حادثة استباحة مكة وقتل أهلها المعروفة بوقعة الجلالية ثم قتلهم أهل جُدة
كتبها
إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم
إِنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينهُ ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدهِ الله فلا مُضِلَّ له، ومنْ يضلِلْ فلا هاديَ له، وأَشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لاشريكَ له، وأَشهدُ أَنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه.كتبها
إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم
أما بعد: فحادثة إستباحة مكة وقتل أهلها المعروفة بوقعة الجلالية، وقعة عظيمة انتهك فيها قُطَّاع الطُرق حرمة البلد الحرام سنة إحدى وأربعين وألف، فاستباحوا حُرمة الحرم الشريف وقتلوا أهلها، والحجاج والعمار، وعلماء الحرم، والصالحين، والمجاورين بها، وهتكوا أعراض أهل مكة، وسلبوا أموالهم، وفعلوا أفعالاً لا يفعلها مسلم ولا تُقِرُّها شريعة ولا مِلَّة عادلة، ثم مال هؤلاء القتلة على جُدة وفعلوا فيها مثل ما فعلوا في مكة وأهلها، وقد صوَّر الأديبُ السيد ركن الدين المكي ما ارتكبه قطاع الطرق هؤلاء، فقال:
وَكَمْ سَكَفُوا([1]) فيها القُصُورَ وخَرَّبُوا وكَمْ نَكَحُوا فيهَا بِحِلٍّ وحُرْمَـةِ
وكَمْ شَرِبُوا فِيهَا الخُمُورَ وعَربَدُوا وكمْ حَكَمُوا فِيهَا بظُلْمٍ وقُــوَّةِ([2])
أقول: هي حادثة ليس لها نظير في صدر الإسلام إلا حادثة استباحة مكة من القرامطة؛ وعلى إِثر وقعة الجلالية ألَّف الفقيه منصور بن يونس البهوتي الحنبلي(ت1051هـ) رسالة قيمة لقتال قُطاع الطرق هؤلاء، ولبيان حُرمة بيت الله الحرام، ومكة والقتال فيها، وسماها: «إعلام الأعلام بقتال من انتهك حُرمة البيت الحرام»([3]).
وألف الفقيه حسن بن عمار الشرنبلالي الحنفي(ت1069هـ) رسالة أخرى في هذه الحادثة، وسماها: «إنفاذ الأوامر الإلهية بنصرة العساكر العثمانية وإنقاذ سكان الجزيرة العربية»([4]).
وهكذا الفقيه نوح بن مصطفى القونوي الحنفي(ت1070هـ) ألف رسالة، وسماها: «السَّيْفُ المُجَزَّمُ؛ لِقِتالِ مَنْ هَتَكَ حُرْمَةَ الحَرَمِ المُحَرَّمِ»([5]) ، وغيرهم.
أقول وبالله التوفيق: سمى مؤرخو مكة هذه الحادثة بـ: «وقعة الجلالية»([6])، ولعل الجلالية نسبة إلى رئيس قُطاع الطُرق هؤلاء، ويشهد لذلك تلقيب مؤرخي مكة قطاع الطُرق بـ: «الجلالية»([7])، وإليك أخبارها:
في العشر الأول من شهر شعبان سنة إحدى وأربعين وألف هجرية الموافق لسنة ثلاث وثلاثين وستمائة وألف ميلادي وصلت أخبار من جانب اليمن بأن عسكرًا من الأتراك خرجوا عن طاعة الوزير قانصوه باشا([8])، وهم جماعة من الأشقياء، أجمعوا الرأي بأن يخرجوا بدون معرفة قانصوه باشا لمكة للبغي والفجور، فلم يزالوا في الجبال مقيمين بالنهار ويقطعون الليل بالأسفار حتى وصلوا إلى مكة([9]).
وفي رواية: أن حاكم اليمن قانصوه طردهم؛ وأن نيتهم الوصول إلى مكة المشرفة، وكان ذلك شائعًا على الألسنة([10]).
وهؤلاء العساكر الواصلون من جهة اليمن شرذمة من الثلاثين ألفًا الذين دخل بهم قانصوه باشا إلى مكة المشرفة عام وصوله ومسيره من جهة السلطنة الرومية (تركيا) إلى جهة اليمن لإزاحة من فيها من الحكام والاستيلاء على اليمن، وهي سنة تسع وثلاثين وألف هجرية؛ ولما وصل قانصوه لمكة صادر أعيانها وقتل بعض أشرافها؛ ثم توجه إلى اليمن، وكان كلما دخل قرية نهب أهلها وظلمهم، فعاد عليه شؤم فعله، ولم يُفلح في سعيه، بل أُهين وأرذل، وشتت الله شمله([11]).
ثم ورد مورق([12]) من القنفذة يخبر بوصول بغاة([13]) من الأتراك إليها ومعه مكاتيب من محمود وعلي بيك([14]) وهما آغاتان([15]) تركيان على عسكر قُطاع الطُّرق- إلى أمراء مكة الشريف محمد([16]) بن عبدالله، والشريف زيد([17]) بن محسن، وكبير العسكر مصطفى بيك -الصنجق([18]) المقيم بمكة- ومضمون مكاتيبهم([19]): «أننا نريد مصر ونريد الإقامة بمكة أيامًا لنتهيأ للسفر»([20])، فكتب لهم أمير مكة الأجوبة بعدم الإذن وأرسلت إليهم([21]).
وفي رواية: فأبى عليهم صاحب مكة خوفًا من الفتنة والفساد ودفن بعض آبار كانت في طريقهم([22]).
فلما وصل الخبر إليهم، أجمعوا رأيهم على دخول مكة قهرًا واستعدوا لذلك بعد أن كتبت الأجوبة بالمنع فحصل بالبلد قيل وقال واضطراب شديد([23]).
