رحلات الحج.. سفر خالد وسجل ثقافي لخدمة الدين والأدب والتاريخ
شكلت رحلات الحج عنصرا مؤثرا في اتساع دائرة العلم والأدب، من خلال تدوين الكثير من العلماء والأدباء والمؤرخين والرحالة رحلاتهم لتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام، وحظيت هذه الرحلات بعناية خاصة من قبل أصحابها، ودار حولها الكثير من المؤلفات التي تعد سجلا مهما وسفرا خالدا لخدمة الدين والأدب والتاريخ والجغرافيا.
وأبلغ المؤرخ والباحث والمؤلف الأمين العام السابق لدارة الملك عبد العزيز رصده لـ30 رحلة للحج بدأت أولاها منذ ألف عام، معتبرا أن الرحلة الأقدم للرحالة ناصر خسرو شاه، تعد هي الأقدم، مرورا برحلة ابن جبير الأندلسي، وابن بطوطة، وعبد القادر الجزائري، وغيرهم، ثم الياباني تاكيشي سوزوكي، المعروف باسم محمد صالح، قبل نحو 82 عاما.
حول رحلة ناصر خسرو شاه عام 442 هجرية، يوضح الحقيل أن الذي يعنينا من هذه الرحلة الطويلة ما يتصل بالحج، حيث بدأ الرحالة في وصف مدينة جدة حين وصلها قائلا: «وجدة مدينة كبيرة لها سور حصين، تقع على شاطئ البحر، وبها خمسة آلاف رجل، هي شمال البحر (الأحمر)، وفيها أسواق جميلة، وقبلة مسجدها الجامع ناحية المشرق، وليس بخارجها عمارات أبدا، عدا المسجد المعروف بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولها بوابتان إحداهما شرقية تؤدي إلى مكة، والثانية غربية تؤدي إلى البحر». ثم أخذ في وصف مكة المكرمة قائلا: «تقع مكة بين جبال عالية، ولا ترى من بعيد، من أي جانب يقصدها السائر، وأقرب جبل منها هو جبل أبي قبيس، وهو مستدير كالقبة، لو رمي سهم من أسفله لبلغ قمته، وهو شرقي مكة، فترى الشمس من داخل المسجد الحرام وهي تشرق من فوقه في شهر (ديسمبر)، وقد نصب على قمته برج من الحجر يقال إن إبراهيم عليه السلام رفعه عليه».
وتشغل هذه المدينة الوادي الذي بين الجبال الذي لا تزيد مساحته عن رمية سهمين في مثلها، والمسجد الحرام وسط هذا الوادي، ومن حوله مكة والشوارع والأسواق، وحيثما وجدت ثغرة بين الجبال سدت بسور قوي وضعت عليه بوابة، وليس بمكة شجر أبدا إلا عند الباب الغربي للمسجد الحرام المسمى باب إبراهيم، حيث يوجد كثير من الشجر الكبير الذي يرتفع على حافة بئر.
وعند الجانب الشرقي للمسجد سوق تمتد من الجنوب إلى الشمال، وفي أولها ناحية الجنوب جبل أبي قبيس الذي تقع الصفا على سفحه، وتبدو على هذا السفح درجات كبيرة من الحجارة المستوية التي يصعد الحجاج عليها ويدعون ربهم. والمروة في نهاية السوق، شمال الجبل، وهي أقل ارتفاعا في وسط مكة، وقد شيدت عليها منازل كثيرة، وما يسمى السعي بين الصفا والمروة هو المسعى في هذه السوق من أولها لآخرها. ويجد من يرغب في العمرة وهو آت من بعيد أبراجا على مسافة نصف فرسخ حول مكة، فيحرم منها للعمرة، والإحرام هو نزع الملابس المخيطة من على الجسد، وشد المحرم وسطه بإزار، ولف جسده بإزار أو وشاح آخر، وصياحه بصوت عال أن «لبيك اللهم لبيك»، ثم يسير نحو مكة.
