكرة، وأصبح فارسًا مبرزًا حتى أنه ربما دخل السباق بفرسه جرداء دون سرج، ولحبه للخيل فقد اقتنى الأصائل منها فمن خيله الشهيرة «الكحيلة»، وكانت من سلالة خيل ابن رشيد، كما كانت له ست خيول أخرى كانت منها «الحمدانية»، و «عبية»، وغيرها([4]).
صفات الشريف علي:
كان رحمه الله- «رجلاً طِوَالاً قوي البنية معتدل القامة طويلها غير معلول ببطن أو «كرش» ولا مهلهلٍ بعَجُزٍ ولا أرداف، رياضي الشكل، جميل المحيا، مهيب الطلعة، أقنى الأنف، رافع الرأس، في غير تكبُّرٍ ولا استعلاء، كأنه الصقر، ثابت الخُطى، لم تخُنْه صحته وعافيته إلاّ بأشهُرٍ معدودة تقريباً قبل وفاته»([5])؛ ويذكر عارفوه أنه اتصف بخلال وصفات حميدة يندر أن تجتمع في رجال كثير منها: التدين، والزهد، والفروسية، والكرم، والشجاعة، وإكرام الجار([6]).
وظائف الشريف علي:
تولى الشريف علي إمارة رابغ وما حولها من ديار حرب، ثم تولى إمارة جدة، وقد كان من المقربين لأمير مكة الشريف الحسين بن علي الذي كان يعتمد عليه في شؤون القبائل وغير ذلك، وبعد نهاية ولاية الشريف حسين لازم الملك عبد العزيز -رحمهما الله تعالى-([7]).
مناقب الشريف علي بن منصور :
مناقب الشريف علي رحمه الله تعالى- لا تحصى، والمثنين عليها كُثر، ومن هؤلاء أستاذ الحديث النبوي وعضو مجلس الشوى سابقًا الدكتور الشريف نايف بن هاشم الدعيس البركاتي، وهذا نصه: «كان الشريف علي بن أحمد بن منصور كريم النفس، مهيبًا، شديد التواضع، يساعد الفقراء، ولا يخلو بيته من ضيف، والذي لم يرَ علي بن منصور لا يعرف سمت الأشراف، ومن هيبته وجلاله أنه إذا تحدث، الجميع ينصت، وإذا خرج إلى الحرم المكي كأنه ملك لما معه من حاشية وأولاد، وإذا رَآه أهل مكة يفسحون له الطريق والمكان في الحرم.
ظل مقيمًا في منزله ولم يغادره إلا في آخر حياته، وكان من دور واحد، ورفض أن يرفعه إلى دورين مراعاة لظروف جيرانه.
وله مع أبنائه وأحفاده لطائف؛ فمرة سأله ابنه الحسين عن كثرة إنفاقه على غير أهله مقارنة بما ينفقه على ذويه، فرد عليه بقوله: «أما علمت يا بني بقول الله تعالى: ﴿يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر:9].
وقدم ابن ابنه الشريف عبدالعزيز بن الحسين من بعض أسفاره، فلما سلم عليه استضافه على غداء في اليوم التالي من وصوله، وهكذا كان يكرم أبناءه وأحفاده، ويشجعهم على خصال الخير والشهامة والمروءة، وكانت له مزرعة لا يمنع الغرباء من تناول شيء من ثمارها، ويأمر خدمه بالكف عن منع أحد من الدخول إلى المزرعة»([8]).
ويقول حفيده الأديب الشريف عبدالعزيز بن الحسين بن علي بن منصور الكريمي: «ومن الخصال التي يتميز بها جدي الشريف عليّ الفراسة القوية، وقد حصلت عدة حكايات له مع أناس دلت على ذلك. وقد كان صاحب معرفة قوية بأنساب الخيل»([9]).
