• ×

رسالة إلى الحريص على اغتنام رمضان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
رسالة إلى الحريص على اغتنام رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والصلاة والسلام على سيِّد الأنام، وعلى آله وصحبه البررة الكرام، ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فاعلم ـ أيها الحريص على اغتنام رمضان ـ أن من توفيق الله لك، وإحسانه إليك: أن بعث فيك داعي الطاعة، وخلق في نفسك الرغبة في الخير، وما ذلك إلا فضلٌ منه ورحمة، وإنعامٌ منه ومِنَّة، فتأمَّل في آلائه، وأدم شكرَه على نعمائه.
والاجتهاد في رمضان من سنن النبي عليه الصلاة والسلام، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ في رَمَضَانَ مَا لاَ يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ ، وَفِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْهُ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ . رواه مسلم .
ومن ثمَّ كانت هذه الرسالة تذكرةً لنفسي ولمن سألها من إخواني بجملةٍ من الأمور باختصار وإيجاز، منها ما يختصُّ برمضان، ومنها ما يتعلَّق بالعمر كلِّه، لكنه يتأكَّد في شهر الصيام.
والله أسأل أن ينفع بها كل مَنْ قَرَأَهَا، أو أسعفني بأي خطإٍ وقع مني فيها. إنه سميع قريب.
اعلم ـ أخي الحريص ـ أن:
أعظمَ الأعمالِ وأجلها: هو الإخلاص لله جل وعلا، ((وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) ، فلن تنفعَ العبد صلواته، ولا قراءاته، ولا اجتهاداته إذا لم تكن النيَّة خالصةً لوجه الله تعالى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.
فتذكَّر هذا جيِّدًا عند خروجك للمسجد، وقراءتك للقرآن، وبكائك، وتضرُّعك، ودعائِك، وعمرتِك، وصدقتِك، بل وفي جميع عبادتِك.
فلا تلتفتْ إلى مدح الناس وثنائهم، فوالله لن ينفعك بشيءٍ، وإنما ينفعك تجريدك العمل لله سبحانه وتعالى.
ثم اعلم أن رأس مالك هو فعل الفرائض، والمحافظة عليها، وترك المحارم، والابتعاد عنها:
فاحرص على:
1) صلاتك، فهي عمود دينك، متى أصلحتها أفلحت، ومتى أفسدتها خسرت.
فلا تفوتنَّك صلاة الجماعة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أنْ يَلْقَى اللهَ تَعَالَى غداً مُسْلِماً ، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكم - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الهُدَى ، وَإنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى ، وَلَوْ أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكم كَمَا يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّة نَبِيِّكُم لَضَلَلْتُمْ ، وَلَقَدْ رَأيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَى بهِ ، يُهَادَى( ) بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ.رواه مسلم.
وتأمَّل في حال السلف، فهذا سعيد بن المسيَّب رحمه الله يقول: ((ما أذَّن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد)).
وحافظ على خشوعها، والتذلل لله فيها، فعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الرجلَ لينصرف وما كُتِبَ له إلا عُشْر صلاته، تُسُعُها، ثُمُنها، سُبُعها، سُدُسها، خُمُسها، رُبُعها، ثُلُثُها، نِصْفُها». أخرجه أبو داود، وغيره، وحسنه الألباني.
كان السَّلَفُ رحمهم الله إذا صلوا = صلوا صلاةَ مودِّع، مستشعرين وقوفهم بين يدي الله. قال الثوري رحمه الله: (لو رأيتَ منصورًا ـ يعني: ابن المعتمر ـ يصلي = لقلت: يموت الساعة!!)). وقال أبو عبدالرحمن الأسدي: قلت لسعيد بن عبدالعزيز: يا أبا محمد ما هذا البكاء الذي يَعْرِضُ لك في الصلاة؟! فقال: يا ابن أخي وما سؤالك عن ذلك؟ قلت: يا عم، لعل الله أن ينفعني. فقال سعيد: (ما قمت في صلاتي إلا مثلت لي جهنم).
صلى أبو زرعة الرازي رحمه الله في مسجدِه عشرين سنة بعد قدومه من السفر، فلما كان يومًا من الأيام قَدِم عليه قومٌ من أصحاب الحديث، فنظروا فإذا في محرابه كتابةٌ، فقالوا له: كيف يقول في الكتابة في المحاريب؟ فقال: كرهه أقوام ممن مضوا. فقالوا له: هو ذا في محرابك كتابة! أَوَ ما علمت به؟!. قال: سبحان الله! رجلٌ يدخل على الله عز وجل، ويدري ما بين يديه؟!.
