مشعل السديري من جديد!!
ذكر الصحفي المعروف مشعل السديري في صحيفة عكاظ العدد (4820) وتاريخ 3/11/1435هـ قصة لابن عباس رضي الله عنه ذكر فيها أخلاقه أعقبها بالتالي: (ياليت بعض السادة من أهل البيت يقتدون بجدهم ابن عباس) ثم أتبعها بقصةٍ مُطولةٍ يصف أحَدَ معارفه من آلِ البيت وكيف هو يشطرُ وينطرُ ويرقصُ (على حبة ونص) وعلى الرصيف، وكيف يقذف بكلمات من العيار الثقيل كان من الصعب أن يكتبها على حد قوله، ثم ختم مقاله بقولهِ "لهذا أنا اليوم فقط شريف، أما غدا أو بعد غد فالله أعلم". في الحقيقة الإساءة لأهل البيت في المقال كانت ظاهرة لاتحتاج الى بديهةٍ ولا إلى سعةِ إدراك فقد تصبّغ المقال بالتهكم وظَهَرت عليهِ سمةُ التشهيرِ والتجاوزِ.
لم يكن ذلك بجديد فقد كتب السديري في صحيفة الشرقِ الأوسطِ وفي صحيفة عكاظ وغيرِهما وقد استخدم أُسلوباَ يغلب عليه النقدُ الحاد والعباراتُ اللاذعة، إنتقد فيها رياضيين ودعاة وأدباءَ وساسة وبعض الاعراق والفئات أيضاً. وأنا هنا أقول له أما الآن (وقد وَصَلتنَا حجارتُك) فأحب أن أهمس في أُذُنك ببعضِ مافي نفسي: أهلُ البيت بشرٌ يخطئونَ ويصيبونَ وهم ليسوا بمنأى عن الفتن بأنواعها مثلهم في ذلك مثلَ غيرِهِم. وأحسب أن من المروءة أن لا نُشَهٍّر بقبيلةٍ أو جماعةٍ إن أخطأ فردٌ منها، كما أن من المروءةِ أن نَجْهر بالقولِ حينما نذكر حسنات امرئ ما، ونسارره فيما لو ذكرنا خلاف ذلك، وأن من محاسنِ الأخلاقِ وجميلِ العاداتِ أن نعطِيَ أهل الفضل كالعلماء قدرهم، وأهل الحقوق كذوي القربى حقوقهم.
ولنعلم أن الإعلام رسالةٌ ووسيلةُ إصلاحٍ وأداةُ تقويمٍ، ليس للتهكُّم والإزدراء فيه حظ، وليس لإظهارِ العيوب وكشفِ العوراتِ فيه مساحة، نعم من حقنا أن نَنقُد ونُعارضَ ولكن أن يكون الدافع هو الحب فتجده في ثنايا الكلمات وبين العبارات فلا يكون نقداً ثرثاراَ مثيراَ للكراهية محركاً للنفوسِ، ولنكن صادقين مع أنفسنا في تحديد سببِ النقد أكان نقداً للتصحيح أم سلماً للشهرةِ ام باباً من أبوابِ الإعجابِ بالنفس، وأن يكون التركيز في النقد على السلوك لا على الأشخاص أو الأسماء.
آمل من السديري أن يستخدم مع "مايراه حقا" أُسلوباً لبقاً يوازي ثقافتَه وشهرتَه وسعة اطلاعه وأن يستخدم القول اللين والموعظة الحسنة فهي سبيل التقويم وطريق التصحيح أما الإنتقاد الجارح والكلمة المؤذية فليست في دائرة الاصلاح، وليعلم أن الزَّبدَ يذهبُ جُفاءً، ومن بحث عن العيوب في أيٍ كان وجدها فنحنُ بشر أولاً وأخيراً. ولا أحسَبه إلا عاقلاً فطناً يعلم تمام العلم أن الإنتقاد سبيلُ بناءٍ وأن العدلَ شرطٌ للقول (وإذا قلتم فاعدلوا) وأن من عجز عن العدلِ وجب عليه الصمت.
بقلم تركي بن عبدالكريم البركاتي
أحيي فيك هذه الوقفة الأبية
والرد الشافي
جزاك الله خير عنا
أشكرك يا شريف تركي البركاتي
على هذه الوقفة الأدبية الرائعة