ويقول الشريف عبدالعزيز: «لم أرَ جدّي الشريف علي الشهير بـ «بن منصور» في يوم من الأيام طوال حياته غاضباً أو هائجاً أو صارخاً في مجلس من المجالس الخاصة أو العامة أو في حياته العادية معنا في بيته الكبير في حارة جبل الكعبة بحي جرول بمكة المكرمة حتى وإن ساءه أو أغضبه أمر فهو يتصرف تجاهه بحكمة وحزم، ولا يفقده ذلك الغضب سَمْتُهُ ولا اتزانه كرجل له مكانته واحترامه في ذاته وبين الناس، فيبدو لك أنه رجل شديد فعلاً وبمعنى الكلمة في السيطرة على نفسه لاتأخذه «الصُرَعة» أي شدة الغضب، ولايفقد توازنَه وسَمْتَهُ فيذكِّرك ذلك بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف «ليس الشديد بالصُرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»([10]).
إنسانية ووفاء الشريف علي بن منصور:
قال المؤرخ عبدالله بن ماهر بن حسين بن مبيريك صاحب كتاب «آل مبيريك شيوخ وأمراء رابغ»: «الشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي البركاتي الحسني، له موقف جميل من رجل جليل لصديق جليل يبرز جانب المرؤة والنخوة والنبل وأصالة المعدن لديه رحمه الله ورحم جميع موتى المسلمين، فما زالت ذاكرة المطلعين من شيوخ رابغ وأبناء آل مبيريك تقف احترام ممزوج بتقدير للشريف علي بن أحمد بن منصور، فبعد اغتيال الشيخ حسين بن مبيريك في مكة، علم الشريف علي بن أحمد بن منصور فغضب غضباً شديداً لصداقته ومعرفته بالشيخ حسين بن مبيريك فما كان منه إلا أن حمله إلى منزله وأشرف على غسيل الشيخ حسين بن مبيريك في داره ثم قال لشقيقه وخلفه إسماعيل بن مبيريك ولجميع مشائخ قبيلة حرب: عظم الله اجركم يا حرب في شيخكم حسين بن مبيريك وعزاه في بيتي 3 أيام».
الشريف علي بن منصور مؤرخًا ونسابة:
الشريف علي -رحمه الله- بشهادة العلماء وأهل العلم من أعلم الناس بتاريخ وأنساب الأشراف في زمانه، بل «اعتبره أشراف الحجاز في وقته بأنه نقيب الأشراف في الحجاز لمكانته بينهم وماضيه وتاريخه المجيد»([11])، ودونك أقول العلماء وأهل العلم والمكانة فيه:
سأل الشريف حسين بن حمزة الفعر رحمه الله- الشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي -وكان من جلسائه- عن حادثة تاريخية معلومة لدى كثير من الناس، فقال له أحد الجالسين: «يا شريف حسين هذه الحادثة معروفة، فقال: أعلم ذلك، ولكني أردت أن أسأل التاريخ عنها، -يعني الشريف علي بن منصور-«([12]).
وقال المؤرخ النَّسَّابة الشريف مساعد بن منصور آل زيد(ت1431هـ) صاحب كتاب «جداول أمراء مكة»: «في عنفوان شبابي التقيت بالشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي، واستقيت منه أنساب الأشراف آل بركات، والتي أودعت شيئًا منها في كتابي»جداول أمراء مكة«([13]).
وقال المؤرخ النَّسَّابة الشريف محمد بن منصور صاحب كتاب: «قبائل الطائف وأشراف الحجاز»: «التقيت بالشريف علي في منزله الكائن بمحلة جرول قبل ثلاثين سنة في مجلس لمناقشة نسب فرع من الأشراف، فهالني سمت هذا الرجل وهيبته ومعرفته بأنساب الأشراف ورأيته يتحرى ويسلك مسلك المتقدمين في علم الأنساب»([14]).
وقال أستاد الحديث النبوي وعضو مجلس الشورى المؤرخ النَّسَّابة الدكتور الشريف نايف بن هاشم الدعيس البركاتي صاحب المؤلفات والتحقيقات: «استفدت من الشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي والشريف ناصر بن كريم الكريمي رحمهما الله-، ولقد كان لعمتي الشريفة سرة بنت محمد الدعيس زوجة أمير المدينة الشريف أحمد بن منصور بن أحمد الكريمي أثر في حبي لهذه العلوم، فهي من أعلم النساء في زمانها بأنساب أشراف الحجاز، وقد كانت تحتفي بي لكوني أشبه أبي الذي تولت رعايته بعد وفاة والدته رحمهما الله- وتثقّفني بمعارفها، وبعد العصر أخرج من منزلها إلى منزل ابن زوجها الشريف العَلَم علي بن أحمد بن منصور الكريمي-رحمه الله تعالى- وأجلس في مجالسه الماتعة، وإذا جاء جلساؤه أقوم بضيافتهم وأستمع إلى حديثهم في التاريخ والأنساب، وإذا تحدث الشريف علي سكت الناس لسماع حديثه الماتع، ومن ذكرياتي في مجالس الشريف علي أنه يومًا تحدث عن تاريخ مكة فساق تاريخها من عهد النبي ^ بإيجاز جميل ذاكرًا الأمراء منهم والحوادث التي وقعت فيها إلى عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله.
