• ×

دراسة نقدية في المؤلفات التاريخية لعلماء مكة المكرمة كتاب (نزهة الفكر) للحضراوي نموذجاً

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
دراسة نقدية في المؤلفات التاريخية لعلماء مكة المكرمة كتاب (نزهة الفكر) للحضراوي نموذجاً، للدكتور محمد أبو بكر باذيب

دراسة نقدية في المؤلفات التاريخية لعلماء مكة المكرمة
كتاب (نزهة الفكر) للحضراوي نموذجاً

(نزهة الفِكَر) كتاب في فن السير والتراجم، وعنوانه تاما هو (نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر من أوائل الموجودات إلى أواخر هذا القرن الثالث عشر، وهذا الجزء خاص بتراجم أفاضل القرن الثاني عشر والثالث عشر)، تأليف المؤرخ المكي، أحمد بن محمد الحضراوي (ت 1327هـ/ 1908م). هذا العنوان هو المثبت على النسخة الهندية، المحفوظة في المكتبة الآصفية، الآتي وصفها والحديث عنها.
لماذا جهل المؤرخون هذا الكتاب؟
هناك أمر يدعو للعجب، وهو أن كل من ترجم للحضراوي، لم يسم هذا الكتاب ضمن قائمة مؤلفاته الكثيرة، ولكن وردت إشارات من طرف خفي عند بعضهم، وسماه آخرون بأسماء أخرى. فالسيد محمد عبدالحي الكتاني سماه (تاريخ الأعيان)(1)، وعمر عبدالجبار، جعله كتابين: سمى أحدهما (تاريخ الأعيان) أيضاً، والآخر (تراجم أفاضل القرن الثاني والثالث عشر)(2). وتابعه على ذلك مغربي والبلادي(3). لكن مغربي توقف عند عنوان الكتابين، وصرح بشكوكه في أن يكون كتاب الحضراوي المسمى (تاريخ الأعيان) هو كتابه المسمى (تراجم أفاضل القرن الثاني عشر) نفسه(4).
إن مرد التعجب هو في عدم ورود اسم كتاب (نزهة الفكر) عند من ترجم للحضراوي، مع كونه كتاباً كبيراً يقع في عدة مجلات، لا يغفل المؤرخون، غالباً، عن ذكر مثله. فكيف ساغ لهم تجاهله، وعدم الإشادة به في ترجمة مؤلفه، أو حتى تسميته ضمن مؤلفاته؟!.
التعرف على سبب جهل المؤرخين بالكتاب:
الشيخ أحمد الحضراوي، وهو المؤرخ المكي المعروف، له كتاب شهير في التاريخ، هو (التاريخ الكبير)، ذكره جل من ترجم له، أقدمهم عبدالستار الدهلوي (ت 1355هـ/ 1936م) الذي سماه (تاج تواريخ البشر من ابتداء الدنيا إلى آخر القرن الثالث عشر). ويفهم من وصفه في سياق ترجمته للحضراوي، أنه قسم كتابه إلى قسمين اثنين: القسم الأول مشتمل على الحوادث، ويقع في ثلاثة مجلدات. والقسم الثاني يشتمل على تراجم أفاضل القرن الثاني عشر، والثالث عشر. وهذا يقع في مجلدين(5).
الدهلوي، كما نرى من كلامه السابق، هو الذي تفرد بالتسمية الصحيحة والتوصيف الدقيق للكتاب، لأنه كان قريب عهد بالمؤلف، بل ومعدوداً من تلاميذه؛ فكلامه له قيمته وأهميته، ومع ذلك فقد غفل كل من نقل عن الدهلوي، أو أتى بعده عن هذا التقسيم. كالزركلي، الذي اعتمد التسمية بنصها(6)، دون ذكر التقسيم أو الإشارة إلى عدد الأجزاء. بينما مؤرخون آخرون، اختصروا تسمية الكتاب، كإسماعيل البغدادي (ت 1339هـ/ 1920م) في كتابه (إيضاح المكنون)، فسماه (تاج تواريخ البشر)، ووصفه بأنه في خمسة مجلدات، دون تفصيل(7). في حين اكتفى عاتق البلادي (ت 1430هـ/ 2010م) بوصفه أنه (تاريخ) في الحوادث، يقع في ثلاثة مجلدات(8)، وكل هذه التسميات أو التوصيفات غير دقيقة، ويظل الدهلوي متفرداً بدقة التوصيف والتسمية.