وأرسلوا طائفة منهم لجُدة وتجاهروا فيها بالأسواء والشرور، ثم وضعوا أيديهم على جميع آلات الحروب المقصودة التي وضعها السلاطين المتقدمون بها، وجعلوها لدفع الأعداء، وأخرجوا جميع الأسلحة والمدافع، وتوازعوها وأخرجوا أهل جُدة عن دورهم، واستولوا على ما بها من الأرزاق من غير مخافة ولا إشفاق، وقتلوا تجارها، وأماثل أهلها وأخيارها، وصادروا بها من أرادوا، وقتلوا فيها وأبادوا([24]).
وفي رواية: أرسلوا إلى أمير جدة دولار أغا ليسلمها إليهم فأبى وقتل الرسل، وتقوى بعسكر ورد من سواكن([25])، وحصَّن البلد، فتجهز إليه كور محمود بيك -وهو فظ غليظ القلب-، وحاصروا أمير جدة، ثم دخلوا جدة، ونهبوا بيت الأمير دولار، وأخذوه، وأهانوه، وضربوه، وأطلقوه مجردًا، وأقام فيها كور محمود، ونهبوا غالب التجار، وصادروا الناس، وكان عسكر قُطاع الطُرق يفسد ويؤذي أهل جدة([26])ـ ولقد صور الأديب السَّيد ركن الدين محمد المكي ما ارتكبه هؤلاء القُطاع في جُدة فقال:
ومِن بَعْدِ ذَا سَارُوا إلى أَرْضِ جَدَّةٍ بقُوَّةِ بَأْسٍ يا لهَا منْ دَهِيَّــــــــــــــةِ
فَحَاصَرَهُمْ عَنهَا الأمِيْنُ وجُنْــــدُهُ فَصَالوا علِيْهِ بَعْدَ لَيْلٍ بِغَفْلَــــــــــةِ
بِلَيْلَةِ عَشْرٍ مِنْ لَيَالي صِيَامِنَـــــــــــا بفجْرِ خَمِيْسٍ كانَ، فاعْجَبْ لِوَقْعَةِ
وقدْ دَخَلُوا فِيْهَا وحَلُّوا بُيُوتَهَـــــــا وقَدْ نَهَبُوا مَا كَانَ فِيهَا بجُمْلَـــــــةِ
وقدْ عَمَرُوا سُورَ البِلادِ وخَنْدَقُــوا ورَامُوا بِهِ كِيْدًا لدَفْعِ المُهِمَّــــــــــةِ
وبعْضُهُمُ - يا صَاحِ - عادَ لمَكَّــــة لنَهْبٍ وتَزْويْجٍ وبَعْضٌ بجُــــــدَّةِ
وأمَّا ذَوُو الأسْبَابِ والبيْعِ والشِّرَا فَحَالُهُمُ مِثْلُ الأسِيْرِ بمَكَّـــــــــــةِ([27])
قلت: دلت نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة المحكمة على وجوب لزوم الجماعة وطاعة ولاة الأمور في المعروف وتحريم الخروج عليهم وإن جاروا وظلموا، وقد ساق المؤلف الفقيه البهوتي، والفقيه الشُرُنْبُلالي صاحب الرسالة الآتية، والفقيه القونوي صاحب الرسالة التي تليها جملة وافرة من الأدلة على ذلك، وهذه الأدلة وأقوال السلف مبثوثة في مصنفات المتقدمين؛ وهذا ما انعقد عليه الإجماع عند من يُعتد بهم من أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية(ت728هـ): «مذهب أهل الحديث ترك الخروج بالقتال على الملوك والبغاة، والصبر على ظلمهم، إلى أن يستريح بر أو يستراح من فاجر»([28]).
وفي يوم الجمعة العشرين من شعبان سنة إحدى وأربعين وألف توجه أمراء مكة الشريف محمد بن عبدالله، والشريف زيد بن محسن، والأشراف والأعراب بعد العصر إلى جهة بركة الماجن([29]) وقوز المكاسة([30]) لأنه بلغهم أن الأتراك قاربوا السعدية([31])، وبرز معهم الصنجق مصطفى بيك بعد أن طلب من الشريف محمد خيلاً لمن معه، فتوهم من ذلك ومنعه من الخيل فبرز معه بعسكره وجنوده([32]).
فلما أن كان ضحى يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شعبان المذكور وقع اللقاء بالقرب من وادي البيار([33]) بين الأشراف وبين قُطاع الطُرق من الأتراك فحصلت ملحمة عظيمة وقتال شديد([34])، وانهزم الأشراف([35])، وقتل الشريف محمد بن عبد الله بن حسن أمير مكة، وقتل معه من الأشراف جماعة([36]) نحو المائتين([37])، منهم: السَّيد أحمد بن حراز، والسَّيد حسين بن مغامس، والسَّيد سعيد بن راشد، وخلق آخرون، وأصيبت يد السَّيد هزاع بن محمد الحارث فقطعت ولم تنفصل فدخل بها كذلك إلى مكة ومر على جهة السوق قائلاً: «عذري إليكم يا أهل مكة ما ترونه»، وتوجه بقية الأشراف إلى وادي مر الظهران([38]).
وقتل من عسكر الشريف والصنجق مصطفى بيك كبير العسكر بمكة نحو خمسمائة شخص([39]).
وفي رواية: قتل من جماعة كبير العسكر الصنجق مصطفى بيك المقيم بمكة غالبهم؛ ثم قَتل قُطاع الطُرق مصطفى بيك بعد أن رجع إلى منزله بالداودية وأغلق بابه، فجاؤوا وقتلوه صبرًا([40]).
