• ×

من وُثِّق في علم، وضُعِّف في آخر (ابن الكلبي النَّسَّابة أُنموذجًا)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
من وُثِّق في علم، وضُعِّف في آخر (ابن الكلبي النَّسَّابة أُنموذجًا)
(نسخة منقحة)
لأبي هاشم إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعد: فهذه رسالة حررتها في بيان حال بعض من ضُعِّفَ من علماء الإسلام في الحديث، وقُبل قوله فيما أتقنه من علوم([1]).
ولإزالة اللبس الذي وقع فيه بعض طلبة العلم في قبول أقوال العلامة أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي(ت204هـ) في علم النسب، مع كونه مجروحًا في الحديث، وبيان أن جرح علماء الجرح والتعديل له مقصور على روايته للحديث النبوي، ولا يشتمل علمه في النسب، وسميتها: «من وُثِّق في علم، وضُعِّف في آخر (ابن الكلبي هشام النَّسَّابة أُنموذجًا)».
فأقول وبالله التوفيق: ابن الكلبي هشام عالم من علماء الإسلام الأوائل المبحرين في التاريخ وأنساب العرب، وقد بلغت مصنفاته في ذلك أكثر من مائة وخمسين مصنفًا([2])، روى فيها أحاديث نبوية، وآثارًا ضعيفة وموضوعة ومنكرة، وروى عن أهل الكتاب، فجرحه علماء الجرح والتعديل في الحديث لفقدانه صفات الراوي المتقن البصير، ولتساهله وعدم ضبطه، ولتشيعه الغالي، وممن جرحه من الأئمة:

الحافظ يحيى بن معين (ت233هـ) فقال عنه: «غير ثقة، وليس عن مثله يُروى الحديث»([3])، وفي رواية: «ليس بشيء»([4])، وفي رواية توقف عن بيان حاله، حينما سأله الحافظ الجنيد: «كان الكلبي هشام ثقة؟ قال: كان من أعلم الناس بالنسب»([5]).

وقال الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ): «هشام بن محمد بن السائب الكلبي من يحدث عنه!! إنما هو صاحب نسب وسمر»([6]).

وقال الحافظ ابن حبان(ت354هـ): «كان غاليًا في التشيع، أخباره في الأغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها»([7]).

وقال الحافظ الدارقطني (ت385هـ): «متروك»([8]).

وقال الحافظ ابن عساكر (ت571هـ): «رافضي، ليس بثقة»([9]).

وجرحه آخرون من علماء الجرح والتعديل المتقدمين بنحو ما تقدم ذكره([10]).

قلت: الجرح المتقدم من علماء الحديث في ابن الكلبي هشام بأنه «ليس بثقة»، «متروك»، «من يُحدث عنه!!»، قاصرٌ على رواية حديث رسول الله ^، ولا يعمم على كل معارف ابن الكلبي هشام؛ فهو متروك في الحديث كما صرح بذلك أئمة الشأن، ثقة في النسب لعنايته الفائقة بأنساب العرب رواية ودراية، ولثناء كبار علماء الإسلام عليه وسيأتي-، ولا تلازم بين عدم قبول المحدثين لرواية الراوي للحديث لفقده شروطهم وقوانينهم في الرواية، وبين نبوغ الرجل في العلوم الأخرى، وتميزه فيها، وهذا من دقيق فقههم للشريعة، وإنصاف أهل العلم في الحكم على الرجال، فاحتاط المحدثون لجناب السُّنَّة ما لا يرونه في غيرها، حفظًا للدين، وصيانةً للشريعة.

وممن أثنى على ابن الكلبي هشام من أئمة وعلماء الجرح والتعديل ووصفه: بأنه من أعلم الناس بالنسب، وإمامه، والقدوة فيه:

الإمام يحيى بن معين(ت233هـ) القائل: «الكلبي هشام، كان من أعلم الناس بالنسب»([11]) -وهي عبارة تعديل في هذا الفن-.

والحافظ ابن ماكولا(ت475هـ) القائل: «ابن الكلبي القدوة في هذا الشأن»([12]).

والحافظ الذهبي(ت748هـ) القائل: «ابن الكلبي، العلامة، النَّسَّابة الأوحد»([13]).

والحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ) القائل: «ابن الكلبي، إمام أهل النسب»([14])، وعبارة الحافظ ابن حجر من أعلى وأرفع عبارات التعديل كما هو معلوم في الاصطلاح.

