إن الله يؤيّد هذا الدين ..... بالرجل الفاجر ( الكافر )!!
روى البخاري ( 3062) ومسلم ( 111) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر )).
ومعنى الحديث يببينه ما ورد في سببه ، وهو أن رجلاً ممن قاتل مع المسلمين في إحدى المعارك لما أصيب قام وقتل نفسه ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك ، فمعناه أن الله – عز وجل – قد يجعل من أفعال بعض الناس سبباً لنصرة هذا الدين وإن لم يكن قصد ذلك الشخص هذه النصرة ، ولو لم يكن هذا الشخص مؤمناً ، وقال بعض شراح الحديث :إن معنى الرجل الفاجر يشمل الكافر ، وقال بعض شراح الحديث : إن معنى الرجل الفاجر يشمل الكافر والمسلم الذي عنده بعض المعاصي . ( د. محمد التركي ).
قال أبو معاوية البيروتي: وإليكم حادثة قرأتها حديثاً، أحببت أن أنقلها إليكم:
الوالي رستم باشا ... هو شيخ مسن أصله طُلياني خدم الدولة العليَّة (العثمانية ) بنصحٍ وشاخ في خدمتها، وسمعتُ الثناء عليه في تلك البلد وغيرها من مسلمين وغيرهم، غيور على الدولة محافظ على ناموسها ومصالحها، ومن غريب ما سمعته عنهُ أنّهُ كان مرّة يتفقّد في جهات ولايتهِ على ذلك الجبل، فصادف أنهُ يتفقّد الجهة القريبة من طرابلس الشام، ويصل إلى تلك الجهة آخر النهار وليس بقربه مكان صالح للمبيت إلّا بلد طرابلس، فأرسل من صباح اليوم إلى متصرفها – أي حاكمها – يُعْلِمهُ بأنّهُ يبيت ضيفهُ، وكان الوقت رمضان، فعرضهُ آخر النهار ذلك المتصرّف وعلماء البلد ووجهاؤُها، ثم دخلوا جميعاً إلى دار المتصرف وجلسوا في إيوانها كلّهم، فدخل الخدمة بأطباق المشروبات المبرّدة والحلويات، وكان الغروب لم يقع، وكان هو – أي رستم باشا – لا زال على نصرانيّته، لكنّه لـمّا رأى تلك الأطباق داخلة وعلماء البلد ووجهاؤُها جالسون اكفهرَّ وجههُ وقال للمتصرّف: ما هذا؟ فأجابه بأنّه مشروبات مبردة، فقال الباشا: أليس هذا رمضان؟! فتبسّم المتصرّف وقال تملّقاً من غير أن يريد إظهار قصدهِ لمخالفة الدين: نعم هو رمضان، لكنّ جنابكم مسافر وأنا أيضاً مثلكم، وها أنا أبتدئ بذلك. وأخذ الكأس وشرب. فاشتَدَّ حنق الباشا عليه وخاطبه بشدّة بـما معناهُ:
إنّك إنْ كنتَ لـم تراعِ ديانتكَ فأنا يجب عليَّ أنْ أراعي دولتي ووظيفتي، لأنّي متوظّف ووزير لخليفة المسلمين، وهذا المقام إنّما جاءني منه، وهاتِهِ البلاد بلاد مسلمين وهؤلاء الجمع مسلمون جاؤني لأجل وظيفتي، فهبني نصرانيًّا فإنّي أذبّ على الشعائر الإسلامية التي صرتُ بها أنا مَن أنا وأقتدر بها على احتقارك وطردك أيضاً من هنا! فاخرج حالاً حيثُ لم تراعِ سلطانك وإمامك الذي هو خليفة المسلمين ولا أهل البلد التي أنتَ عليها ولا أنا الذي تعدّني ضيفاً!
فخرج المتصرّف من المجلس، وشكر الحاضرون كلّهم عمل ذلك الباشا، فقال لهم: ما فعلتُ هذا لأُشْكَر وإنّما هي واجباتي أدّيتها.
* الكناشة البيروتية (المجموعة الثالثة)