لكن محمداً المصري، محقق الجزء الأول من قسم التراجم، والمطبوع بعنوان (نزهة الفكر) - وسيأتي الحديث عنها - ابتعد عن الهفوات التي وقع فيها الآخرون، ووافق رأيه ما عند الدهلوي، على الصواب؛ فذكر أن كتاب (نزهة الفكر)، يقع في خمسة أجزاء: ثلاثة في التاريخ منذ بدء الخليقة، واثنان في التراجم، قال: "والذي بين أيدينا هو الجزء الرابع منه، وهو الأول من تراجم الرجال"(9).
ماسبق كان استقراءً لما ورد في المصادر والمراجع المتوافرة، وبالنظر إلى مصورة الكتاب المتوافرة في مكتبة (موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة)، نجد أن عنوان الكتاب بخط مصنفه (تاج تواريخ البشر وتتمة جميع السير فيما مضى من الحوادث والعبر من أوائل الموجودات إلى أواخر هذا القرن الثالث عشر)(10)، وهو مغاير بعض الشيء لما ورد عند الباحثة ابتسام كشميري(11).

هل كتاب (نزهة الفكر) هو كتاب (تاج تواريخ البشر) نفسه؟!
كما أننا نلاحظ تطابقاً في تسمية عنوان الكتابين، فكتاب (نزهة الفكر)، بحسب النسخة الآصفية، عنوانها المثبت على طرتها (نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر من أوائل الموجودات إلى أواخر القرن الثالث عشر)، وهو العنوان نفسه المثبت على النسخة المكية من كتاب (تاج تواريخ البشر)، باستثناء أوله.
إشكال كبير يثور بسبب ذلك الاتفاق الكبير، بل والتطابق الحرفي في بعض الأحيان، كالذي نجده في عنوان الكتابين، وفي مقدمتهما، ثم مادتهما، مما جعل الباحثة كشميري، تخلص إلى القول بأن تراجم شخصيات كتاب (النزهة) هي أغلب تراجم شخصيات (التاج)، سوى في بعض إضافات بسيطة، وفي أحيان كثيرة تكرر الترجمة حرفياً في المؤلفين. وأردفت تقول: "الواقع أن التشابه في الأقسام التي ناقشت الموضوع نفسه في مؤلفي (تاج تواريخ البشر)، و(نزهة الفكر)، يعد كبيراً، إن لم يكن حرفياً، كما في تأريخه للأشراف والعثمانيين"(12).
وبالنظر في مقدمة الكتابين، نجد أن مقدمة (نزهة الفكر) تقول: "أما بعد؛ فإن علم التاريخ مرآة الزمان لمن تدبر، ومشكاة أنوار يطلع على تجارب الأمم، فإني ممن أمعن النظر وتفكر، وكنت ممن أكثر لكتبه مطالعة وتدبر، فحين ألفت كتابي (نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر وذلك من أوائل الموجودات إلى أواخر هذا القرن الثالث عشر) فجاء بحمدالله بجزأين وجيزين، لاحتيازه على سائر الدول، أحببت أن أضيف إليهما جزء ثالثاً في الحوادث مستقلا، يكون عليه المعول، يتضمن ذكر تراجم فضلاء زماني، وجماعة ممن تقدم على آني"(13).
