أغوات المسجد الحرام
أ.د. اسماعيل خليل كتبخانة
مقالنا الصحفي هذا ينصب على اغوات الحرم ولفظ ” آغا ” أعجمية مستعملة في اللغات التركية والكردية والفارسية، فعند الأكراد تطلق على شيوخهم وكبارائهم، وتطلق عند الأتراك على الرئيس والسيد، وتطلق في الفارسية على رئيس الأسرة .
وصارت كلمة ( آغا ) أيام الدولة العثمانية تطلق على الشيخ أو السيد وصاحب الأرض ورئيس خدم البيت، وكان كثير من خدمة الحكومة في الوظائف العسكرية يلقبون بكلمة ( آغا )، وكانت تطلق أيضاً على الخصيان الخادمين في القصر .
وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة لفظة خاصة بخدمة الحرمين الشريفين.
يعود تاريخ الأغوات إلى عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فهو أول من وضع خداماً للكعبة من العبيد. وأول من اتخذ الخصيان والخدمة بالكعبة هو يزيد بن معاوية. ويرى رفعت باشا أن أول من رتب الأغوات في المسجد الحرام هو أبو جعفر المنصور.
وظل الأغوات على مر العصور يتميزون بزي معين، فقد وصفهم ابن بطوطة في رحلته قائلاً : أن الأغوات على هيئات حسان، وصور نظاف، وملابس ظراف، وكبيرهم يعرف بشيخ الحرم، وهو في هيئة الأمراء الكبار. وفي أيام الدولة العثمانية كان الأغوات في الحرم يلبسون عباءات استانبولية، وأثواباً واسعة مطرزة مشدوداً عليها حزام، ويحملون في أيديهم عصا طويلة، ويضعون على رؤوسهم غطاء. أما لباسهم اليوم فهو رداء يسمى ” الجبة ” ورداء يوضع على الكتف يسمى “الحزام” وغطاء يوضع على الرأس يسمى ” القاوون.
وللأغوات مراتب أعلاها رتبة شيخ الأغوات وهو ناظر أوقافهم والمسؤول عن سير أعمالهم.
ويشترط في الذي يريد الالتحاق بسلك الأغوات أن يكون مخصياً، وأن يقبل تطبيق نظام الأغوات عليه وأن يرابط في الحرم مدة سبع سنوات متواصلة بناءً على جدول المناوبة للأغوات، وأن يؤدي واجبه على أكمل وجه وأن يطيع أوامر رؤسائه، وأن يتمتع بصحة جيدة .
في الوقت الحاضر لا يقبل استقدام أغوات جدد بناءً على أوامر سامية، وآخر آغا تعين بهذا المنصب كان سنة 1399ﻫ. وعدد الأغوات في الوقت الحاضر أربعة عشر آغا في الحرم المكي
يلاحظ أيضاً أنه في السابق كان الأغوات يقومون باثنين وأربعين وظيفة في الحرمين الشريفين، منها غسل المطاف وتنظيف الحرمين من فضلات الحمام، وإنارة القناديل وغير ذلك من الأعمال، أما في الوقت الحاضر فقد انحصر عملهم في ثلاث وظائف هي :
– المشاركة في استقبال الملك والوفد المرافق له .
– خدمة ضيوف الدولة من رؤساء ووزراء وغيرهم من المرافقين والتابعين، حيث يفرشون لهم السجاد ويقدمون لهم ماء زمزم .
– فصل النساء عن الرجال في أثناء الطواف ومنع النساء من الطواف بعد الأذان .
هذا لقد حظى الأغوات في العهد السعودي برعاية كريمة وتقدير كبير لما يقومون به من خدمة جليلة في الحرمين الشريفين.وقد بدا اهتمام الدولة بالأغوات مع بداية العهد السعودي، حيث في سنة 1346ﻫ، صدر مرسوم ملكي من الملك عبدالعزيز – رحمه الله – نصه (بخصوص أغوات الحرم المكي فهم بأمورهم الخاصة على ما كانوا عليه ولا يحق لأحد أن يعترض عليهم أو يتدخل في شؤونهم).
وبعد وفاة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – أيد الملك سعود تقرير والده بتقرير ملكي برقم 35 وتاريخ 4/3/1374ﻫ وهذا نصه ”أننا نقر أغوات الحرم المكي أن يبقوا على الترتيب والعادة التي يسيرون عليها في أمورهم الخاصة وألا يتعرض لهم في هذه الأمور أو يتدخل في هذه الشؤون أحد“.
ويذكر الأغوات أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – رحمه الله – يرسل اليهم كل عام مكرمة ملكية. ومشالح تصلهم عن طريق الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
فالدولة تصرف لهم مرتبات كافية،إضافة إلى عوائد الأوقاف التي توزع عليهم بالتساوي، وأوقافهم منتشرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف والأحساء، ولهم كذلك أوقاف في العراق والمغرب واليمن وهي تدر عليهم مداخيل كبيرة تجعلهم في رغد من العيش.
أ. اسماعيل خليل كتبخانة
المصدر: صحيفة مكة
.