• ×

عمدة الأشراف في صامطة الشريف منصور بن حمود الخيراتي

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
عمدة الأشراف في صامطة
الشيخ الشريف منصور بن حمود بن محمد المكرمي الخيراتي الحسني[1]
(1333 - 1416هـ/ 1914 - 1995م)


أبو محمد منصور بن حمود بن محمد بن علي (الملقب بالمكرمي) ابن أبي طالب بن محمد بن أحمد بن محمد بن خيرات بن شبير بن بشير بن محمد أبي نمي الثاني الحسني؛ عُمْدَة الأشراف في صامطة، وابن أميرها من قِبل السادة الأدارسة في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري. ولِدَ عام 1333هـ/ 1914م في مدينة صامطة التابعة لمنطقة جازان جنوبي المملكة، وبها تعلَّم وهو في سِنِّ صِباه الهجاءة والكتابة وقرأ القرآن، ثمَّ رحَّله أبوه في أواخر أربعينيات ذلك القرن إلى بلاد الزيدية في اليمن لطلب العلم، فأخذ المبادئ، وقرأ بعض المتون ثم عاد.
نزامنت نشأته مع فترة صراع الأمراء الأدارسة على الحكم في المخلاف السليماني بعد وفاة إمامهم ومؤسس دولتهم محمد بن علي الإدريسي عام 1341هـ، وأدرك الحروب التي شنَّها إمام اليمن على الأدارسة، ورأى الجيوش الإمامية التي احتلَّت صامطة عام 1344هـ؛ فتفتَّحت مداركه في أجواء مليئة بالقلاقل والحروب الداخلية والخارجية. وكانت مرحلة شبابه قد ابتدأت في فترة مشحونة بالدعايات السياسية والحزبية، إبَّان نشاط الأمير الحسن الإدريسي في محاولته للتخلَّص من معاهدة الحماية السعودية التي كان قد أبرمها مع الملك عبد العزيز في العام 1345هـ، الأمر الذي أثَّر في بناء شخصية الشريف المترجم، وتشكيل فكره وتكوين ثقافته؛ فقد كان ذلقاً فصيحاً فخيم النَّبرة، ألمعيَّاً بعيد النظر ثاقب الرأي، وفيه ذكاء ودهاء، وله حيلة. وهو ضخم البُنية فارع الطول مهيب الطلعة، شجاع صلب قوي الجنان، وفيه حزم وعزم، وبملامحه حين الغضب قوَّة وشراسة.. على أنه وسيم الخلقة، أبيض البشرة، يشرق من محيَّاه ضوء ساحر إن تبسّم.

عايش الشريف منصور ثورة الحسن الإدريسي وانقلابه على السعوديين، وما أعقب ذلك من نهاية الدولة الإدريسية وضم المخلاف السليماني (منطقة جازان) إلى حوزة المملكة العربية السعودية عام 1351هـ، ووقف من تلك الفتنة موقف والده (أمير صامطة للأدارسة) الذي كان على الحياد. وعايش بعدها بقليل حوادث الحرب السعودية اليمنية عام 1353هـ وهو إذ ذاك قد بلغ العشرين من عمره. ثم ظهر عليه التطلّع إلى إمارة صامطة التي كان فيها والده، فما أن استقرّت أحوال البلاد واطمأنَّ الناس حتى عزم على السفر إلى نجد للقاء الملك عبد العزيز؛ فخرج من صامطة في منتصف شهر جمادى الآخرة من عام 1356هـ بصحبة شيخ من شيوخ الحكامية، وسلكا طريق الساحل إلى الحجاز، ومن الحجاز اتجهوا إلى الرياض، فوصلاها بعد أسبوع تقريباً من وقت خروجهم من جازان. وقد استقبلهما جلالة الملك وأكرمهما بما يليق، وأنزلهما في ضيافته، وكان يتعدهما ويدعوهما بين الفينة والأخرى إلى مجالسه الخاصة، ثم وصلهما حين رحيلهما بصلات ملكية وخلع عليهما. وكان الملك يلاحظه أثناء إقامته في ضيافته ويدنيه في مجالسه، وقد دار بينهما حوار قصير قبل المغادرة، فأعجب الملك بجواباته فاختصَّه دون صاحبه بحصان عربي أصيل.
في العام 1358هـ التحق بمدرسة الشيخ عبد الله القرعاوي، وأخذ عنه يسيراً ولم ينتظم، فانصرف بعد ذلك إلى مزارعه وانخرط في محاريثه وترك ما دونها. وفي عام 1384هـ انتُخِب ونُصِّب عُمدة للأشراف في صامطة، وظلَّ قائماً بها مسموع الكلمة عالي المكانة لمدة اثنتين وثلاثين سنة، ثم أدركته الوفاة في عام 1416هـ[2]، وقد ناهز الثمانين ونيّف.. رحمه الله.

