ثناء
ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل البيت رحمهم الله
ابن تيمية رحمه الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل البيت رحمهم الله
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم.......
وبعد: لقد تعالت صيحات الباطل والدعاوى المنكرة للتشكيك في الحق وأهله، ظناً منهم أنهم يطفئون نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون. فإن هذا الدين قد حمله من كل سلف عدوٌ له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين,فهم رحمة الله للناس يبصرونهم ويرشدونهم ويجددون أمر هذا الدين. وعلى رأس هؤلاء المصلحين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد كان إماماً متفرداً وبحراً زاخرًا شهد له القريب والبعيد، وتناقلت الصحف والكتب علومه وفهومه ومعارفه. فقد كان شيخ الإسلام على طريقة الاعتدال يسيرعلى طريق السلف الصالح في المعتقد، يدافع عنه، ويبين مزالق من حاد عنه مع تعظيمه للشريعة والسنة وآل البيت عليهم السلام.فقد كثرت أقواله في بيان محامدهم وبلوغهم في العلم والمعرفة وتنوعت مقالاته في الدفاع عنهم ورفع منزلتهم.فأحببت من خلال هذا الجمع أن أقدم بعضا من أقواله في ذلك لعلها تبين الحقيقة التي يحاول أن يضلل عنها أهل البدع والضلال.وإن كان هذا لأمر يتطلب بياناً كاملاً لرد المفتريات، ولكن هذا جهد المقل وكشيعي سابق ومن أهل السنة والجماعة حاليا ولله الحمد كنت أظن في الجاهلية أن أهل السنة يكنون العداوة لآل البيت رضي الله عنهم، فتبين لي أن أهل السنة أشد ما يكون إعظاماً وإكباراً واستفادة من آل البيت رضي الله عنهم. فنسأل الله لنا ولكم التوفيق.
ذم شيخ الإسلام ابن تيمية للنواصب:
مما يدفع هذه الفرية عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان شديد الذم للنواصب بطوائفهم ، والخوارج الذين اتخذوا بغض علي ـ رضي الله عنه ـ دينا يدينون الله به، وتجرأ بعضهم على تكفيره، أو تفسيقه، أو سبه وشتمه، والعياذ به .
وكان ـ رحمه الله ـ يكثر من ذم هؤلاء في كتابه «منهاج السنة النبوية» فلو كان ناصبيا كما يزعم أعداؤه لأثنى عليهم ، أو دافع عن مواقفهم ، والتمس العذر لهم .
ومن ذلك : قوله ـ رحمه الله ـ : «وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين، ويتكلمون بعلم وعدل، ليسوا من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء، ويتبرؤن من طريقة الروافض والنواصب جميعاً، ويتولون السابقين الأولين كلهم، ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم، ويرعون حقوق أهل البيت عليهم السلام التي شرعها الله لهم .....)(1).
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في فضل علي ـ رضي الله عنه ـ:
لشيخ الإسلام - رحمه الله مواضع عديدة يمدح فيها علياً رضي الله عنه، ويثني عليه، وينزله المنزلة الرابعة بعد أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم كما هو منهج أهل السنة والجماعة ، وهي واضحة صريحة تلوح لكل قارئ لكتب الشيخ ، فلا أدري كيف زاغت عنها أبصار أهل البدعة والشانئين لشيخ الإسلام؟
وقد أحببت جمع بعضها في هذا المبحث ليقرأها كل منصف وطال للحق من أولئك النفر ، ولكي تقرَّ بها أعين أهل السنة ، فلا يحوك في صدر أحدهم وسواس أهل البدع تجاه شيخ الإسلام ، عندما يطَّلعون على تلك الاتهامات الظالمة .
وقد أكثرتُ النقل من كتاب «منهاج السنة» لأنه عمدة الطاعنين والمتهمين للشيخ بأن فيه عبارات توخي بانحرافه عن علي -رضي الله عنه- أو توهم تنقصه له ، فوددت أن أبين لهؤلاء أنهم قومٌ لم يفقهوا مقاصد الشيخ من عباراته لأنهم ينظرون بعين السخط وعين العداوة في الدين ومثل هذه الأعين لا يفلح صاحبها.
وأبدأ هذه المواضيع بذكر مجمل عقيدته رحمه الله- في الصحابة نقلاً عن «العقيدة لوسطية» وهي عقيدته الشهيرة التي كتبها بيده ونافح عنها في حياته أمام أهل البدع.
