«نقد الأنساب الدخيلة بعلم مطلب شرعي، وبغير العلم محرم»
لإبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
بسم الله الرحمن الرحيم
لإبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد: فهذه رسالة حررتها لإظهار جانب من عناية العرب بأنسابهم، والذي دفعني لاخراجها الأخ الفاضل المؤرخ النسابة المحقق أحمد بن سليمان الترباني لتصحيح فهم الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»([1]).
فهذا الحديث المقصود به النهي عن الطعن في الأنساب الثابتة، أما نقد الأنساب الدخيلة بعلم فيجوز، ولذلك ألفت هذه الرسالة، وسميتها: «نقد الأنساب الدخيلة بعلم مطلب شرعي، وبغير العلم محرم».
فأقول وبالله التوفيق: تَمَيَّزَ العرب بنقد الأنساب الدخيلة عليهم، وذلك سبب من أسباب نقاء أنسابهم وعدم اختلاطها([2])، وهذه المواقف توارثها العرب من أيَّام الجاهلية وأقرَّهم الإسلام عليها في قول النبي ^: »لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ-وَهُوَ يَعْلَمُهُ- إلا كَفَرَ بِالله، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهْم نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ«([3])، وقوله ^: «كُفْرٌ بِامْرِئٍ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لَا يَعْرِفُهُ، أَوْ جَحْدُهُ، وَإِنْ دَقَّ»([4]).
وشرح الحديث الأول الحافظ أحمد القرطبي الأنصاري(ت656هـ)، فقال: «وقوله: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ-وَهُوَ يَعْلَمُهُ- إلا كَفَرَ»، أي: انتسب لغير أبيه رغبة عنه مع علمه به، وهذا إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر؛ لخسة منصب الأب ودناءته؛ فيرى الانتساب إليه عارًا ونقصًا في حقه؛ ولا شك في أن هذا محرم معلوم التحريم»([5]).
ولا يُعد نقد الأنساب الدخيلة وإبطالها بحق وعلم من الطعن الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»([6])، لأن الحديث يُطلق على من طعن في أنساب الناس بجهل وغير علم، كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ)، وهذا نصه: «الطعن في الأنساب: أي القدح من بعض الناس في نسب بعض بغير علم»([7])؛ وقد أبطل الحافظ ابن حجر بنفسه أنساب أعيان ادعت نسبًا بغير حق([8]).
وهكذا فَهِمَ العلامة محمد بن عبدالوهاب التميمي(1206هـ) حديث النهي عن الطعن في الأنساب بأن المنهي عنه الطعن بغير علم، فقال: «وأما الطعن في الأنساب ففُسِّر بالموجود في زماننا: ينتسب إنسان إلى قبيلة ويقول بعض الناس: ليس منهم ، من غير بينة، بل الظاهر أنه منهم»([9]).
وفَهْمُ الحافظ ابن حجر العسقلاني، والعلامة محمد بن عبدالوهاب لمعنى حديث «الطعن في الأنساب» هو فَهْمُ السلف، ودليل ذلك أَنَّ جمهرة من علماء الإسلام طعنت في ادعاء العبيديين حكام مصر للنسب الهاشمي، وممن طعن في نسب العبيديين:
الحافظ علي بن حزم الأندلسي(ت456هـ)([10])، والحافظ عبدالكريم التميمي السمعاني(ت562هـ)([11])، والحافظ ابن الجوزي عبدالرحمن القرشي البغدادي(ت597هـ)([12])، والفقيه المؤرخ أبو شامة شهاب الدين المقدسي(ت665هـ)([13])، وشيخ الإسلام أحمد ابن تيمية(ت728هـ)([14])، والحافظ شمس الدين الذهبي(ت748هـ)([15])، والفقيه تاج الدين السبكي(ت771هـ)([16])، والحافظ ابن كثير إسماعيل الدمشقي(ت774هـ)([17])، وغيرهم.
والكُفر في حديث: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ-وَهُوَ يَعْلَمُهُ- إلا كَفَرَ بِالله» المتقدم، وحديث: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»، وحديث: «كُفْرٌ بِامْرِئٍ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لَا يَعْرِفُهُ، أَوْ جَحْدُهُ، وَإِنْ دَقَّ» لا يراد به الكفر المخرج عن الملة ما لم يستحله فاعله، إنما هو كفر دون كفر، وهو الكفر العملي وصاحبه تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، قال العلامة الألباني(ت1420هـ): «الكفر قسمان: اعتقادي وعملي. فالاعتقادي: مقره القلب. والعملي: محله الجوارح. فمن كان عمله كفرًا لمخالفته للشرع، وكان مطابقًا لما وقر في قلبه من الكفر به، فهو الكفر الاعتقادي، وهو الكفر الذي لا يغفره الله، ويخلد صاحبه في النار أبدًا.
وأما إذا كان مخالفًا لما وقر في قلبه، فهو مؤمن بحكم ربه، ولكنه يخالفه بعمله، فكفره كفر عملي فقط، وليس كفرًا اعتقاديًا، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، وعلى هذا النوع من الكفر تحُمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئًا من المعاصي من المسلمين، ولا بأس من ذكر بعضها:
1) «اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في الأنساب والنياحة على الميت».
2) «الجدال في القرآن كفر».
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها، فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي، فكفره كفر عملي، أي إنه يعمل عمل الكفار، إلا أن يستحلها، ولا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضًا، والحكم بغير ما أنزل الله، لا يخرج عن هذه القاعدة أبدًا»([18]).
وقد سجل التاريخ للعرب في جاهليتهم وإسلامهم مواقف تشهد بنقاء أنسابهم وذبهم عنها، وذلك بنفيهم دعوة من انتسب إليهم بغير حق، والأمثلة على ذلك كثيرة([19])، منها:
ما وقع في العصر الجاهلي: قال الأديب ابن السكيت يعقوب الأهوازي(ت244هـ): «قال أبو اليقظان: كان حُنين رجلاً شديدًا، ادعى إلى أسد بن هاشم بن عبد مناف، فأتى عبد المطلب وعليه خفان أحمران، فقال: يا عم، أنا ابن أسد بن هاشم, فقال عبد المطلب: لا وثياب هاشم([20])، ما أعرف شمائل هاشم فيك، فارجع, [فانصرف خائبًا]، فقالوا: رجع بخفي حنين»([21]).
والمثال الثاني في العصر الإسلامي الأول: موقف قبيلة بُجيلة القحطانية مع عرفجة بن هرثمة الصحابي لمَّا ولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب(ت23هـ) ¢ فغضب من ذلك جرير بن عبد الله البجلي¢، فقال لبجيلة: كلموا أمير المؤمنين، فقالوا: استعملت علينا رجلاً ليس منا، فأرسل إلى عرفجة فقال: ما يقول هؤلاء؟ قال: صدقوا يا أمير المؤمنين، لست منهم، لكني من الأزد، كنا أصبنا في الجاهلية دمًا في قومنا فلحقنا ببجيلة، فبلغنا فيهم من السؤدد ما بلغك، فقال عمر: فاثبت على منزلتك، فدافعهم كما يدافعونك، فقال: لست فاعلاً ولا سائرًا معهم، فسار عرفجة إلى البصرة بعد أن نزلت، وأمَّر عمر جريرًا على بجيلة فسار بهم مكانه إلى العراق([22]).
