العدوان في أسماء الكتب والرسائل
للدكتور عبدالعزيز الحربي
للدكتور عبدالعزيز الحربي
في تراثنا الإسلاميّ ظاهرةٌ من ظواهر العدوان في أسماء الكتب والرَّسائل، التي يردّ فيها عالِم -أو شبهه- على غيره؛ يشهر عليه السُّيوف الباترة، ويحمل عليه السِّلاحَ الفاتك، ويُرسل عليه الشهبَ المُحرقة؛ لمخالفته له في مسألة قد يكون الحقُّ فيها مع المخالف، وليس هذا سبيل العلماء الربَّانيين الذين يعدلون، ولا يعتدون، وإليكم جُملةً من تلك الأسماء:
(السيف المسنون اللّمَّاع على المفتي المفتون بالابتداع) ردَّ به البقاعي على السُّيوطي، وكان بينهما نُفْرة، و(السَّيف الهاوي على رقبة المناوي) رسالةٌ ألَّفها النواني؛ كما في كشف الظنون، و(السَّيف الصَّارم في قطع العضُد الظالم) للجارْبَرْدي انتصارًا لوالده على عضُد الدين الإيجي، و(السيف المسلول من غِمدِه لتلابيب التالي من عَمدِه) للسكري، يردُّ به على بعض القرَّاء، وهناك: (السيوف المجليّة والمدافع الرعديّة في رقاب وقلوب المنكِر على السادة الصوفية) لم يَشْفِهِ قَطْعُ الرقاب، فزاد تمزيقَ القلوب وإتلافَها، و(الكاوي لدماغ السخاوي)، و(الصارم الهاشم لدماغ محمد هاشم).. نسأل الله السلامة!! و(شُواظٌ من نار ونحاس تُرسل على مَن لا يعرف قدره وقدر غيره من الناس)، و(الشهب المحرقة)، و(السيف البتار لمَن قال بفناء النار) وغيرها.
ولا يزال في الناس من تعجبُهم هذه النعوت الخاطئة.. ولستُ ممّن يرى تكلّف المعاذير للمخطئ، ولو كان من علمائنا الأسلاف؛ إنّما السبيل المستقيم أن نستغفر لمن سبقنا. هذا هو الذي علَّمنا ربنا؛ كي لا يكون دولة بين الأغبياء!
______________
المصدر: صحيفة المدينة14/10/1430هـ