لازمت الشريف علي بن أحمد بن منصور قرابة ثلاثين سنة أزوره في عطلات المدارس والمناسبات لكوني من سكان المدينة النبوية.
كان محبًا لأهل العلم يجالسهم ويرعاهم ويحاورهم، وكنت ممن حظي بحبِّه لاهتمامي بعلوم الشريعة فكان يقربني منه ويقدمني على غيري من أترابي ومن هم أكبر سنًا مني.
ومن قوته الجسدية ما حكاني الشيخ محمد المختار الشنقيطي صاحب كتاب «شرح سنن النسائي» أن سيارة دهمته في غفلة منه فإذا يدٌ تنتشله وتحمله بعيدًا عن خطر السيارة، وبعد التفافته وجد الشريف علي رحمه الله- هو من حمله وأبعده عن الخطر.
وأذكر أن حفيده نايف بن زامل حمل إليه أحد حجاج بيت الله الحرام، وقد سأل نايف عن موقع جده، وعندما وصل فوجئنا أنه يسأل عن نسبه وتبين للشريف علي أنه حفيد لأجداد هاجروا من أرض الحجاز إلى إفريقيا»([15]).
وقال النَّسَّابة الشريف أحمد الحرازي: «كان الشريف علي -رحمه الله- موسوعة في معرفة قبيلة الأشراف الحَسنيين والحُسينيين، بل وغيرهما، وقد كان القاصي والداني يلجأ إليه لمعرفة نسبه أو الفصل بين من اختلطت أنسابهم بأنساب غيرهم، فهو مرجع لأشراف الحجاز الحَسَنيين كافة.
وقد رأيت رجالاً من الأشراف الحُسينيين -أي من بني الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- من أهل حمص يسألونه عن أنسابهم، وآخرين من قبيلة بني صخر، وقبائل من حرب وغيرها من قبائل الحجاز.
وقد كان الشريف علي يتحرى الدقة والأمانة في هذا العلم، فإذا سأله سائل و استشكل عليه شيء رجع إلى كتبه ووثائقه ومشجراته، وهذا دأب أهل العلم «([16]).
ويقول حفيده الأديب الشريف عبدالعزيز بن الحسين بن علي بن منصور الكريمي: «لازمت واستفدت من جدي النَّسَّابة الشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي كثيرًا واستفدت منه، واستفادتي لم تكن مقصورة على علم النسب، فقد كان هذا الجد عظيمًا في نفسي كما هو عظيم في نفوس أشراف الحجاز لما يتحلى به من أخلاق رفيعة وصفات عظيمة.
لقد كنت أتردد عليه باستمرار وأنتهز فرصة استقباله لضيوفه بغية الاستماع إلى حديثه، فهو يخرج الكلمة أو الكلمتين ولكنها تجد في النفس موقعًا، وكم طُرحت عليه في هذه المجالس مسائل حول النسب يجيب عليها إجابة رجل متمكن ضليع في علم النسب، من ذلك: أنني استضفت صديقًا لي تويجريًا من أهل نجد، عارفًا بنسب قبيلته عنزة، ودعاه جدي، فما أن رأى جدي حتى ابتدأ الحوار معه عن أنساب قبائل المملكة ثم دار الحديث عن نسب أسرة التويجري، فطرح عليه جدي عدة أسئلة عن فروع قبيلته عنزة وأصولها، ثم أبان له من هي قبيلة عنزة أصولها وفروعها وأبان له حقائق لم يكن يعرفها فخضع لعلمه، وتعجب من معرفته لقبائل ليست في إقليمه.