فعلق العلامة ابن خلدون(ت808هـ) على هذه الحادثة، وقال: «انظر كيف اختلط عرفجة ببجيلة ولبس جلدتهم ودعي بنسبهم حتَّى ترشّح للرِّئاسة عليهم لولا علم بعضهم بوشائجه، ولو غفلوا عن ذلك وامتدّ الزّمن لتنوسي بالجملة وعدَّ منهم بكلّ وجه»([23]).
ولم يكن الدفاع عن النسب العربي مقصورًا على أفراد القبيلة، بل ساهم علماء الإسلام من غير تلك القبائل بالدفاع عن أنساب العرب ونفي الدخيل عليهم، فأصدروا في المدعي بغير حق أحكامًا بضربه وحبسه حتى لا تختلط الأنساب وتعم الفوضى، قال الإمام مالك بن أنس الأصبحي(ت179هـ): «من انتسب إلى بيت النبي ^ -يعني بالباطل([24])-يُضرب ضربًا وجيعًا، ويُشهر، ويُحبس [حبسًا] طويلاً حتى تَظهر توبته، لأنه استخفاف بحق الرسول ^»([25]).
ولا يلتفت العلماء المحققون للقول المشهور: «الناس مؤتمنون على أنسابهم« الذي يتمسك به أدعياء النسب في دعواهم الباطلة، لأمور:
الأول: أن هذا القول باطل، ونسبته للنبي ^ باطلة لأنه لا أصل له-أي لا إسناد له إلى النبي ^-، ومن نسبه إلى النبي ^ فقد كذب([26]).
الثاني: أن المراد بهذا القول: اللقيط، فالمسلم مؤتمن عليه بحكم الشرع يرعى أموره ولا يتبناه كما نص على ذلك العلامة بكر أبو زيد(ت1429هـ)، وسيأتي حديثه عن هذا المقال بتوسع.
الثالث: أنهم لا يَعملون بهذا المقال بدون قيود، فقيود العمل بهذا المقال أن تتوفر الشهرة والاستفاضة والبينة الصحيحة بصحة نسبة المدعي لذاك النسب العربي.
ومن العوام من يعتقد صحة نسبة هذا المقال للنبي ^ فيأمر بترك الناس يدعون ما يدعون، وهذا لعمري جهل بسنة النبي ^ وبفقه هذا المقال!!
ففقه هذه المقال يشرحه العلامة محمود شكري الآلوسي (ت1342هـ)، فيقول: «الناس إنما يكونون مأمونين على أنسابهم إذا لم يكن في دعوى ذلك النسب جر مال أو شرف، كما لا يخفى على ذوي الأفهام»([27]).
ولقد تنبه الحافظ السخاوي (ت902هـ) لشيوع مقال: «الناس مؤتمنون على أنسابهم» الموضوع على النبي ^ واستشهاد الناس به في إثبات الأنساب بدون تحقيق وتثبت، فقال معلقًا على كلام الإمام مالك بن أنس الآمر بضرب وسجن من ادعى الانتساب لآل البيت بغير حق الآنف الذكر-: «رحم الله مالكًا، كيف لو أدرك من يتسارع إلى ثبوت ما يغلب على الظن التوقف في صحته من ذلك بدون تثبت، غير ملاحظ ما يترتب عليه من الأحكام، غافلاً عن هذا الوعيد الذي كان معينًا على الوقوع فيه؟! إما بثبوته ولو بالإعذار فيه طمعًا في الشيء التافه الحقير، قائلاً: «الناس مؤتمنون على أنسابهم«! وهذا لعمري توسع غير مرضي«([28]).
ويشرح العلامة بكر أبو زيد(ت1429هـ) المراد من مقال «الناس مؤتمنون على أنسابهم»، فيقول: «إن المراد به في اللقيط، فالمسلم مؤتمن عليه بحكم الشرع يرعى أموره ولا يتبناه، ولا يراد به ما هو شائع من تصديق مدعي النسب من غير بينة، كاستفاضة وشهرة ونحوهما؛ لأنه بهذا المعنى يناهض قاعدة الشرع من أَنَّ البينة على المدعي، وقوله ^: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ»([29])»([30]).
وقال: «وهاهنا فائدة يحسن تقييدها والوقوف عليها وهو أن هذا -أي مقولة: «الناس مؤتمنون على أنسابهم»- ليس معناه تصديق من يدعي نسبًا قبليًّا بلا برهان، ولو كان كذلك لاختلطت الأنساب، واتسعت الدعوى، وعاش الناس في أمر مريج، ولا يكون بين الوضيع والنسب الشريف إلا أن ينسب نفسه إليه. وهذا معنى لا يمكن أن يقبله العقلاء فضلاً عن تقريره. إذا تقرر هذا فمعنى قولهم «الناس مؤتمنون على أنسابهم» هو قبول ما ليس فيه جر مغنم أو دفع مذمةٍ ومنقصة في النسب كدعوى الاستلحاق لولد مجهول النسب، والله أعلم»([31]).
وتظهر وقفة الخلفاء، والملوك، والسلاطين، والعلماء، والقضاة، والنَّسَّابة الجليلة أمام محاولات التصاق الأدعياء بأنساب العرب في الحكايات التي رتبتها على النحو التالي:
أولاً: موقف الخلفاء والملوك والسلاطين من أدعياء النسب.
يظهر موقف الخلفاء، والملوك، والسلاطين من أدعياء النسب في تأديبهم وتعزيرهم، فمن ذلك مثلاً: ضَرْبُ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القرشي(ت23هـ) ¢ لمملوك يقال له: كيسان، سمى نفسه قيسًا، وادعى نفسه إلى مواليه ولحق بالكوفة، فركب أبوه إلى عمر بن الخطاب ¢، فقال: يا أمير المؤمنين ولد على فراشي ثم رغب عني، وادعى إلى مواليه ومولايَّ. فقال عمر ¢: أزيد بن ثابت، ألم تعلم أنا كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم، فقال زيد: بلى، فقال عمر: انطلق فاقرن ابنك إلى بعيرك، ثم انطلق به، فاضرب بعيرك سوطًا وابنك سوطًا([32]).
ويظهر في إنكار الخليفة سليمان بن عبدالملك الأموي(ت99هـ) ادعاء عبدالله بن عامر اليحصبي النسب الحميري، قال الحافظ يعقوب الفسوي(ت277هـ): «عبد الله بن عامر اليحصبي، كان يزعم أنه من حمير، وكان يُغمز في نسبه، فحضر في رمضان، قالوا: من يؤمنا؟ فذكروا رجلاً وذكروا المهاجر بن أبي المهاجر.
