السيد الحسين بن مهدي النعمي
[1139هـ/1187هـ]
للسيد الشريف أحمد بن عيسى النعمي
[1139هـ/1187هـ]
للسيد الشريف أحمد بن عيسى النعمي
هو السيد العلامة المتبحر في العلوم النقلية والعقلية، شرف الإسلام وعمدة العلماء الأعلام أبي محمد، الحسين بن مهدي بن عز الدين بن علي بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن محمد بن عيسى بن محمد بن سليمان بن محمد بن سالم بن يحيى بن مهنا بن سرور بن نعمة بن علي بن فليتة بن الحسين بن يوسف بن نعمة الأكبر بن علي بن دواد بن سليمان بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ،النعمي الحسني، فهو إمام الفضل بلا نكير والخضم الزاخر الغزير .
ولد رحمه الله، بمدينة صبيا المحمية، في سـنةتسع وثلاثين ومـائة بعـد الألف
( 1139 هـ ) ، ونشأ في حجر والده العلامة مهدي بن عز الدين النعمي ، وقرأ القرآن العظيم بها ولما ترعرع وقارب سن التكليف رحل إلى مدينة صنعاء وكان ممن تعلم على يده السيد العلامة الكبير محمد بن إسماعيل الصنعاني وأخذ من غيره ، فاقبل على العلم إقبالاً عظيماً ، ونال منه منالاً وافراً جسيماً ، وحقق في علوم الآلات وهي النحو والصرف والمعاني والبيان ، والأصول ، ثم أنعطف على درس أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، فبلغ منها غاية السؤل ونهاية المأمول واطلع على الأسانيد ، وزاحم الأكابر فكان منهم كالعقد في الجيد ، وبلغ رتبة الاجتهاد ، وحذا حذوالجهابذة النقاد ، حتى رحل إليه الطلبة للاستفادة من أقاصي البلاد ، وصار أمة وحده لا يتقيد بمذهب غير الدليل ، ولا يعمل إلا بما نطقت به صرائح سنن التنزيل .
وبالجملة فإنه فاق الأقران ، وأضحى عظيم المنزلة والشأن ، وأعجز معاصريه عن معارضة رسائله المزرية بعقود الجمان .
ولقـد أرسـله الشـريف ظـافـر إلى مكـة ومعـه كتاباً إلى شريف مكة ، فوصل إلى الشريف وخاض معه بما عرفه به الإمام ، ثم توجه إلى الشام وسلم تلك الخطوط إلى أربابها ورجّح للشريف ظافر التوجه إلى حضرة الإمام فوافقه على ذلك وكان ذلك في سنة خمس وسبعين ومائة بعد الألف للهجرة النبوية .
وأقام بمدينة صنعاء والياً عهدة الاحتساب عن أمر إمام الزمان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ورزق حظاً من الخليفة عظيماً ، ونال من المواهب الربانية قسماً جسيماً .
ثم تزوج هنالك وأولد ، وأقام بأحسن منزل وأكرم مقعد .
فكم له من رسائل تشتمل على رد وإيراد معضودة بأدلة نيرة البرهان لا يعدل عنها إلا سقيم الفهم أو متوغل في العناد . منها المؤلف الموسوم بـ ( معارج الألباب في مناهج الحق والصواب ) جعله رداً على المفتين بمكة المشرفة من أهل المذاهب الأربعة .
وأصل ذلك أن العلماء بصنعاء كالسيد الإمام الكبير محمد بن إسماعيل والسيد الحسين المذكور وغيرهما من الصدور ، أوجبوا على الخليفة المهدي لدين الله الأمر بهدم قباب الأولياء ومشاهدهم بأرض اليمن ، فهدموا كثيراً منها في ذلك الزمن فوقع الإنكار عليهم بعض من الشافعية بزبيد ، ووجهوا سؤالا إلى علـماء مكة المشـرفة فحـصل الجواب على ذلك السؤال من المفتين ( على تلك المذاهب ) بإنكار ذلك الهدم ، وأصلوا لما قالوه أصولا فقهية على القواعد الفرعية .
فلما أطلع السيد الحسين على تلك الأجوبة تجرد للرد عليهم وألف هذا المؤلف الذي جعله في حكم الرسالة ورد جميع ما أورده بوضوح الأدلة ، وبين لهم العدول والعلة .