ومما يدل على توثيق ابن الكلبي في النسب: استشهاد علماء الإسلام المتقدمين بأقواله في أنساب العرب واعتمادهم عليه -كما سيأتي تحت الشاهد الرابع-، فلا يُفهم من جرح علماء الجرح والتعديل لابن الكلبي بأنه متروك بالكلية، إنما هو مقيد في رواية الحديث فقط، ولا يمنع جرحه في رواية الحديث كونه ثقة في غير الحديث.

والدليل على أن ابن الكلبي هشام ثقة في النسب، متروك في الحديث والأثر قول الإمام يحيى بن معين(ت233هـ) حينما سأله الحافظ الجنيد: «كان الكلبي هشام ثقة؟ قال: كان من أعلم الناس بالنسب»([15]).

قلت: الشطر الأول من كلام الإمام يحيى بن معين توقف عن تعديل ابن الكلبي وجرحه في موطن آخر، فقال: «غير ثقة»([16])، و «ليس بشيء»([17])، والشطر الثاني من كلام الإمام ابن معين تعديل في فنه الذي اشتهر بعلو كعبه فيه بأنه: «من أعلم الناس بالنسب».

والدليل الثاني بأن ابن الكلبي هشام ثقة في النسب، متروك في الحديث والأثر قول الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ): «هشام بن محمد بن السائب الكلبي من يحدث عنه!! إنما هو صاحب نسب وسمر»([18]).

ويفسر كلام الإمام أحمد الحافظ ابن عدي الجرجاني (ت365هـ)، فيقول: «وهذا كما قال أحمد: هشام ابن الكلبي الغالب عليه الأخبار والأسمار والنسبة، ولا أعرف له شيئًا من المسند»([19]).

قلت: الشطر الأول من كلام الإمام أحمد «من يحدث عنه!!» يدل على جرحه في رواية الحديث والأثر، والشطر الثاني: يثني عليه في علمه الذي تخصص فيه ونبغ بأنه: «صاحب نسب» وهي عبارة تعديل كقولهم: «فلان صاحب حديث».

ومن الأدلة على أَنَّ العالم قد يكون علامة ثقة في فن، متروكًا أو ضعيفًا في آخر، قول الإمام يحيى بن معين(ت233هـ) في الحافظ زياد بن عبدالله البكائي: «لا بأس به في المغازي، وأما في غيرها فلا»([20]).

وقول الحافظ شمس الدين الذهبي(ت748هـ) في حفص بن سليمان الأسدي صاحب القراءة: «كان ثبتًا في القراءة واهيًا في الحديث، لانه كان لا يتقن الحديث ويتقن القرآن ويجوده، وإلا فهو في نفسه صادق»([21]).

وقد أشار الحافظ شمس الدين الذهبي (ت748هـ)، إلى هذا التفريق بأن العالم قد يكون علامة ثقة في فن، متروكًا أو ضعيفًا في آخر في قوله: «وما زال في كل وقت يكون العالم إمامًا في فن، مقصرًا في فنون»([22]).

ويشير الحافظ الذهبي بكلامه هذا إلى الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت (ت150هـ) فهو إمام في الفقه ودقائقه([23])، ضعيف في الحديث([24])، فلا يتبادر لذهنك رعاك الله- أن تضعيف علماء الجرح والتعديل للإمام أبي حنيفة تضعيف مطلق هادم لكل معارفه، بل هو مقيد في الحديث فقط، والدليل على ذلك ثناء علماء الإسلام على فقهه، قال الإمام الشافعي(ت204هـ): «الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة»([25])، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية(ت728هـ): «وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين: مالك...، وأبو حنيفة»([26])، وقال الحافظ الذهبي(ت748هـ): «وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك»([27])، وقال الذهبي: «الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه»([28]).

ويشير الحافظ الذهبي بتفريقه السابق أيضًا إلى الإمام قاضي الكوفة وفقيهها وعالمها ومقرئها في زمانه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري(ت148هـ) ، فهذا الإمام مع إمامته في الفقه([29])، ضعيف في الحديث([30])، فلا تعتقد أن تضعيف علماء الجرح والتعديل لابن أبي ليلى تضعيف مطلق فتهدر معارفه، بل هو مقيد في الحديث فقط، والدليل على ذلك ثناء علماء الإسلام على فقهه، قال الحافظ أحمد العجلي(ت261هـ): «كان فقيهًا، صاحب سُنة»([31])، وقال الحافظ أحمد بن يونس(ت227هـ): «كان أفقه أهل الدنيا»([32])، وقال الحافظ الذهبي(ت748هـ): «قاضي الكوفة وفقيهها وعالمها ومقرئها في زمانه»([33]).