فبعد تمام الوقعة دخل الأتراك مكة، وعلموا أن مكة المشرفة وأقطارها لا بد لها من ضابط من أشراف مكة، وإلا تقطعت عليهم السبل والمسالك، ووردوا حياض المهالك، فطلبوا الشريف ناميًا([41])، وَوَلُّوه إمارة مكة المعظمة([42])، وكان له اسم الأمر فقط([43])، ودخولهم كان من جهة بركة الماجن، وتجاهروا بالطغيان وبالغوا في قتل المسلمين، وارتكاب الفجور بنساء العالمين، وقتلوا جماعة من الحجاج والمجاورين والعلماء والصالحين، وأخرجوا العظيم من بيته واستولوا على أمواله وأرقائه وحريمه وعياله، وتباهوا بالزنا وشرب الخمور، بل كانوا يتفاخرون بقتل الأنفس والبغي والفجور؛ فتعب الناس أشد التعب وحصل الخوف الشديد، وتسلطت عساكر قُطاع الطُرق على الناس وأتعبوهم وأهلكوهم فسقًا، ونهبًا، وظلمًا، وشربًا، وتقطعت الطرق وعصت الأعراب([44])، وصار منهم فساد عظيم وشناعة ومصائب وأهوال في أهالي مكة المشرفة؛ فسقوا بكل صبي وحرَّة، وتعطلت شعائر حرم الله الرحمن، وانتهك حرم الملك الديان، واختلت جهات الدين بالمسجد الحرام التي لم يصدر نظيرها في صدور الإسلام -إلا حادثة القرامطة لعنهم الله-، فلم يراعوا حرمة البيت والمقام، ولا تذكروا مواقيت البغي والانتقام([45]).
قلت: الخروج على ولاة الأمور أيًّا كانت صورته- مخالفة للشريعة الإسلامية ومقاصدها، ويقع بسببه المفاسد والشرور العظيمة المهلكة للحرث والنسل والفوضى واختلال الأمن، بل وانتهاك الضرورات الخمس وهذا ما وقع بمكة وجُدة؛ ولهذا جاءت الشريعة بحفظ الضرورات ولا يمكن حفظها إلا بسلطان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية(ت728هـ): «لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان، إلا وكان خروجها من إفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته»([46])، وقال: «وقل من خرج على إمام ذي سلطان؛ إلا كان ما تولد على فعله من الشر، أعظم مما تولد من الخير»([47]).
ومن هول ما وقع بأهل مكة رأف بعض قُطاع الطُرق بأهلها، ولعلهم خافوا من غضب الله عز وجل - وعقابه، فقرروا ترك ما هم عليه من بغي وظلم، ولما علم أمير قطاع الطرق بعزمهم وبخهم ثم قتلهم، ولقد أشار إلى ذلك الأديب ركن الدين محمد المكي بقوله:
وإنْ رَامَ شَخْصٌ أَنْ يُسافِرَ عَنْهُمُ يُوَبَّخُ بَعدَ النَّهْبِ منهُمْ بِقَتْلَةِ([48])
وفر عسكر أمير مكة الذي كان بمكة إلى جدة، ومنها إلى سواكن خوفًا من القتل([49]).
وحُمل أمير مكة الشريف محمد بن عبد الله في عصر ذلك اليوم ودفن بالمعلاة([50]) في مقابر آبائه وأجداده بعد أن قاتل قتال من لا يخاف الموت، وكان خروج الشريف محمد بن عبد الله -رحمه الله تعالى- إلى لقاء هؤلاء الأتراك في مثل سقوط البيت الشريف في اليوم والساعة فإنه كان يوم عشرين من شعبان بعد العصر من سنة تسع وثلاثين بعد الألف، وخروج الشريف المذكور لذلك في يوم عشرين من شعبان بعد العصر سنة إحدى وأربعين وألف، فبين سقوط البيت الشريف وخروج السَّيد الشريف سنتان بغير زيادة، فلله هذا الاتفاق([51]).
ثم وليها الشريف نامي بن عبد المطلب، وتوجه الشريف زيد إلى وادي مَرّ الظهران بعد أن دخل مكة ومعه السَّيد أحمد([52]) بن محمد الحارث، ومرَّ على بيت الشريف نامي بن عبد المطلب فدعاه الشريف زيد، فخرج إليه، فتكلم معه وأطال، فقال السَّيد أحمد: «ليس الوقت وقت كلام»، وكان من جملة ما قاله له الشريف زيد :
تُجَازى الرِّجالُ بأَفْعالِها خَيرًا بِخَيْرٍ وشَرًّا بِشَر
فالله الله بالحريم، أو ما يقرب من هذا الكلام، ثم سار إلى المدينة الشريفة وكتب عروضًا بالتعريف بالواقع وأرسلها إلى صاحب مصر بصحبة السَّيد علي بن هيزع([53]) حوالة مكة بمصر([54]).
ولما وصل الخبر لصاحب مصر أرسل ثلاثة آلاف عسكري وعين عليهم سبعة صناجق([55])، وفي رواية خمسة صناجق، وهم: الأمير قاسم بيك، والأمير رضوان بيك، والأمير علي بيك صاحب الصعيد، والأمير عابدين بيك، والأمير يوسف مزنج، وسافروا برًّا، وجهز أيضًا من طريق البحر محمد بن سويدان قبطان السويس مع خمسمائة عسكري([56]).
وأرسل بخلعة سلطانية للشريف زيد بن محسن مع الآغا([57]) محمد أرض رومي وجماعة من خواصه، وبلغهم أن الشريف زيدًا بالمدينة فدخلوا إليها وخلعوا عليه بملك الحجاز في الحجرة النبوية، وتوجه إلى العسكر وأتوا جميعًا إلى وادي مَرَّ الظهران، ووصل خبر ذلك إلى مكة وتحقق، فاضطربت حينئذ آراء قُطاع الطُرق، فمن قائل: نخرج، ومن قائل: نقاتل([58]).