قال رحمه الله : «ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: (واللذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا اللذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) [ الحشر:10]
وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».
ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح ـ وهو صلح الحديبية ـ وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل، ويقدمون المهاجرين على الأنصار ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر ـ وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر-: {أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم{ وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة، ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة، وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة.
ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار كما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي ـ رضي الله عنهما ـ بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أيهما الأفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدم قوم علياً، وتوقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي .
وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة ، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله»(2).
وأما المواضع التي ذكر فيها شيخ الإسلام فضل علي رضي الله عنه- ودافع عنه : فمن ذلك قوله رحمه الله- : «فضل علي وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ، ولله الحمد، من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني ، لا يحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يعلم صدقه» (3).
ومن ذلك قوله رحمه الله- : «أما كون علي وغيره مولى كل مؤمن، فهو وصف ثابت لعلي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وبعد ممات علي ، فعلي اليوم مولى كل مؤمن ، وليس اليوم متولياً على الناس، وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتاً»(4).
ومن ذلك قوله - رحمه الله -: «وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله»(5).
ومن ذلك قوله رحمه الله - : «لا ريب ان موالاة علي واجبة على كل مؤمن ، كما يجب على كل مؤمن موالاة أمثاله من المؤمنين»(6).
ومن ذلك قوله رحمه الله - :«وكتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله ومناقبه، وبذم الذين يظلمونه من جميع الفرق ، وهم ينكرون على من سبّه، وكارهون لذلك، وم جرى من التسابّ و التلاعب بين العسكريين ، من جنس ما جرى من القتال ، وأهل السنة من أشد الناس بغضاً و كراهة لأن يُتعرض له بقتال أو سب.
بل هم كلهم متفقون على أنه أجلّ قدراً، وأحق بالإمامة، وأفضل عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين من معاوية وأبيه وأخيه الذي كان خيرا منه، وعلي أفضل من الذين أسلموا عام الفتح، وفي هؤلاء خلق كثير أفضل من معاوية، وأهل الشجرة أفضل من هؤلاء كلهم، وعلي أفضل جمهور الذين بايعوا تحت الشجرة، بل هو أفضل منهم كلهم إلا ثلاثة، فليس في أهل السنة من يقدم عليه أحدا غير الثلاثة، بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان، وعلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار»(7).
ويقول- رحمه الله مبيناً شجاعة علي رضي الله عنه - :
«لا ريب أن عليا رضي الله عنه كان من شجعان الصحابة، وممن نصر الله الإسلام بجهاده، ومن كبار السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ومن سادات من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله، وممن قاتل بسيفه عددا من الكفار»(8).
ومن ذلك قوله رحمه الله-: «وأما زهد علي رضي الله عنه في المال فلا ريب فيه لكن الشأن أنه كان أزهد من أبي بكر وعمر»(9).
ومن ذلك قوله رحمه الله - : «نحن نعلم أن عليا كان أتقى لله من أن يتعمد الكذب، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم كانوا أتقى لله من أن يتعمدوا للكذب»(10).
ومن ذلك أنه رحمه الله يرى أن الذين لم يقاتلوا عليا رضي الله عنه هم أحب إلى أهل السنة ممن قاتله، وأن أهل السنة يدافعون عنه بقوة أمام اتهامات النواصب والخوارج، يقول:
«وأيضا فأهل السنة يحبون الذين لم يقاتلوا عليا أعظم مما يحبون من قاتله، ويفضلون من لم يقاتله على من قاتله؛كسعد بن أبي وقاص، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم.
فهؤلاء أفضل من الذين قاتلوا عليا عند أهل السنة.
والحب لعلي وترك قتاله خير بإجماع أهل السنة من بغضه وقتاله، هم متفقون على وجوب موالاته ومحبته، وهم من أشد الناس ذبا عنه، وردا على من طعن عليه من الخوارج وغيرهم من النّواصب، ولكن لكل مقام مقال»(11).
ومن ذلك أنه يُفَضِّلُ الصحابة الذين كانوا مع علي على الصحابة الذين كانوا مع معاوية رضي الله عنهم أجمعين يقول: «معلوم أن الذين كانوا مع علي من الصحابة مثل: عمار و سهل بن حنيف ونحوهما كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية»(12).