قلت: وتبقى مسألة تشيع ابن الكلبي هشام الغالي، هل هذا الانحراف العقدي قادح فيما روى وحرر في أنساب العرب؟

الجواب: لا؛ فقد يصدق الغالي في بدعته، قال الحافظ الذهبي(ت748هـ): «أبان بن تغلب،‏ شيعي‏ جلد،‏ لكنه صدوق»([34])، وقال: «عباد بن يعقوب، رافضي ضال لكنه صادق، وهذا نادر»([35]).

ودليل صدق ماحرره ابن الكلبي هشام في أنساب العرب: ثناء كبار علماء الجرح والتعديل المتقدم والآتي ذكره تحت الشاهد الثالث- بأنه من أعلم الناس بالنسب، وإمامه وعلامته ونسَّابته الأوحد، بل عَدَّه العلماء القدوة في الأنساب والكل عنه نقلوا، قال الحافظ ابن ماكولا (ت475هـ): «ابن الكلبي القدوة في هذا الشأن، والكل عنه نقلوا الأنساب»([36])، وكتابه: «الجمهرة في معرفة الأنساب» عَدَّه العلماء من محاسن الكتب في هذا الفن وأنفعها، بل لم يُصنف في بابه مثله([37]).

الشاهد الثاني
اعتماد علماء الجرح والتعديل على كلام ابن الكلبي هشام في النسب


إن مما يدل على أنَّ الرجل يكون ضعيفًا في الحديث ثقةً في غيره، استشهاد علماء الجرح والتعديل به فيما أتقنه، واعتمادهم عليه فيما أحسنه، كما صنعوا مع النَّسَّابة ابن الكلبي هشام.

فهذا الحافظ الدارقطني (ت385هـ) جرح ابن الكلبي هشامًا وقال بأنه «متروك»، ثم استشهد في كتبه بأقواله في أنساب العرب([38])، فلا يُعد هذا تناقضًا من الحافظ الدارقطني، بل هي على ما قررنا بأن ابن الكلبي هشام متروك في الحديث، ثقة في النسب.

واستشهد الحافظ ابن عساكر(ت571هـ) في كتبه بأقوال ابن الكلبي هشام في أنساب العرب([39])، بالرغم من قوله فيه: «ليس بثقة»، فدل ذلك بأنه يرى: أن ابن الكلبي «ليس ثقة» في الحديث، ثقة في النسب.

وهكذا صنع الحافظ الذهبي (ت748هـ) استشهد في كتبه بأقوال ابن الكلبي هشام في أنساب العرب([40]) ووصفه بأنه: «النَّسَّابة الأوحد»([41])، ومع ذلك أسقطه في الحديث بقوله: «متروك الحديث»([42])، فدل صنيعه بأنه يرى التفريق الذي صرح به آنفًا.

وهكذا استشهد أمير المؤمنين في الحديث في زمانه الحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ) في كتبه بأقوال ابن الكلبي هشام في أنساب العرب([43]) وعدَّه «إمام أهل النسب»([44]) و«عمدة النسابين»([45])، مع علمه بجرح علماء الجرح والتعديل له([46])، فدل صنيعه بأنه يرى: أّنَّ ابن الكلبي هشام علامة ثقة في النسب.

الشاهد الثالث
ثناء علماء الإسلام على ابن الكلبي هشام في النسب

أَنَّ من له عناية بالنسب من علماء الإسلام أثنوا على علم ابن الكلبي هشام في النسب، وأنه إمامه، وعلامته، ونسَّابته الأوحد، والقدوة في هذا الفن، وهذا الثناء صريح بتعديله في هذا الباب، وتخصصه وتميزه في علم النسب، ومن هؤلاء:

الإمام يحيى بن معين(ت233هـ) القائل: «الكلبي هشام، كان من أعلم الناس بالنسب»([47]).

وأثنى عليه الإمام البخاري(ت256هـ) في علم النسب، فقال: «هشام بن محمد بن السائب، أبو المنذر الكلبي عن أبيه، صاحب سمر ونسب»([48]).

والحافظ ابن قتيبة الدينوري (ت276هـ) القائل: «هشام بن محمد بن السائب، كان أعلم النساب بالأنساب»([49]).

والحافظ ابن ماكولا (ت475هـ) القائل: «وابن الكلبي القدوة في هذا الشأن، والكل عنه نقلوا الأنساب»([50]).

والمؤرخ الأديب ابن الأنباري عبدالرحمن(ت577هـ) القائل: «هشام بن محمد، كان عالمًا بالنسب، وكان من أحفظ الناس»([51]).

والمؤرخ النَّسَّابة ابن الأثير الجزري(ت630هـ) القائل: «هشام الكلبي، أشهر علماء النسب وأحفظهم له، وأقلهم وهمًا»([52]).