فقال: ذاك مولى ولسنا نريد أن يؤمنا مولى([33]). فبلغت سليمان، فلما استخلف بعث إلى المهاجر فقال: إذا كان أول ليلة في شهر رمضان فقف خلف الإمام، فإذا تقدم عبد الله بن عامر قبل أن يكبر فخذ بثيابه من خلفه ثم اجذبه وقل تأخر فلن يتقدمنا دعي، وصلِّ أنت بالناس، ففعل»([34]).
وهذا الخليفة المأمون عبدالله بن هارون الرشيد(ت218هـ) أنكر على رجل ادعاءه بأنه من ولد عدي بن حاتم الطائي، قال العلامة ابن قتيبة(ت276هـ): «دخل رجل على المأمون فكلمه بكلام أعجبه، فسأله عن نسبه، فقال: من طيء، من ولد عدي بن حاتم، فقال المأمون: ألصلبه؟ قال: نعم.
فقال المأمون: هيهات أضللت! إن أبا طريف لم يعقب؛ فكان سقوطه بجهله حال الرجل الذي اختاره لدعوته أقبح من سقوطه بالنسب الذي رغب عنه»([35]).
وأنكر أمير المؤمنين بالأندلس، العالم المستنصر بالله الحكم بن عبدالرحمن الأموي(ت366هـ) على أصحاب مصر العبيديين ادعاء النسب الهاشمي.
وقد أنكر السلطان العادل صلاح الدين يوسف بن أيوب الأيوبي الكردي(ت589هـ)- ادعاء ابن أخيه صاحب اليمن إسماعيل بن طغتكين النسب القرشي، قال المؤرخ ابن خلكان)ت681هـ): «كان الملك المعز إسماعيل أهوج كثير التخليط بحيث أنه ادعى أنه قرشي من بني أمية وخطب لنفسه بالخلافة وتلقب بالهادي، وسمعت شيخنا القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد يحكي عن السلطان صلاح الدين أنه أنكر ذلك وقال: «ليس له أصل أصلاً»([36]).
وليغمراسن بن زيان مؤثل سلطان أبناء زيان ملوك تلمسان من بني عبدالواحد موقف رائع فيما ادعاه أبناء جلدته بأنهم من الأشراف الأدارسة، وذلك بإنكاره هذه الدعوى، قال العلامة ابن خلدون(ت808هـ): «ولقد بلغني عن يغمراسن بن زيّان مؤثّل سلطانهم أنّه لمّا قيل له ذلك أنكره وقال بلغته الزَّناتيّة ما معناه: أمَّا الدُّنيا والملك فنلناهما بسيوفنا لا بهذا النَّسب، وأمَّا نفعهما في الآخرة فمردود إلى الله وأعرض عن التَّقرُّب إليهما بذلك»([37]).
قلت: لله دره ما أعقله!
ثانيًا: موقف العلماء من أدعياء النسب.
موقف العلماء من أدعياء النسب، قائم على التصحيح والنقد، والإنكار والزجر للمدعي، ومن أمثلة هذا: إنكار الحافظ الحاكم النيسابوري(ت405هـ) ادعاء أبي بكر الرازي الواعظ أنه من ذرية محمد بن أيوب البجلي، وهذا نصه: «محمد بن عبد الله بن عبدالعزيز بن شاذان، أبو بكر الرازي الواعظ، كتبت عنه، ورأيته ببُخَارى، فلما قدِمتُ الرّيّ سنة سبعٍ وستّين صادفته بها، وقد انتسب، وأملى عليهم أنه محمد بن عبدالله بن محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس البجلي، فخلوت به وزجرته، فانزجر، ونزل عن ذلك النّسب، ولو اشتهر ذلك بالرَّيِّ لآذُوه، فإنَّ محمد بن أيوب لم يعقِب ولدًا»([38]).
قلت: وفي قول الحافظ الحاكم «محمد بن أيوب لم يعقب ولدًا» دليل على معرفة الحافظ الحاكم بأنساب العرب، وهذا دأب المحدثين، وقد اشترط رحمه الله- على طالب الحديث تعلم علم النسب في كتابه «معرفة علوم الحديث»([39]).
وهذا حافظ المغرب الإمام المحدث ابن عبدالبر النمري الأندلسي(ت463هـ) يصحح نسب البربر ويرده إلى أصله، وينكر دعوى قحطانية نسبهم: «وأما البربر فالاختلاف فيهم كثير وأثبت ما قيل فيهم أنهم من ولد قبط بن حام، وقد انتسب بعضهم في حمير وأنُكر ذلك عليهم.
ومما يشهد لقول أهل الأثر وهم علماء الإسلام - أن البربر من ولد حام لا من العرب، ولا من ولد سام بن نوح: قول سعيد بن المسيب، وقول وهب بن منبه»([40]).
وحكى الحافظ ابن النجار(ت643هـ) إنكار علماء الحديث وغيرهم من الفقهاء لدعوى قرشية عبيدالله ابن المارستانية(ت599هـ)، وهذا نصه: «ابن المارستانية، عبيد الله بن علي بن نصر بن حمزة بن علي بن عبيد الله أبو بكر بن أبي الفرج التيمي المعروف بابن المارستانية، هكذا كان يذكر نسبه ويوصله إلى أبي بكر الصديق.
ورأيت المشايخ الثقات من أصحاب الحديث وغيرهم ينكرون نسبه هذا ويقولون: إن أباه وأمه كانا يخدمان المرضى بالمارستان، وكان أبوه مشهورًا بفُريج تصغير أبي الفرج عاميًّا لا يفهم شيئًا، وأنه سئل عن نسبه فلم يعرفه وأنكر ذلك، ثم إنه ادعى لأمه نسبًا إلى قحطان»([41]).
وهذا الحافظ شمس الدين الذهبي(ت748هـ) انكر دعوى ابن دحية الأندلسي أنه من عقب الصحابي دحية الكلبي ¢ وابطلها من عدة وجوه، وهذا نصه: «عمر بن الحسن ابن دحية الأندلسي، نسب نفسه فقال: عمر بن حسن بن علي بن محمد بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي؛ فهذا نسب باطل لوجوه:
أحدها: أن دحية لم يُعقب.
الثاني: أن على هؤلاء أي الأسماء- لوائح البربرية.
وثالثهما: بتقدير وجود ذلك قد سقط منه آباء، فلا يمكن أن يكون بينه وبينه عشرة أنفس«([42]).
وناقش الحافظ الذهبي في موطن آخر دعوى ابن دحية الأندلسي فقال: «يكتب ذو النسبين بين دحية والحسين، فلو صدق في دعواه لكان ذلك رعونة.
كيف وهو متهم في انتسابه إلى دحية الكلبي الجميل صاحب رسول الله ^، وإنما جرأه على ذلك لأنه كلبي نسبة إلى موضع من ساحل دانية، ويقال الكلفي بين الفاء والباء، ولهذا كان يكتب أولاً الكلبي معًا.
وأما انتسابه إلى الحسين ([43]) فإنه من قبل جده لأمه، فإن جده عليًا هو الملقب بالجميل تصغيرًا للجميل بالعبارة المغربية، وكان طويلاً أعنق فوالدة الجميل هي ابنة الشريف أبي البسام العلوي الحُسيني الكوفي، ثم الأندلسي»([44]).