ولا تكن ممن يتهاون في تكبيرة الإحرام، والصف الأول. قال إبراهيم التيمي رحمه الله: (إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يديك منه).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (للعبد بين يدي الله موقفان: موقف بين يديه في الصلاة، وموقف بين يديه يوم لقائه، فمن قام بحق الموقف الأول: هون عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه: شدد عليه ذلك الموقف).
وإياك أن تكون ممن يحرص على التراويح والقيام أكثر من حرصه على الصلوات المفروضة!!، فهو حال من يبحث الربح، ويضيِّعُ رأس المال.
2) أن تكون من أبرِّ الناس بوالديك.
عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قَالَ : قُلْتُ: يَا رسولَ الله ، أيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى ؟ قَالَ : (( الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا )) قُلْتُ : ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ : (( بِرُّ الوَالِدَيْنِ )) قلتُ : ثُمَّ أيُّ ؟ قَالَ : ((الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ)) متفقٌ عَلَيْهِ.
فانظر كيف كان برهما أحبَّ إلى الله تعالى من الجهاد الذي فيه بذل النفس لله، فكيف بغيره؟، فاحذر أن تجتهد في أيِّ عمل على حساب بر الوالدين.
واحذر أن تقدِّم على والديك: رحلةً ـ ولو لطاعةٍ، كعُمْرِةٍ مستحبة ـ ، أو جلسةً ـ ولو مع الصالحين ـ ، فرُبَّ امرئٍ فعلَ ذلك، وهو يظنُّ أنه يحسن صُنْعًا، وإنما خذله الشيطان ـ والعياذ بالله ـ ، فصرفه عن أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة.
فالموفَّق من كان بارًّا بوالديه كل وقت، فإذا دخل رمضان زاد برَّا على برِّ، وفضلًا على فَضْلٍ.
3) أن تحفظ لسانك من الوقيعة في أيِّ مُسْلِم، واشتغلْ بعيوبِ نفسك عن عيوب غيرك، فإن لك في عيوب نفسك شُغْلًا.
واحذر أن تتساهلَ ـ ولو في كلمة ـ، فربما حَبِطَ عملُكُ وأنت لا تشعر، واستحضر دائمًا أن الله يَسْمُعك، فلا يسمعْ منك إلا ما يحب، وتذكَّر: ((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)).
عن أَبي هريرة رضي الله عنه : أنَّه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : ((إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ)) متفق عَلَيْهِ .
ومعنى : (( يَتَبَيَّنُ )) يُفَكِّرُ أنَّها خَيْرٌ أم لا.
قال الإمام النووي رحمه الله: اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَمًا ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ .
وصدقَ رحمه الله، فقد رأينا إنَّ الكلام إذا خرج إلى فُضُولِ المُبَاح = جرَّ كثيرًا إلى مكروهِهِ ومحرَّمِه.
4) أن تحفظَ عينك من النظر إلى الحرام؛ فإن لها أثرًا عظيمًا في فساد القلب، وهي سهمٌ مسموم من سهام إبليس.
وتذكر دائمًا أن الله يراك، وأن عينَه لا تغيبُ عنك؛ فلا تجعلْه أهونَ الناظرين إليك، ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون)) ، فغضُّ البصر فيه زكاةٌ للنفس، وصلاحٌ لها، وقد قيل: (مَنْ حفظ بصرَه، أورثه الله نورًا في بصيرته).
كل الحوادثِ مبداها من النظرِ ... ومعظمُ النار من مُستصغرِ الشررِ
كم نظرةٍ فتكتْ في قلبِ صاحبها ... فَتْكَ السهامِ بلا قوسٍ ولا وَتَرِ
والمرءُ ما دامَ ذا عينٍ يقلِّبها ... ... في أعينِ الغِيدِ موقوفٌ على الخطرِ
يسرُّ مقلتَه ما ضرَّ مهجتَه ... ... لا مرحبًا بسرورٍ عادَ بالضرر
قال ابن مفلحٍ رحمه الله: وَلْيَحْذَرْ الْعَاقِلُ إطْلَاقَ الْبَصَرِ ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَرَى غَيْرَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ.