والمؤرخ ياقوت الحموي(ت626هـ) القائل: «لله در هشام بن محمد الكلبي، ما تنازع العلماء في شيء من أمور العرب، إلا وكان قولُه أقوى حجةً، وهو مع ذلك مظلوم، وبالقوارص مكلوم»([53]).

والمؤرخ الأديب محمد بن أبي بكر التلمساني (ت بعد645هـ) القائل: «أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب: كان أعلم الناس بالأنساب»([54]).

والقاضي المؤرخ ابن خلكان(ت681هـ) القائل: «هشام بن أبي النضر محمد، كان من أعلم الناس بعلم الأنساب»([55]).

وقال الحافظ الذهبي (ت748هـ) القائل: «أبو المنذر هشام العلامة، الحافظ، الأخباري الباهر، النَّسَّابة الأوحد، إلا أنه متروك الحديث، فيه رفض»([56]).

وعَدَّ الحافظ علاء الدين مغلطاي(ت762هـ) ابن الكلبي هشام حجة ومقدم على الآخرين إذا تعارض الناس في نسب الأعيان حينما استدرك على الحافظ المزي، فقال: «وقول المزي: «ومن قال في نسبه شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة فقد وهم»([57]). نظر؛ لأن قائل ذاك من لا يدفع قوله إلا بدليل واضح وهو: هشام بن محمد بن السائب الكلبي في كتابه «الجامع» و «الجمهرة»»([58]).

وأثنى عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852هـ)، فقال: «ابن الكلبي، إمام أهل النسب»([59]) وفي موطن: «عمدة النسابين»([60])، وفي موطن: «ابن الكلبي، يُرجَع إليه في النسب»([61])، وقال في موطن آخر: «وسياق نسب غالب بن عبدالله الكناني الليثي من عند ابن الكلبي أصحّ فإنه أعرف بذلك من غيره، كما أن غيره أعرف منه بالأخبار»([62]).

والحافظ محمد بن مرتضى الزبيدي (ت1205هـ) القائل: «ابن الكلبي، المرجوع إليه في هذا الشأن»([63]).

والعلامة صديق حسن القنوجي(ت1307هـ) القائل: ‏»الذي فتح هذا الباب وضبط علم الأنساب، هو الإمام النَّسَّابة هشام بن محمد بن السائب الكلبي‏«([64]).

الشاهد الرابع
استشهاد علماء الإسلام واعتمادهم على ابن الكلبي هشام في النسب

إن المتتبع لصنيع أهل العلم وما جرى عليه العمل عندهم فيمن أتقن علمًا ولم يتقن الآخر، هو الإفادة مما أتقن بلا نزاع، وهذا من الإنصاف؛ ولهذا استشهدوا في كتبهم بأقوال ابن الكلبي هشام في أنساب العرب بلا تردد، ومن هؤلاء:

الحافظ محمد بن سعد (ت230هـ)([65])، والحافظ خليفة بن خياط(ت240هـ)([66])، والحافظ الزبير بن بكار الزبيري القرشي(ت‏256هـ)([67])، والحافظ محمد بن جرير الطبري(ت310هـ)([68])، والحافظ عبدالله البغوي(ت317هـ)([69])، والعلامة محمد بن الحسن بن دريد الأزدي(ت321هـ)([70])، والحافظ سليمان الطبراني(ت360هـ)([71])، والحافظ علي بن عمر الدارقطني(ت385هـ)([72])، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني(ت430هـ)([73])، والحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي(ت463هـ)([74])، والحافظ ابن عبدالبر الأندلسي(ت463هـ)([75])، والحافظ ابن ماكولا(ت475هـ)([76])، والحافظ ابن عساكر علي بن الحسن(ت571هـ)([77])، والحافظ ابن الجوزي عبدالرحمن(ت597هـ)([78])، والحافظ النووي(ت676هـ)([79])، والحافظ المزي(ت742هـ)([80])، والحافظ علاء الدين مغلطاي(ت762هـ)([81])، وغيرهم.

قلت: وبعد تحريري لهذه المسألة، وقفت على كلام جميل للعلامة الألباني(ت1420هـ) يؤكد التفريق بأن العالم قد يكون علامة ثقة في فن، ضعيفًا في آخر، فقال: «أبو حنيفة -رحمه الله- على جلالته في الفقه قد ضعفه من جهة حفظه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن عدي، وغيرهم من أئمة الحديث([82])، ومما لا شك فيه عندنا أن أبا حنيفة من أهل الصدق، ولكن ذلك لا يكفي ليحتج بحديثه حتى ينضم إليه الضبط والحفظ، وذلك مما لم يثبت في حقه -رحمه الله-، بل ثبت فيه العكس بشهادة من ذكرنا من الأئمة، ولا يمس ذلك من قريب ولا من بعيد مقام أبي حنيفة -رحمه الله- في دينه وورعه وفقهه، خلافًا لظن بعض المتعصبين له من المتأخرين فكم من فقيه وقاض وصالح تكلم فيهم أئمة الحديث من قبل حفظهم، وسوء ضبطهم، ومع ذلك لم يعتبر ذلك طعنًا في دينهم وعدالتهم»([83]).