ثم وصل الخبر بأن العساكر المصرية وصلت عسفان، فاقتضى رأي قُطاع الطريق أن يرسلوا من يكشف لهم الخبر، فأرسلوا نحو ثلاثين خيالاً وعشرة هجانة فوصلوا إلى وادي مَرّ الظهران ليلاً، فوجدوا العساكر المصرية قد ملأت الوادي، فشعروا بهم، فلحقتهم الخيل، وقتلوا منهم نحو ثلاثة عشر خيالاً وخمسة أو ستة من الهجانة، وفر الباقون إلى مكة، فأتوا وأخبروا بما أهالهم([59]).
فلما كان يوم الأربعاء خامس ذي الحجة خرجوا كلهم ومعهم الشريف نامي وأخوه السَّيد سِيد([60])، والسَّيد عبد العزيز([61]) إدريس، ولم يبق منهم أحد، وكان بروزهم وقت أذان العصر، فلما أن حاذوا باب النبي ^ المسمى الآن باب الحريريين([62]) قال المؤذن: الله أكبر، فسقط بيرق محمود منهم، فكان سقوطه فألًا عليهم، ثم ساروا فنزلوا عند جبل حراء وباتوا، فلما كان أثناء الليل سرى([63]) السَّيد عبد العزيز بن إدريس على نجيبة([64]) له أعدت خلف الجبل فقعد عليها وتوجه إلى ينبع([65]) فنجا، فلما أسفر الصبح ولم يجدوه علموا أنه اختلس نفسه، فزاد احتفاظهم على الشريف نامي وأخيه سِيد، وأمست مكة بعد خروجهم خالية، وكان بها الشريف أحمد([66]) بن قتادة بن ثقبة، فنادى في البلد: «إن البلاد بلاد الله، والسلطان مراد»، وعَسَّ([67]) البلد بنفسه تلك الليلة([68]).
ثم لما كان شروق يوم الخميس سادس ذي الحجة الحرام من السنة المذكورة، اجتمع الأمير قاسم السردار بأمراء اللواء الصناجق ووجهاء عساكره وقال لهم: نادوا هذه الساعة بالرحيل، وتوكلوا على الرحيم، سيروا حتى تدخلوا مكة في هذه الساعات المعظمة، وليكن كل منكم على الله معتمدًا([69]).
ثم أمر علي بيك الفقاري أن ينشر لواءه ويسير وأن يتقدم في الدخول والمسير، وبعده باقي الجماعة، فدخلوها ومعهم الشريف زيد بن محسن، وكان ذلك اليوم يومًا مشهودًا، وحصل في ذلك اليوم للعساكر الدعاء والثناء الجميل؛ وكان نزول أمير مكة الشريف زيد بدار السعادة([70])، ثم نزل وقت الضحى من ذلك اليوم إلى المسجد الحرام، فجلس في السبيل([71]) الذي بجانب زمزم ومعه الأمير علي الفقاري أحد الصناجق، ثم خرج الشريف من السبيل المذكور وطاف بالبيت أسبوعًا، ثم خرج المنادى ينادي: بأن «البلاد بلاد الله وبلاد مولانا السلطان مراد، ومولانا الشريف زيد بن محسن»([72]).
ثم طلب بعض الصناجق الخروج إلى قُطاع الطُرق الجلالية لقرب إدراكهم، فقال له أمير مكة الشريف زيد بن محسن: الرأي أن نحج وتحج الأمة وتفلح ثم نلحقهم فيقرب الله بعيدهم ولا يفوتون. فحج الشريف تلك السنة بالناس، وأزال الله به عن أهل مكة بل عن قطر الحجاز كل بأس، وبعد أن أتم أمير مكة المناسك وصل إلى مكة بعض العساكر اليمنية بشفاعة إبراهيم باشا([73]) أمير الحاج الشامي في تلك السنة([74]).
ولما كان يوم الثلاثاء ثاني محرم الحرام افتتاح سنة اثنتين وأربعين وألف: عقد مجلس بالمسجد الحرام عند مقام المالكي([75]) حضر فيه أمير مكة الشريف زيد بن محسن، وغالب الصناجق، وغالب الأشراف والفقهاء، وتفاوضوا في أمر قُطاع الطُرق، فاتفق الحال على أنهم يعزمون إليهم، فبرزوا ذلك اليوم ومعهم الشريف زيد وجماعته فأدركوهم في محل يقال له تربة([76]) فحاصروهم([77]) نحوًا من عشرين يومًا([78])، يَرمي قطاع الطرق من أعالي القلعة بالبندق والنشاب، والشريف زيد والعساكر المصرية يرمونهم([79])، وكان قُطاع الطرق فرقتين، فرقة رئيسهم يقال له: الأمير علي، والثانية رئيسهم يقال له: الأمير محمود([80]).
ثم أرسل الشريف زيد والعساكر المصرية إلى أمير قُطاع الطُرق علي بيك، وأفهموه أن قصدهم العسكر لأجل فعلهم، فاستمسك الأمير علي بيك لنفسه من الصناجق على أن يسلم من القتل، والتزم لهم بالأمير محمود بيك فقبلوا ذلك([81]) من الأمير علي بيك لأنه كان قريبًا إلى الخير مكرهًا على ما فعله العسكر، وأمنوه على نفسه، ومن يصل معه إليهم، فخرج إليهم من الحصن، وصحبته جماعة من جماعة الأمير محمود، فهجم العسكر السلطاني على الحصن ودخلوه، وقتلوا غالب من فيه من قُطاع الطُرق الجلالية، ومسكوا الأمير محمودًا، والشريف ناميًا وأخاه سِيد، ورجعوا ببقية الأشقياء من قطاع الطرق إلى مكة بالسلاسل والقيود وأنواع النكال، وكان دخولهم الحصن ليلة الجمعة الحادي عشر من محرم الحرام سنة (1042هـ)([82]).