ونص مقدمة (تاج التواريخ) بحسب النسخة المكية: "أما بعد؛ فإن علم التاريخ مرآة الزمان لمن تدبر، ومشكاة أنوار يطلع على تجارب الأمم، فإني ممن أمعن النظر وتفكر، وكنت ممن أكثر لكتبه مطالعة وتدبر، فحين ألفت كتابي (تاج تواريخ البشر وتتمة جميع السير فيما مضى من الحوادث والعبر وذلك من أوائل الموجودات إلى أواخر هذا القرن الثالث عشر) فجاء بحمدالله ثلاثة أجزاء، لاحتيازه على سائر الدول، أحببت أن أضيف إليهما جزءاً رابعاً يكون عليه المعول، يتضمن ذكر تراجم فضلاء زماني، وجماعة ممن تقدم على آني"، انتهى(14).
تبتدئ النسخة الآصفية من (نزهة الفكر) بترجمة شيخ الإسلام، إبراهيم الباجوري، شيخ الجامع الأزهر. بينما تقدمت عدد من التراجم قبل ترجمة الباجوري، في النسخة المكية من (تاج تواريخ البشر)، وهي تراجم كل من: إبراهيم بن قاسم الحسني، وإبراهيم أحمد قلعه الحسني، وإبراهيم الحريري المصري، وإبراهيم المنوفي المكي، وإبراهيم الحسيني الحنفي، وإبراهيم النوري، إبراهيم بيك فكري، وإبراهيم الصيحاني المغربي. فهذه ثماني تراجم تقدمت على ترجمة الباجوري، وهي تراجم زائدة على ما في (نزهة الفكر).
وبعمل مقارنة لعينة عشوائية من التراجم المشتركة بين الكتابين، في من اسمه إبراهيم - وهم: إبراهيم الريس المكي، وإبراهيم القنق المكي المطوف، وإبراهيم بن حريب الطائفي - نلاحظ أن الصياغة مختلفة، ونلاحظ زيادات كبيرة في تراجم (تاج التواريخ) على تراجم (نزهة الفكر)، كما هو الحال في ترجمة إبراهيم بن محمد الريس المكي، وترجمة إبراهيم بن حريب الطائفي.
إثبات تطابق الكتابين في المضمون مع اختلاف التسمية:
عباس طاشكندي في مقاله (تراجم المكيين والمدنيين)، لاحظ، هو الآخر، التشابه الكبير بين التراجم التي وردت في مطبوعة كتاب (نزهة الفكر) الصادرة عن وزارة الثقافة السورية، والتراجم التي في بعض أجزاء (تاج التواريخ)؛ فكتب يقول: "وجد الباحث تطابقاً في نصوص التراجم، مما قد يوحي بأن العنوانين هما عمل واحد"(15). هذا قول يمكن الاطمئنان إليه، ويرفده ما تقدم من المقارنات بين العنوان، وبين مقدمة الكتاب، وبين محتويات تراجمه.
جواب اعتراض من قال: «إن وجود عنوانين متغايرين، يدل على أنهما كتابان مستقلان». القولُ بأنه جرت عادة كثير من المؤلفين، متقدمين ومتأخرين، تسمية بعض مؤلفاتهم باسمين (عنوانين) مختلفين. وبعضهم يعدل عن الاسم الأول الذي وضعه لكتابه بعد مرور سنوات طوال؛ فيسميه باسم آخر جديد، بسبب زيادة في أصل الكتاب، أو يسميه بالاسمين ابتداءً مع الإشارة إلى ذلك في مقدمة الكتاب. مثال ذلك ما جاء عند محمد عبدالرؤوف المناوي الشافعي (ت 1031هـ / 1622م)، الذي سمى شرحه على كتاب (التحرير) في الفقه الشافعي باسمين، الأول (إحسان التقرير في شرح التحرير)، والآخر (فتح الرؤوف الوهاب بشرح تنقيح اللباب)، وغيره من الأمثلة والنماذج المتكررة في غيرما فن من الفنون.