ويؤكد العلامة الألباني هذا التفريق في عالم آخر بقوله: «محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى -وهو أحد الفقهاء السبعة-، فإذا قلنا: محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى فقيه، لكنه ضعيف الحديث لم يكن هذا طعنًا فيه، وإنما كان وصفًا له وبيان لحاله في رواية الحديث حتى نأخذ حديثه على حذر ونرقيه المرتبة التي يستحقها»([84]).

ووقفت على كلام آخر للعلامة الشيخ عبدالكريم الخضير يؤكد التفريق حينما علق على ثناء الحافظ العراقي وذمه لمحمد بن السائب الكلبي والد هشام، وهذا نصه: «محمد بن السائب الكلبي، علامة في الأنساب، لكنه متفق على ضعفه، بل ضعفه شديد، حتى اتُهم، يعني يمكن أن يوصف الإنسان في باب من الأبواب بأنه علامة، لكن في أبواب أخرى يضعف؛ لأنه اهتم في هذا الباب حتى بلغ فيه الغاية فاستحق الوصف بالمبالغة، لكن لا يمنع أن يكون في أبواب أخرى مُضعف، وهنا أئمة يُقتدى بهم ومع ذلك ضُعفوا في بعض الأبواب:

· محمد بن إسحاق إمام في المغازي، ومضعف في الرواية على خلاف بين أهل العلم في ذلك.

· أبو حنيفة إمام في الفقه والاستنباط والرأي ومع ذلك في حفظه شيء.

· عاصم بن أبي النجود القارئ المعروف إمام في القراءة، ومع ذلك في حفظه شيء بالنسبة للسنة»([85]).

وما يعاب على ابن الكلبي هشام في النسب: روايته عن أهل الكتاب أسماء آباء عدنان وقحطان - جدي العرب- إلى آدم وبعض أنساب العرب في الجاهلية، وإدخالها في أنساب العرب، وهذا أمر استنكره الأوائل، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القرشي(ت23هـ) ¢: «إنما نُنسب إلى عدنان، وما وراء ذلك لا أدري ما هو»([86]).

وهكذا توقفت العالمة بأنساب العرب أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق القرشية(ت58هـ) ~ في رفع نسب العرب إلى عدنان، فقالت: «استقام نسب الناس إلى معد بن عدنان»([87]).

وهكذا جزم التابعي عروة بن الزبير القرشي(ت93هـ)¢ برفع النسب إلى عدنان فقط، فقال: «ما وجدنا أحدًا يعرف ما وراء معد بن عدنان ولا قحطان إلا تخرصًا([88])»([89]).

وممن استنكر رواية ابن الكلبي هشام وغيره عن أهل الكتاب: الحافظ محمد بن سعد(ت230هـ)، فقال: «وهذا الاختلاف في نسبة معد -ابن عدنان- يدل على أنه لم يُحفظ، وإنما أُخذ ذلك من أهل الكتاب وترجموه لهم فاختلفوا فيه، ولو صح ذلك لكان رسول الله ^ أعلم الناس به»([90]).

والعلامة الأخباري محمد بن سلَّام الجمحي(ت231هـ)، فقال: «ما فوق عدنان أسماء لم تؤخذ إلا عن الكتب، والله أعلم بها، لم يذكرها عربي قط»([91]).

ويبرر المؤرخ الدكتور جواد علي العراقي(ت1408هـ) رفض العَالِـمَيْن ابن سعد والجمحي لمرويات أهل الكتاب بأن أكثر هذه الأسماء الواردة في عمود نسب «عدنان» محرفة، وكانت غير موجودة في التوراة، وإنما هي أسماء عبرانية ممسوخة أحيانًا، فإن هذا يدل على أن الرواة اليهود الذين كانوا يتحدثون بمثل هذه الأمور إلى ابن الكلبي ومحمد بن إسحاق وغيرهما ممن مال إلى الأخذ منهم، كانوا إما جهلة بما يتحدثون به، وإما كذابين أو ممن كانوا يحاولون التقرب إلى المسلمين بهذه التلفيقات لمآرب خاصة، أو ادعاءً للعلم, غير أننا لا نستطيع أن نبرئ هؤلاء الرواة أنفسهم من وصمة الجهل أو الكذب، ولا سيما أن الكلبي الذي تفرد برواية معظم هذه الأخبار. الجائز أنه كان يلجأ إلى أهل الكتاب ليأخذ منهم ما عندهم، ومن الجائز أنه كان يضيف إليها، أو يخترع من عنده؛ ليتحدث به إلى الناس، وإلا فإن من الصعب صدور هذا الخلط من رجل ثقة يعي ما يقول([92]).