وقد رأيت أسلوبه في التحقق مع من صح، أو ادعى النسب النبوي الشريف في عدة مجالس، فرأيته يتحرى التحري الشديد، فيسأل عن الأصول والفروع سؤال رجل راسخ في هذا العلم»([17]).
وقال المؤرخ النَّسَّابة الشريف حشيم بن غازي البركاتي: «إننا لا نعدو الحق إذا ما قلنا أن الشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي البركاتي كان من العارفين البارزين بأنساب أشراف الحجاز في زمانه، ولقد تحقق هذا الأمر لي أنا شخصياً عبر موقفين في هذا المقام :
الموقف الأول: هو ما كان من وهم لدى إخوتنا الأكارم الأشراف ذوي سرور من بد الحسن النمويين ، بأنهم من ذرية الشريف باز بن محسن بن الحسين بن الحسن بن محمد أبي نمي الثاني، وأنهم بذلك قرابة قريبة للأشراف ذوي زيد وشركاء معهم في المال والحال، وكان بعضهم يروج بأن بيدهم ورقة من الشريف علي بن منصور الكريمي تؤكد مقالهم، ولمّا أن اطلعت على تلك الورقة وجدتها مغايرة لما يقولون بل أنه -رحمه الله- سرد عمود نسب ذوي سرور المعروف والمشهور لدى جميع الأشراف النمويين، بأنهم ذرية (الشريف سرور بن باز بن أحمد بن علي بن باز بن الحسن بن محمد أبي نمي الثاني )، وأحالهم في ذلك -رحمه الله- إلى مشجرة الري المعروفة، حيث أفادهم في تلك الورقة بأنه وجد ذلك العمود فيها دون إحالة منه إلى مشجرته المشهورة على الرغم من توافقها مع مشجرة الري، وأشهد على ذلك النقل وتلك الإفادة الشريف عبيد بن لملم العبدلي (من الأشراف الفواخر الحمودية) عليه رحمة الله تعالى .
وهو في هذا المقام قد أحالهم إلى أنفسهم، ذلك أن مشجرة الري هي من مشجرات بد الحسن من آل أبي نمي، والذي يعد الأشراف ذوي سرور بطن من بطونه، ولم يحلهم إلى مشجرته، وهو بذلك يؤكد القول المشهور (بأن أهل البيت أدرى بمن فيه)، حيث أن ذوي سرور مثل غيرهم بطن من بطون بد الحسن من آل أبي نمي أمرهم إلى جماعتهم بد الحسن، فإذا ما أقروهم على ما يقولون فقد صدقوا قولهم، وإذا ما عارضوهم في ذلك فقد صححوا لهم ما داخلهم من الوهم .
ولله دره -رحمه الله- فقد قعد لآلية مهمة من الآليات التي ينبغي أن تنتهج من قبل جميع النسابين ومن يعمل في خدمة الأنساب الطاهرة، بأن لا يفتي وأهل البيت موجودون استناداً على القاعدة الشهيرة «لا يفتى ومالك في المدينة»، ورأيتنا -نحن معاشر المهتمين بأنساب الأشراف- في أيامنا المعاصرة بدأنا ننهج هذا النهج ونأخذ بهذه القاعدة، التي سبقنا إليها رحمه الله بعقود طويلة .
والموقف الثاني: تجلى من خلال نفيه -رحمه الله- صلة شواكرة الطرفاء بالأشراف الشواكرة أهل بحرة من آل بركات، ونظراً لعدم معرفة شواكرة بحرة بهم فضلاً عن جهالتهم بحالهم، فقد ذهبوا بهم إلى الشريف علي بن منصور ــ رحمه الله ــ الذي أفادهم بأنهم ليسوا منهم، وإنما هم عجوم من القبيلة العربية المشهورة قدم جدهم من نجد واستقر في الطرفاء بوادي الزبارة أعلى وادي مر (وادي فاطمة) .