وقال الحافظ الذهبي: «هكذا ساق نسبه ابن دحية، وما أبعده من الصحة والاتصال! وكان يكتب لنفسه: ذو النسبتين بين دحية والحسين«([45]).
وانتقد الحافظ شمس الدين الذهبي دعوى أسرة قرشية اضطربت في نسبها، فأرجعها لأصلها بنقد علمي دقيق لا تراه والله- إلا عند كبار النسابين المتبحرين في علم النسب، -فلله دره ما أعلمه: مبرز في الحديث، مبرز في الرجال، مبرز في التاريخ، مبرز في النسب، ذهبي زمانه-، وإليك بيان علو كعب الحافظ الذهبي في علم النسب، قال: «يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد، قاضي القضاة، القرشي، الدمشقي، الشافعي.
روى عنه الدمياطي في «معجمه» وساق نسبه إلى عثمان ¢، ولا أعلم لذلك صحة، فإني رأيت الحافظ ابن عساكر قد ذكر جده لأمه القاضي أبا المفضل يحيى بن علي المذكور وذكر ابنه المنتجب وغيرهما ولم يتجاوز القاسم بن الوليد؛ وقال في جده المعروف بابن الصائغ: القرشي قاضي دمشق. ولم يقل لا الأموي ولا العثماني.
ثم إني رأيت كتاب وقف لبني الزكي وهو وقف من جدهم عبد الرحمن بن الوليد بن القاسم بن الوليد القرشي، وقد وقفه في سنة نيف وسبعين ومئتين ولم يزد في نسبه ولا في نسبته على هذا، ولا سمى للوليد أبًا ولا ذكر أنه أموي، والذي زعم أنه عثماني قال فيه: الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان ¢ والله أعلم بحقيقة ذلك.
فإن المعروف من ذلك أن المتقدمين يحفظون أنسابهم ويرفعونها، فإذا طالت السنون والأحقاب على الأعقاب نُسيت وأهملت واجتزئ بالنسبة إلى القبيلة، فقيل: القرشي والقيسي والهمداني.
وأما بالعكس فلا، فإنا لم نر هذا الواقف القديم الذي كان بعد السبعين ومئتين رفع في نسبه فوق ما ذكر في كتاب وقفه. ولا رأينا أحدًا من أولاده وهلم جرًّا إلى زمان قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن يذكرون أنهم - والله يرحمهم - أمويون ولا عثمانيون.
وإنما هو أمر لم ينقل عن أهل هذا البيت الطيب، فينبغي أن يصان من الزيادة والانتساب إلى غير جدهم إلا بيقين، ولو ثبت ذلك لكان فيه مفخر وشرف»([46]).
قلت: فيستفاد من كلام الحافظ الذهبي الآنف قاعدة جليلة في النسب، وهي: إذا وصل نسب الجد الأعلى للقبيلة أو الأسرة القرشية مثلاً إلى الخليفة أبي بكر الصديق القرشي¢ أو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القرشي¢، يجوز لأحفاده القول بأنهم بكريون أو عمريون أو إيصال عمود نسبهم إليهما.
وإذا لم يصل نسب الجد القرشي الأعلى لهذه القبيلة أو الأسرة إلى أبي بكر الصديق¢ أو عمر بن الخطاب¢، أو أوصله عالم معاصر للجد الأعلى للقبيلة أو قريب من عصره إلى أبي بكر أو عمر، فلا يجوز لذرية هذا الرجل القول بأنهم: بكريون، أو عمريون، إنما يرتقون بالنسب للأصل الذي لا نزاع فيه -أعني قريشًا-، فيقولون: نحن قرشيون.
وهذا الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ) حقق دعوى انتساب الشيخ أبي بكر القمني(ت833هـ) إلى الصحابي زيد بن ثابت الأنصاري وأبطلها من وجهين، وهذا نصه: «أبو بكر بن عمر بن عرفات بن عوض بن أبي السعادات بن أبي الظاهر محمد بن أبي بكر بن أحمد بن موسى بن عبدالمنعم بن علي بن عبد الرحمن بن سالم بن عبد العزيز بن أحمد بن علي بن ضياء الدين عبدالرحمن بن أبي المعالي سالم بن الأمير المجاهد عز العرب وهب بن مالك -الناقل من أرض الحجاز- بن عبد الرحمن بن مالك بن زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي، الشيخ زين الدين القمني.
هكذا رأيت نسبه بخطه وأملاه على بعض الموقعين، ولا شك أنه مركب ومفترى، وكذا لا يشك من له أدنى معرفة بالأخبار أنه كذب، وليس لزيد بن ثابت ولد يسمى مالكًا.
وتلقيبه عبد الرحمن بن سالم ضياء الدين من أسمج الكذب، فإن ذلك العصر لم يكن التلقيب فيه بالإضافة للدين»([47]).
وممن حمى أنساب العرب من الدخلاء العلامة ابن خلدون(ت808هـ)، وهذا نصه: «ومن ذلك ادّعاء بني عبد القويّ بن العبّاس بن توجين أنّهم من ولد العبّاس بن عبد المطّلب رغبة في هذا النّسب الشّريف وغلطًا باسم العبّاس بن عطيّة أبي عبد القويّ، ولم يُعلم دخول أحد من العبّاسيّين إلى المغرب لأنّه كان منذ أوّل دولتهم على دعوة العلويّين أعدائهم من الأدارسة والعبيديّين فكيف يكون من سبط العبّاس أحد من شيعة العلويّين؟»([48]).
ثالثًا: موقف القضاة من أدعياء النسب.
موقف القضاة لا يختلف عن موقف الخلفاء والعلماء من أدعياء النسب، قائم على النقد والإنكار والتصحيح، والتعزير، ومن أمثلة هذا ما ذكره الحافظ الخطيب البغدادي(ت463هـ): «طلحة أبو القاسم القاضي البصري، يذكر أن أباه محمد بن جعفر بن أحمد بن تمام بن علي بن المطلب بن محمد بن السري بن عبد الله بن الحارث بن العباس بن عبد المطلب.
وبلغني أن القاضي أبا عمر بن عبد الواحد وقومًا هاشميين من أهل البصرة أنكروا نسبه وزعموا أنه دعي، وأن أبا العباس بن عبد السلام وسمه بالبصرة»([49]).
والمثال الثاني: قال الحافظ ابن عساكر(ت571هـ): «لما خرج المتنبي إلى كلب وأقام فيهم ادَّعى أنه علوي حسنيٌّ، ثم ادَّعى بعد ذلك النبوّة، ثم عاد يدَّعي أنه علوي، إلى أن أشهد عليه بالشام بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرًا طويلاً وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق»([50]).
والمثال الثالث: ذكر المؤرخ البقاعي (ت885هـ) في حوادث سنة(861هـ): «أن قاضي القضاة، شيخ الإسلام السعد الديري الحنفي ضرب أحمد المغربل المشهور بـالمدني ضربًا شديدًا ، وطوفه في القاهرة ينادى عليه: هذا جزاء من يريد أن يدخل في النسب الشريف بغير حق.