ثم رجعوا فدخلوا مكة المشرفة في أول يوم الخميس ثامن عشر محرم الحرام من السنة المذكورة ومعهم محمود بيك أحد أغاتي عسكر قُطاع الطُّرق، فخرج أهل مكة لرؤية هذه الطائفة شامتين، فعُذب أمير قُطاع الطُّرق محمود بيك بأنواع العذاب([83])، لأنه أكثر الظلم والفساد([84])، وطيف به على جمل في شوارع مكة عاري الجسد إلا ساتر عورته، ومد باعه بعصا وربطت يداه عليه وعورضت من خلفه وشقت عضداه وذراعاه وغرز فيها مصطفة([85]) حرق الزيت الموقدة، ووكل بتلك العصا من يضربها من خلف حينًا بعد حين فيتناثر سقطها على جسده -والعياذ بالله تعالى-، ثم علق بكُلّاب([86]) أدخل في رأس ذراع يده اليمنى، ثم أدخل تحت عصب عقب رجله اليسرى ودفع إلى شجرة جميز عند باب المعلاة فمكث كذلك نحو ثلاثة أيام حيًّا يسب ويفحش ويفجر إلى أن مات، فأنزل وأخذ إلى شعب العفاريت([87]) فأحرق([88])([89]).
ثم توجه العسكر المصري مع صناجقهم إلى ديارهم بعد أن حمد الناس جميل خصالهم([90]).
وأما الآغا الآخر علي بيك فلم يحصل عليه سوء أصلاً وذلك لتدبيره تلك الحيلة على محمود، ولحسن سلوكه حال دخوله مكة مع بعض حريم أمير مكة الشريف زيد؛ فإنه آمنهم ووصلهم بخير، وكان يتردد إليهن ويتفقد أحوالهن ويبشرهن، فكان ذلك سببًا لسلامته وخلوصه مما وقع لرفيقه([91]).
ثم لما كان أواخر شهر محرم افتتاح السنة المذكورة كان مجمع كبير أمام باب مدرسة السلطان قايتباي([92])، حضر فيه الصناجق والأمراء والقضاة، ثم جيء بالشريف نامي بن عبد المطلب، وأخيه السَّيد سِيد بن عبد المطلب، فاستفتيت العلماء فيهما([93])، فأفتوا بقتلهما، فقتلوهما وصلبوهما بجانبي رأس الردم المسمى الآن بالمدعى([94]).
وتمت الولاية للشريف زيد، وكان عادلاً مشفقًا على الرعية، وأزال في زمانه كثيرًا من المنكرات، وأبطل ما خالف الكتاب والسُّنَّة، وأمنت في أيامه الرعايا وعمر عمائر مستحسنة من جملتها سبيل بمكة([95]).
وكانت مدة إقامة قُطاع الطُرق بمكة مائة يوم ويوم، لأنهم دخلوها يوم خمس وعشرين من شعبان من سنة إحدى وأربعين بعد الألف وخرجوا منها عصر اليوم الخامس من ذي الحجة من السنة المذكورة كما تقدم، وتلك المدة مائة يوم ويوم([96]).
وقد نظم أحداث هذه الحادثة الأليمة الأديب السَّيد ركن الدين محمد المكي في قصيدة تائية طويلة، وهذه أبيات منها:
ألا فَاسمعُوا قَولِي ورُقُّوا لشَكْوَتِي ألا رَاحمٌ يرثِي على أهلِ مَكَّــــةِ
ألا غارةً للهِ تَفْرُجُ كُرْبَـــــــــــــــــةً ألا فانْجُدُوا يا قومِ أهلَ المُـــرُوَّةِ
لِمَكَّةَ قَدْ جَاءَتْ جُنُودٌ خَــــــوَارِجٌ لِخَمْسٍ وَعِشْرِينٍ لِشَعْبَانَ خَلَّـتِ
فَمَالُوا عَلَى وَالِي البِلادِ بِقَتْلَـــــــــــةٍ وجَمْعٍ من الأَشْرَافِ سَادَاتِ مَكَّةِ
وكم سكفوا فيها القُصُورَ وخَرَّبُوا وكَمْ نَكَحُوا فيهَا بِحِلٍ وحُرْمَـــةِ
وكَمْ شَرِبُوا فِيهَا الخُمُورَ وعَربَدُوا وكمْ حَكَمُوا فِيهَا بظُلْمٍ وقُــــوَّةِ([97])
هذا ما تيسر لي جمعه وتحريره في حادثة استباحة مكة وقتل أهلها، والله أسأل أن يجعل عملي كله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يثيبني عليه بجميل الذكر في الدنيا، وجزيل الأجر في الآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه
أبو هاشم إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
ص. ب: 10403 جـدة 21433
المملكة العربية السعودية
البريد الالكتروني: hashemi89@hotmail.com
27 محرم 1436هـ
([1]) سكفوا: هنا بمعنى دخلوا، من الأسكفة، وهي خشبة الباب التي يوطأ عليها عند الدخول، يقال: ما وطئت أسكفة بابه، ولا أتسكف له بيتًا، قال الصاحب بن عباد: لا تسكفته: أي لم أطأ أسكفته ولا عتبته، ويكون ذلك في الدخول والخروج. وأراد الناظم أنهم دخلوا القصور وخربوها. «المحيط في اللغة» مادة «عتب»، «أساس البلاغة» مادة «سكف».
([2]) وهي قصيدة طويلة، ينظر تحقيقنا لها في هذا المجموع.