وصف النسخ الخطية لتاريخ الحضراوي الكبير
بقسميه الحوادث، والتراجم
كما يلفت الباحث النظر إلى أنه عند تناول وصف النسخ الخطية للكتاب، ينبغي النظر إليه باعتبار قسميه: قسم الحوادث، وقسم التراجم. وهو التقسيم الذي اعتمده تلميذه عبدالستار الدهلوي، حسبما تقدم النقل عنه أول المقال.
أولاً: وصف النسخ الخطية من قسم الحوادث:
مخطوطات قسم الحوادث، وهو القسم الأول من الكتاب، فيقع في ثلاثة أجزاء كما وصفه من ترجم للحضراوي، إلا أن تلك الأجزاء لا توجد مجتمعة في نسخة واحدة. بل توجد مفرقة في غير ما مكتبة وموضع. محمد علي مغربي، ذكر أن لديه نسخة من الجزء الأول والثاني(16). الجزء الأول من قسم الحوادث، منه نسخة محفوظة في دار الكتب المصرية، رقمها 1970 تاريخ، تيمور، تقع في 419 صفحة، معنونة باسم (نزهة الفكر)(17)، ويرى الباحث أن هذا الجزء هو الجزء الأول نفسه من كتاب (تاج تواريخ البشر)، الذي ذهبت كشميري إلى القول بأنه مفقود(18). ومادة هذا الجزء مرتبة على مطالع وأبواب، وهي بحسب معاينة الباحث، كما يلي(19):
المطلع الأول: في سياق أصل المخلوقات وأول الخلق في الموجودات وذكر الأرضين والسماوات، من صفحة 13 إلى صفحة 24.
المطلع الثاني: في سياق تاريخ آدم u وذكر بعض الأنبياء، من صفحة 24 إلى صفحة 47.
المطلع الثالث: في سياق أخبار الملوك السالفة بمصر وغيرها، وما كان معهم من السحر والأعمال العجيبة، من صفحة 47 إلى صفحة 60.
المطلع الرابع(20): في سياق تاريخ سني ملوك الفرس والأشغانيين، من صفحة 60 إلى صفحة 107.
المطلع الخامس: في سياق تاريخ ملوك الروم، وفيه فصلان، وتتمة، من صفحة 107 إلى صفحة 123.
المطلع السادس: في سياق تاريخ سني ملوك الروم واليونانيين، من صفحة 123 إلى صفحة 127.
المطلع السابع: في سياق تاريخ ملوك القبط أهل مصر إلى ابتداء الفتح الإسلامي، من صفحة 127 إلى صفحة 132.
المطلع الثامن: في سياق سني الإسرائيليين غير ما تقدم(21)، من صفحة 132 إلى صفحة 136.
المطلع التاسع: في سياق لَخْم، ملوك عرب العراق، وسيرتهم، من صفحة 136 إلى صفحة 175.
المطلع العاشر: في سياق تاريخ غسان ملوك عرب الشام وسيرتهم، من صفحة 175 إلى صفحة 179.
المطلع الحادي عشر: في سياق تاريخ حمير، ملوك عرب اليمن من الشجعان، وسيرتهم، من صفحة 179 إلى صفحة 193.
المطلع الثاني عشر: في سياق تاريخ ملوك كندة، من العرب والفرسان، وفيه ذكر بعض أعلام النبوة، من صفحة 193 إلى صفحة 320.
المطلع الثالث عشر: في سياق تاريخ ملوك قريش، من العرب والفرسان، وعرب الإسلام، وظهور سيد الأنام عليه الصلاة والسلام(22)، من صفحة 320 إلى صفحة 348.
المطلع الرابع عشر(23): في حج رسول الله r وتعليمه الناس المناسك، وهي حجة الوداع، من صفحة 348 إلى صفحة 358.