ومن تركَ النظرة المحرَّمة خوفًا من الله تعالى = أورثه اللهُ حلاوةَ العبادة، يقول الإمام الغزالي رحمه الله: وهذا شيءٌ مجرَّبٌ عَلِمَه وتحقَّقَه من عَمِلَ به، أنه إذا امتنعَ عن النظرِ إلى ما لا يعنيه = يجدُ لذةً للعبادة وحلاوة، وللقلب صفوةً لم يجدْها قبل ذلك.
وإنما أطلتُ الكلامَ عن هذا الداءَ؛ لانتشار أسبابه، وكثرة الشكوى منه، والله المستعان.
والنظرة خطوة من خطوات الشيطان، وربما تلاها خطوات، والله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)).
5) أن تصل ذوي رحمك، فإن قطيعتَها من كبائر الذنوب.
وقد يُحرم العبد من التوفيق بسبب قطيعته لرحمه، ويكفي في ذلك: أن الله يصل من وَصَلَ رَحِمَه، ويقطع من قطع رَحِمَه.
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ الله لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ)) أخرجه الترمذي، وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح.
فهذه الأمور تجب المحافظة عليها طول العمر، لا في رمضان فحسب، وإنما حصل التوكيد عليها دون غيرها؛ لكثرة الخلل والتقصير فيها.
وأما ما زاد عليها: فهو ميدانٌ واسعٌ من المستحبات يتسابق فيها المتسابقون، ويتنافس فيه المتنافسون، وقد ضرب فيه سلفنا الصالح رحمهم الله الأمثلةَ الرائعة؛ لمَّا عَلِمُوا أن سِلْعَةِ الله الجنة، وأنها غالية، فضحَّوا من أجلها بالنفس، والنفيس.
فمن ذلك: قيام الليل، وهو أفضل الصلاة بعد المكتوبة.
وهو يدلُّ على فضل المرء، يدل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما على إثرِ رؤيا رآها : ((نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ الله لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ)). قال سالمٌ: فكان عبدُ الله ـ يعني: والدَه ابنَ عمر ـ لا ينامُ من الليل إلا قليلًا. رواه الشيخان.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (فمقتضاه أن مَنْ كان يُصلِّي من الليل يوصف بكونه نعمَ الرجل).
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد)) أخرجه الترمذي وابن خزيمة والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري.
كان وكيعٌ رحمه الله لا ينامُ حتى يقرأ جزءه من كلِّ ليلةٍ ثلثَ القرآن، ثم يقوم في آخر الليل، فيقرأ المفصَّل، ثم يجلس، فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر.
وكان بَقِيُّ بن مخلد رحمه الله يختم القرآن كل ليلة، في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مئة ركعة، ويصوم الدهر.
والتراويحُ من قيام الليل في رمضان، ومن كرم الله وجودِه أن كتبَ لمن قام مع الإمام حتى ينصرفْ أجرَ قيام ليلةٍ، يدل على ذلك: ما رواه الترمذي ـ وقال: حسن صحيح ـ وغيرُه عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: (إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ...)الحديث.
ولذا فحَرِيٌّ بالحريص ألا ينصرف قبل انصرافِ الإمام من آخر ركعةٍ في الوتر حتى ينال هذا الأجر، فإنَّ من انصرف قبل انصراف الإمام ضيَّعه على نفسه.
وأما من كان له بقية وِرْدٍ من الصلاة، فإما أن يَشفَعَ وِتْرَه بعد سلام إمامه، وإما أن يصليَ شفعًا بعد وترِه هذا، ولا يوتِرُ أخرى، وذهبَ بعض الفقهاء إلى مشروعيةِ أن ينقض وِتْرَه، بأن يصلي ركعةً، ثم شفعًا ما شاء، ثم يوتر. وتفصيل ذلك وأدلتُه في كتب الفقه.
واعلم أنَّ الذنوب ـ أعاذني الله وإياك ـ سببٌ لحِرْمَان الطَّاعة، وقيامِ الليلِ: قال سفيان الثوريُّ رحمه الله: (حُرِمْتُ قيامَ الليلِ بذنب أحدثته خمسة أشهر).
ومن ذلك: كثرة قراءة القرآن. ففيه حياة القلوب، وشفاء الصدور. ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين)).