([3]) وقد حققتها، وسوف تُطبع بإذن الله - في مجلد مع بقية الرسائل المؤلفة في استباحة مكة وقتل أهلها عن طريق دار البشائر الإسلامية للنشر والتوزيع ببيروت قريبًا.
([4]) وقد حققتها، وسوف تطبع بإذن الله - في مجلد مع بقية الرسائل المؤلفة في استباحة مكة وقتل أهلها عن طريق دار البشائر الإسلامية للنشر والتوزيع ببيروت.
([5]) وهي مطبوعة بتحقيقي، توزيع: دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1434هـ/2012م.
([6]) «منائح الكرم» (4/140)، «إتحاف فضلاء الزمن» (2/61).
([7]) «سمط النجوم العوالي» (4/438).
([8]) «الأرج المسكي» (ص131)، «المنهل المورود» (ق38).
وقانصوه باشا: هو نائب السلطان العثماني على اليمن قدمها فى ثاني عشر المحرم سنة تسع وثلاثين وألف من الديار المصرية ثم إلى مكة في عسكر عظيم وصحبه من الأمراء والكبراء ما يجل عن الوصف، توفي في نيف وستين وألف. «خلاصة الأثر» (3/297).
([9]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص185).
([10]) «خلاصة الأثر» (2/177).
([11]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص174)، «تنضيد العقود السنية» (1/194، 202، 208)، «منائح الكرم» (4/36)، «إتحاف فضلاء الزمن» (2/44-45).
([12]) المورق: هو الذي يورق ويكتب. «الصحاح في اللغة» مادة «ورق».
([13]) بغاة: جمع باغي، وهم الظالمون الخارجون عن طاعة الإمام. وبعض الفقهاء وضعوا قيودًا في تعريف البغاة فقالوا: بأنهم الخارجون من المسلمين عن طاعة الإمام الحق بتأويل ولهم شوكة. «لسان العرب» مادة «بغى»، «الموسوعة الفقهية الكويتية» (8/130).
([14]) بيك: كلمة فارسية تعني الخادم أو السائر في الأطراف، وكان صنف من مشاة البريد في الدولة العثمانية يعرفون بسرعة جريهم في توصيل الأوامر السلطانية والأخبار. «المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية» (ص70).
([15]) آغا: كلمة تركية بمعنى الرئيس أو الآمر. «معجم الألفاظ والمصطلحات التاريخية» (ص55)، «تاريخ الجزائر» (3/159) حاشية (1).
([16]) الشريف محمد: هو ابن أمير مكة عبدالله بن الحسن بن أبي نمي محمد بن بركات؛ أمير مكة مشاركة مع الشريف زيد بن محسن؛ وقد توفي سنة (1041هـ). «خلاصة الأثر» (2/177) (3/39).
([17]) الشريف زيد: هو ابن أمير مكة محسن بن حسين بن حسن بن أبي نمي محمد بن بركات؛ أمير مكة مشاركة مع الشريف محمد بن عبدالله؛ ولد الشريف زيد سنة (1014هـ)، وتوفي سنة (1077هـ).«خلاصة الأثر» (2/177-186).
([18]) الصنجق: جمعها صناجق، لفظ تركي معناه الوالي أو الحاكم، وأهم المناصب التي كان يشغلها الصناجق: إمارة الحج، وإمارة الخزينة، وإمارة السفر، بالإضافة إلى حكم الأقاليم. «معجم الألفاظ والمصطلحات التاريخية» (ص328).
([19]) «الأرج المسكي» (ص131).
([20]) «عقد الجواهر والدرر» (ص216)، «خلاصة الأثر» (2/177)، «سمط النجوم العوالي» (4/437).
([21]) «الأرج المسكي» (ص131).
([22]) «عقد الجواهر والدرر» (ص216)، «سمط النجوم العوالي» (4/437).
([23]) «عقد الجواهر والدرر» (ص216)، «سمط النجوم العوالي» (4/437).
([24]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص185-186).
([25]) سواكن: بلد مشهور على ساحل بحر الجار قرب عيذاب، ترفأ إليه سفن الذين يقدمون من جدة. «معجم البلدان» (3/276)؟؟
([26]) «خلاصة الأثر» (2/177)، «المنهل المورود» (ق38)، «تنضيد العقود السنية» (1/210)، «منائح الكرم» (4/145).
([27]) وهي قصيدة طويلة، ينظر تحقيقنا لها في هذا المجموع.
([28]) «مجموع الفتاوى» (4/444).
([29]) بركة الماجن: هي شبه حوض يحفر في الأرض، والعرب من أهل الحجاز يسمون كذلك الصهاريج التي سويت بالآجر وضرجت بالنورة بركًا، وسميت بركة لإقامة الماء فيها؛ وتقع بركة الماجن: بجوار باب المسفلة، وقد أدركها المؤرخ الصباغ(ت1321هـ) وقال: بركة الماجن: هي الآن عمار ملآنة»، وهي أحد المتنزهات التي يخرج إليها أهل مكة كل مساء في زمن الصيف قديمًا، وقد انتشر العمران الآن حتى تعداها. «تحصيل المرام» (2/633)، «معالم مكة التاريخية والأثرية» (ص268)، «موسوعة مكة المكرمة والمدينة» (4/411، 648).
([30]) قوز المكاسة: رمل صغير جنوب غربي مكة في المسفلة، اتصل به اليوم العمران، وهو اليوم حي بمكة اسمه: «قوز النكاسة». «معجم معالم الحجاز» (7/1411).
([31]) السعدية: محطة للحاج في أسفل وادي يلملم على بعد (100) كيلو مترًا جنوب مكة. «معجم معالم الحجاز» (4/812).
([32]) «الأرج المسكي» (ص131-132)، «سمط النجوم» (4/437).