المطلع الخامس عشر(24): في أسماء بعض محلات بمكة المشرفة، وذكر أسواقها في الجاهلية، من صفحة 358 إلى نهاية الكتاب صفحة 419. وفي هذا المطلع تحدث المؤلف عن تاريخ بئر زمزم، وسقاية العباس. وعرج على ذكر السيول التي دهمت البيت الحرام عبر التاريخ. وفي صفحة 405 ورد هذا التبويب (الباب الثاني في معرفة قبائل حرب القاطنين بين مكة المشرفة والمدينة المنورة ومداركهم وأماكنهم وأسماء المراحل)، وهو من صفحة 405 إلى صفحة 418، ثم الخاتمة في صفحتين بذكر فضائل زيارة النبي r من صفحة 418 إلى صفحة 419 وفيها ينتهي الكتاب.
المطلع السادس عشر: في الحوادث والعبر النازلة من السماء وما ظهر في الأرض من ابتداء الهجرة إلى مدتنا هذه، وذكر كل قرن من القرون التي بعده r بعبرته، وما حدث بعده من الفتن وغيرها. وهذا المطلع غير موجود في هذه النسخة.
ما سبق، هو ما تمت معاينته في النسخة المصورة من هذا الجزء، المحفوظة في مكتبة (موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة)، تحت رقم (خ 920 ح ض ر). والوصف السابق يتوافق، بعض الشيء، مع وصف الباحثة كشميري(25)، ويخالفها في تسمية مطالع الكتاب وتقسيماته، فقد أتت بتسميات مغايرة لما في نسخة الكتاب، مع أنها اعتمدت مصورة النسخة نفسها التي اطلع عليها الباحث.
وأما مخطوط الجزء الثاني، فيكتفي الباحث في وصفه بما ورد عند الباحثة كشميري، لعدم توافره حال تحرير المقال. وقد اعتمدت في وصفها على مصورة ورقية محفوظة في مكتبة مكة المكرمة تحت رقم 123 تاريخ، معنونة بـ(نزهة الفكر)(26)، تقع تلك المصورة في 527 ورقة(27)، وهو مقسم إلى أربعة أبواب(28):
الباب الأول: في التاريخ الإسلامي، ابتداء من عصر الخلفاء الراشدين وانتهاء بآخر الخلفاء العباسيين. وقد أشار في نهاية هذا الباب إلى قضية الخلافة الإسلامية التي كانت تشغل الرأي العام الإسلامي زمن تأليف الكتاب، فأشار الحضراوي إلى القول بنقل الخلافة العباسية إلى مصر على يد المماليك. لكنه شك في تنازل العباسيين عن الخلافة للعثمانيين.
الباب الثاني: في تاريخ الدولة العثمانية حتى عهد السلطان عبدالعزيز الذي ولي السلطة سنة 1277هـ/ 1860م، فكان آخر ما كتبه المؤلف في هذا الباب هو عن فتنة الشام في تلك الحقبة.
الباب الثالث: في ولاة مصر منذ الفتح الإسلامي حتى تولي إسماعيل باشا سنة 1279هـ/ 1864م.
الباب الرابع: في أمراء مكة منذ الفتح سنة 8هـ/ 629م، حتى عهد الشريف عبدالله بن عبدالمعين بن عون(29).
وأما مخطوط الجزء الثالث: فقد اعتمد الباحث في وصفه على نسخة مصورة عنوانها (تاج تواريخ البشر)، محفوظة في مكتبة (موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة) رقمها (خ 920 ح ض ر)، وهي مصورة عن نسخة عبدالوهاب أبوسليمان، وتقع في 229 ورقة كما جاء في صفحة العنوان، بقلم ابن المؤلف محمد سعيد بن أحمد الحضراوي. وقد وصفتها الباحثة كشميري في كتابها(30)، وهي تقع في 423 صفحة، لا ورقة كما جاء في وصف كشميري(31)، وقد تكرر في بحثها المشار إليه الخلط بين أعداد الصفحات والأوراق للكتب التي تعرضت لوصفها وهو خطأ يجب التنبه له، وتوقيه.
قال الحضراوي، في مقدمة هذا الجزء الثالث من قسم الحوادث: ".. كنت قد جمعت جزأين من سير المتقدمين، وتاريخ المتأخرين من ملوك وأمراء وسلاطين، ومن كان على طريقهم، وما حدث في أوقاتهم ودهورهم. أحببت استلحاق هذا الجزء الثالث، يكون عليه المعول في وقائع أهل الزمان وما به يتحول. وهو تمام التاريخ المسمى تاج التواريخ"(32).