رسم الطريق إلى مكة أما ابن جبير الأندلسي فقد حج عام 578 هجرية متوجها من غرناطة إلى جدة، فيقص رحلته وحجه إلى بيت الله الحرام، ويصف لنا مشاهد كثيرة، ويرسم الطريق إلى مكة، منازله ومناهله، رسما بارعا، وتصويرا دقيقا، وتقصى أحوال مكة من جميع جهاتها، يقول: «في مساء يوم الثلاثاء الحادي عشر من ربيع الأول 578هـ، تركنا جدة متوجهين إلى مكة بعد أن ضمن الحجاج بعضهم بعضا، وبعد تسجيل أسمائهم في سجل لدى قائد جدة علي بن موفق، فواصلوا السير ليلا حتى وصلوا (القرين) مع طلوع الشمس، والمسمى اليوم (بحرة)». ويقول بأن بهذا الموضع بئرا معينة عذبة.. فأقام به بياض يوم الأربعاء ثم رحل بالعشي محرما بعمرة، وواصل السير ليلا، فوصل مع الفجر إلى قريب من الحرم، ودخل مكة المكرمة في الساعة الأولى من يوم الخميس الثالث عشر من شهر ربيع الأول من العام ذاته، فدخل من باب العمرة، فقضى نسكه، وسكن بدار في جوار الحرم، مشرفة على الحرم والكعبة.
وبعد أن يفيض في وصفه كسوة الكعبة يصف مقام إبراهيم، حيث قال: «هو حجر مغشى بالفضة، وارتفاعه مقدار ثلاثة أشبار، وسعته مقدار شبرين، وأعلاه أوسع من أسفله، عايناه، وتبركنا بلمسه وتقبيله». ثم وصف الحفرة التي كانت بين الملتزم وحجر إسماعيل فقال: «وبين الباب الكريم والركن العراقي حوض طوله اثنا عشر شبرا، وعرضه خمسة أشبار ونصف، وارتفاعه نحو شبر، وهو علامة موضع مقام إبراهيم».
ثم يصف مقام إبراهيم على ما كان عليه في عهده فيقول: «وموضع المقام الكريم هو الذي يصلى خلفه، يقابل ما بين الباب الكريم والركن العراقي، وهو إلى الباب أميل بكثير، وعليه قبة خشب في مقدار القامة أو أزيد، بديعة النقش».. ثم يقول: «ولموضع المقام أيضا قبة مصنوعة من حديد موضوعة إلى جانب قبة زمزم، فإذا كان في أشهر الحج، وكثر الناس.. رفعت قبة الخشب ووضعت قبة الحديد لتكون أحمل للازدحام».
وحينما يستمر ابن جبير في وصف الكعبة والحرم والآثار، لا يكف عن إحصائياته ومقاييسه مستعملا الشبر، ويصف موضع الطواف بأنه «مفروش بحجارة مبسوطة كالرخام حسنا، أما سائر الحرم فهو مفروش بالرمل الأبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة».
ويصف حجر إسماعيل وصفا بديعا، ويذكر مساحاته وأقيسته، ويصف قبة زمزم، وأن البئر في وسطها، وعمقها إحدى عشرة قامة حسبما ذرع ابن جبير بنفسه. أما عمق الماء فيقول عنه: «وعمق الماء سبع قامات على ما يذكر». ويقول: «وتلي قبة بئر زمزم من ورائها قبة الشراب، وهي منسوبة للعباس رضي الله عنه، لأنها كانت سقاية الحاج، وهي حتى الآن يبرد فيها ماء زمزم، ويخرج مع الليل لسقي الحاج في قلال يسمونها (الدوارق)، كل دورق منها ذو مقبض واحد».
الطبول تضرب في الحج وجاء وصف ابن بطوطة لرحلته إلى الحج عام 726هـ ما يلي:
«وفي اليوم السابع والعشرين من شهر ذي القعدة تشمر أستار الكعبة، زادها الله تعظيما، إلى نحو ارتفاع قامة ونصف من جهاتها الأربع صونا لها من الأيدي أن تنتهبها، ويسمون ذلك إحرام الكعبة، وهو يوم مشهود بالحرم الشريف، ولا تفتح الكعبة المقدسة من ذلك اليوم حتى تنتهي الوقفة بعرفة.
