مؤرخـــــــــو جـــــــــــُدَّة
عدنان عبدالبديع اليافي
الأربعاء 17/04/2013
بالرغم من أن جُدَّة هي إحدى أقدم مدن الجزيرة العربية إلا أن تاريخها قبل ظهور الإسلام لا يزال مغمورًا. ولا نعرف إلى الآن عن تلك الحقبة الزمنية إلا ما جاء في بعض الروايات التاريخية، أو ما أمكننا استنتاجه من الاكتشافات الأثرية الحديثة، أو ما ذكره بعض الرحالة والمؤرخون في اشارات هنا أو هناك في سجلاتهم المكتوبة.عدنان عبدالبديع اليافي
الأربعاء 17/04/2013
واذا ما استثنينا مقولة إن جُدَّة ربما كانت مسرحًا لحياة أم البشر (حواء) أو أنها حاضنة لرفاتها، (ونستثني ذلك نظرًا لصعوبة إثبات ذلك القول الذي لو صح لأعطى لجُدَّة الأسبقية في الاستيطان البشري على غيرها من البلدان)، فإننا سنتجه إلى البحث عن دلائل أخرى للتأكد من قدم جُدَّة والتعرف على قبسات من ماضيها وومضات من تاريخها.
وتأتي الاكتشافات الأثرية الحديثة في مقدمة هذه الدلائل التي تمدنا بمعلومات تذهب بتاريخ الاستيطان البشري حول جُدَّة إلى أعماق التاريخ. فعلى سبيل المثال ورد في نقش ثمودي عُثِرَ عليه في «وادي بويب» على بعد 15 كيلومترًا شمال شرقي جُدَّة، تضرع يطلب فيه «ناقشه الثمودي» من الله عز وجل أن يمنحه الكمال والود والسلام، ويذكر هذا الناقش الثمودي الذي يبدو أن اسمه «هو ساكت بن يعشن» أن إنسانًا اسمه أو اسمها (جمأت) (جمعة) أصيبت بالحمى (1). من هذا يستنتج الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري -رحمه الله- أن الثموديين نزلوا جُدَّة قبل قضاعة أو معها أو بعدها (2).
ومن المعروف أن بعض المصادر تشير إلى أن قبيلة قضاعة استوطنت جُدَّة بل واستخدمتها كميناء لها قبل أن تسكن بها، وإلى أنهم كانوا يبحرون من جُدَّة بسفنهم إلى الحبشة وإلى الشمال والجنوب ومن ثم يذهبون إلى الشرق إلى ديار فارس ويرجعون منها (3).
ولقد أورد ياقوت الحموي ما قاله أبوالمنذر من أنه لما تفرقت الأمم عند تبلبل الألسن، صار لعمرو بن معد بن عدنان وهو قضاعة لمساكنهم ومراعي أغنامهم جُدَّة من شاطيء البحر وما دونها إلى منتهى ذات عرق الى حيز البحر من السهل الى الجبل فنزلوا وانتشروافيها وكثروا بها(4). كما اورد ياقوت أيضًا أن أبا المنذر قال: «بجُدَّة ولد جُدَّة بن حزم بن ريان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة (5) فسُمى حفيد قضاعة هذا، جُدَّة باسم الموضع(6).
ويشير عبدالقدوس الأنصاري في موسوعته عن تاريخ مدينة جُدَّة: «أنه إذا ما تذكرنا أن قضاعة - على رأي - هو الابن الثاني لمعد بن عدنان، والأول هو نزار، وتذكرنا أن معدًا هو الجد التاسع عشر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حينئذٍ ندرك قِدم اتخاذ جُدَّة منزلًا لقضاعة وأبناؤه (7).
كما ينقل عبدالقدوس الأنصاري في (تاريخ مدينة جُدَّة) أن من رواد جُدَّة قديمًا عمرو بن لحي، بحسب رواية هشام بن محمد السائب الذي يقول: إن أبوخزاعة عمرو بن لحي أتى إلى شط جُدَّة (8). ويقول الأنصاري: إن هذا دليل على أن جُدَّة كانت مأهولة بناس أقدم من الفرس وأنهم كثيرون(9). وفي الفترة التي سبقت ظهور الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم كانت جُدَّة معروفة لأهل مكة بل كانت فرضة مكة الوحيدة ثم أصبحت الشعيبة ميناء لمكة المكرمة في الفترة ما بين سنة9 وسنة 26 للهجرة ومع ذلك بقيت جُدَّة كميناء رديف لمكة المكرمة خلال تلك الحقبة(10).
