الطائف قطعة نُقِلَت إلى الحجاز من الشام، ومن أجمل ما رأيتُ فيها
قال العلامة خير الدين الزركلي في كتابه ((ما رأيت وما سمعت من دمشق إلى مكة )) ( ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2014 م ) :
إذا جال الشاعر جولته الأولى في الطائف، ورأى ما حول مدينته من ربيع ونبات، وينابيع وجداول، وفواكه وأزهار، وحدائق وبساتين، لم يشك بصدق ما يتلوه في مقدمات تواريخ الفاكهي ( عبد القادر المكي، ت 985 هـ، له كتاب ((عقود اللطائف في محاسن الطائف)) ) والعجيمي ( إمام الحرم، من علماء أواخر القرن الحادي عشر ) والميورقي ( أحمد بن علي المالكي، ت 678 هـ، له رسالة ((بهج المهج في بعض فضائل الطائف ووج)) ) وأشباههم ممن نقل هؤلاء عنهم، كياقوت وابن أبي الصيف ( مفتي الحرمين، له كتاب ((زيارة الطائف))، ت 609 هـ )، أو نقلوا عن هؤلاء وأولئك، كالقاري ( عبد الحفيظ القاري، من علماء الطائف، له رسالة في الطائف كتبها سنة 1308 هـ ) وغيره، إذ يراهم متفقين، ويكادون يتفقون،
على أن الطائف قطعة نُقِلَت إلى الحجاز مِن الشام، وفيهم مَن يقول مِن اليمن، يستدلّون على هذا بخصبها واختلافها عن غيرها من بقاع الديار الحجازية بطيب هوائها وعذوبة مائها وجمال نضرتها وحسن خضرتها.
... وقد يأخذ الشاعر أخذ المؤرخ الإفرنجي (سيديو)، فيقول معه: ((الطائف بستان مكة))! اهـ.
قال أبو معاوية مازن البحصلي البيروتي: وأضم صوتي إلى صوت المؤرخين السابقين، في أن الطائف قطعة نُقِلَت إلى الحجاز من الشام، وذلك انطباعي عنها عندما زرتها في أواخر شعبان عام 1431 هـ / 2010 م.
ومن أجمل ما فيها – في رأيي، وللناس فيما يعشقون مذاهب – مكتبة ابن عباس التي أسسها الوالي العثماني محمد الشرواني ( ت 1291 هـ ) لـمّا تولى الحجاز، وكان عالماً فاضلاً يجيد العربية، وكان العلماء والرحّالة يوقِفُون الكتب على طلبة العلم بمسجد ابن عباس قبل إنشاء المكتبة بنحو ستة قرون، وفي عام 1317 هـ بلغ عدد الكتب فيها قرابة عشرة آلاف مجلد، منها نحو ثلاثين نسخة من صحيح البخاري، ثم أُدْخِلَت إلى مكتبة الحرم المكي عام 1346 هـ، وتحتوي على كثير من المخطوطات النادرة، ثم أُعِيدَ افتتاحها عام 1384 هـ بجهود الشيخ حسن عرب رحمه الله، ولا تزال إلى يومنا هذا.