وإذا كان أول يوم شهر ذي الحجة تضرب الطبول والدباب، في أوقات الصلوات، بكرة وعشية، إشعارا بالموسم المبارك، ولا تزال كذلك إلى يوم الصعود إلى عرفات، فإذا كان اليوم السابع من ذي الحجة خطب الخطيب إثر صلاة الظهر خطبة بليغة يعلم الناس فيها مناسكهم، ويعلمهم بيوم الوقفة، فإذا كان اليوم الثامن بكر الناس بالصعود إلى منى، وأمراء مصر والشام والعراق وأعلام العلم يبيتون تلك الليلة بمنى، وتقع المباهاة والمفاخرة بين أهل مصر والشام والعراق في إيقاد الشمع، ولكن الفضل في ذلك لأهل الشام دائما، فإذا كان اليوم التاسع رحلوا من منى بعد صلاة الصبح إلى عرفة، فيمرون في طريقهم بوادي محسر ويهرولون، وذلك سنة.
ووادي محسر هو الحد ما بين مزدلفة ومنى، ومزدلفة بسيط من الأرض فسيح بين جبلين، وحولها مصانع وصهاريج للماء مما بنته زبيدة ابنة جعفر بن أبي جعفر المنصور زوجة أمير المؤمنين هارون الرشيد، وبين منى وعرفة خمسة أميال، وكذلك بين منى ومكة أيضا خمسة أميال».
وزاد ابن بطوطة بالوصف قائلا: «لعرفة ثلاثة أسماء، وهي: عرفة وجمع والمشعر الحرام، وعرفات بسيط من الأرض فسيح أفيح تحدق به جبال كثيرة، وفي آخر بسيط عرفات جبل الرحمة، وفيه الموقف وفيما حوله، والعلمان قبله بنحو ميل، وهما الحد ما بين الحل والحرم، وبمقربة منهما مما يلي عرفة بطن عرنة الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالارتفاع عنه، ويجب التحفظ منه، ويجب أيضا الإمساك عن النفور حتى يتمكن سقوط الشمس، فإن الجمالين ربما استحثوا كثيرا من الناس وحذروهم الزحام في النفر، واستدرجوهم إلى أن يصلوا بهم بطن عرنة فيبطل حجهم.
وجبل الرحمة الذي ذكرناه قائم في وسط بسيط منقطع عن الجبال، وهو من حجارة منقطع بعضها عن بعض، وفي أعلاه قبة تنسب إلى أم سلمة رضي الله عنها، وفي وسطها مسجد يتزاحم الناس للصلاة فيه، وحوله سطح فسيح يشرف على بسيط عرفات، وفي قبليه جدار فيه محاريب منصوبة يصلي فيه الناس، وفي أسفل هذا الجبل عن يسار المستقبل للكعبة دار عتيقة البناء تنسب إلى آدم عليه السلام، وعن يسارها الصخرات التي كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم عندها، وحول ذلك صهاريج وجباب للماء، وبمقربة منه الموضع الذي يقف فيه الإمام يخطب، ويجمع بين الظهر والعصر، وعن يسار العلمين للمستقبل أيضا وادي الأراك، وبه أراك أخضر يمتد في الأرض امتدادا طويلا».
ويفيض ابن بطوطة في الحديث قائلا: «وإذا حان وقت النفر أشار الإمام المالكي بيده ونزل عن موقفه فدفع الناس بالنفر دفعة ترتج لها الأرض، وترجف الجبال، فيا له من موقف كريم ومشهد عظيم، ترجو النفوس حسن عقباه، وتطمح الآمال إلى نفحات رحماه، جعلنا الله ممن خصه فيه برضاه».