وقد ورد ذكر جُدَّة في خبر تسقيف الكعبة المشرفة حينما رمى البحر بسفينة إلى جُدَّة. عن ذلك يقول مؤرخ جُدَّة الشيخ أحمد الحضراوي -رحمه الله- إن قريشًا حين بنوا الكعبة المشرفة في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان البحر قد رمى بسفينة إلى ساحل جُدَّة - أي الذي به جُدَّة الآن - وكانت تلك السفينة لملك الروم قيصر، يُحمل له فيها الرخام والخشب والحديد، فلما بلغت مرساها من جُدَّة بعث الله عليها ريحًا فحطمها، فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إلى السفينة فابتاعوا خشبها(11). وكانت قريش في الماضي تستخدم جُدَّة مستودعًا تجاريًا لها، وحينما أسر المسلمون نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب في بدر، طلب منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يفدي نفسه برماحه التي كان يخزنها بجُدَّة وكانت ألف رمح ففعل(12).
وفي العهد الإسلامي وجدت جُدَّة بعض العناية من عدد من المؤرخين المتقدمين والمتأخرين. ومن أسباب تلك العناية:
1- أن جُدَّة أصبحت مرة أخرى ميناء لمكة المكرمة عام 26هـ وثغرًا يرابط فيه لحماية البلد الأمين.
2- أنها أصبحت خزانة لمكة ومورد أساسي من موارد رزقها فعرفت باسم خزانة مكة، كما جاء في تاريخ الفاكهي، وخزانة الحرم كما بين الشاعر العجلي، أحد سكانها في العهد العباسي خلال النصف الأول من القرن الهجري الثاني الذي قال:
وأنا الفتى العجلي، جُدَّة مسكني
وخزانة الحرم التي لا تُجهل(13).
3- ما ورد من أنها كانت مسرحًا لحياة أم البشر أو حضانة لرفاتها، حيث يذكر الفاكهي في رواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن قبر حواء بجُدَّة.
كما يروي الرحالة ابن جبير في رحلته أنه شاهد خلال إقامته في جُدَّة ما يُقال إنه قبر (حواء) رحمها الله، أو أنه الموضع الذي نزلت به.
4- تزايد عدد المسلمين الذين أصبحوا يأتون بحرًا إلى جُدَّة في طريقهم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج أو مناسك العمرة، بعد أن أصبحت جُدَّة ميناءً هامًا على البحر الأحمر تقصده كثير من السفن التجارية والتي كانت تجلب الركاب إليها.
ولهذه الأسباب وغيرها وجدت جُدَّة عناية من بعض مؤرخي المدن الاسلامية، وخاصة مؤرخي مكة كالأزرقي والفاكهي والفاسي ومن جاء من بعدهم، وغيرهم. كما حرص كثير من الرحالة الذين كانوا يفدون إلى مكة عن طريق ميناء جُدَّة أن يسجلوا شيئًا مما شاهدوه بجُدَّة. ومن أقدم هؤلاء الرحالة، المقدسي، وناصر خسرو علي، وابن جبير، وابن المجاور، وابن بطوطه وغيرهم من أصحاب الرحلات. وهناك مؤرخون كتبوا الكثير عن جُدَّة في كتب لم تفرد لها بل عُنيت تلك الكتب بتاريخ عدة مدن من المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية الرئيسية مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وينبع وغيرها بالإضافة إلى مدينة جُدَّة. وأقول: إن هؤلاء المؤرخين يعتبرون أيضًا من مؤرخي جُدَّة وإن لم يفردوا كتبهم تلك لها. من هؤلاء المؤرخين الشيخ محمد علي مغربي المتوفى سنة 1417هـ - 1996م -رحمه الله- (14). وقد أصدر المغربي عدة كتب تعني بالتاريخ والحياة الاجتماعية في مدن الحجاز منها:
1- لمحات من تاريخ الحجاز قبل الإسلام، والذي صدر عام 1414هـ.
