الشيخ محمد بن حسن الحازمي كما عرفته
الدكتور زاهر بن عواض الألمعي
الدكتور زاهر بن عواض الألمعي
ودّع المخلاف السليماني في فترة ماضية عَلَماً من أعلامه ورجلاً من خيرة رجالاته، إنه الشيخ محمد بن حسن الحازمي - رحمه الله -. كان زميلاً كريماً، محباً للخير، مخلصاً لدينه ومليكه ووطنه، جاداً في عمله، واسع الثقافة، لا تفارقه الابتسامة مع إخوانه وزملائه، راوية للشعر قديمه وحديثه، ملمّاً بأحوال الأمم، مشاركاً في كل عمل رائد بنّاء، تولّى إدارة معهد نجران العلمي وسار فيه سيرة حسنة، ثم انتقل إلى منطقة جيزان مديراً، ثم مسؤولاً عن هيئات الأمر بالمعروف والإغاثة الإسلامية، ثم عضواً في مجلس المنطقة.
وقد كان - رحمه الله - وجهاً من وجوه الخير من أسرة عريقة في العلم والسؤدد، يقضي حاجات الناس، وفياً لأصدقائه وزملائه، طيب المعشر، يستقبل ضيوفه متهلّل الوجه باسم الثغر مبالغاً في كرم الضيافة، حتى أنه يصدق عليه قول الشاعر:
بشاشة وجه المرء خير من القِرى
فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك؟!
ولست بصدد تعداد محاسن الفقيد فهي كثيرة، ولكنني رأيت أنّ أقلّ درجات الوفاء أن يذكر بشيء مما يستحق، وكنت قد رثيته بأبيات متواضعة، تباطأت في نشرها لأنها لا ترقى لمستوى الحدث، وها أنا أذيّل بها كلمتي هذه:
كادت وفاتك بالعزيمة تعْصف
وتهزُّ أوتار القلوب فترجفُ
ويمور في (المخلاف) صوتُ معاشرٍ
آهاتُهم مكلومةُ تتلهفٌ
وتسح من ألم الفراق مدامعٌ
دعْها فجرحك في المآقي ينْزفُ
ودَّعتَ أهلك والصِّحاب فكلُّهم
قلْبٌ يئن وعبْرةُ تتكفْكفُ
حملوك في كفن السماحة والنُّهى
وعيونهم من خلف نعْشك تذرفُ
لولا احتساب الصبر فيك تعاظمتْ
أحزانُهم ترنْو إليك وتأسفُ
لكنَّ في الإيمان جبر خواطرٍ
كسرتْ فعادتْ بالرضا تتزلَّفُ
يا راحلاً عنَّا وقد شرفُتْ بكم
في (الظبية الفرعاء) دارٌ تعرفُ
كانت بكم أنسَ الحياة ومجدها
تزهو بكم تلك الديارُ وتلْطفُ
وسماحة الخُلُق الرفيع سجيةٌ
لا ترْعوي عنكم ولا تتخلَّفُ
وحملتَ بالذِّكر الجميل مشاعلاً
فكتابُ علمٍ في يديك ومصحفُ
قد كنتَ في (المخلاف) نجماً ساطعاً
تصغي لزائرك المحب وتألفُ
لولا رجالٌ من بنيك وإخوةٌ
يعلو بهم رأسُ الصديق ويشْرُفُ
ما كان لي من بعد فقدك نشْوةٌ
تحْدو بأطيافي الطِّماح وتهتفُ
لكنْ عزائي في معاشرك الأُلي
قد مجَّدوك وفي المحافل أنْصفوا
فعليك مغدقةُ السحائب رحمةً
أعلامها بالبشْريات ترفرفُ
_____________________
المصدر:
صحيفة الجزيرة بتاريخ 4/11/1430هـ