قلت: لم يَرْمِ علماء الإسلام ابن الكلبي بالوضع أو الزيادة فيما يرويه، فلا يُلتفت إلى قول الدكتور جواد بأنه: «من الجائز أن يضيف ابن الكلبي إلى ما يرويه عن أهل الكتاب أو يخترع من عنده»، فهذه تهمة لم يأتِ بدليلها من أقوال السلف، وكيف يحكم على رجل في القرن الثاني الهجري بأنه وضاع أو مدلس ولم يدركه!! بل لا عبرة بكلامه بعد تعديل الحافظ يحيى بن معين(ت233هـ) والحافظ ابن ماكولا(ت475هـ) والحافظ الذهبي(ت748هـ) والحافظ ابن حجر العسقلاني(ت852هـ) القائلين بأنه: «من أعلم الناس بالنسب، وإمامه، وعلامته، ونسَّابته الأوحد، والقدوة في هذا الشأن»([93]).

ولعل الدكتور جوادًا اعتقد أن جرح علماء الجرح والتعديل لابن الكلبي هشام جرح مطلق، لذلك غمز ابن الكلبي بالوضع والزيادة فيما يرويه، والصواب -كما أسلفت- أن جرح العلماء لابن الكلبي جرح مقيد في الحديث، لا النسب.

نعم «روى ابن الكلبي عن أبيه، ومعروف -مولى سليمان-، والعراقيين العجائب والأخبار التي لا أصول لها»([94])، بيد أنه لم يُرم بوضعها، وهكذا روى علماء الإسلام المتقدمون في كتبهم عجائب وغرائب من الأخبار والآثار وعن أهل الكتاب فيها الضعيف والمنكر([95])، ومنهم: الإمام الحافظ محمد بن جرير الطبري(ت310هـ)، ومع هذا لم يرمه علماء الإسلام بالوضع أو الزيادة فيما يرويه، بل هو لديهم ثقة صدوق([96]).

ثم قال الدكتور جواد: وقد استغل نفر من أهل الكتاب مثل اليهودي التدمري أبي يعقوب، الذي أسلم كما يقول الرواة، هذا الجشع الذي ظهر بين أهل الأخبار في البحث عن الأنساب القديمة، أنساب أجداد العرب القدامى، فصنعوا ما صنعوا من أسماء عليها مسحة توازنية، قدموها إليهم على أنها مذكورة في التوراة، وقد أخذها الرواة على عادتهم من غير بحث ولا مراجعة للتوراة، وما الذي يدفعهم إلى البحث والمراجعة، فإن كل ما يطمعون به ويريدونه هو الحصول على مادة يظهرون بها على أقرانهم من أهل الرواية والأخبار.

ولم يرد اسم «عدنان» في النصوص الجاهلية، ولا في المؤلفات «الكلاسيكية», أما في الشعر الجاهلي، فقد ورد في شعر ينسب إلى «لبيد»، وفي شعر آخر ينسب إلى «عباس بن مرداس». ولم يجاوز أبناء نزار في أنسابها وأشعارها عدنان، اقتصروا على معد، ولم يذكر عدنان جاهلي قط غير لبيد([97]).

وفي الختام: أرجو أن أكون قد وفقت في إزالة اللبس الذي وقع لدى بعض طلبة العلم في قبول أقوال العلامة النَّسَّابة ابن الكلبي هشام في النسب، وأن العالم قد يكون علامة ثقة في فن، ضعيفًا في آخر، وأن من جرح ابن الكلبي هشامًا من العلماء توجه جرحه في روايته للحديث النبوي، لا النسب الذي هو فارسه وإمامه.

والله أسأل أن ينفع بهذه الرسالة، وبسائر ما كتبت إنه سميع الدعاء.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب

أبو هاشم إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير

ص. ب: 10403 جـدة 21433

المملكة العربية السعودية

البريد الإلكتروني: hashemi89@hotmail.com

12/12/1434هـ

الحواشــــــي:

([1]) وممن رغب في تحرير هذه المسألة الابن النجيب الباحث الشريف محمد بن خضر الراجحي الحسني.