2- ملامح الحياة الإجماعية في الحجاز في القرن الرابع عشر الهجري. وقد صدرت طبعته الثانية عام 1405هـ-1985م.
3- أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر الهجري. وقد صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب الذي جاء في أربعة أجزاء، عام 1405هـ-1985م.
كما قام بعض من مشاهير الكتاب في جُدَّة بتسجيل ذكرياتهم عن مدينتهم في كتب أصدروها بعناوين مختلفة مثل كتاب (بعض الأيام بعض الليالي) وهو عبارة عن أطراف من قصة حياة الدكتور عبدالله مناع وأصدره المناع عام 1429هـ-2008م. وقد أصدر الدكتور عبدالله مناع كتابًا آخر عن ذكرياته في جُدَّة وسمه (تاريخ مالم يؤرخ). وقد صدر هذا الكتاب عام 2011م.
كما أفرد بعض البلدانيون الأوائل الكلام عن تاريخ جُدَّة في كتبهم. ومن أقدم من عُرف عنهم إفرادهم كتابًا عن هذه المدينة، المؤرخ ابن ظهيره المتوفى -رحمه الله- عام 940هـ والمؤرخ ابن فهد المكي المتوفى -رحمه الله- عام 954هـ:
1- ابن ظهيره المكي (المتوفى سنة 940هـ):
ينتسب آل ظهيره إلى قريش، وهم من أعرق الأسر المكية في العلم ووظائف التدريس والأمامة والقضاء، ومنهم الشيخ صلاح الدين محمد بن محب الدين ابن السعود ابن ظهيره المكي الشافعي، المتوفى سنة أربعين وتسعمائة. وقد تولى هذا العالم الجليل -رحمه الله- القضاء في جُدَّه فترة من الزمن، وكان على جانب من الفضل والعلم. ومن مؤلفاته:
* «الأخبار المستفادة في من وُلى مكة المكرمة من آل قتادة».
* «جامع الجواهر».
* «تأريخ لمدينة جُدَّة».
ولا يعرف أي شيء عن تأريخيه لمدينة جدة، سوى ما نقله عنه ابن فرج، ثم من بعده الحضراوي، قائلين: (ذكره القاضي صلاح الدين ابن ظهيره الشافعي، قاضي جُدَّة، في تأريخه جُدَّة ومنه نقلت) (15).
2- ابن فهد المكي (المتوفى -رحمه الله- سنة 954هـ):
هو جار الله محمد بن عبدالعزيز بن عمر بن محمد بن فهد الهاشمي(891هـ - 954هـ) .
وقد أقام هذا المؤرخ المكي بجُدَّة مدة من الزمن وتولى بعض الأعمال القضائية والافتائية فيها، وألف رسالة في فضلها وأحوالها تتضمن لمحات واضحة من تاريخها. وقد قال الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - في مقال بمجلة العرب: «إن رسالة ابن فهد هذه تقع في بعض صفحات، قال في أولها بعد البسملة (ذكر شيء من فضل جُدَّة، وشيء من خبرها). وأشار ابن فهد في الرسالة إلى أن الملك المظفر جدد جامعها العتيق، وأن الملك الأشرف الغوري والسلطان العثماني في عهده (ابن فهد) عمراه، وعمره غيرهم آخرون. وبين أن آخر عمارة لهذا المسجد كانت في سنة 947هـ. وذكر أخبارًا تتعلق بعمارته، وأشار إلى أنه كان في هذه المدينة في عهده ثلاث جوامع تقام فيها الجمعة وقال: (وفي جُدَّة آثار قديمة تدل على قدم اختطاطها، وأنها كانت مدينة كبيرة).
ويستمر الجاسر في نقله لرسالة ابن فهد فيقول: إن ابن فهد قال: «إن بها (جُدَّة) سور متقن البناء عرض حائطه عشر أشبار وله أربعة أبواب، باب الدومة وباب المدبغة وباب مكة، وباب الفرضة مما يلي البحر».