كان الإمام محمد بن إسماعيل البخاري(صاحب الصحيح) رحمه الله يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة.
وتأمَّلْ في قولِ الله تعالى: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) ، ما قال: (ليقرؤوا)، أو (ليحفظوا)، بل قال: ((ليدَّبَّرُوا))، وقال سبحانه: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)).
قال الثعالبي رحمه الله في تفسيره: (اعلم رحمك الله تعالى: أنَّ تدبُّر القرآن كفيلٌ لصاحبه بكُلِّ خير، وأما الهَذْرَمَة والعَجَلَةُ، فتأثيرُها في القَلْب ضعيفٌ).
والقراءة في كتب التفسير ـ ولو كانت مختصرة جدًا ـ مما يُعِينُ على تدبر القرآن.
ومن ذلك: كثرة الذكر. فبه تطمئن القلوب، وتنشرح الصدور، والذكر نوعان:
1) مقيَّدٌ بأوقات مخصوصة، كأذكار الصلوات، والصباح والمساء، ودخول المسجد، والخروج منه، وأمثال ذلك.
2) مطلق في أي وقت، أي حال، كالتسبيح، والتهليل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم . والله سبحانه امتدح أولئك ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ)). وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
وعن عكرمة رحمه الله: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة. وقيل لأبي الدرداء رضي الله عنه - وكان لا يفتر من الذكر -: كم تسبح في كل يوم ؟ قال: مئة ألف، إلا أن تخطئ الأصابع.
وعن عائشة رضي الله عنها قال : قُلْتُ : يَا رسول الله ، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ : (( قُولِي : اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي)) رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح .
ولا تفوِّت على نفسك كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كل وقت، وبخاصةٍ يوم الجمعة، فعن أوس بن أوس رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ )) . قَالَ: قالوا: يَا رسول الله ، وَكَيفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ ؟! قَالَ : يقولُ بَلِيتَ . قَالَ : (( إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ )) . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
فاحرص على الذكر بنوعيه: تسعد في الدنيا والآخرة، ويكفي الذاكر شرفًا وفخرًا أن الله يذكره. ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)) [البقرة : 152] ( ).
ومن ذلك: كثرة الصدقة، والمؤمن في ظلِّ صدقته يوم القيامة، ومَنْ أَحْسَنَ فإنما يُحْسِنُ إلى نفسه. ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئةَ كما يُطْفِئُ الماءُ النار، وصلاةُ الرجلِ في جوفِ الليل))، ثم تلا : ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِع))ِ [السجدة : 16] حتى إذا بلغ: (يَعْمَلُون). رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
فهنيئًا لمن تذكَّر الفقراء والمساكين، والأرامل واليتامى والمحتاجين، فلم تَطِبْ نفسه أن يشبع وهم جائعون، أو أن يأكل وهم يبحثون. ((وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون)).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
ومن ذلك: العمرة. عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي )) متفقٌ عَلَيْه.
وإذا وفَّقك الله للاعتمار: فعليك بالسنة في كل شيءٍ، ولا تجعلها مجرَّد حركات، وخطوات، خاليةٍ من الخشوع والخضوع والدعوات.
قال أبو الحباب: سمعت الجريري يقول: أحرم أنس بن مالك رضي الله عنه من ذات عرق، قال: فما سمعناه متكلمًا إلا بذكر الله حتى حلَّ، قال فقال له: يا ابن أخي هكذا الإحرام.
ومن ذلك: الاعتكاف، فقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان، واعتكف أزواجه من بعده.
ويجوز بكل وقت، وأفضله: العشر الأخيرة من رمضان، وأقله: ساعةٌ عند الشافعية والحنابلة، وبعض الحنفية، ويومٌ وليلة على المشهور عند المالكية، وبعض الحنفية.
وعليه: فلك أن تنوي الاعتكاف مدةَ مكثِكَ في المسجد بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس قدر رمح بعد الإشراق، منشغلًا بذكر الله، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ)) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ)). أخرجه الترمذي، وقال: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وإذا وفَّقك الله للاعتكاف: فاحرص على أن تنشغل بعبادةِ ربك، وتُقْبِلَ عليه بكُلِّيَّك، فكم من امرئٍ ضيَّع اعتكافَه في القِيلِ والقَال، فلا تراه إلا مع فلانٍ وفلان، وكأنما اعتكافه نزهة لأيام، فلا عجب إن خرج من مُعتَكفِه كما دخل من غير أن يجد لذلك أثرًا، أو يذوق له حلاوة.
