العثور على القسم الناقص من كتاب \"التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة\"
يعد كتاب «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» للإمام السخاوي (ت 902هـ) واحداً من أهم المصادر في تاريخ المدينة المنورة وأعلامها، وهو في الأصل كتاب تراجم على منهج أهل الحديث ـ والسخاوي واحد من أئمة الحديث النبوي في عصره ـ رتبه المؤلف وفق التسلسل الهجائي لأسماء الأعلام، وتوسع في مفهوم العَلَمِيَّة ، فشمل جغرافياً كل من وُلِدَ في المدينة وعاش فيها أو انتقل منها أو وُلِدَ ونشأ خارج المدينة ولكنَّهُ رحل إليها وأقام فيها ولو سنة واحدة، وشَمِلَ عِلْمياً ومهنياً فئات واسعة من أولئك الأعلام ، بدءاً بالأمراء والمؤلفين وشيوخ الحرم ومدرسيه وصولاً إلى المتعبدين وطلاب العلم وأصحاب الحرف والصناعات ، وشمل زمنياً الأعلام الذين عاشوا من القرن الأول إلى قبيل وفاة المؤلف في أوائل القرن العاشر الهجري.
وتضمنت ترجماته معلومات غزيرة تتفاوت بتفاوت طبيعة العَلَمِ وآثاره ، وتتضمن في حالات كثيرة أخباراً وأحداثاً وتفصيلات واسعة لا نجدها في مصدر آخر لذلك يعد الكتاب موسوعة تاريخية ثقافية علمية شاملة.
وقد قسّم المؤلف الكتاب في ثلاثة أقسام , تضمن القسم الأول مقدمة في التاريخ والسيرة النبوية وترجمات لأعلام المدينة من حرف الألف إلى حرف العين ( عبدالله ) , في حين تضمن القسم الثاني ترجمات للأعلام الذين تبدأ أسماؤهم بحرف العين ( عبدالأعلى ) وينتهي بحرف الميم ( محمد بن مبارك ) , فيما تضمن القسم الثالث ترجمات للأعلام الذين تبدأ أسماؤهم بحرف الميم من محمد بن محمد بن إبراهيم ، وينتهي بأعلام النساء اللواتي عُرِفْن بالكنى.
وقد نَشَر الكتاب لأول مرة دون تحقيق أسعد طرابزوني الذي اشتهر بحبه لتراث المدينة وخدمته المخلصة له، فكان له فضل التعريف بالكتاب ، واعتمد الطرابزوني على نسخة مخطوطة تتضمن القسمين الأول والثاني فقط ، حيث كان القسم الثالث مفقوداً ولا توجد أية إشارة إليه في فهارس مكتبات المخطوطات ومراكزها آنئذ , كما أعيد نشر الكتاب بهذا الحجم مرات عدة، وكانت جميع الطبعات تعتمد على طبعة طرابزوني ، وتنقلها نقلاً حرفياً أو بالتصوير حيث وجدت في بعض الطبعات بعض الأخطاء والتحريفات فضلاً عن نقص الكتاب في القسم الثالث المفقود.
ونظراً لأهمية الكتاب والحاجة الماسة له تم البحث عن الجزء المفقود وبفضل من الله وتوفيقه عثر مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة على القسم الثالث وأخذ في تحقيقه لإخراجه بشكل منهجي , كما قام المركز بتحقيق الكتاب كاملا وبدأ بإخراج الأجزاء التي انتهي تحقيقها ، فنشر المجلدين الأول والثاني ويتضمنان معظم القسم الأول ثم نشر المجلدات الأربعة الثالث والرابع والخامس والسادس وتتضمن بقية القسم الأول وجميع القسم الثاني ويتألف هذا القسم من 197 لوحة في كل لوحة صفحتان نسخ نقلاً عن نسخة المؤلف عام 904هـ ، وقام بنسخه عبدالعزيز بن عمر بن فهد الهاشمي المكي.
وسوف يُصْدر المركز هذا القسم قريباً إن شاء الله في مجلدين ، كما يُصدر فهارس الكتاب كله في مجلدين أيضاً لتبلغ هذه الطبعة عشرة مجلدات ، وتتضمن ولأول مرة نص الكتاب كاملاً محققاً تحقيقاً منهجياً على يد فريق من العاملين في قسم المخطوطات بالمركز والمتعاونين معه.
الجدير ذكره أن المركز سيقدم في العدد الثلاثين من مجلة المركز صوراً لعدد من صفحات القسم الثالث من الكتاب والذي كان مفقوداً لسنوات طويلة كما يقدم نسخاً طباعياً لمضمونها لتكون جزءاً من البشرى لكل محبي المدينة وتراثها ووعداً بإصدار قريب إن شاء للقسم كاملا.
_________________
المصدر: صحيفة الاقتصادية الالكترونية