تقليد الشائع المُنفلت وأثره السيئ في الأنساب
13/05/2015 21:11
أحمد ابوبكرة الترباني
13/05/2015 21:11
أحمد ابوبكرة الترباني
يعسُّر على العوام ( ! ) فهم { قواعد علم الأنساب } كما يعسُّر على الأطفال إدراك رزانة الرجال ، فهم إن قرأوا كلاماً يُعاكس ما يعرفونه ( ! ) قالوا : (مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ ) لأنهم ضيقوا على أنفسهم وجعلوا أمرهم بيد العوام من أنفسهم ..
فتجد من جماعات هؤلاء العوام أنهم علقوا أنسابهم في عُنق من لا عقب له ( ! ) أو من كان عقبه ( ميناث ) ..
فإن جئتَ تُحررهم من الأَسْرُ الذي هم فيه ( ! ) وتقرأ لهم الأسفار وتُشرق وتُغرب في تقريب الحق لهم ، قالوا : ( هذا ما وجدنا عليه آباءنا ) ( ؟ ) فهم كما قال رب السماء : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } ..
فمن هؤلاء العوام من عَلقَ نسبه في ( خالد بن الوليد أو معاذ بن جبل أو عامر بن الجراح .... الخ ) من الصحابة الكرام الذين لا عقب لهم .. فإن جئتَ تُرشدهم وتدلهم على نسبهم المُتصل الصحيح وتدفعهم عن النسبِ الباطل الُمنقطع ( ؟ ) قاموا عليك بجهلهم وردوا الصحيح واستبدلوه بالجهل المُر ( ! ) وأصروا على الانغلاق في أقفاص الباطل ، ولا يتحرروا منه أبداً ..
والتقليد في الأنساب على نوعين هما :
1ـ تقليد الشائع المُنفلت عند العوام حديثاً : فالعوام لا يمكنهم كما بينت آنفاً مضغ قواعد الأنساب وفهمها ، فيعلقون أنفسهم بالتقليد المُنفلت الشائع الذي أشاعه العوام ممن لا يفقه كوعه من بوعه ( ! ) فتنتشر بين أظهرهم وتُصبح مع الزمن من الأوتاد الراسخة فيهم .
ومن انفلات هذا التقليد ما شاهدناه من انتساب بعض الجماعات لمن لا عقب له أو انتسابهم لما يُعارض تاريخهم ومرابض أجدادهم .
2ـ تقليد المشهور عند الأوائل مما أثبتوه العلماء قديماً : فالمشهور هو ما ذكره الأجداد الأوائل لأهل التدوين من العلماء واشتهر في مصنفات المتقدمين ولم يأتِ عارضٌ يعارضه في زمانه .. وهو الذي يسلكه أهل النسب في تقليد من سبقوهم بالضوابط العلمية والتي لا ناقض لها .
والمشهور القديم يُبطل الشائع الحديث إذا عارضه ..
قال أحمد أبو بكرة الترباني : ولهذا تجد أن العوام اليوم ( ! ) قد تمسكوا بتقليد الشائع المُنفلت وتركوا المشهور عند المتقدمين ، ففي رحى النسب أن الأنساب قد تُنسى وتَذبُل إلى أن تُسقى بالعلم حتى تُزّهر ..
فكثير من القبائل العربية اليوم جنحوا لأنساب لا تمت لهم بصلة أبداً ، وقديمهم يدحضُ جديدهم (! ) .. فتجد أن أنسابهم قديما في كتب الأنساب والسجلات التاريخية غير أنسابهم اليوم كُلياً ( ؟ ) فتركوا المشهور قديماً وركبوا الشائع الذي ليس له زمام والذي قد بُني على :
1ـ الجهل .
2ـ تشابه الأسماء .
فهناك قبائل تعلقت بأنساب أخرى بسبب ( تشابه الاسم ) و ( تكلم الجاهل فيهم ) وعَلقوا أنسابهم بذاك الاسم المُشابه لهم ، وصارت مع مرور الوقت عقيدة ..
والانفلات في الأنساب هو : تتبع النسبِ على ضوء ( تشابه الأسماء ) وعدم مُراعاة قواعد النسبِ .
ومن صِور الانفلات أن جماعة من الناس حملوا اسم ( غسان ) وهو اسم جد لهم ، فنسبه المُنفلتين إلى غسان القبيلة الأزدية التي كان حوشها الشام ، وهذه الظواهر كثيرة كذاك المُنفلت الذي لم يترك مسعودياً على وجه الأرض إلا وجعله منهم ( ؟ ) لتوحد الاسم وركونهم للشائع المُنفلت .. ولأن هؤلاء أصلا لم يدرسوا النسبِ على أصوله المُنضبطة .. فإن العلماء قديماً قد بينوا هذه الآفة وصنفوا فيها المُصنفات كـ ( المُتفق والمفترق ) وغيرها مما يُساعد في التفريق النسبي بين من اتفقوا في الاسم ..
