• ×

مرور الأدباء بوادي فاطمة توثقه القصائد (2-2)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
image


مرور الأدباء بوادي فاطمة توثقه القصائد (2-2)
بدر اللحياني - باحث في تاريخ الحجاز

تعد مخطوطة ابن فهد الهاشمي من أهم المصادر المدونة للنشاط بمختلف صوره في وادي فاطمة، إضافة إلى كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لمحمد السخاوي، وكتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين لمحمد الفاسي، قدموا تراجم لبعض الأعلام توضح علاقتهم بالوادي، والتي تتناول واقع الحياة الثقافية بالوادي خلال القرن التاسع وما قبله.
وبقراءة ما كتبوا يتضح أن الجموم شهدت نوعا من المجالس الدينية والأدبية خلال القرن التاسع، والتي أتت بتأثر من المصطافين من علماء الحرم وملاك الأراضي من الوزراء المكيين، ولكن هذا النشاط ظل محصورا.
ومن العلماء الذين كان لهم اتصال بالجموم «إسماعيل بن أبي بكر، أبو بكر الحنبلي، محيي الدين العراقي، أبو السعود محمد بن إبراهيم القرشي، الشاعر أبو اللطف الأنصاري» وكانوا فقهاء ومحدثين بالحرم، ولهم ثقلهم العلمي والتربوي.
تطرق ابن فهد الهاشمي إلى زيارته بركة كبيرة وجميلة بالجموم اسمها المغيضة مع جملة فقهاء عام 947 هـ، ويقول «فتوجهت لرؤيتها مع جماعة الفقهاء والرؤساء والنبلاء»، ويؤكد ذلك على امتداد الحركة الثقافية لقرى الوادي الأخرى، ولكن بقدر محدود جدا، وظلت في إطارها النخبوي في مجالس الوزراء وحاشيتهم، وهم عادة من الملاك وأصحاب الضياع، وفي الغالب تلك الحركة لم تؤثر على فكر العامة بشكل واسع، مما أوجد فراغا علميا تجلى إبان القرون المتأخرة.
ويمكننا أن نتعرف على بعض النواحي الثقافية من خلال بعض المقطوعات الشعرية التي نظمها بعض الفقهاء وغيرهم خلال زيارتهم الوادي، ومن هؤلاء الشاعر محمد عبدالعزيز الفيومي، ويصف عين أم شميلة من وادي فاطمة في زيارته خلال القرن العاشر أي إبان مرحلة الهاشمي، فيقول:
حمام شدا في الزهر أم صات مزهر
وريح صبا تسري أم الراح تسكر
وروض شجي أم جنان تزخرفت
وماء زكي فيه أم كوثر

نعد قد تذكرنا بأم شميلة
جنان البقا والشيء بالشيء يذكر
ونجد الشاعر والفقيه الزيني عبدالرزاق يصف أرض حسان، وهو من الفقهاء المعروفين زمن الهاشمي وكان له تواصل بالوادي وأهله، فيقول:
يا حبذا أرض حسان ونزهتها
وماء بركتها المستعذب الخضر
ماء الحياة بها تجري بأعيننا
والباس غدا جلاء وروضها الخضر
ويقول الشاعر أبوعبدالله محمد المكي الشافعي في وصف عين الجديد عندما رأى ما يثيره:
أقول لخلي بوادي الجديد
تمتع بذا الرونق الباهر
فكل جديد له لذة
كما قيل في المثل السائر
أثبت الهاشمي تاريخا موثقا زار فيه القاضي شرف الدين أبو القاسم الوادي 920 هـ كما أورد له قصيدة يقول فيها:
لله يوم جادت به يد الزمن
طاب المقيل بواديها البهي الحسن
وادي الجموم الذي يزهو بجاريه
له بمنظر يشكو الشجى والشجن
سقيا لها كم سقينا الأنس راحتها
في مسجدها المعهود بالمنن
ومن أهم المراكز الثقافية بالوادي مسجد الفتح الواقع شمال الجموم، وكان يتوسط المنطقة السكنية بين أبو عروة ووادي البثني وصولا للروضة، ونجده يتكرر دوما عند الهاشمي مما يعني اتساع تأثيره، ويأتي بعده مسجد الجموم، فكانت به المجالس العلمية وفق ما ذكر ابن فهد الهاشمي، وظل ملتقى للمثقفين على كافة المستويات الدينية والأدبية.
وعلى الأرجح أن المساجد الحجرية المحيطة بمصاب العيون بالقرى قدمت شيئا من التعليم الديني، فقد أشار الهاشمي إلى زيارته ورؤيته هذه المساجد خلال القرن العاشر، منها مسجد التنضب الواقع أسفل الوادي ووسط منطقة سكانية واسعة، ولكنه يصف المكان بالاندثار نظرا لانقطاع مياه العين في 920 هـ.
وأيضا قدم مسجد البرقة بعض الأنشطة التعليمية ولكن بشكل محدود، ويمكن مشاهدة بعض الآثار المحيطة به. ونشر مسجد أبي عروة الثقافة والدين، ولكن مزاحمة مسجد الفتح له قللت من دوره، بالرغم من أن أبا عروة كانت حاضرة كبيرة جدا وعينها دفاقة تروي مساحات شاسعة.

بواسطة : hashim
 0  0  1379
التعليقات ( 0 )

-->