([33]) وادي البيار: اسم قديم لوادي البيضاء جنوب مكة، كان منتجعًا للأشراف، يبعد عن مكة خمسين كيلاً جنوبًا. «معجم معالم الحجاز» (1/241).
([34]) «الأرج المسكي» (ص131-132)، «سمط النجوم» (4/437).
([35]) «خلاصة الأثر» (2/177).
([36]) «الأرج المسكي» (ص131-132)، «سمط النجوم» (4/437).
([37]) «منائح الكرم» (4/143).
([38]) «الأرج المسكي» (ص131-132)، «سمط النجوم» (4/437).
وادي مر الظهران: هو وادي فاطمة، ويعرف أيضًا بوادي الشريف، وهو وادٍ فحل من أكبر أودية الحجاز. «معجم معالم الحجاز» (8/100-101). ويقع على بعد (22) كيلو متراً شمال مكة المكرمة ابتداءً من عمرة التنعيم. (المحقق).
([39]) «تنضيد العقود السنية» (1/207).
([40]) «منائح الكرم» (4/143، 144)، «إفادة الأنام» (3/403).
([41]) الشريف نامي: هو ابن عبدالمطلب بن أمير مكة الحسن بن أمير مكة أبي نمي الثاني محمد بن بركات الحسني، ولاه الأتراك إمارة مكة سنة (1041هـ)، ولم يكن له فيه سوى الاسم، وقتل لسيرته السيئة سنة(1042هـ). «خلاصة الأثر» (4/448)، «تنضيد العقود السنية» (1/209)، «عقد الجواهر والدرر» (ص216) وصحف المحقق فيه اسمه إلى «ناجي» والصواب نامي.
([42]) «تنضيد العقود السنية» (1/209) بتصرف.
([43]) «عقد الجواهر والدرر» (ص216)، «خلاصة الأثر» (2/177).
([44]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص186-187)، «الأرج المسكي» (ص132)، «سمط النجوم» (4/437-438).
([45]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص187)، «تنضيد العقود السنية» (1/208، 210).
([46]) «منهاج السنة» (1/391).
([47]) «منهاج السنة» (4/527/531).
([48]) وهي قصيدة طويلة، ينظر تحقيقنا لها في هذا المجموع.
([49]) «منائح الكرم» (4/144).
([50]) المعلاة: مقبرة مشهورة حوت قبر أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ~ وبعض سادات الصحابة والتابعين، وكبار العلماء والصالحين، وتقع المعلاة شمال شرق المسجد الحرام. «العقد الثمين» (1/102)، «تاريخ مكة المكرمة قديمًا وحديثًا» (ص140).
([51]) «سمط النجوم» (4/437-438).
([52]) السيد أحمد الحارث: هو ابن محمد حارث بن أمير مكة الحسن بن أمير مكة محمد أبي نمي الثاني، كان آية في العقل والذكاء ، مرجعا للأشراف وملوك مكة في جميع أمورهم، وإذا حكم بأمر لم يقدر أحد أن يستدل عليه في شئ لحسن أحكامة وشدتها، في منتصف جمادي الآخر سنة 1082 ﻫ أسند إليه والي جدة في المدينة النبوية خلعة الملك وولاه جميع الحجاز، وقطع الخطبة للشريف سعد بن زيد، ودعي للشريف أحمد الحارث، ثم اصطلح مع أمير مكة الشريف سعد بن زيد ، واستقر بمكة وكانت داره ملاصقة لرباط النساء بباب الصفا بمكة المكرمة، توفي في التاسع من رجب سنة 1085 ﻫ، ودفن بالمعلاة. «موسوعة أعلام الأشراف في بلاد الحرمين» (ص74).
([53]) علي بن هيزع: من كبار رجالات دولة أمير مكة الشريف مسعود بن إدريس بن حسن، كان يرسله في العديد من المهمات الداخلية والخارجية ، وفي أثناء تهدم أجزاء من الكعبة المشرفة ، أرسله لمقابلة باشا مصر في شعبان سنة 1041ﻫ أو 1039ﻫ ثم إلى السلطان مراد خان لعرض ما وقع للكعبة المشرفة . «موسوعة أعلام الأشراف في بلاد الحرمين» (ص467).
([54]) «سمط النجوم» (4/438-439)، «خلاصة الأثر» (2/177)، «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام» (2/784).
([55]) «عقد الجواهر والدرر» (ص216)، «سمط النجوم» (4/438-439)، «خلاصة الأثر» (2/177)، «منائح الكرم» (4/152)، «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام» (2/784).
([56]) «منائح الكرم» (4/152-153).
([57]) تقدم تعريف الآغا في (ص ).
([58]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص194)، «سمط النجوم» (4/438-439)، «خلاصة الأثر» (2/177)، «منائح الكرم» (4/154)، «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام» (2/784).
([59]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص194)، «سمط النجوم» (4/438-439)، «خلاصة الأثر» (2/177)، «منائح الكرم» (4/154)، «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام» (2/784).
([60]) سيد: بكسر السين.
([61]) السيد عبدالعزيز: هو ابن إدريس بن حسن أمير مكة أبو نمي الثاني محمد بن بركات، أمير مكة مشاركة مع الشريف نامي بن عبدالمطلب، توفي بمصر بالطاعون سنة 1063هـ. «موسوعة أعلام الأشراف في بلاد الحرمين» (ص343).
([62]) باب الحريريين: هو باب النبي ^ في الحرم المكي، قيل له باب الحريريين؛ لأن الحرير كان في دكاكين بجواره، وموضعه اليوم ينفذ إلى المسعى. «موسوعة مكة المكرمة» (4/425).
([63]) سرى: أي مشى ليلاً. «الصحاح في اللغة» مادة «سرى».