وكتبه
خالد بن أحمد بن حمود المكرمي الخيراتي
الرياض في: 16/ 10/ 1430هـ


________________________________________
[1] ذكره الشريف أحمد ضياء العنقاوي، وروى عنه في معجم أشراف الحجاز. انظر: ج3، ص1391.
[2] خلفه في المشيخة بعد وفاته ابن أخيه؛ الشريف محمد بن أحمد بن حمود، وهو القائم فيها إلى تاريخه.


بواسطة : hashim
 2  0  5035
التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    17-10-30 05:29 مساءً أبو خليل :
    شكراً يا أخ خالد وجزاك الله خيراً ورحم الشيخ منصور ..

    ولكن يا أخ خالد متى حدثت ثورة ضد السعوديين من قبل الإدريسي وكيف حدث ذلك أرجو التوضيح.. وشكراً
  • #2
    18-10-30 01:02 صباحًا خالد آل خيرات :
    أهلاً بك أبا خليل.. وللإجابة عن تساؤلك، أقول:

    كانت قد أبرمت معاهدة بين السعوديين والأدارسة في عام 1345هـ عُرفت بمعاهدة مكة، وقد دخل الإدريسيون بموجبها في حماية الملك عبد العزيز.. لكنه حدثت اختلافات فيما بعد بين الجانبين أدت إلى تعقيدات كثيرة، ومن ثم نشأت الكثير من المشكلات الإدارية في المنطقة بين الإدارة الإدريسية والمندوبين السعوديين، وقد وُجِد في تلك الأثناء من كانوا يذكون الفتنة ويحرضون الأمير الحسن على نقض المعاهدة والتخلص من الحماية السعودية، فأصغى لهم وعمل من أجل ذلك ودبر وخطط إلى أن ثار على السعوديين في أوائل شهر رجب من عام 1351هـ؛ إذ هاجم آنذاك المندوبين في قلعة جيزان وفتح عليهم حرباً انتهت باعتقال فهد بن زعير مندوب الملك، ومأمور المالية تركي بن ماضي وعدداً من المعاونين والموظفين، ثم جاءت على إثر ذلك قوات سعودية من عسير والحجاز بعدما استطاع ابن زعير ومن معه الخلاص من الأسر بمساعدة وزير الإدريسي محمد بن يحيى باصهي وسيطر على جازان أولاً، ثم تتابعت سيطرتهم على بقية أجزاء المنطقة وقضوا على الثوار بعد معارك كثيرة كان من أكبرها وقعة المضايا في آخر أيام شعبان من تلك السنة، ثم أُردِفت القوات السعودية بحملة كبيرة قادها من الرياض الأمير عبد العزيز بن مساعد -أمير حائل- الذي تولى القيادة العامة للجيوش السعودية بعد وصوله في أواخر شهر رمضان، فكان بذلك إخماد الفتنة والقضاء على ما تبقى من جيوب الثورة التي كان بها نهاية دولة الأدارسة في المخلاف السليماني.
    ولتفاصيل أكثر انظر: العقيلي، محمد بن أحمد، تاريخ المخلاف السليماني: ج2، ص1025 وما بعدها.
    • #2 - 1
      29-02-31 04:54 مساءً محمد آل خيرات :
      كان يتمتع رحمه الله إضافة إلى قوة شخصيته وهالة الهيبة التي يتميز بها بخفة ظل وحضور نكته وسرعة بديهة في الإجابة على أي سؤال وكان رفيقه في رحلت
-->