ولمّا أن اطلعت -أنا كاتب هذه السطور- على الصك الخاص بتملكات الشريف عون الرفيق بن محمد بن عبد المعين بن عون -أمير مكة في زمانه عليه رحمة الله- الواقعة بوادي الزبارة ووادي فاطمة والمؤرخ في 28 / 12 / 1305هـ، تأكد لي صحة قول الشريف علي بن منصور لمّا أن وجدت ذكر شواكرة الطرفاء بالنعت الذي ذكره، وذلك في ثنايا تسجيل تملك عون الرفيق للبلاد المسماة (الدبة)، حيث ورد ذكر حد من حدودها بالنص التالي: (... التي يحد البلاد المسماة الدبة المذكورة شرقاً الأرض المسماة مصيبخة ملك السادة الأشراف المناعمة، وذوي شاكر العجوم قديماً ...).
وهذا لعمري دليل واضح وبرهان ساطع على رسوخ قدم الشريف علي بن أحمد بن منصور الكريمي البركاتي في علم النسب ، ودليل أيضاً على تقواه وورعه، وسمته العالي وخلقه الرفيع عليه رحمة الله تعالى»([18]).
قلت: لم يكن الشريف علي بن منصور ملمًا بأنساب الأشراف فقط، بل كان ملمًا بأنساب غيرهم من القبائل العربية في الحجاز، ونجد، وغيرها، ومن هذه الأنساب أنساب قبائل حرب، لكونه كان شيخ مشايخهم، قال صاحب كتاب: »أسرارالثورة العربية الكبرى»: «الشريف علي بن أحمد بن منصور، شيخ مشايخ قبائل حرب«([19]).
قلت: هذا المنصب وراثي فقد كان أبوه الشريف أحمد وعمه الشريف محسن بن منصور شيوخ قبائل حرب، قال ديفيد هوجارت: «أحمد بن منصور الكريمي الشريف: أمير زبيد من حرب، وهو الذي ورث إمارة الحروب . وقال : محسن بن منصور الكريمي الشريف: شيخ فرع مسروح من بني حرب ، ويسمى في العموم في مناطق الساحل بأمير بني حرب، وهو لقب وراثي يتقاسمه مع أخيه أحمد»([20]).
وقال المؤرخ صبحي العمري (ت1393هـ) : «الشريف محسن بن أحمد منصور ، شيخ شيوخ قبائل حرب، وقبائل حرب هي أكبر قبائل الحجاز»([21]).
مقتنيات الشريف علي بن منصور في النسب:
كانت بحوزة الشريف علي بن منصور مشجرة عتيقة أُلفت في ذرية الشريف قتادة، وتوسعت خاصة في نسب الأشراف آل بركات، وتم تدوينها سنة 1224هـ؛ واشتهرت هذه المشجرة لدى أهل العلم بـ «مشجرة الشريف علي بن منصور»، ثم آلت هذه المشجرة بعد وفاته رحمه الله- إلى أحد أبنائه الكرام.
ومن أمانته العلمية أنه لم يذيل على هذه المشجرة، أو يعلق عليها حتى لا يشتبه على الآخرين عمله بعمل صاحب المشجرة، قال النَّسَّابة الشريف أحمد الحرازي: «للشريف علي بن منصور منهج في التعامل مع المشجرات القديمة يدل على أمانته ومحافظته على الموروث، فقد طُلب منه أن يذيل لفرع من الأشراف على المشجرة القديمة التي بحوزته والتي عرفت باسمه، فرفض ذلك وقال: اعملوا مشجرة أخرى حديثة وانسخوا ما في هذه المشجرات التي بحوزتي ثم ذيلوا عليها، ومن أمانته أنه لم يذيل لفرعه فيها«([22]).
وفاة الشريف علي بن منصور:
توفي الشريف علي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- في مكة المكرمة سنة 1406هـ، ودفن في مقبرة المعلاة.
وقد أنجب رحمه الله تعالى- أبناءً نجباء، وهم: زامل، و الحسين، ومنصور، وعبدالله، ومحسن، ومحمد، وعبدالعزيز، وخالد، وغازي، وسعود، وناصر، وفيصل، وشاكر، وعبدالكريم؛ وقد تبواء بعضهم مناصب في الدولة.
وأنجب رحمه الله تعالى- من البنات اثنتي عشر بنتًا، معظمهن يعملن في التعليم كمديرات ومدرسات بمدارس مكة المكرمة حرسها الله-([23]).