ومن ذلك: كثرة الدعاء، وهو لحظةُ اتصالٍ بين العبدِ وربِّه، يشكو فيها أحزانَه، ويبثُّ فيها همومَه وآلامَه، ويطلبُ فيها مُبْتَغَاه، ويرجو بُلُوغَ ما يتمناه.
والله سبحانه وعد بالإجابة من دعاه ، فقال ـ وهو أصدق القائلين ـ ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) ، فكم من إنسان ضاقت عليه الدنيا، فخضع لله، وانكسر واطَّرح بين يدي مولاه، وفاضت عينُه ذلًّا لله، ثم دعاه، مُوْقِنًا أنه يَسْمَعُه، متحقِّقًا أنه سيجيبُه، ففرَّج الله همَّه، وكشفَ غمَّه، وأعطاه سؤله وأملَه.
قال ابن القيم رحمه الله : ((الدعاء...من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف عنه أثره: إما لضعفه في نفسه، بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيَّته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًا، فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام والظلم ورَيْنِ الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو، وغلبتها عليها، كما في صحيح الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافلٍ لاهٍ)...
ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه: أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذرًا، أو غرس غرسًا فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله، وإدراكه تركه وأهمله، وفى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي) ...
وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيَّته بكليَّته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة، وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعةٍ بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعًا في القلب وانكسارًا بين يدي الرب، وذلًا له، وتضرعًا، ورقَّةً، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنَّى بالصلاة على محمدٍ صلى الله عليه وسلم عبده، ثم قدَّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله وألحَّ عليه في المسألة، وتملَّقه، ودعاه رغبةً ورهبةً، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدَّم بين يدي دعائه صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يُرَدُّ أبدًا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم).

واعلم: أن الاجتهاد في رمضان ليس قاصرًا على الليل، بل للنهار منه نصيب.
قال يحيى بن سعيد القطان رحمه الله: ((ما رأيت رجلًا أفضل من سفيان لولا الحديث، كان يصلي ما بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء صلاة، فإذا سمع مذاكرة الحديث ترك الصلاة وجاء).
وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي في كل يومٍ وليلة مائة وخمسين ركعة، وكان قرب الثمانين!!.
كانوا يفعلون هذا في غير رمضان، فكيف حالهم في رمضان؟! ، وقد سبق أن البخاري رحمه الله كان يختم في نهار رمضان كلَّ يومٍ ختمة.
واعلم: أن الفراغ نعمة عظيمة مغبون فيها كثيرٌ من الناس، وشتَّان بين من عَمَرَ فراغَه بالصلوات، وتلاوةِ الآيات، أوسماعِ المحاضرات، وبين من ضيَّعه في القيل والقال، ومشاهدة المسلسلات والمباريات.
فإياك أن تضيِّعَ أوقات رمضان في غير ما يقرِّب إلى الرحمن، فإنما هي أيامٌ معدودات.
واعلم: أن المؤمنَ الصادقَ هو الذي يمتلأ قلبه حسرةً إن ضاعتْ عليه سُنَّة، فَضْلًا عن أن تضيع عليه فريضة، وكان بعض السلف يعزي بعضهم أخاه إذا فاتته صلاة الجماعة، وكان ابنُ عمر رضي الله عنهما إذا فاتته العشاء في جماعة أحيا بقية ليلته.
فإذا فاتك خيرٌ فابكِ على نفسك، وتحسَّر على فواته، وإذا لم تبكِ، ولم تتحسَّر، فابكِ على عدم بكائك وتحسُّرك، فإن من عرف قيمة الطاعة: عرف خسارة من فاتته.
واعلم: أن بعض العبادات (كالعمرة والاعتكاف مثلًا) لها فقه، فاحرص على تعلمه قبل فعله؛ لتصيبَ السنة، وتجتنب المحظور.
واعلم: أنه يجب عليك المبادرة إلى فعلِ الواجبات، وتركِ المحرَّمات ـ ولو داومت عليها حياتك ـ ؛ فإن مَنْ قصَّر في ذلك فهو على خطر، فلا تتأخر في التوبة، ولا تتوانى في الإقلاع عن الذنب، واجعل رمضان نقطةَ تحول في حياتك.
