تاريخ ظهور المطابع لأول مرة، ودخولهم البلاد العربية، ومتى طُبِعَ المصحف الشريف لأول مرة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه وسلّم .
أما بعد، قال د . عبد الحي الفرماوي في كتابه " رسم المصحف ونَقْطه " ( ص 244 / ط . دار نور المكتبات – جدة ) :
ظهرت المطابع أول اختراعها في ألمانيا عام 1431م ،وظهرت – تبعاً لذلك – أول طبعة للمصحف الشريف بالخط العربي عام 1113هـ، وكان ذلك بمدينة هامبرغ بألمانيا، ويوجد من هذه الطبعة مصحف بدار الكتب العربية بالقاهرة، وبعد سنة 1516م طُبِعَ المصحف أيضاً في مدينة البندقية بإيطاليا، والسبب في طبع المصحف الشريف بمدينتي هامبرغ والبندقية – دون غيرهما من البلاد – هو وجود المطابع فيهما دون غيرهما من البلاد عامة والبلاد الإسلامية خاصة كما هو ظاهر، وقد مضت – بحكم الضرورة مدّة طويلة حتى أتقنت المطابع صناعتها وظهرت صلاحيتها وانتقلت بعد ذلك إلى البلاد الأخرى، فدخلت أولاً إلى إيطاليا، ثم إلى فرنسا، ثم إلى انجلترا، ثم انتشرت في جميع البلدان، ومنها البلاد العربية .
ولمّا دخلت المطبعة إلى تركيا في زمن السلطان أحمد الثالث، أفتت مشيخة الإسلام بجواز استعمالها وعدم جواز طبع المصحف، وفيما بعد سنة 1141هـ استصدرت فتوى بطبع كتب الدين فقط مع جواز تجليد القرآن الكريم .
ثم دخلت المطابع بعد ذلك إلى البلاد العربية، فدخلت تونس بعد سنة 1271هـ، ودخلت حلب سنة 1698م، ودخلت لبنان سنة 1733م، ودخلت مكة المكرمة سنة 1303هـ، ودخلت جدّة سنة 1329هـ، ودخلت المدينة المنورة سنة 1355هـ .
وأما بمصر فقد ظهرت أول مطبعة بها هي مطبعة الحملة الفرنسية جاء بها بونابرت سنة 1798م لطبع المنشورات والأوامر باللغة العربية، وقد سمّيت بالمطبعة الأهلية، وكانت بالقاهرة إلى يونيو سنة 1801م حين انسحب الفرنسيون من مصر، وبعد ذلك ظلت مصر نحواً من عشرين عاماً بغير مطبعة حتى استقر الأمر لمحمد علي باشا، فأنشأ المطبعة الأهلية سنة 1821م، وتُعْرَف بمطبعة بولاق لأنها وُضِعَت أخيراً في بولاق .