وقد رتبه على تسعة أبواب، هي كما يلي، وعناوينها بحسب ما جاء في مقدمة الكتاب، لا بمقتضى ما جاء في مطلع كل باب، لأن المؤلف عدل أو زاد فيها:
الباب الأول: في ذكر اليمن، ومدينة زبيد، والولاة من طرف الدولة العلية، من صفحة 3 إلى صفحة 53.
الباب الثاني: فيمن ولي مصر المحروسة من السلاطين والأمراء والباشوات، وابتداء ذلك من أول أمير فتحها وهو عمرو بن العاص إلى وقتنا، من صفحة 53 إلى صفحة 199.
الباب الثالث: في ذكر الأندلس وفتحها إلى استقلالها وذكر ملوكها مختصراً، من صفحة 200 إلى صفحة 216.
الباب الرابع: في نبذة تتعلق بالهند وفتحها الإسلامي، من صفحة 216 إلى صفحة 225.
الباب الخامس: في نبذة تتعلق بإقليم الجاوى وأخذه(33)، من صفحة 226 إلى صفحة 234.
الباب السادس: في الحوادث والعبر إجمالا وتفصيلا، من صفحة 234 إلى صفحة 285.
الباب السابع: في فتنة عيد الظاهري، من صفحة 286 إلى صفحة 323. (مع التنبيه إلى أن التبويب جاء في المقدمة فقط لا في أول الباب).
الباب الثامن: في ذكر الطائفة الوهابية، من صفحة 324 إلى صفحة 423، وهي الصفحة الأخيرة في هذه النسخة.
الباب التاسع: في ذكر الأولياء، والخاتمة إلى آخر الكتاب، وهذا الباب غير موجود في هذه النسخة.
وبهذا يتم وصف الأجزء الثلاثة التي تشكل بمجموعها القسم الأول من تاريخ الحضراوي الكبير، وهو قسم الحوادث التاريخية.
ثانياً: وصف النسخ الخطية من قسم التراجم:
القسم الثاني من الكتاب، وهو قسم التراجم، فيقع، في الأصل، في مجلدين، بحسب وصف عبدالستار الدهلوي الذي اعتمدناه فيما تقدم. والمتوافر من هذا القسم مجلد واحد فقط، تم الوقوف على نسختين منه بعنوانين متغايرين: إحداهما بعنوان (تاج تواريخ البشر)، والأخرى (نزهة الفكر)، وهذا وصفهما:
أما النسخة الأولى من هذا الجزء، فهي نسخة قيمة جداً، لأنها كتبت بقلم المؤلف، محفوظة تحت عنوان (تاج تواريخ البشر. الجزء الأول)، في مكتبة مكة المكرمة (المولد)، رقمها 122 تاريخ، تقع في 187 ورقة، ناقصة من آخرها. وفيه 269 ترجمة، بحسب توصيف كشميري(34). وفي هذا العدد من التراجم نظر، فإنه قد ازداد بتكشيف الباحث إلى 286 ترجمة، أي بزيادة 17 ترجمة عن تكشيف كشميري. ابتدأت هذه النسخة بترجمة إبراهيم بن قاسم الرويدي، وانتهت بترجمة الأديب قتيل الهندي اللكنوي.
وأما النسخة الثانية من هذا القسم، وهي نسخة قيمة أيضاً، فهي محفوظة تحت عنوان (نزهة الفكر)، في خزانة المكتبة الآصفية بحيدرآباد، الهند. وقد قام معهد المخطوطات بتصويرها، ورقم الفيلم 3152. على تلك المصورة اعتمد محقق الكتاب، كما سيأتي ذكره، وعنوانها (نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر من أوائل الموجودات إلى أواخر هذا القرن الثالث عشر)، وكتب فوق العنوان (هذا الجزء الرابع). اشتملت هذه القطعة من الكتاب على 304 تراجم، ابتدأت بترجمة إبراهيم الباجوري، من حرف الألف، وانتهت بترجمة قاسم بن عطاء الله المصري، من حرف القاف.