فلما اطلعوا عليه لم ينطقوا ولا ظهر عليهم شيء من أنوار المعرفة وحقيقتاً المؤلف من قرأه واطلع عليه وجد فيه فوائد جمة ، وعلوم مهمة ، وأقوال ملمة ، وقد قرض له الشيخ العلامة عبد الرحمن البهكلي بقوله :
أرأيت أم هل كنت تعهد شخــصاً كمـولانا الممـجد
الحـبر سيدنا الحسيـ ـن إمام من في العصر وحـد
وأجل مخـدوم وأكــ ـرم فاضل في الناس يوجـد
فعليه من بين الأفــا ضـل خنــصر الأعداد تعقد
وتــراه إن هز اليرا ع مـوفـقاً فـي كـل مقصد
ويقيم بالبرهان حـجـ ـته فــدع مـن قــال قلد
فـدلـيلهُ نـص الكتـا ب وما تـواتر عـن محـمد
لا يقـبـل التعلـيـل إلاّ بالـدلـيل فــلا يفــنــّد
وإذا تــأول قــائـل للنـص قــال الـرشـد أبعد
هــذي سجـيته فـلا يثـنيه مــن عـانى وأجهد
يــا جـاهلا مقـداره خـل الغــباوة يــا مبـلد
فمعـارج الألباب تخبـر أنـه فـي الــناس مفـرد
فاقرأ لها وارقى مراتبـ ـها العلـية كـي تســدد
واقرأ السلام عـلى الذي لعقودها بالحــق نضــّـد
لازال يقــهر خصـمه بــأدلــة تملى وتســرد
عـن خيـر خلق الله لا عـن مـن لها بالرسم والحد
يـا مـن يـريد حجاجه خفـّض عليك عـساك ترشد
هـل من يهز عصاً كمن فـي الحـرب ينتضي المهند
أم هل ترى البلور يصـ ـدم صخـرة صــماء جلمد
ثـم الصـلاة على النبـ ي وآلـه الأطـــهار عن يد
ورد على البهكلي بقولـه ( ومحبكم لا يحسن إجادة الشعر ، وإن أتعبت القريحة في نظمه ربما سمحت بقبضة من شعير ). وله رسالة أسماها "مدارج العبور على مفاسد الأمور".
ولما بني المهدي العباسي مسجد القبة اسفل صنعاء جعله إماماً للصلاة فيه، وقرأ بالقبة في كتب السنة ، وكثر الآخذون عنه من الخاصة والعامة ، وعملوا بالسنن ، من رفع اليدين عند الركوع والرفع ، وقبضهما على الصدر ، وتأمين الإمام والمأموم وغيرها من السنن في الصلاة فحسده بعض الفقهاء ودسوا إلى القبائل حاشد وبكيل وقاضيهم حسن بن أحمد البرطي ، انه أي السيد الحسين والسيد محمد بن إسماعيل الأمير خالفا المذهب ، فوصلت رسالة منهم إلى المهدي ، وإلى بعض الحكام وعرضت على علماء صنعاء وعلماء مدينة ذمار ومدينة حُوث ، فأجاب العلماء في المدن المذكورة بجوابات مقنعة ، وحرر البدر الأمير الصنعاني رسالة ذكر فيها من قال بالتأمين من أهل البيت ، وأجاب صاحب الترجمة عن المعترضين وأطال الكلام فقنعوا بالجواب ...
ثم أستمر المترجم له على الإقراء في كتب السنة ، والعمل بها مبجلاً محترماً ونزل إلى أبي عريش للإصلاح بين شريفها والمهدي وعاد إلى صنعاء .
ولقد مدحه العلامة أحمد قاطن بقصيدة طويلة منها :
وبصبيا محلهم مهبط العلم الشريف العزيـز بالرجال
منهم السيد الإمام المفدى الحسين النعمي بدر الكمال
بحر علم وطود حلم وفهم وزكي الأقوال والأفــعال
وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة وألف ( 1187هـ ) بمدينة صنعاء المحمية وخلفه على وظيفته تلميذه السيد التقي يحيى بن حسين الكبسي وطريقته طريقة شيخه رحمهما الله تعالى.