هذه مواضع يسيرة مما نقل عن شيح الإسلام رحمه الله في فضل علي رضي الله عنه- ودفاعه الحار عنه أمام أعدائه، وتبرئته مما نسبوه إليه.
فهل يُقال بعد هذا كما قال هؤلاء المبتدعة الجائرون بأنه -رحمه الله كان منحرفاً عن علي رضي الله عنه-؟! أو أنَّه تنقصه في كتبه؟!.
سبحانك هذا بهتان عظيم! لا يقوله أدنى مسلم فضلا عن شيخ الإسلام الذي تصرمت حبال أيامه في تقرير عقيدة السلف الصالح، من ضمنها تفضيل علي رضي الله عنه وجعله الخليفة الرابع الراشد، واعتقاد أنه على الحق أمام من حاربه وخالفه.
ولكن ذنب شيخ الإسلام عند هؤلاء المبتدعة أنه لم يغل في علي كما غلوا ، أو يتجاوز به قدره الذي أراده الله له(13).
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية في قتلة الحسين رضي الله عنه -:
قال رحمه الله -: «وأما جواز الدعاء للرجل وعليه فبسط هذه المسألة في الجنائز، فإن موتى المسلمين يصلى عليهم برُّهم و فاجرهم، وإن لعن الفاجر مع ذلك بعينه أو بنوعه، لكن الحال الأول أوسط وأعدل، وبذلك أجبت مُقدم المغل بولاي لما قدموا دمشق في الفتنة الكبيرة، وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات؛ فسألني فيما سألني: ماتقولون في يزيد ؟ فقلت: لا نسبه ولا نحبه، فإنه لم يكن رجلاً صالحاً فنحبه ، ونحن لا نسب أحداً من المسلمين بعينه. فقال: أفلا تلعنونه ؟ أما كان ظالماً ؟ أما قتل الحسين ؟
فقلت له: نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله : نقول كما قال الله في القرآن «أَلَاَ لَعنة الله على الظالمين»، ولا نحب أن نلعن أحداً بعينه ؛ وقد لعنه قوم من العلماء ؛ وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد ، لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن.
وأما من قتل «الحسين» أو أعان على قتله، أو رضي بذلك، فعليه لعنة الله والملائكة و الناس أجمعين ؛ لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً. قال: فما تحبون أهل البيت ؟
قلت: محبتهم عندنا فرضٌ واجب ، يؤجر عليه ، فإنه قد ثبت عندنا في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خماً ، بين مكة والمدينة فقال: «أيها الناس! إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله» فذكر كتاب الله وحضَّ عليه، ثم قال: «و عترتي أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي». قلت لمقدم: ونحن نقول في صلاتنا كل يوم : «اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد». قال مقدم: فمن يبغض أهل البيت؟
قلت: من أبغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرفاً و لا عدلاً.
ثم قلت للوزير المغولي: لأي شيء قال عن يزيد، وهذا تترى؟ قال: قد قالوا له إن أهل دمشق نواصب.
قلت بصوت عال: يكذب الذي قال هذا ، من قال هذا فعليه لعنة الله، والله ما في أهل دمشق نواصب ، وما علمت فيهم ناصبياً، ولو تنقص أحد علياً بدمشق لقام المسلمون عليه؛ لكن كان قديماً لما كان بنو أمية ولاة لبلاد- بعض بني أمية ينصب العداوة لعلي ويسبّه، وأما اليوم فما بقي من أولئك أحداً»(14).
مكانة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة والجماعة:
قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية : «ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم : «أذكركم الله في أهل بيتي»(15).
وقال أيضاً للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال: «و الذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي»(16).
وقال : «إن الله اصطفى بني إسماعيل و اصطفى من بني إسماعيل كنانة و اصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم»(17).
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -:
الشرح: بين الشيخ رحمه الله في هذا مكانة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة وأنهم يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل البيت هم آل النبي صلى الله عليه وسلم الذي حرمت عليه الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس وبنو الحارث بن عبد المطلب وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته من أهل بيته كما قال تعالى:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب:33].