وسبب ذلك أن المذكور أراد أن يثبت أنه شريف، وكذا غيره من الفجرة بواسطته، وذلك أنه اتفق مع بعض شهود الزور وادعى أنه من قرية الجعفرية، وأن أهلها من أولاد جعفر الصادق، فما كفاه كذبه لنفسه حتى أراد أن يثبت الشرف لجميع أهل القرية الجعفرية، وأن أهلها من أولاد جعفر الصادق، مع أن المذكور من أولاد نصارى بعض قرى دمياط، وأنه كان يحترف بالغربلة في بولاق«([51]).
رابعًا: موقف علماء النسب من أدعياء النسب.
يظهر موقف علماء النسب من أدعياء النسب متناغم مع موقف الخلفاء والعلماء والقضاة المتقدم، القائم على النقد، والتصحيح، والإنكار، ومن أمثلة ذلك: إنكار النَّسَّابة شيخ الشرف العبيدلي(ت435هـ) لادعاء قوم بأنهم من عائذة قريش، وهذا نصه: «عائذة قريش وهم بنو خزيمة بن لؤي، قال ابن الجواني النَّسَّابة: وأما خزيمة بن لؤي فإليه ينسب القوم الذين يزعمون أنهم عائذة قريش، وشيخ الشرف يدفعهم عن النسب»([52]).
ويظهر في إنكار الفقيه النَّسَّابة فخر الدين محمد الرازي(ت606هـ) على الطبسيين ادعاءهم أنهم من عقب الحسين بن موسى الكاظم، وهذا نصه: «وأما الحسين بن موسى الكاظم -وهو المفقود-، فقيل: انقرض عقبه وقوم ينتمون اليه بطبس، ولا يصح نسبهم.
وقال: والطبسيون يزعمون أن الحسين بن موسى مات بطبس وبها قبره وأولاده، وهم:عبد الله،وأحمد أبناء محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن الحسين المفقود، إلا أن الإجماع حاصل على انقراض ولد الحسين»([53]).
خامسًا: موقف نقباء الأشراف([54]) من أدعياء النسب.
يظهر موقف نقباء الأشراف في حادثة ادعاء أبي القاسم الأزهري النسب الهاشمي، قال الحافظ الخطيب البغدادي(ت463هـ): «حدثني أبو القاسم الأزهري عنه أنه لما قدم بغداد في الابتداء ادعى أنه هاشمي النسب فطلبه النقيب فهرب خوفًا منه ولم يعد إلى البلد إلا بعد سنين كثيرة»([55]).
سادسًا: مسالك غمز العلماء فيمن ادعى نسبًا بغير حق.
من مسالك أهل العلم في نقد أدعياء النسب أنهم إذا شكوا في صحة النسب يلجأون أحيانًا إلى الطعن فيه بالتلميح والتعريض والغمز بقولهم: «يزعم أنه من سلالة فلان»، «قيل: إنه من آل فلان»، وغير ذلك من ألفاظ التشكيك، ودونك الأمثلة على ذلك:
قال الحافظ الخطيب البغدادي(ت463هـ): «العباس بن أحمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أبو الحسن الهاشمي الأهوازي يعرف بابن الخطيب، سمعت القاضي أبا العلاء الواسطي، قال: كان ابن الخطيب الهاشمي ثقة في حديثه، مغموزًا في نسبه»([56]).
وغمز الحافظ ابن كثير(ت774هـ) نسب خطيب دمشق القاضي جلال، فقال: «عيسى بن إدريس بن معقل بن عمير، أبو دلف العجلي، وكان القاضي جلال الدين خطيب دمشق القزويني يزعم أنه من سلالته، ويذكر نسبه إليه»([57]).
وغمز الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ) نسب الجرواني نزيل القاهرة، فقال: «محمّد بن أحمد الجرواني نزيل القاهرة، كان قد انتسب إلى الحسن بن علي وصار شريفًا، وكان يطعن في نسبه، ويقال: إنه كان أولاً يكتب الأنصاري»([58]).
وغمز الحافظ السخاوي(ت902هـ) دعوى المؤرخ المقريزي للنسب العبيدي، وهذا نصه: «المقريزي يكثر الاعتماد على من لا يوثق به من غير عزو إليه حتى فعل ذلك في نسبه فإن مستنده في كونه من العبيديين كونه دخل مع والده جامع الحاكم فقال له: يا ولدي هذا جامع جدك، لا سيما وما قاله ابن رافع في نسبه عبد القادر جده أنصاريًّا يخدش في هذا وإن توقف صاحب الترجمة فيه لكنه مع ذلك لم يكن يتجاوز في تصانيفه في سياق نسبه عبد الصمد بن تميم وإن أظهر زيادة على ذلك فلمن يثق به، ثم رأيت ما يدل على أنه اعتمد في هذه النسبة العرياني المشهور بالكذب فالله أعلم»([59]).
قلت: بهذا التقرير يتبين لك أن نقد الأنساب للعالم بها من الدين ويُعد من فروض الكفايات، ولا يجوز للعالم كتمان علمه في هذا الباب فأمانة العلم، والذب عن اختلاط الأنساب، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فواعجبًا ممن قَصُر علمهم..، وجامع الهوى فكرهم..، وضاق بالحق خلدهم..، إنكارهم لنقد الأنساب..، والذب عن أشرف البيوت في الانتساب.
الأسباب التي تدفع الأدعياء للانتساب إلى غيرهم بدون حق:
الأسباب التي تدفع الأدعياء، أو الجهلاء إلى التنصل من أصولهم وادعاء غيرها بدون حق كثيرة، منها:
أولاً: حب المنتقل من قبيلته إلى أخرى لفضيلة القبيلة المنتسب إليها، كفضيلة بني هاشم القرشيين آل النبي ^([60])، وقريش([61])، والأنصار([62])، وجهينة، ومزينة وأسلم وغفار([63])، وتميم([64])، والأزد([65])، وطيء قبيلة حاتم الطائي صاحب مكارم الأخلاق([66])، وسليم التي شهد منهم يوم فتح مكة مع النبي ^ ألف رجل([67])، وغيرها من القبائل التي أثنى عليها نبينا ^([68]).
فيحاول ضعاف النفوس الانتماء إلى هذه القبائل بغير حق، لما لهذه القبائل من فضائل، وهذا واقع مشاهد من قديم وإلى يومنا هذا، ولقد نص المؤرخ ابن خلكان(ت681هـ) إلى أن النفس تسمو لشرف الانتماء إلى نسب صحابة النبي ^، وخاصة النسب الهاشمي، وذلك حينما رُمي بالانتساب إلى البرامكة الفرس زورًا، وهذا نصه: «أما النسب والكذب فيه فإذا كان ولا بد منه فكنت أنتسب إلى العباس، أو إلى علي بن أبي طالب، أو إلى أحد الصحابة، وأما النسب إلى قوم لم يبق لهم بقية وأصلهم فرس مجوس فما فيه فائدة»([69]).
