المساجد التي في حدود الحرم والمشاعر المقدسة
أ.د. اسماعيل خليل كتبخانة
مقالي هذا سوف اشير اولا الى العديد من المساجد التي في حدود الحرم وهي : التنعيم، والشميسي، والجعرانة. والتنعيم مكان معروف، واقع بعد حي الزاهر وبعد الشهداء، يبعد عن المسجد الحرام بحوالي ( 7.5 ) كم، شمالاً على طريق مكة– المدينة المنورة، وهو أقرب موضع لحد الحرم. وسمي الموضع التنعيم، لأن جبلاً عن يمينه يقال له نعيم، وآخر عن شماله يقال له ناعم.
ومسجد التنعيم، مسجد أقيم في الموضع الذي أحرمت منه السيدة عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعد النزول من حجة الوداع، عندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن بن أبي بكر بأن تحرم أخته من ذلك الموضع. وهذا المسجد أقرب الحل إلى الحرم .
وأشار محمد رفعت باشا، في كتابه ” مرآة الحرمين الشريفين ” إلى ” أن طول هذا المسجد 16 متراً وعرضه 15 متراً، والارتفاع 4 أمتار، ومكتوب في محرابه. بسم الله الرحمن الرحيم { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ }، هذا مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها، وجدده السلطان محمود فيي أول جمادى الآخرة سنة 1011ﻫ، وخلف هذا المسجد حوض أعد لخزن المياه، طوله 24 متراً وعرضه 19 متراً وعمقه 3أمتار وفي كل منن الجهة الشمالية والجنوبية سلم يتكون من سبع درجات ” يوصل إلى قاعة
أعيد بناء مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – رحمه الله، على مساحة 84.000م2، تشمل المرافق التابعة له بتكلفة (100) مليون ريال، أما مساحة المسجد فهي 60.000م2 ويستوعب نحو 15.000 مصل .
وقد أشارت المصادر التاريخية أن بالجعرانة مسجدين، أحدهما بالعدوة القصوى من الوادي بني في موضع مصلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، والآخر بالعدوة الدنيا من الوادي، بناه عبدالله بن خالد الخزاعي، وكلا المسجدين بنيا قبل القرن الثالث الهجري حسب الأزرقي
وقال الغازي، الجعرانة الموضع الذي أحرم منه النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف بعد فتح مكة المكرمة، وهو موضع مشهور. وسميت الجعرانة باسم امرأة من قريش
وقال الفاسي في ” شفاء الغرام ” الجعرانة الموضع الذي أحرم منه النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف بعد فتح مكة، وهو موضع مشهور بين الطائف ومكة.
وروى الأزرقي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعتمر أربع عمر : عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرة حجته.
ويقع مسجد الجعرانة على الجانب الأيسر من وادي الجعرانة شم شرق مكة المكرمة بـ 25 كم، على مقربة من بئر عذبة المياه، في المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته منتصراً على ثقيف وحليفتها هوازن في وادي حنين بالطائف في السنة الخامسة من الهجرة. ولقد بُني هذا المسجد قبل القرن الثالث الهجري، ولقد جددت عمارته عام 1263ﻫ، زوجة سالار الملك بهادر من أهل حيدر أباد، ثم عمره وزاد فيه عيسى بوقري وابنه صالح عام 1370ﻫ، ثم جددت عمارته في العصر السعودي الحديث، عام 1384ﻫ، وأيضاً تم تجديده مؤخراً من قبل وزارة الحج ووفق تصميم رائع وعلى مساحة تقدر بحوالي 16.000متر مربع .
وهناك مسجد اخر موجود في حدود مكة المكرمة وهو مسجد الشميسي ” الحديبية ” والشميسي، كانت تسمى من قبل الإسلام بالحديبية باسم بئر هناك، وفيها حصلت بيعة الرضوان. وفي هذه البقعة التي فيها المسجد والمنازل نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في صلح الحديبية الشهيرة في أواخر السنة السادسة من الهجرة، وفيها وقع صلح الحديبية .
ولقد أشار الكردي، في كتابه ” التاريخ القويم ” إلى أن الشميسي مسجد صغير، أمر بتعميره السلطان محمود خان، وجاء في مرآة الحرمين ” بالشميسي مسجد يسمى مسجد الشميسي أو مسجد البيعة، وهو على اليسار، مربع الشكل، طول ضلعه 15 متراً، ومبني من الحجر الأزرق، بناءً متيناً، ومجصص، وبه ثلاثة أروقة، وقبلته مكتوب فيها : هذا مسجد بيعة الرضوان، مأثرة من مآثر المغفور له السلطان محمود خان سنة 1254ﻫ، وبالشميسي بئر عمقها (10) أمتار بالتقريب مبنية بالحجر.