ويتحدث عن نفسه قائلا: وكانت وقفتي الأولى يوم الخميس سنة 726هـ، وأمير الركب المصري يومئذ أرغون الدوادار نائب الملك الناصر، وحجت في تلك السنة ابنة الملك الناصر، وهي زوجة أبي بكر بن أرغون المذكور، وحجت فيها زوجة الملك الناصر المسماة بالخوندة، وهي بنت السلطان المعظم محمد أوزبك ملك السرا وخوارزم، وأمير الركب الشامي سيف الدين الجوبان.
ولما وقع النفر بعد غروب الشمس وصلنا مزدلفة عند العشاء الآخرة، فصلينا بها المغرب والعشاء جمعا بينهما، حسبما جرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما صلينا الصبح بمزدلفة غدونا منها إلى منى بعد الوقوف والدعاء بالمشعر الحرام، ومزدلفة كلها موقف إلا وادي محسر؛ ففيه تقع الهرولة حتى يخرج عنه.
ومن مزدلفة يستصحب أكثر الناس حصيات الجمار، وذلك مستحب، ومنهم من يلقطها حول مسجد الخيف، والأمر في ذلك واسع، ولما انتهى الناس إلى منى بادروا لرمي جمرة العقبة، ثم نحروا وذبحوا، ثم حلقوا وحلوا من كل شيء إلا النساء والطيب، حتى يطوفوا طواف الإفاضة ورمي هذه الجمرة عند طلوع الشمس من يوم النحر، ولما رموها توجه أكثر الناس بعد أن ذبحوا وحلقوا إلى طواف الإفاضة، ومنهم من أقام إلى اليوم الثاني، وفي اليوم الثاني رمى الناس عند زوال الشمس بالجمرة الأولى سبع حصيات، وبالوسطى كذلك، ووقفوا للدعاء بهاتين الجمرتين اقتداء بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان اليوم الثالث تعجل الناس الانحدار إلى مكة، شرفها الله، بعد أن كمل لهم رمي تسع وأربعين حصاة، وكثير منهم أقام اليوم الثالث بعد يوم النحر حتى رمى سبعين حصاة.
وفي يوم النحر بعثت كسوة الكعبة الشريفة من الركب المصري إلى البيت الكريم، فوضعت في سطحه، فلما كان اليوم الثالث بعد يوم النحر أخذ الشيبيون في إسبالها على الكعبة الشريفة، وهي كسوة سوداء حالكة من الحرير، مبطنة بالكتان، وفي أعلاه طراز مكتوب فيه بالبياض: «جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما» (المائدة: 97)، الآية، وفي سائر جهاتها طراز مكتوب بالبياض فيها آيات من القرآن، وعلينا نور لائح مشرق من سوادها.
ولما كسيت شمرت أذيالها صونا من أيدي الناس، والملك الناصر هو الذي يتولى كسوة الكعبة الكريمة، ويبعث مرتبات القاضي والخطيب والأئمة والمؤذنين والفراشين والقومة، وما يحتاج له الحرم الشريف من الشمع والزيت في كل سنة». ويفيض ابن بطوطة في الحديث عن الكعبة تاركا وصفا حيا للمسجد الحرام ومكة المكرمة، حيث يقول: «وفي هذه الأيام تفتح الكعبة الشريفة في كل يوم للعراقيين والخراسانيين وسواهم ممن يصل مع الركب العراقي، وهم يقيمون بمكة بعد سفر الركبين الشامي والمصري أربعة أيام، فيكثرون فيها الصدقات على المجاورين وغيرهم، ولقد شاهدتهم يطوفون بالحرم ليلا، فمن لقوه في الحرم من المجاورين أو المكيين أعطوه الفضة والثياب، وكذلك يعطون للمشاهدين الكعبة الشريفة».