ثانيًا: قد يكون الدافع للتنصل من نسب القبيلة إلى غيرها أن الأسرة أو القبيلة المُنتسب إليها بغير حق لها مكانة اجتماعية مرموقة، أو لصفات الشجاعة والكرم والسؤدد فيها، وهذا ما لمسه علامة الاجتماع المؤرخ ابن خلدون(ت808هـ) في ادعاء أعيان عصره لنسب عربي وإنكاره عليهم، فقال: «وقد يتشوَّف كثير من الرَّؤساء على القبائل والعصائب إلى أنساب يلهجون بها إمَّا لخصوصيّة فضيلة كانت في أهل ذلك النَّسب من شجاعة، أو كرم، أو ذكر كيف اتّفق فينزعون إلى ذلك النَّسب، ويتورَّطون بالدَّعوى في شعوبه ولا يعلمون ما يوقعون فيه أنفسهم من القدح في رئاستهم والطَّعن في شرفهم»([70]).
ثالثًا: قد يكون الدافع للتنصل من القبيلة إلى غيرها هو التخلص من النسب الأعجمي إلى النسب العربي، كما وقع لبطن من البربر، قال العلامة المؤرخ ابن خلدون(ت808هـ): «وأمَّا ما رأى نسَّابة زناتة أنهم من حمير فقد أنكره الحافظان أبو عمر بن عبد البر([71]) وأبو محمد ابن حزم([72]) وقالا: «ما كان لحمير طريق إلى بلاد البربر إلا في أكاذيب مؤرخي اليمن».
وإنما حمل نسَّابة زناتة على الانتساب في حمير الترفّع عن النسب البربري لما يرونهم في هذا العهد خولاً وعبيدًا للجباية وعوامل الخراج.
وهذا وهم، فقد كان في شعوب البربر من هم مكافئون لزناتة في العصبية، أو أشدُّ منهم مثل هوَّارة ومكناسة، وكان فيهم من غلب العرب على ملكهم، مثل كتامة وصنهاجة ومن تلقَّف الملك من يد صنهاجة مثل المصامدة، كل هؤلاء كانوا أشدَّ قوَّة وأكثر جمعًا من زناتة. فلمَّا فنيت أجيالهم أصبحوا مغلّبين فنالهم ضرُّ المغرم، وصار اسم البربر مختصًّا لهذا العهد بأهل المغرم، فَأَنف زناتة منه فرارًا من الهضيمة.
وأعجبوا بالدخول في النسب العربيّ لصراحته، وما فيه من المزيَّة بتعدد الأنبياء ولا سيما نسب مضر وأنهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم بن نوح بن شيث بن آدم، خمسة من الأنبياء ليس للبربر إذا نسبوا إلى حام مثلها مع خروجهم عن نسب إبراهيم الّذي هو الأب الثالث للخليقة إذ الأكثر من أجيال العالم لهذا العهد من نسله. ولم يخرج عنه لهذا العهد إلّا الأقل مع ما في العربية أيضًا من عزّ التوحّش، والسلامة من مذمومات الخلق بانفرادهم في البيداء.
فأعجب زناتة نسبهم وزيَّنه لهم نسَّابتهم، والحق بمعزل عنه، وكونهم من البربر بعموم النسب لا ينافي شعارهم من الغلب والعز، فقد كان الكثير من شعوب البربر مثل ذلك وأعظم منه. وأيضًا فقد تميَّزت الخليقة وتباينوا بغير واحد من الأوصاف، والكلُّ بنو آدم ونوح من بعده. وكذلك تميَّزت العرب وتباينت شعوبها والكلُّ لسام ولإسماعيل بعده»([73]).
ووافق المؤرخ الدكتور جواد علي(ت1408هـ) الحافظين ابن عبدالبر وابن حزم والمؤرخ ابن خلدون بأن دعوى بعض البربر إلى العرب غير صحيحة وألقى باللائمة في هذه الدعوى الباطلة على الأخباريين، وهذا نصه: «إن ربط نسب البربر وهم سكان المناطق المعروفة من شمال إفريقية- بـ «رعوة»([74]) وبقحطان، هو من صنع أهل الأخبار، وقد وقع في الإسلام بالطبع وبعد الفتح الإسلامي لتلك المناطق، لغايات سياسية، على نحو ما حدث من ربط نسب الفرس واليونان والأكراد بالعرب»([75]).
رابعًا: الجهل بعلم الأنساب أوقع كثيرًا من الناس في ادعاء أنساب آخرين بغير حق.
وجُل الادعاءات اليوم تكمن في تشابه أو اتفاق ألقاب الجاهل بالنسب بألقاب الأسر أو القبائل الشهيرة وخاصة الهاشمية لمنزلتها بين العرب وقد تقدم بيان ذلك-، فيظن أنه من تلك القبيلة أو الأسرة لمجرد اتفاق أو تشابه لقبه بلقبهم، ولقد أشار المؤرخ النَّسَّابة الحسن بن أحمد الهمداني(ت بعد344هـ) إلى ذلك فقال: «كل قبيلة من البادية تضاهي باسمها اسم قبيلة أشهر منها فإنها تكاد أن تتحصل نحوها وتنسب إليها، رأينا ذلك كثيرًا»([76])، ومن أمثلة اتفاق الألقاب:
العمور: واحدهم «العَمْرِي» فرع من الأشراف الحسنيين من ذرية الشريف عمرو بن بركات بن أبي نمي الثاني محمد بن بركات الحسني([77]).
العمور: واحدهم «العَمْرِي» فرع من مسروح من قبيلة حرب.
العمور: واحدهم «العَمْرِي» بطن من المطالحة من ميمون من بن بني سالم من قبيلة حرب، وديارهم خيف الحزامي وما حوله في وادي الصفراء.
العمور: واحدهم «العَمْرِي» بطن من العصمة من عيال منصور من برقا من عتيبة.
العمور: واحدهم «العُمَرِي» بضم العين المهملة وفتح الميم وكسر الراء فخذ من بني سفيان وهو بطن من ثقيف الطائف.
العمور: واحدهم «العُمَرِي» [قبيلة أزدية تسكن منطقة عسير بجنوب المملكة العربية السعودية]([78]).
قلت: لهذا الاتفاق في الألقاب مع حقيقة الاختلاف في الأصول يقع الجاهل في ادعاء نسب الآخرين، ولو تعلم النسب، أو سأل أهل العلم بالنسب لما وقع فيما وقع فيه من ادعاء يتبوء به مقعدًا في النار كما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم.
ولهذه الأسباب الخمسة المتقدمة وغيرها ادعى من ادعى نسبًا بغير حق، ولا بد أن يجر المدعي بغير حق وبال دعوته يوم القيامة إن لم يتب، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين(ت1421هـ): «أما النسب فإن الإنسان يجب عليه أن ينتسب إلى أهله أبيه جده جد أبيه،...وما أشبه ذلك، ولا يحل له أن ينتسب إلى غير أبيه وهو يعلم أنه ليس بأبيه، فمثلاً: إذا كان أبوه من قبيلة ما، ورأى أن فيها نقصًا عن غيره فانتمى إلى قبيلة ثانية أعلى حسبًا لأجل أن يزيل عن نفسه مذمة قبيلته، فإن هذا -والعياذ بالله- ملعون، عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً»([79]).
