رحالة إنجليزي يصف حب المكيين للخيول
"الرواق المكي"
08 شوال 1436 - 25 يوليو 2015
حسام عبدالعزيز مكاوي - باحث في تاريخ مكة المكرمة
عرف المجتمع المكي منذ الجاهلية استئناس الدواب واستخدامها في المواصلات ونقل الحمولات، وكانت الخيول في مقدمة الدواب التي تقتنى من قبل المكيين، وإن كان استخدامها يقتصر على طبقة الأثرياء، لغلاء ثمنها، وصعوبة الحصول عليها، وحاجتها إلى عناية خاصة.
كما أن المجتمع المكي وفي معظم عصوره التاريخية، لم يكن مجتمعا حربيا، خصوصا بعد الاستقرار الذي عاشته مكة بعد فتحها في العهد النبوي، وتحريم القتال فيها، وتحولها إلى دار هجرة وعلم وعبادة، لا يعتدي عليها ولا يقترب منها أحد، لذلك قلت الخيول في مكة وهي التي ارتبطت بالجهاد والقتال والكر والفر، حتى إنهم كانوا ينادون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للجهاد بقولهم: يا خيل الله اركبي.
لكن لا ينكر أنه وردت روايات كثيرة تشير إلى شغف بعض المكيين بالخيول واقتنائها، بل إن بعض البيوت والقصور الكبيرة في مكة كانت تقام فيها إسطبلات خاصة بتربية الخيول، حتى إن الرحالة الإنجليزي جون كين الذي زار الحجاز سنة 1877/1293 يقول في كتابه «ستة أشهر في الحجاز»: هناك القليل من الأحصنة ذات الجودة العربية، والمستوى الرفيع يملكها العرب الأثرياء، فإن حصان رجل نبيل في مكة يمكن أن تبلغ قيمته مائة دولار، ومن العلامات التي تميز حصان الحجاز عن غيره من الأحصنة هي عدم قدرته على الهرولة أو القفز، ومزاجه الهادئ، وأعصابه المتماسكة.
وكان ولاة مكة وأمراؤها خصوصا في العصرين المملوكي والعثماني يكثرون من اقتناء الخيول ويفضلونها في تنقلاتهم تبعا لما تعودوه في بلادهم، وكانت الفرق العسكرية العثمانية المقيمة في مكة تمتلك عددا كبيرا من الخيول لاستعمالها في المطاردات، أو في بعض الحالات الطارئة، وكان أمراء الحج كذلك يفضلون الخيول في تنقلاتهم داخل مكة المكرمة.
makkawi@makkahnp.com