لا يزال هذا المسجد قائما في موضعه على طريق مكة جدة القديم بجوار علامات الحرم العثمانية، على بعد 12كم غرب المسجد الحرام، ولكنه في حالة سيئه، إذ إن آخر عمارة له كانت في العصر العباسي، سنة 1255ﻫ، ولقد تهدم فناؤه ورواق قبلته وأجزاء من جدرانه الخارجية، ولم يتبـق منه سوى جزء صغير وقبة. وقد تم إعادة بنائه مؤخرا وفق التصميم المعماري الحديث للمساجد. وهناك مسجد آخر حديث تم بناؤه بمحاذاة المسجد القديم وعلى طريق مكة جدة السريع.
وانهي مقالي هذا بالحديث عن مسجد نمره ” مسجد إبراهيم الخليل “وهو من المساجد التاريخية في المشاعر المقدسة واكمل الحديث عن باقي المساجد الاخرى في المشاعر في المقال الصحفي القادم
هذا ولقدأشار الشيخ عاتق البلادي في كتابه ” معالم مكة التاريخية والأثرية ” أن الأزرقي ذكر أن أول من جمع بالحاج صلاة الظهر والعصر بعرفة هو إبراهيم عليه السلام في ” مسجد إبراهيم ” ثم راح بهم إلى الموقف في عرفة” ثم يضيف البلادي : وهذا المسجد يعرف بمسجد “نمرة” ونمرة جبل تراه غرب المسجد بينهما بطن عرنه، وكان معروفاً أيضاً في عهد الأزرقي، وبعضهم يسمى المسجد بالمكان فيقول ” مسجد عرفة ” والأزرقي سماه ” مسجد إبراهيم خليل الرحمن .
يقع مسجد نمره في شمال عرفات، ويبعد عن مكة حوالي 15كم، ويعتبر هذا المسجد من أهم المساجد بالمشاعر المقدسة بعد المسجد الحرام، ودائماً تجرى عليه أعمال التحسينات والتوسعات حتى يستوعب الأعداد الكبيرة من ضيوف بيت الله الحرام، هذا ولقد وصف كتاب الرحلة الحجازية للبتنوني المسجد في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري ” بأنه مسجد كبير أحاطت به الأروقة من جهاته الأربع، وفي وسطه مجرى ماء يسيل إليه من عين زبيدة .
ولقد عُينت المديرية للأوقاف في عهد الملك عبدالعزيز، بمسجد نمرة لأهميته ومكانته، ولأنه مقصد عدد كبير من الحجاج، حيث أصلحت أروقته الفسيحة الكبيرة وعمرتها ورممت الأجزاء والمواضع التي رأت المديرية أنها بحاجة إلى ترميم، كما أزيلت الأتربة التي تراكمت في صحنه وعلى جوانبه، وبالإضافة إلى ذلك فقد بُنيت أروقة جديدة لكي يستوعب المسجد أكبر عدد من المصلين .
وقامت حكومة المملكة العربية السعودية من خلال قطاعالشئون الدينية بتوسعته حتى تجاوز خمسة أضعاف مساحته السابقة، وتم إعداد التصميمات الخاصة به على الطراز المعماري الإسلامي الحديث، ويشتمل التصميم على ست مآذن ارتفاع كل منها 60 متراً، كما يشتمل المسـجد على ثلاث قباب بالجزء الأمامي، ومظلات خارجية وثمانية أبواب، وتمـت الإنارة الطبيعية بواسطة نوافذ مصممة على الطراز العربي، وذلك بخلاف وحدات الإضاءة الكهربائية البالغ عددها 13000 كشاف للإضاءة الداخلية و 280 كشاف للإضاءة الخارجية، وقد زود المسجد بوحدات للتكييف. كما تم انشاء مظلات خارجية مجاورة للمسجد، وقد بلغت تكاليف هذه التوسعة حوالي ثلاثمائة وخمسين مليون ريال، وتصل السعة التقريبية للمساحة بعد التوسعة إلى 124.000م2، وله دور ثان بمساحة 27.000م2، ومساحـات خلفية مظللة، ويستوعب المسجد حوالي 200.000 مصل .
أصبح مسجد نمره بعد التوسعة، وبما اشتمل عليه من أجهزة ومعدات ومرافق معلماً رائداً
أ.د. اسماعيل خليل كتبخانة
المصدر: صحيفة مكة
.