ومن صور الانفلات في الأنساب هو الانتساب لقريش عامة وبني هاشم خاصة دون الحُجج العلمية الواضحة ، فكم نشاهد اليوم ممن يزعموا الشرف وأنسابهم لا تمت لها أبداً .. كفرق الصوفية والمغاربة وممن انتقل منهم لمصر والشام وكذلك فرق الشيعة ـ الروافض ـ ..
ونضرب مثالا واقعيا لمن عُرف واتصف بـ ( الانفلات ) وهم كُثر ونُسلط الضوء على المدعو ( راشد الأحيوي ) فقد قام هذا الأحيوي بتنسب كل مسعودي في الشام ومصر والعراق إلى مساعيد هُذيل زوراً ، وهي طريقته المُنفلته في النسبِ كما نسب قبيلته الكريمة قديما إلى مساعيد عُتيبة بناءا على منهجه المسخ في الانفلات ، لاسيما أن هذا المنهج يُجبر صاحبه على التناقض الفاضح والجهل الصارخ ، كما صَنع هذا الأحيوي المُنفلت من أصول علم الأنساب بأقوال النسابة عبد القادر الجزيري ..
فقد اعتمد هذا الأحيوي على أقوال النسابة الجزيري في كثير من مقالاته في تحديد الأنساب والمسائل التاريخية وعند نسبه الجُذامي الكريم البَّحت ، يزعم أن نصوص الجزيري ليست بالنصوص النسبية ( ؟ ) ونضرب للقارئ المثال :
اعتمد الأحيوي ـ راشد ـ على النسابة الجزيري في مقالته ( بنو حميدة وواصل من بني عقبة ) وغيرها من مقالاته (!) وحدد أنسابهم بناءا على قول الجزيري ، وعندما حدد النسابة الجزيري نسب الأحيوات ـ أبناء عمومتنا ـ أبطله وشَّنع على الجزيري وراح يلتمس المجمل من أقوال الجزيري وترك ما فصله لكي يجد ذريعة لإبعاد نص الجزيري عن جذمه ( ! ) .. حتى أوقع نفسه بالكذب حين زعم أن المؤرخ حمد الجاسر لا يعتمد على نصوص الجزيري ( ؟ ) وقد سأل الأحيوي نفسه ( ! ) المؤرخ الجاسر عن نسبه ، فأرجعه المؤرخ الجاسر لبني عطية بناءا على قول الجزيري .. ومع هذا يتجاسر الأحيوي بجهل على الأنساب .
ولهذا تجده ضائعاً مرة عند عتيبة ( ! ) ومرة عند هذيل ( ! ) ولا دخل لنسبه بهذه الأنساب ، وإنما نسبه يعود عطوياً جذامياً كريما ليس بحاجة لأن يزج بنفسه هُنا وهناك اعتمادا على تشابه الأسماء وأقوال العوام ..
فتجد الأحيوي في مقالته ( بنو حميدة وواصل من بني عقبة ) يستشهد بنصوص النسابة الجزيري ويعقد عليها الحُكم فقد استشهد بقول الجزيري : ( وعقبة والد بني واصل وبني عطية وبني شاكر الحجر والفقعة وبني واصل حميدة ) .. فربط الأحيوي بنو حميدة ببني عقبة بناءا على قول الجزيري ، وفي النص نفسه بين الجزيري أن عقبة أيضا والد ( عطية ) والذي منه ( الترابين ، الأحيوات ، الوحيدات ..... الخ ) فهنا شَّمرَ الأحيوي عن ثوبه وفَّلَّ وانسلخ من الجزيري نفسه وشَّنع عليه ( ! ) .. فهذا هو الانفلات الذي يدل على بُعد الأحيوي عن العلم ودروبه .. وراح وعلق أمره بالعوام ( ! ) ولهذا تجد كتابه ( المساعيد ) مشحون بالطوام والخُرافات والاستشهاد بالبعارين التي سلبها الله العقول ( ! ) ..
فنسأل الله أن يهديه ويرده لرشده ...
فالانفلات والتعلق بالشائع المُنفلت وتسليم الرقاب لأقوال العوام وخراريفهم له الأثر السيئ الكبير في ضياع الأنساب وهدمُها ..