بل قد يجر المدعي النسب بغير حق وبال هذا الانتساب الباطل في الدنيا قبل الآخرة إذا نفته القبيلة المُنتسب إليها، ويصبح هو وقبيلته حديث المجالس، وقد شاهدت هذا في كثير من الأسر التي ادعت نسبًا بغير حق.
وفي الختام أقول: ومن تتبع كلام أهل العلم في مسألة نقد الأنساب بعلم، سيظفر بمادة غزيرة تصلح أن تكون مصنفًا ضخمًا، والله المستعان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبها:
أبو هاشم إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
ص. ب: 10403 جـدة 21433
المملكة العربية السعودية
البريد الإلكتروني: hashemi89@hotmail.com
21 ذو الحجة 1434هـ
أبو هاشم إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
ص. ب: 10403 جـدة 21433
المملكة العربية السعودية
البريد الإلكتروني: hashemi89@hotmail.com
21 ذو الحجة 1434هـ
الحواشي:
([1]) الحديث في «صحيح مسلم» برقم (67).
([2]) ومن الأسباب التي ساهمت في حفظ أنساب العرب: التأليف في أنسابهم منذ القرن الأول الإسلامي إلى يومنا هذا، فساهمت هذه المؤلفات في حفظ أنسابهم من التحريف والتصحيف والدخول فيها بغير حق.
([3]) الحديث في «صحيح البخاري» برقم (3317)، «صحيح مسلم» برقم (61).
([4]) الحديث في «سنن ابن ماجه» برقم (2744)، وصححه العلامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» برقم (3370).
([5]) «المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم» (1/245).
([6]) الحديث في «صحيح مسلم» برقم (67).
([7]) «فتح الباري» (7/161).
([8]) ينظر «انباه الغمر» (8/209-210)، «الدرر الكامنة» (3/116).
([9]) «فتاوى الشيخ محمد بن عبدالوهاب» (4/54).
([10]) «جمهرة أنساب العرب» (ص60-61).
([11]) «الأنساب» (1/255).
([12]) «المنتظم» (15/82-83).
([13]) «الروضتين» (1/201-202)، «عيون الروضتين» (1/312).
([14]) «مجموع الفتاوى» (35/120-132).
([15]) «سير أعلام النبلاء» (15/141-151)، «العبر» (2/16).
([16]) «طبقات الشافعية الكبرى» (7/17).
([17]) «البداية والنهاية» (11/172).
([18]) وللعلامة ابن أبي العز الحنفي(ت792هـ) مبحث نفيس في معنى الكفر فانظره إن شئت في «شرح العقيدة الطحاوية» (ص316-325)، أما كلام العلامة الألباني الذي في المتن فتجده في: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» برقم (2552).
([19]) ينظر: «المعارف» (ص494)، «الثقات» (ص408)، «أخبار مصر» (ص56)، «وفيات الأعيان» (4/458، 461)، «ذيل تاريخ مدينة السلام» (1/391)، «ميزان الاعتدال» (3/186).
([20]) هذا حلف بغير الله وهو شرك، وهو من رجل لم يدرك الإسلام.
([21]) «إصلاح المنطق»(ص228)، ومابين المعقوفتين من «مجمع الأمثال» (2/41).
([22]) «تاريخ الطبري» (3/462-463)، «أسد الغابة» (1/320) واللفظ له.
([23]) «تاريخ ابن خلدون» (1/229-230).
([24]) عند السمهودي في«جواهر العقدين» (ص 471) :«كاذبًا» .
([25]) «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» (2/301)، «استجلاب ارتقاء الغرف» (2/631) واللفظ له، «جواهر العقدين» (ص470) «الأسرار المرفوعة» (ص276) والزيادة له.
([26]) ينظر «المقاصد الحسنة» (ص687)، «تمييز الطيب من الخبيث» (ص198)، «الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص351)، «كشف الخفاء ومزيل الإلباس» (2/295).
([27]) «صب العذاب على من سب الأصحاب» (ص 236).
([28]) «استجلاب ارتقاء الغرف» (2/631).
([29]) «صحيح البخاري» برقم (4277) ، «صحيح مسلم» برقم (1711).
([30]) «التعالم» (ص122).
([31]) «فقه النوازل» (1/122).
([32]) «المصنف» لعبدالرزاق(9/52).
([33]) أخطأ اليحصبي سامحه الله -، وخالف بقوله هذا هدي الإسلام الذي جعل معيار التفاضل بين الناس التقوى لا النسب فالمرءُ إذا كان صالحًا تقيًا حافظًا لكتاب الله يقدم للإمامة وإن كان مولى، والشاهد على ذلك أن نافع بن عبد الحارث لقي أمير المؤمنين عمر ¢ بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي، فقال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم ^ قد قال: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ». «صحيح مسلم» برقم (817).
([34]) «المعرفة والتاريخ» (2/403).
([35]) «المعارف» (ص2).
([36]) «وفيات الأعيان» (2/524- 525) (7/141).
([37]) «تاريخ ابن خلدون» (1/233).
([38]) «تاريخ مدينة السلام» (3/495).
([39]) (1/168، 170).
([40]) «القصد والأمم» (ص22).
([41]) «ذيل تاريخ بغداد» (2/95-96).
([42]) «ميزان الاعتدال» (3/186).
([43]) مسألة الصلاة أو السلام على فلان بمعنى طلب الدعاء لهم أمر جائز شرعًا، قال الصحابي عبدالله بن أبي أوفى ¢: كان النبي ^ إذا أتاه قومٌ بصدقتهم قال: «اللهم صلِّ على آل فلان». «صحيح البخاري» برقم (1426).
وقد صلى التابعي عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ¢ على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما- عندما سئل عنهما فقال: «صلى الله عليهما، ولا صلى على من لم يصلِّ عليهما». «فضائل الصحابة ومناقبهم» (ص80)، «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (7/1302).
والآثار المنسوبة إلى أئمة السُّنَّة كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم في السلام على فاطمة بنت رسول الله ^ وعلي بن أبي طالب ¢ وأبنائه كثيرة جدًا. انظر «الطبقات الكبير» (1/84، 89) (4/50) (5/196، 299، 321)، «الزهد» لأحمد (ص191-195، 244) ، «صحيح البخاري» (1/369) (3/1226) (4/1837)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (3/19) (5/34)، «فضائل الصحابة» (ص 32، 34، 35، 37، 38، 39، 40)، «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (1/176)، «تاريخ الإسلام» (11/158) (29/434) (51/380) وغيرها.