مصورة عن صفحة الغلاف لنسخة الآصفية
وأما الجزء الثاني من قسم التراجم، فلم يقف عليه الباحثون حتى وقت تحرير هذه المقالة، وعسى أن يكون محفوظا في خزانةٍ من خزائن المخطوطات، ويظهره الله في وقته ليتم الانتفاع به.
طبعات الكتاب ونشراته:
لم ينشر كتاب الحضراوي هذا بتمامه حتى الآن، ما خلا محاولات من بعض الفضلاء لتعريف القراء به.
المحاولة الأولى: ما قام به الأستاذ محمد علي مغربي، في كتابه (أعلام الحجاز)، إذ قام بتلخيص الباب الرابع من الجزء الثاني من قسم الحوادث، وهو الباب الخاص بولاة مكة المشرفة، وجدة، من الباشوات، من طرف الدولة العلية العثمانية، بعد خروج الدولة المصرية. هذا القسم يبدأ من سنة 1255هـ/ 1839م، وينتهي في سنة 1302هـ/ 1884م. وهذه الحقبة الزمنية عاصرها الحضراوي وعاش معظمها في مكة، فكتب ما كتب عن مشاهدة ومعاصرة.
المحاولة الثانية: ما قام به محمد المصري، اعتماداً على مصورة معهد المخطوطات، وصدرت في قسمين ضمن منشورات وزارة الثقافة، إحياء التراث العربي، وحمل ذلك الإصدار الرقم 101، لسنة 1996م. القسم الأول في 446 صفحة، يشتمل على 154 ترجمة، والثاني في 389 صفحة، اشتمل على بقية التراجم إلى الترجمة رقم 304، وهي ترجمة قاسم بن عطاء الله المصري الشافعي. وبتلك الترجمة ينتهي الموجود من الكتاب.
الخاتمة والتوصيات:
ختاماً، نوجز ما سبق شرحه وتفصيله، في قولنا إن (التاريخ الكبير) للحضراوي، المسمى تارة (تاج تواريخ البشر)، وتارة (نزهة الفكر)، موجود بصورة شبه كاملة بين أيدينا، وأنه يمكن إخراجه ونشره بأحد العنوانين هذين، أو بهما معاً. وإن البحث قد انتهى إلى أنه لم يفقد من الكتاب سوى الجزء الثاني من قسم التراجم، الذي هو خامس أجزاء الكتاب كاملاً.
ولعل مما يخفف على الباحثين من وقع فقدان هذا الجزء، وجود مؤلفات مكية أخرى استقت منه، ونقلت عنه قدراً كبيراً من التراجم، يأتي على رأسها كتاب (فيض الملك المتعالي) لمؤلفه عبدالستار الدهلوي، الذي قال عقب ذكره في ترجمة مؤلفه: "وهو تاريخ جميل جمع فيه من النوادر والغرائب والفرائد، قد استعنت به في كتابنا هذا"(35)، فيمكن استخلاص التراجم التي اشتمل عليها الجزء المفقود من كتاب الحضراوي بالاستعانة بكتاب الدهلوي، كما أن كتاب (نشر النور) لمرداد، جاء مكملاً لتراجم أعيان الحقبة الزمنية نفسها التي تناولها المؤرخان المكيان، الحضراوي والدهلوي.
وبناء على ذلك، فإن الباحث يرى أنه من المفيد النظر إلى كتابي (التاج) و(النزهة) على أنهما كتاب واحد، وأن يتم العمل على تحقيق الكتاب، ومقابلته بأصوله الخطية المتوافرة، التالي وصفها.


بواسطة : الدكتور محمد أبو بكر باذيب
 0  0  1941
التعليقات ( 0 )

-->