([2]) «العبر في خبر من عبر» (1/271).

([3]) «لسان الميزان» (8/339).

([4]) «الضعفاء» للعقيلي (4/78)، «المجروحين» (2/264).

([5]) «سؤالات أبي إسحاق إبراهيم الجنيد» (ص179).

([6]) «العلل ومعرفة الرجال» (2/31)، «تاريخ مدينة السلام» (16/70).

([7]) «المجروحين» (2/439).

([8]) «ميزان الاعتدال» (4/304)، «تاريخ الإسلام» (5/211)، «لسان الميزان» (8/338).

([9]) «ميزان الاعتدال» (4/304)، «سير أعلام النبلاء» (10/101)، «لسان الميزان» (8/338).

([10]) ينظر: «الكامل في ضعفاء الرجال» (7/110)، «الضعفاء الكبير» (4/339)، «الضعفاء والمتروكون» (3/176).

([11]) «سؤالات أبي إسحاق إبراهيم الجنيد» (ص179).

([12]) «تهذيب مستمر الأوهام» (ص190).

([13]) «تاريخ الإسلام» (5/211)، «العبر في خبر من عبر» (1/271).

([14]) «فتح الباري» (6/535).

([15]) «سؤالات أبي إسحاق إبراهيم الجنيد» (ص179).

([16]) «لسان الميزان» (8/339).

([17]) «الضعفاء» للعقيلي (4/78)، «المجروحين» (2/264).

([18]) «العلل ومعرفة الرجال» (2/31)، «تاريخ مدينة السلام» (16/70).

([19]) «الكامل» لابن عدي (7/110).

([20]) «ميزان الاعتدال» (2/91).

([21]) «ميزان الاعتدال» (1/558).

([22]) «سير أعلام النبلاء» (5/260).

([23]) «سير أعلام النبلاء» (6/390، 392، 403).

([24]) «الطبقات الكبير» (8/489)، «التاريخ الكبير» (8/81)، «الجرح والتعديل» (8/449)، «تاريخ مدينة السلام» (15/543-586)، «ديوان الضعفاء» (ص411)، «السلسلة الضعيفة» تحت رقم (458).

([25]) «سير أعلام النبلاء» (6/403).

([26]) «منهاج السنة» (2/316).

([27]) «سير أعلام النبلاء» (6/392).

([28]) «سير أعلام النبلاء» (6/403).

([29]) ينظر: «طبقات الفقهاء» (ص85)، «وفيات الأعيان» (4/179)، «سير أعلام النبلاء» (6/310)، «تاريخ الإسلام» (3/967).

([30]) ينظر: «الجرح والتعديل» (1/151)، «المجروحين» (2/251)، «الكامل في ضعفاء الرجال» (6/183)، «المغني في الضعفاء» (ص360).

([31]) «تاريخ الثقات» (ص407).

([32]) ينظر: «تاريخ الإسلام» (3/967).

([33]) ينظر: «تاريخ الإسلام» (3/967).

([34]) «ميزان الأعتدال» (1/5).

([35]) «تاريخ الإسلام» (3/416).

([36]) «تهذيب مستمر الأوهام» (ص190).

([37]) «وفيات الأعيان» (6/82، 83)، «مرآة الجنان» (2/23).

([38]) ينظر: «المؤتلف والمختلف» (1/162، 184، 215، 221، 229، 237، 242) (2/552، 555، 557، 574، 619، 623، 658، 678) وله رواية في بقية أجزاء كتابه.

([39]) ينظر: «تاريخ دمشق» (1/7، 21، 32) (2/407) (3/51، 56، 57، 58، 59، 78، 100، 104، 115) وله رواية في بقية أجزاء كتابه.

([40]) ينظر: «تاريخ الإسلام» (1/481) (2/120، 122، 419)، «سير أعلام النبلاء» (2/571، 578).

([41]) «سير أعلام النبلاء» (10/101).

([42]) «العبر في خبر من عبر» (1/271).

([43]) ينظر: «الإصابة» (1/15، 19، 24، 25، 34، 43، 57، 58، 60، 62، 64) وله رواية في بقية أجزاء كتابه.

([44]) «فتح الباري» (6/535) قوله باب مناقب قريش.

([45]) «الإصابة» (1/325).

([46]) «لسان الميزان» (8/338).

([47]) «سؤالات أبي إسحاق إبراهيم الجنيد» (ص179).

([48]) «التاريخ الكبير» (6/200)؟؟

([49]) «المعارف» (ص536).

([50]) «تهذيب مستمر الأوهام» (ص190).

([51]) «نزهة الألباء» (ص75، 76).

([52]) «اللباب في تهذيب الأنساب» (1/12).