ياباني في مكة وبخصوص رحلة «ياباني في مكة» أو «الحج إلى مكة المكرمة» للحاج محمد صالح (تاكيشي سوزوكي)، يشير الحقيل إلى أن هذه الرحلة تعد نموذجا للنمط الأدبي المعروف بـ«أدب الرحلات»، وهو رافد من روافد الثقافة والمعرفة من الأدب والتاريخ، يستفيد منه كتاب السير، وعلماء الجغرافيا، وعلماء الاجتماع، والتربية، وعلماء اللغة وغيرهم، إفادة كبيرة. وهذه الرحلة التي ترجمها أ. د. سمير عبد الحميد إبراهيم، وسارة تاكاهاشي سنة 1419هـ تضم بين ثناياها جميع أقسام الرحلات المعروفة لدى الباحثين في أدب الرحلة، فهي قبل كل شيء رحلة أدبية، وفن من فنون القول الأدبي، اعتمد فيها المؤلف، بالإضافة إلى المشاهدات العينية، على ما سمعه من أخبار، وعلى مطالعة الرحلات السابقة التي كتبها غيره.
ولقد بدأ المؤلف رحلته بمقدمة عن الإسلام ومبادئه، ثم بمقدمة أخرى عن الرحلة ذاتها، والظروف التي دفعته إلى القيام بها، وركز على الأمور الجغرافية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعمرانية، ووصف الطرق والعمران، والمرافق والظواهر المناخية، ووجه عناية خاصة للأمور الاجتماعية، فتحدث عن البشر، فئات المجتمع وطبقاته، ووضع الرجال والنساء في المجتمع، وغير ذلك، ولم تخل رحلته من ذكر رجال الدولة والعلماء، وعلى رأسهم مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه)، وقد أفرد فصلا كاملا عنه.
لقد رسم المؤلف في كتابه هذه صورة للملك عبد العزيز الذي شاهده عن قرب والتقى به، وقد خصه الملك دون غيره من الحجاج باللقاء أطول وقت ممكن، بل أوقفه بجانبه طوال مدة مصافحته لوفود العالم الإسلامي التي قدمت للسلام على جلالته في الحج، وقد رسم المؤلف للملك عبد العزيز صورة دقيقة الملامح، جميلة القسمات، خطها بأصدق الكلمات، وأوضح العبارات، دون رياء أو مجاملات.
فكاتبنا مسلم قطع آلاف الأميال، وصل من أقصى الأرض، يسعى لأداء فريضة الحج، حاملا بداخله عاطفة إسلامية جياشة، يفكر في أحوال إخوانه المسلمين مهما اختلفت جنسياتهم، ويراقب تصرفات أعداء الدين، مهما تنوعت أساليبهم، فرأى أمامه ملكا قوي البنيان، في قلبه حنان الأب، وفي عينيه بريق الأمل، وعلى وجهه ارتسمت صورة كفاح السنين، ذلك الكفاح الذي شكل شخصية الملك عبد العزيز ليصير قائدا للعرب وللمسلمين.
تأثر الحاج محمد صالح (سوزوكي تاكيشي) بعد أن شاهد الملك عبد العزيز، فوصفه في كتابه بأنه «رجل لا يقهر»، وبأن «النصر يواكبه حيث مشى، وأن النصر حليفه على جميع أعدائه»، وغلبت المشاعر على الكاتب وهو يصافح الملك عبد العزيز، فانهمرت الدموع من عينيه رغما عنه، وتأثر الملك الإنسان وشعر بما يموج بداخل هذا المسلم الياباني من عواطف صادقة، فأمسك بيده، وأوقفه بجانبه، وهو يصافح بقية وفود العالم الإسلامي.. وكأن الملك عبد العزيز أراد بهذا أن يزيد هذا الياباني المسلم شرفا على شرف، وأدرك الياباني المسلم بفراسته ما قصد إليه الملك العظيم، فسطر ذلك على صفحات رحلته.
كتب عن حياة الملك عبد العزيز الأولى، وعن كفاحه حتى استرد ملك آبائه، وتمكن من توحيد أجزاء البلاد، وتأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة، وتحدث عن المؤتمر الديني وعن المنتجات اليابانية، وما سمعه من وفود البلدان الإسلامية نحو تطوير التجارة مع بلاده اليابان.
المصدر : صحيفة الشرق الاوسط 08 ذو الحجـة 1433هـ - بدر الخريف