([64]) النجيبة: هي الناقة. «القاموس المحيط» مادة «نجيب».
([65]) ينبع: وادٍ فحل كثير القرى والعيون والسكان، يقع غرب المدينة المنورة. «معجم معالم الحجاز» (10/36). ويقع ينبع النخل غرب المدينة النبوية على بعد (300) كيلو متر تقريبًا مرورًا ببدر ثم ينبع البحر إلى ينبع النخل. (المحقق).
([66]) الشريف أحمد: هو ابن قتادة بن أمير مكة ثقبة بن أمير مكة أبو نمي الثاني محمد بن بركات الحسني، من قادة الأشراف ورؤوسهم. «موسوعة أعلام الأشراف في بلاد الحرمين» (ص66).
([67]) عَسَّ: أي طاف بالليل يحرس الناس، ويكشف أهل الريبة. «لسان العرب» مادة «عس».
([68]) «الأرج المسكي» (ص132)، «سمط النجوم» (4/438-439)، «خلاصة الأثر» (2/177)، «إتحاف فضلاء الزمن» (2/64)، «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام» (2/784).
([69]) «الأرج المسكي» (ص133)، «حسن الصفا والابتهاج» (ص195-196)، «سمط النجوم» (4/439).
([70]) دار السعادة: بناها أمير مكة الشريف حسن بن محمد أبو نمي الثاني المتوفى سنة(ت1010هـ) منزلاً له أمام باب أم هانئ وباب أجياد، وقد دخلت في توسعة المسجد الحرام الجديدة في جنوبه الغربي، وقد ظلت دار السعادة سكنًا للاشراف ذوي زيد. «تاريخ مكة» (ص349).
([71]) السبيل: مكان مخصص ليشرب الفقراء منه الماء. «لسان العرب» مادة «سبل» بتصرف.
([72]) «الأرج المسكي» (ص133)، «حسن الصفا والابتهاج» (ص195-196)، «سمط النجوم» (4/439).
([73]) إبراهيم باشا: هو ابن عبدالمنان المعروف بالدفتردار، نزيل دمشق، وأحد كبرائها، أمير الركب الشامي، توفي سنة (1043هـ). «خلاصة الأثر» (1/29-30).
([74]) «سمط النجوم» (4/439).
([75]) المقام المالكي: بناؤه كان يقوم على أعمدة وسقف جنوب الكعبة مما يلي باب الملك الآن بينه وبين الكعبة صحن المطاف، ثم هدم في التوسعة السعودية. «معجم معالم الحجاز» (8/1639).
([76]) تربة: إحدى محافظات مكة المكرمة، تقع شرق الطائف، وتبعد عنها حوالي (220) كلم. «المعجم الأثري لمنطقة مكة» (ص36).
([77]) «سمط النجوم» (4/440).
([78]) «منائح الكرم» (4/162).
([79]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص197).
([80]) «خلاصة الأثر» (2/177).
([81]) «الأرج المسكي» (ص133)، «سمط النجوم» (4/439-440)، «إتحاف فضلاء الزمن» (2/64).
([82]) «حسن الصفا والابتهاج» (ص197)، «منائح الكرم» (4/162-163).
([83]) «الأرج المسكي» (ص133)، «حسن الصفا والابتهاج» (ص197)، «سمط النجوم» (4/439-440).
([84]) «المنهل المورود» (ق38).
([85]) مصطفة: هي المصطبة، وهي بناء غير مرتفع يجلس عليه. «تاج العروس» (24/23).
([86]) كُلاب: حديدة معطوفة. «لسان العرب» مادة «كلب».
([87]) شعب العفاريت: جبل محاذي لجبل المعلاة مقبرة أهل مكة تسميه الناس: شعب العفاريت. «شفاء الغرام» (1/387)؟؟
([88]) «سمط النجوم» (4/440)، «خلاصة الأثر» (2/199).
([89]) الحرق بالنار محرم لقول النبي ^ «إن وجدتم فلانا فاقتلوه ولاتحرقوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار». «سنن أبي داود» برقم (2673) وصححه العلامة الألباني في «صحيح سنن أبي داود» برقم (2327).
ثم قطاع الطرق والمحاربون لهم حد مذكور نصًا في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾. [المائدة:33].
([90]) «الأرج المسكي» (ص133).
([91]) «سمط النجوم» (4/440).
([92]) قايتباي: هو المحمودي الأشرفي ثم الظاهري، أبو النصر سيف الدين: سلطان الديار المصرية، من ملوك الجراكسة، توفي سنة (901هـ). «الأعلام» (5/188).
([93]) «سمط النجوم» (4/440).
([94]) «عقد الجواهر والدرر» (ص217)، «خلاصة الأثر» (2/177-178).
والمدعى: هو مكان بعد المروة وقد جاء سيل عظيم "سيل أم نهشل" فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 17هـ واقتلع السيل "مقام سيدنا إبراهيم " من مكانه - وكانت السيول من قبل تأتى من وادى إبراهيم وليس من أعلى مكة فأمر عمر بن الخطاب بردم أرض المدعى لتعلو عن مستوى السيل - حتى يعود السيل فيجرى فى مسيله بوادى إبراهيم - فكان الناس بعد هذا الردم يصعدون على هذا الردم حتى يصلوا إلى نهايته ويشاهدوا الكعبة ويقفوا عندها للدعاء لذلك سميت المدعى وقريبًا من هذا المكان كانت تقع دار أبى سفيان. «في رحاب البيت العتيق» (ص74)؟؟
([95]) «خلاصة الأثر» (2/177-178).
([96]) «سمط النجوم العوالي» (4/440)، «المنهل المورود» (ق38).
([97]) وهي قصيدة طويلة، ينظر تحقيقنا لها في هذا المجموع.