([53]) «معجم البلدان» (2/188).

([54]) «الجوهرة في نسب النبي^» (1/468).

([55]) «وفيات الأعيان» (6/82).

([56]) «سير أعلام النبلاء» (10/101)، «تاريخ الإسلام» (5/211)، «العبر في خبر من عبر» (1/271).

([57]) «تهذيب الكمال» (12/604).

([58]) «إكمال تهذيب الكمال» (6/311)

([59]) «فتح الباري» (6/535).

([60]) «الإصابة» (1/325).

([61]) «الإصابة» (1/61).

([62]) «الإصابة» (5/318).

([63]) «تاج العروس» (17/323).

([64]) «أبجد العلوم» (ص303).

([65]) ينظر: «الطبقات الكبير»: (3/363، 388، 420، 446) (4/199) (6/275) (9/37) (10/48) وله روايات أخرى في بقية أجزاء كتابه.

([66]) «تاريخ خليفة» (ص3، 66، 67، 70، 76، 98، 115، 232)، «الطبقات» لخليفة (ص120، 126، 130، 135، 141، 167، 207، 208، 209، 343، 345).

([67]) ينظر: «الأخبار الموفقيات» (ص264، 359).

([68]) ينظر: «تاريخ الطبري» (2/239، 247، 250، 252، 254، 255) وله روايات أخرى في بقية أجزاء كتابه.

([69]) ينظر: «معجم الصحابة» (2/42)، (2/138)، (5/100).

([70]) ينظر: «الاشتقاق» (ص58، 67، 316، 380، 492، 520، 524، 541).

([71]) ينظر: «المعجم الكبير» (3/243) (8/33).

([72]) ينظر: «المؤتلف والمختلف» (1/162، 184، 215، 221، 229، 237، 242) (2/552، 555، 557، 574، 619، 623، 658، 678) وله رواية في بقية أجزاء كتابه.

([73]) ينظر: «معرفة الصحابة» (1/421) (2/928، 1039) (4/1885، 1886).

([74]) ينظر: «تلخيص المتشابه» (1/558، 765)، «الأسماء المبهمة» (ص354، 356)، «المتفق والمفترق» (ص143).

([75]) ينظر: «الاستيعاب» (ص310، 437، 720، 745).

([76]) ينظر: «تهذيب مستمر الأوهام» (ص69، 70، 82، 91، 100، 107، 134، 135، 136، 141، 191، 240).

([77]) ينظر: «تاريخ دمشق» (1/7، 21، 32) (2/407) (3/51، 56، 57، 58، 59، 78، 100، 104، 115) وله رواية في بقية أجزاء كتابه.

([78]) ينظر «المنتظم» (2/198، 210، 216، 230، 231، 237، 240، 241)، «تلقيح فهوم أهل الأثر» (ص127).

([79]) ينظر: «تهذيب الأسماء واللغات» (ص892)، «شرح صحيح مسلم» (1/189) (10/110) (12/94 ، 113).

([80]) ينظر: «تهذيب الكمال» (24/206) (34/366).

([81]) ينظر: «إكمال تهذيب الكمال» (2/285) (3/63) (6/311، 384) (7/313) (9/288، 333).

([82]) «السلسلة الضعيفة» (1/572)

([83]) «السلسلة الضعيفة» (1/665-666).

([84]) «سلسلة الهدى والنور» شريط رقم (397).

([85]) «شرح ألفية العراقي» الدرس الصوتي (48).

([86]) «الإنباه على قبائل الرواة» (ص43).

([87]) الأثر في «المعجم الأوسط» برقم (8249)، وحسنه الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (6/529).

([88]) تخرصًا: أي كذبًا. «لسان العرب» مادة «خرص».

([89]) «الطبقات الكبير» (1/40)، «الإنباه على قبائل الرواة» (ص43).

([90]) «الطبقات الكبير» (1/40).

([91]) «طبقات فحول الشعراء» (1/10-11).

([92]) «المفصل في تاريخ العرب» (1/379).

([93]) «تهذيب مستمر الأوهام» (ص190)، «تاريخ الإسلام» (5/211)، «العبر في خبر من عبر» (1/271)، «فتح الباري» (6/535).

([94]) «المجروحين» (2/439).

([95]) ينظر: «الإسرائيليات في التفسير والحديث»، لمحمد حسين الذهبي، «الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير», لمحمد بن محمد أبو شهبة، «الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير», لرمزي نعناعة.

([96]) «ميزان الاعتدال» (3/499).

([97]) «المفصل في تاريخ العرب» (1/379).

بواسطة : hashim
 0  0  17777
التعليقات ( 0 )

-->