وأما المستحبات والمندوبات: فخُذْ منها ما تُطِيقُ، مع المجاهدة للوصول إلى الكمالات، وعالي الدرجات، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنْ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ الله لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى الله مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ)).
واستعنْ بالله في كل أمورِك، وتذكر دائمًا:
قول الله تعالى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)). فعملك منفعتُه لك، وسيئتُك مضرَّتُها عليك.
وقوله تعالى: ((وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)). فالله غنيٌّ عن فعل الطاعة، أو تركك المعصية، لكنك فقيرٌ إلى رحمته ومغفرته.
وقوله تعالى: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء)). فما عملك واجتهادك إلا بتوفيقٍ منه سبحانه ((وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)).

وهذا آخر هذه الرسالة، والله أسأل أن ينفع بها، ويجعلها خالصةً لوجهه الكريم، موجبةً لرضوانه المقيم.
وأسأله سبحانه أن يوفقني وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا ممن قام الشهر وصامه إيمانًا واحتسابًا، وممن يتعلم ويعمل، إنه أكرم مسؤول، وأجود مأمول، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أخوكم/ أيمنُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ الحِبْشي الحُسَيني.
رمضان 1430هـ
ثم روجعتْ وزِيدَ فيها في رمضان 1431هـ.

برنامج مقترح في اليوم والليلة في رمضان
1) أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد.
2) أذكار الصباح بعد الفجر، وأذكار المساء قبل المغرب.
3) الاعتكاف في المسجد كل يوم بعد الفجر إلى الإشراق، ومن قبل العشاء إلى نهاية التراويح، بل انوِ الاعتكاف كلما دخلت المسجد؛ لتنال أجره. وأفضل الاعتكاف: العشر الأواخر، وإن لم تستطع جميعها، فاعتكف ولو بعضها.
4) الدعاء بين الأذان والإقامة، ووقت السحر، وعقب الصلوات المكتوبات، وعند الإفطار.
5) قراءة جزئين مع كل فريضة (قبلها ، أو بعدها)؛ لتختم كل ثلاثة أيام، أو جزءًا مع كل فريضة لتختم كل ستة أيام، أو ثلاثة أجزاء؛ لتختم كل عشرة. والأهم التدبر والعمل، لا كثرة القراءة كما سبق.
6) قراءة في مفردات القرآن، أو تفسير ميسَّر، كتفسير السعدي مثلًا.
7) قضاء حاجات الوالدين في أي ساعة من ليلٍ أو نهار، وتقديم ذلك على جميع المستحبات والمندوبات.
8) الذكر المطلق، مثل: ( سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله، أستغفر الله، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم...) أثناء المشي، وركوب السيارة، والانتظار، والراحة مثلًا. وقد سبق معك ما كان يفعله أبو هريرة وأبو الدرداء رضي الله عنهما.
9) تحقيق معنى الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فمن الناس من يصلي عليه يومها ألف صلاة، أو ثلاثة آلاف، أو أكثر أو أقل.
10) التبكير إلى الجمعة, وقد رأيتُ في زماننا مَنْ يصلي الفجر في المسجد، ويأخذ مكانه في الصف الأول، ولا يخرج إلا بعد صلاة الجمعة.
11) التعاون على قيام الليل ومراجعة القرآن في رمضان مع الإخوة الجادين، فقد رأينا في الحرمين الشريفين شبيبةً بررة فيما نحسبهم يتعاون كل اثنين منهما على ذلك، فيصلي أحدهما بالآخر، ويقرأ جزءًا، ثم الآخر كذلك، فيجمعان بين التلاوة، والمراجعة، والصلاة، والتعاون على البر والتقوى.
12) أداء العمرة.
13) الصدقة كل يوم، ولو باليسير، ولو مما يزيد من الطعام، والكسوة.
14) حضور مجالس الوعظ والتذكير، فإنها تنفع المؤمنين، فإن لم تتيسر، فلا أقل من سماع الأشرطة النافعة في ذلك.
15) تجديد التوبة والإنابة إلى الله كل يوم، ومحاسبة النفس، والنظر في عيوبها، والاستعانة بالله في علاجها، فالموفَّق من فتَّش في عيوب نفسه.

بواسطة : hashim
 0  0  2293
التعليقات ( 0 )

-->