الشيخ عاتق و اللقاء الأخير
السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ضمن سلسلة الحبيبة مكة و التي نهدف من خلالها للتواصل و التعريف بالمجتمع المكي و رجالاته في مختلف المحافل و الميادين كان لنا هذ اللقاء .. مع الشيخ و المؤرخ العصامي عاتق بن غيث البلادي رحمه الله ..والذي كان قبل وفاة الشيخ بأيام ...
أما قبل :
يبدو أن تاريخ مكة بحجَرها وبشَرها في سباق مع الزمن ، فلا نفرغ من زيارة مَعلَمٍ ولا علَم إلا وتمتد إليه يدُ الفناء عاجلاً ، ويصبح أثراً بعد عين ، وخسرةً تعتصر ما فات ، لتصدُق فينا مقولة الأديب الحجازي محمد حسين زيدان : "نحن مجتمع دفّان" ، لا نكاد نذكر أو نكرّم الفضلاء إلا بعد مفارقتهم الحياة أو يقاربوا .. فرحم الله الشيخ عاتق بن غيث البلادي الذي - ربما - كان لقاؤنا وصورُنا معه آخر لقاء وصور له قبل وفاته ؛ إذ يفصل بينهما 4 أيام فقط ، ومن العجيب أيضاً أن آخر كتاب عرّفنا به في مكتبة الموقع كان للشيخ عاتق البلادي .. فجزاه الله عن مكة وأهلها خير الجزاء ، وشفّع اللهُ فيه مصطفاه جزاء خدمته لمولده الشريف بلد الله الحرام قبلة الدنيا ومنبع الإسلام
ففي ضحى الخميس 27 صفر 1431هـ كان لفريق مكاوي الإعلامي الممثل في الحسنين مكاوي وشعيب وبرفقة الأستاذ غسان نويلاتي (صاحب المكتبة المكية) كان لنا زيارة لمكتب المؤرخ المكي العصامي الشيخ عاتق بن غيث البلادي (رحمه الله) في مبنى داره للنشر (دار مكة )
وقد احتفى بزيارتنا حفاوة كريمة بابتسامة شيخٍ وقور قد عاش التاريخَ وخبر الحياة المكية في مسيرة جاوزت نصف قرن ، وقد قمنا بتعريفه أهدافَ الموقع وأهمية نشر الكتاب المكي والتاريخ المكي والتواصل مع المؤرخين والمثقفين المكيين أمثاله ، وقد أبدى الشيخ تعاونه بكل ما يستطيع ، وفتح لنا باب التعاون بين داره للنشر وبين الموقع من حيث توزيع كتبه ونشرها عبر الموقع
وتطرّق الشيخ البلادي للحديث عن أهمية التاريخ لمكة المكرمة التي تعتبر قبلة الدنيا ، وجديرة بالتأريخ لها تأريخاً حقيقياً لا يغفل شيئاً ولا يترك صغيرة ولا كبيرة ، وأبدى الشيخ امتعاضه من بعض الممارسات التي تطال التاريخ المكي حجراً وورقاً ؛ من خلال التوسع العمراني في مشاريع التطوير التي طمست كل معالم مكة القديمة بحاراتها وأزقتها العتيقة ، والتي تحمل في داخلها عبق التاريخ الممتد عبر العصور
فالشيخ عاتق من مواليد 1352هـ عاش التاريخ المكي في عهد المؤسس الملك عبد العزيز ومن أتى بعده من ملوك البلاد ..وللشيخ فلسفة خاصة في كتابة التاريخ تقوم على استحضار نيّة خدمة تاريخ مكة في الكتابة ، والتي يجب أن تكون خالية من الأغراض الدنيوية متصلةً بكل ما فيه خير هذا البلد الأمين دون النظر لأي مصلحة أخرى .
وقد أخبرنا الشيخ أنه ولد بالبادية وأتى مكة وهو في سن 12 ، وحضر دروس العلماء بالمسجد الحرام ومنهم : السيد علوي المالكي ، والشيخ حسن المشاط ، والشيخ عبد الظاهر أبو السمح ،والشيخ عبد المهيمن أبو السمح ، وكذلك الشيخ صالح الفلسطيني .
وكان الشيخ عاتق جمّ التواضع ينفر من التعصب الحاصل في القبائل والأنساب ، رغم مؤلفاته الكثيرة حول أنساب القبائل بالحجاز ، وكان يضرب لنا مثلا بالإمام البخاري الذي خلد الله ذكره من خلال كتابه ( الصحيح ) الذي هو أصدق كتاب بعد ، وكيف أنه أعجمي ولكن الله أكرمه بتقواه التي فتحت له باب الخلود في سير الصالحين إلى يوم الدين
وقد كشف لنا الشيخ البلادي عن قدراته الأدبية في كتابة القصة والرواية ونظم الشعر ، إلا أنه لم يتفرّغ لها لشدة انشغاله بالكتابة التاريخية ، إلى جانب كتابته لسيرته الذاتية في أكثر من 3 مجلدات مخطوطة تحكي قصة حياته من الميلاد وحتى شيخوخته التي يأنس بها في ظلال الكتابة والبحث داخل مكتبته الخاصة المليئة بالكتب التراثية والأدبية والتاريخية المكية التي بات بعض كتبها في حكم النادر
وفي نهاية اللقاء تبادلنا الصور الفوتوغرافية مع الشيخ عاتق وقدّم لنا خصماً خاصاُ على مؤلفاته القيّمة ، والتي لم يبقَ من بعضها إلا العدد القليل من النسخ ، بل إن بعضها نفذت نسخه بشرائنا له ، ومعظم كتب الشيخ لم تطبع إلا طبعة واحدة والباقي منها قليل ومحدود ، وقد تجاوزت مؤلفاته أكثر من 40 كتاباً معظمها في تاريخ مكة المكرمة .
والشيخ عاتق غيث البلادي هو مؤسس و مالك دار مكة للطباعة و النشر و التوزيع التي تأسست عام 1399هـ والتي تعنى بتراث وتاريخ وجغرافية جزيرة العرب . صدر عنها مجموعة من الكتب منها :
1. معجم معالم الحجاز 2.على طريق الهجرة 3. معجم قبائل الحجاز 4.نسب حرب 5.معالم مكة التاريخية و الأثرية 6.بين مكة وحضرموت وجميع هذه الإصدارات للشيخ عاتق البلادي .
كما أشرفت الدار على طبع كتب منها :
تاريخ مكة لأحمد السباعي بلاد الحجاز في العهد الأموي لعائشة باقاسي عقود التأمين لأحمد محمد جمال مكة في القرن الرابع عشر لـ محمد عمر رفيع ..
تقرير خاص بموقع قبلة الدنيا مكة المكرمة .. من إعداد وتصوير الحسنين : مكاوي وشعيب