وفي الختام أقول: سيرة هذا الأمير العَلَم، المؤرخ، النَّسَّابة الشريف علي بن منصور الكريمي تقع في مجلد أو أكثر من ذلك لو تُتبعت أخباره، وقد كفانا مؤنة تتبع أخباره ابنه الفاضل الشريف ناصر الذي شرع في تأليف سيرته، وقد تكون في مجلد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه
أبو هاشم الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
ص. ب: 10403 جـدة 21433
المملكة العربية السعودية
البريد الإلكتروني: hashemi89@hotmail.com
2/11/1431هـ
كتبه
أبو هاشم الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
ص. ب: 10403 جـدة 21433
المملكة العربية السعودية
البريد الإلكتروني: hashemi89@hotmail.com
2/11/1431هـ
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) مصادر ترجمتة الشريف علي: «أسرار الثورة العربية الكبرى» (ص 92)، «قبائل الطائف وأشراف الحجاز» (ص 41)، «رجال من مكة المكرمة» (5/312 - 316)، «معجم أشراف الحجاز» (2/1205)، «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/31، 114، 206، 261، 477، 478)، «تحقيق منية الطالب في معرفة الأشراف الهواشم» (ص 126)، «الإشراف» (1/31، 114، 206، 261، 435، 477، 478)، مقالة «سيرة الشريف علي بن منصور الكريمي» لحفيده الشريف عبدالعزيز بن الحسين الكريمي، «ملامح من حياة العلم المؤرخ والنَّسَّابة الشريف علي بن منصور الكريمي رحمه الله» لحفيده الشريف عبدالعزيز بن الحسين منشورة في موقع أشراف الحجاز.
([2]) «رجال من مكة المكرمة» (5/313 ).
([3]) الشريف أحمد : هو ابن منصور بن أحمد بن دخيل الله، أبو علي الكريمي البركاتي، أمير المدينة من سنة (1337هـ) إلى سنة (1344هـ). توفى -رحمه الله- في مكة المكرمة -زادها الله شرفاً-، ودفن في مقبرة المعلاة سنة (1354هـ). «تاريخ أمراء المدينة» (ص427)، وتاريخ وفاته عرفته من حفيده الشريف عبد العزيز بن حسين بن علي بن أحمد الكريمي.
([4]) مقالة: «سيرة الشريف علي بن منصور الكريمي»، لحفيده الشريف عبدالعزيز بن الحسين الكريمي.
([5]) مقالة: «ملامح من حياة العلم المؤرخ والنَّسَّابة الشريف علي بن منصور الكريمي رحمه الله»، للشريف عبدالعزيز بن الحسين بن علي الكريمي، منشورة في موقع أشراف الحجاز.
([6]) «رجال من مكة المكرمة» (5/313 ).
([7]) «قبائل الطائف وأشراف الحجاز» (ص 41)، «رجال من مكة المكرمة» (5/312 - 316)، «معجم أشراف الحجاز» (2/1205).
([8]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/477).
([9]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/262).
([10]) مقالة: «ملامح من حياة العلم المؤرخ والنَّسَّابة الشريف علي بن منصور الكريمي رحمه الله»، للشريف عبدالعزيز بن الحسين بن علي الكريمي، منشورة في موقع أشراف الحجاز.
([11]) مقالة: «ملامح من حياة العلم المؤرخ والنَّسَّابة الشريف علي بن منصور الكريمي رحمه الله»، للشريف عبدالعزيز بن الحسين بن علي الكريمي، منشورة في موقع أشراف الحجاز.
([12]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/206).
([13]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/435).
([14]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/262).
([15]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/477-479).
([16]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/114-115).
([17]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/261-262).
([18]) ««فيض الرحمات في التعريف بالأشراف النمويين آل بركات» (ص 133).
([19]) «أسرار الثورة العربية الكبرى» (ص 92).
([20]) «الحجاز قبل الحرب العالمية الأولى» (ص 60 ، 68) See(HEJAZ BEFORE WORLD WAR I)Page 60,68..
([21]) «المعارك الأولى» (1/108).
([22]) «الإشراف على المعتنين بتدوين أنساب الأشراف» (1/114-115).
([23]) مقالة: «سيرة الشريف علي بن منصور الكريمي»، لحفيده الشريف عبدالعزيز بن الحسين الكريمي.