وأما من قال بأن هذا السلام المنسوب إلى الأئمة من صنيع النساخ فقد جانب الصواب وأبعد النجعة، إذ لا دليل لديه سوى الظن، وهل يعقل أن يكون صنيع النساخ هذا في جُل كتب أهل السُّنة؟ وإذا طرقنا هذا الاحتمال فتحنا باب شر عظيم لكل من هب ودب بأن يطعن أو ينكر النصوص المرفوعة أو الآثار التي فيها مخالفة لعقله أو ما شابه ذلك بحجة أنها أدخلت في هذه الكتب وأنها من صنيع النساخ، فتأمل ذلك جيدًا.
وبعض الفرق المنحرفة عن السُّنة غالت في هذا السلام وخصته بالمعصومين من آل البيت زعموا!!
وأحسن ما قيل في مسألة السلام على فلان والله أعلم -: الجواز بشرط عدم التخصيص، وهذا ما صنعه الحافظ الدارقطني في كتابه «فضائل الصحابة» بالسلام على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم-، قال شيخ الإسلام ابن تيمية(ت728هـ): «ليس لأحد أن يخص أحدًا بالصلاة عليه دون النبي ^، لا أبا بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا عليًا، ومن فعل ذلك فهو مبتدع، بل إما أن يصلي عليهم كلهم أو يدع الصلاة عليهم كلهم»، وقال شيخ الإسلام في موطن آخر: «وقد تنازع العلماء في الصلاة على عليٍّ منفردًا، فذهب مالك، والشافعي، وطائفة من الحنابلة: إلى أنه لا يصلى على غير النبي ^ منفردًا، كما روي عن ابن عباس أنه قال: لا أعلم الصلاة تنبغي على أحد إلا على النبي ^.
وذهب الإمام أحمد وأكثر أصحابه إلى أنه لا بأس بذلك؛ لأن علي بن أبي طالب ¢ قال لعمر بن الخطاب: صلى الله عليك. وهذا القول أصح وأولى.
ولكن إفراد واحد من الصحابة والقرابة كعلي أو غيره بالصلاة عليه دون غيره مضاهاة للنبي ^؛ بحيث يجعل ذلك شعارًا معروفًا باسمه: هذا هو البدعة». «مجموع الفتاوى» (4/420، 496-497).
وإلى تعميم السلام على كافة الصحابة مال الحافظ ابن كثير(ت774هـ) في «تفسيره» (3/517)، والعلامة محمد ناصر الدين الألباني(ت1420هـ) في «سلسلة الهدى والنور» (شريط373 وجه ب).
ولأستاذنا المحدث المحقق الشيخ نظام بن محمد صالح يعقوبي العباسي بحث أثبت فيه بالأدلة أن إطلاق الإمام البخاري لفظة «عليه السلام» على بعض الصحابة من صنيعه رحمه الله في «صحيحه»، لا من تصرف النساخ.
([44]) «ميزان الاعتدال» (3/187).
([45]) «سير أعلام النبلاء» (22/389).
([46]) «تاريخ الإسلام» (15/160).
([47]) «إنباه الغمر» (8/209-210).
([48]) «تاريخ ابن خلدون» (1/232-233).
([49]) «تاريخ مدينة السلام» (10/482-483).
([50]) «تاريخ دمشق» (71/79).
([51]) «إظهار العصر لأسرار أهل العصر» (2/230).
([52]) نقلاً من «تاج العروس» (9/442).
([53]) «الشجرة المباركة» (ص113).
([54]) نقباء الأشراف: هذه النقابة ولاية يقررها الخليفة أو من ينوب عنه لصيانة ذوي الأنساب الشريفة. وقد تقدم الحديث عن النقابة والنقيب تحت فصل «دور النقابة في حفظ أنساب العرب» (ص ).
([55]) «تاريخ مدينة السلام» (4/379).
([56]) «تاريخ مدينة السلام» (14/57).
([57]) «البداية والنهاية» (10/306).
([58]) «إنباء الغمر» (6/258).
([59]) «الضوء اللامع» (2/23).
([60]) وفضائل بني هاشم كثيرة، منها قول النبي ^: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم». «صحيح مسلم» برقم (2276).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية(ت728هـ): «والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن قريشًا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش». «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/420).
وقال الحافظ ابن كثير (ت774هـ): «أهل البيت، هم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرًا وحسبًا ونسبًا». «تفسير ابن كثير» (4/113).
([61]) لقول النبي ^ في قريش: «الناس تبع لقريش في الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم»، وقوله ^: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان». «صحيح البخاري» برقم (3305) (3310)، «صحيح مسلم» برقم (1818، 1820)، وقوله ^: «فضل الله قريشًا بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قرشي، وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيهم غيرهم ﴿لإيلاف قريش﴾، وفضلهم بأن فيهم النبوة، والخلافة، والحجابة، والسقاية». الحديث صحيح.
وقوله ^: «إن قريشًا أهل أمانة، لا يبغيهم العثرات أحد إلا كبه الله عز وجل لمنخريه». «تاريخ دمشق» (11/233)، وحسنه العلامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» برقم (1688).
وينظر ما ورد من فضائل أخرى في قريش في «محجة القرب إلى محبة العرب» (ص165-238).
([62]) لقول النبي ^ في الأنصار: «اللهم أنتم من أحب الناس إلي»، وقوله ^: «آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار». «صحيح البخاري» برقم (3784، 3785)، «صحيح مسلم» برقم (74)، وينظر ما ورد من فضائل أخرى في الأنصار في «محجة القرب إلى محبة العرب» (ص239-294).
([63]) لقول النبي ^ في جهينة ومزينة وأسلم: «جهينة ومزينة وأسلم وغفار وأشجع، موالي ليس لهم مولى دون الله ورسوله». «صحيح البخاري» برقم (3504)، «صحيح مسلم» برقم (2520).
([64]) لقول أبي هريرة ¢ لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله ^، سمعت رسول الله ^ يقول: «أشد أمتي على الدجال»؛ قال وجاءت صدقاتهم فقال النبي ^ «هذه صدقات قومنا»؛ قال وكانت سبية منهم عند عائشة فقال رسول الله ^ «أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل». «صحيح البخاري» برقم (2405، 4180)، «صحيح مسلم» برقم (2525). وللاستزادة ينظر «فضائل بني تميم في السنة النبوية».
([65]) لقول النبي ^ في الأزد: «نعم القوم الأزد، نقية قلوبهم، بارة أيمانهم، طيبة أفواههم». «مسند أحمد» برقم (8615) وحسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط ورفاقه.
([66]) لقوله ^ لإبنة حاتم الطائي صاحب المكارم: «لو كان أبوك مسلمًا لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق». «البداية والنهاية» (5/61) وحكم الحافظ ابن كثير عليه بقوله: «حسن المتن غريب الإسناد جدًا عزيز المخرج».
ولقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : إن أول صدقة بيضت وجه رسول الله ^ ووجوه أصحابه، صدقة طيء، جئت بها إلى رسول الله ^. «صحيح مسلم» برقم (2523).
([67]) «إيضاح المدارك» (ص28).
([68]) ينظر «محجة القرب إلى محبة العرب» (ص318، 327، 333