فريق التاريخ الصحراوي التتبعي يجول بين الآثار تزامنا مع سوق عكاظ
تزامنا مع بدء موسم نشاط سوق عكاظ البادئ في /13 شوال/ من هذا العام 1439هـ قام فريق (التاريخ الصحراوي التتبعي) بزيارة بعض المواقع التاريخية بوادي فاطمة في 15 شوال 1439هـ بقيادة (الدرّاج) أحمد الحربي مع بعض الدرّاجين وكان هدف الزيارة هو الإطلاع سياحيا على المواقع التاريخية التي زراها فريق إدارة الاثار التابع لوزارة المعارف في 30/3/1403هـ والبعثة العلمية الثانية في مطلع شهر يناير 1986م من نفس الإدارة بعيدا عن مغامرة الإستكشاف حيث تمكنت البعثتان المشار إليهما من مسح وتسجيل بعض المواقع التاريخية الهامة خلال الزيارتين كمسجد الروضة والروضة الشمالية والروضة الجنوبية والبثينية والزبينية وجبل السميراء والحميراء وريع قيرية إلى جانب عدة مواقع من العصر الحجري كشفتها بعثة عام 1986م ولكن القبعثتان لم تتطرقا لجبل سدر الواقع غربي الجموم مثلا وكان من الممكن زيارته وتوثيق على الأقل (جيولوجيته) وهو المعرف (بذوسدر) عند الشاعر أبي ذؤيب أومسجد الفتح... وكان من أهداف الفريق الصحراوي التعرف على مدى سلامة هذه المواقع بعد مرور أكثر من 35عاما على بحثها وتوثيقها ولا ننس الهدف السياحي الترويحي رغم (قيض المناخ) وقد تمكن الفريق من تطبيق جوجل إيرث وخطوط الرسم الجغرافية (المتوفرة) وخارطة تاريخية أثرية وحيدة عليها تثبيت مواقع نشرت في سياق البعثة الأولى عام 1403هـ ، مع الإستعانة بالمواطنين القاطنين هناك في تحديد المسميات التي تناءت عن ذاكرة بعضهم كثيرا ولمس الفريق منهم تعاون رائع في الإرشاد نحو المسميات المكانية التي رأيناها في المجلة الأطلالية وشعرنا منهم طيب المعشر وحسن استقبال وبعد جولة دامت نحو 3 ساعات سيرا بالأقدام (بحسب رغبة الفريق) تبين أن بعض المواقع ما تزال تحتفظ بوسمها الأثري وسلامة سطحها وخاصة الواقعة في السفوح الجبلية عند مصبات المياه الجبلية أو التي حظيت باهتمام خاص من الحماية كما لاحظ الفريق أيضا مدى تأثر بعض من هذه المواقع بالمتغيرات الديمغرافية والحضرية خاصة عند خط طول ودرجة عرض -42-21 شمالا و44- 39 شرقا وهو مركز الجولة وحصر الفريق أهم المتغيرات في رمي المخلفات وبناء حظائر المواشي وتسييج الجبل الأحمر أو (الأصفر كما سماه المؤرخون القدماء) من جميع الجوانب وبناء المباني الإسمنتية فوق منحدرات السفوح بحيث أتت على بعض المواقع التاريخية ودمرتها للأبد أما ما يخص مواقع العصر الحجري فقد تأثرت كثيرا بالجرف وتغيير المعالم خاصة الشق الشرقي والغربي من الجبل الأحمر وتمزيق بعض الصدوع الصخرية الحجرية وتحويلها إلى مكبات نفايات أو مراتع للماشية والمخلفات الإسمنية رغم أنها مسجلة ضمن مسوحات البعثة كما ظهر لنا من خريطة البعثة! ولم يبخل علينا أعضاء الفريق بشئ من المعلومات الهامة عن هذه المواقع وفق إمكانياتهم وأجمع إثنان منهما أنها ترجع إلى العصرالآشولي المتميز بكبرالكتل الفأسية غير المهذبة بشكل مناسب مرجعين بعضها إلى أنها من خارج البيئة المحلية ذات الجرانيت الهش ولاحظ الفريق أن هناك تفاوت جيولوجي في الطبقات الأرضية مرجحين أن الحقبة الموستيرية كانت أقل تأثيرا في المساحة المشاهدة وأمكن للفريق رؤية ملتقطات سطحية واسعة جدا ما تزال مرمية على الأرض بحالة جيدة جدا بل وممتازة بالإضافة مدافن كوخية ودائرية أحيانا . كما شاهد أعضاء الفريق رؤية أرحية سميكة جدا وقد أفادنا أحد أفراد الفريق أنها لا تستخدم إلا في القلاع لخدمة جماعة من الجند ورجح أن تكون عباسية متقدمة وهناك أساسات مبان وتلال اثرية تعرضت للخطر إما تشويها بأخذ رمالها الحصوية أو تحصيل ما بداخلها من مخلفات. ولا ننس أن هناك نحو مقبرتين إسلاميتين دارستين نزعت شواهدها كما أخبرنا أحد كبار السن هناك لكن أحد المرافقين من أعضاء الرحلة قال : أن مثل هذه الشواهد كانت تجلب في القرن الخامس من خطاطين بمكة المكرمة بشكل (إحترافي) كون صناعتها تحتاج لمهارة ومقدرة مالية على الأرجح وقال إن : توفرها لم يكن واسعا إلا عند المقتدرين ولم تكن تحمل تواريخ أو أسماء أشخاص بل أدعية وآيات قرآنية وقدر تاريخ المقبرة بالقرن الخامس بناء على لون وحزوزعجائن الفخار المتوفرة حولها . أما مصادر المياه فكانت أيضا محل إهتمامنا جميعا نظرا لسهولة تحديد منشآتها المتمثلة في الأقنية الظاهرة على السطح أو المخفية ولعلها كانت تغذي المكان بكامله وعلى سماحة 4كم2 مع رؤية رقاب متسلسلة تبعا لمجرى القناة تمدها برك (عباسية) بالمياه . وتمت صلاة الظهر (سفرا) في مسجد برقا على ما يعتريه من تلف ونبهنا أبو عثمان حفظه الله وهوموسوعتنا و رفيقنا التاريخي : أنه هو عينه المسجد الذي أشار له ناصر خسروضمن رحلته في القرن الخامس معتمدا في ذلك على ترجمة الخشاب لهذه الرحلة. وأجمع الفريق إلى إمكانية تطوير هذه المواقع تطويرا سياحيا وثقافيا مثل عكاظ مع وجود إمكانيات هائلة .
وسوف يقوم الفريق بزيارة صيفية مماثلة لسوق عكاظ وستكون له مشاهدات ثقافية وسياحية أخرى استعدادا لرحلة وادي الليث هذا الصيف 1439هـ إن شاء الله وسيأخذ خطى السابقين من البعثات الأثرية وتسجيل المشاهدات.
أحمد الحربي 23/10/1439هـ