فأهل السنة يحبونهم ويحترمونهم ويكرمونهم لأن ذلك من احترام النبي صلى الله عليه وسلم وإكرامه؛ ولأن الله ورسوله قد أمرا بذلك، قال تعالى:{قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}[الشورى:23]
وجاءت نصوص السنة بذلك منها ما ذكره الشيخ وذلك إذا كانوا متبعين للسنة مستقيمين على الملة كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه أما من خالف السنة ولم يستقم على الدين فإنه لا تجوز محبته ولو كان من أهل البيت .
وقوله: «ويتولونهم» أي يحبونهم من الولاية بفتح الواو وهي المحبة. وقوله:ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يعملون بها ويطبقونها «حيث قال يوم غدير خم» الغدير هنا مجمع السيل «وخم» قيل اسم رجل نسب الغدير إليه وقيل هو الغيظه أي الشجرة الملتف نسب الغدير إليها لأنه واقع فيها وهذا الغدير كان في طريق المدينة مر به صلى الله عليه وسلم في عودته من حجة الوداع وخطب فيه، فكان من خطبته ما ذكره الشيخ{أذكركم في أهل بيتي}أي أذكركم ما أمر الله به في حق أهل بيتي من إحترامهم وإكرامهم والقيام بحقهم.
وقال أيضا:«للعباس عمه» هو العباس بن عبدالمطلب بن هاشم ابن عبد مناف«وقد اشتكى إليه» أي أخبره بما يكره «أن بعض قريش يجفوه» الجفاء ترك البر والصلة «فقال» أي النبي صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده» هذا قسم منه صلى الله عليه وسلم«لايؤمنون» أي الإيمان الكامل الواجب«حتى يحبوكم لله ولقرابتي» أي لأمرين:
الأول: التقرب إلى الله بذلك لأنهم من أوليائه.
الثاني:لكونهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك إرضاء له وإكرام له «وقال» النبي صلى الله عليه وسلم مبينا فضل بني هاشم الذين هم قرابته: «إن الله اصطفى» أي اختار والصفوة الخيار«بني إسماعيل» بن إبراهيم الخليل عليهما السلام «واصطفى من بني إسماعيل كنانة» اسم قبيلة أبوهم كنانة بن خزيمة «واصطفى من كنانة قريشا» وهم أولاد مضر بن كنانة «واصطفى من قريش بنو هاشم» وهم بنو هاشم بن عبدمناف «واصطفاني من بني هاشم» فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
والشاهد من الحديث:أن فيه دليلا على فضل العرب وأن قريشا أفضل العرب وأن بني هاشم أفضل قريش وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم فهو أفضل الخلق نفسا وأفضلهم نسبا وفيه فضل بني هاشم الذين هم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم».
الخـــــــــــــاتمــة:
وبعد هذا العرض اليسير من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هنا تتجلى الحقيقة وترد التهمة وأنها كذب وزور وأنهم يريدون التشكيك في علماء الأمة وإسقاط أقوالهم وإجتهاداتهم ليتوصلوا إلى هدم الشريعة الغراء واستبدالها بأقوال أهل الضلال والبدع ومن ادعى غير ذلك فقد كذب والبينة على من ادعى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جمعها الفقير إلى الله
أبو خليفة علي بن محمد القضيبي
الشيعي سابقًا
أبو خليفة علي بن محمد القضيبي
الشيعي سابقًا
____________________________
(1) «منهاج السنة» (2/71)، راجع كتاب «شيخ الإسلام ابن تيمية، لم يكن ناصبياً» لسليمان الخراشي (ص69).
(2) «العقيدة الواسطية» (ص50-53).
(3) «منهاج السنة» (8/165).
(4) «منهاج السنة» (7/325).
(5) «منهاج السنة» (7/218).
(6) «منهاج السنة» (7/27).
(7) «منهاج السنة» (4/396).
(8) «منهاج السنة» (8/76).
(9) «منهاج السنة» (7/489).
(10) «منهاج السنة» (7/88).
(11) «منهاج السنة» (4/395).
(12) «مجموعة الرسائل والمسائل» لابن تيمية (ص61).
(13) راجع كتاب «ابن تيمية لم يكن ناصبياً» لسليمان الخراشي (ص74-87).
(14) «مجموع الفتاوى» (4/487-488)، وانظر كتاب «شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبياً» لسليمان الخراشي (ص72-73).
(15) رواه مسلم.
(16) رواه الإمام أحمد وغيره.
(17) رواه أحمد ومسلم.