وفتح ابن فهد رسالته - بحسب الجاسر - بقوله: (وبخارجها الآن مصانع قديمة بها أجباب معقودة في الحجر الصلب متصل بعضها ببعض، تفوت الاحصاء كثرة، وفي البلاد دور كثيرة بناؤها من الحجر الكاشور، ويجتمع فيها من أطراف العالم للربح المشكور والمتجر المعمور من ديار مصر والعرب والهند واليمن والعجم، خصوصًا في قيام الموسم الهندي المتجدد في هذه السنين (يعني في وسط القرن السابع)، فيباع فيه من البضائع المجلوبة والأمتعة المنتخبة ما لا يحصيه الا الله تعالى، وفيها نواب من صاحب مكة. والله أعلم بحقائق الأمور وعليه التكلان».
وقد قال الشيخ حمد الجاسر: إن هذه الرسالة غير مسماة، وإن كثيرًا مما فيها منقول عن ابن المجاور، وإن لم يصرح كاتبها بذلك.
ويقول الجاسر أيضًا: إن رسالة ابن فهد هذه موجوده في مكتبه برلين تحت رقم 6063 ثم نُقلت اثناء الحرب العالمية إلى إحدى مكتبات المدن الألمانية وأنه -رحمة الله - كان لديه نسخة منها. وأقول: إن الباحث قاسم هاشم حسين علي قد قام مؤخرًا بتحقيق رسالة (فضل جُدَّة وأحوالها وقربها من مكة) وأصدرها في عام 1433هـ-2012م.
3- ابن فرج (المتوفى سنة 1010):
وللشيخ عبدالقادر بن احمد بن محمد بن فرج الشافعي الخطيب في جُدَّة رسالة عن جُدَّة هي كتاب (السلاح والعدة في تاريخ بندر جُدَّة). وتشمل هذه الرسالة على مقدمة في بضعة سطور في سبب تسمية جدة. والفصل الأول من الرسالة في فضل جُدَّة وما ورد فيه من الأخبار. والفصل الثاني في أول من جعلها ثغرًا لمكة، وفي هذا الفصل شيء من تاريخها القديم، نقلا عن ابن فهد، وجملة عن سكانها من البلاد المختلفة، في عهد المؤلف، وجاء فيه إن آل ابن فرج من اليمن من أهل الخور، وأول من سكن جده منهم الفقيه فرج، وكان -رحمه الله- يعلم القرآن بمسجد شميلة. والفصل الثالث في سبب عمارة سور جده في أول القرن العاشر الهجري، وهو أطول فصول الرسالة وأكثرها فائدة. أما الفصل الرابع فهو في ذكر من مات ودفن بها من العلماء. والفصل الأخير مبتور مما يدل على أن المؤلف لم يكمل كتابه، وهو يتضمن الكلام عن قبر حواء المزعوم وعن قبر عفيف الدين عبدالله المظلوم الذي ربما سميت بإسمه أحد أحياء جدة وينتهي هذا الفصل عند هذا الحد.
يقول الشيخ الجاسر -رحمه الله- إنه توجد من هذا الكتاب نسخ، أقدمها نسخة المكتبة الوطنية في فينا وهي غير مؤرخة. وفي المكتبة التيمورية المضافة إلى دار الكتب المصرية نسخة أخرى برقم 2207 وهي بقلم محمد عبده بن الشيخ محمد الحضراوي كتبها في جماد الآخر سنة 1315هـ. وفي مكتبة الشيخ عبدالستار الدهلوي المضافة إلى مكتبة الحرم نسخة تقع في 47 صفحة وخطها حديث.
4- جمال بن عمر المكي (المتوفى سنة 1284هـ):
يقول حمد الجاسر -رحمه الله- إن: صاحب (هداية العارفين في أسماء الكتب والمصنفين) ذكر أن الشيخ جمال بن عمر المكي الحنفي المفتي ورئيس المدرسين بمكة المتوفى سنة أربع وثمانين ومائتين وألف له من مصنفاته «الفرج بعد الشدة في تاريخ جُدَّة» يقول الشيخ الجاسر: «ولا أعرف عن كتابه شيئا اكثر من هذا» (16).
5- أحمد بن محمد الحضراوي: (المتوفى سنة 1327هـ):
ويقول الجاسر أيضًا في نفس المقال المشار إليه: يعتبر الشيخ أحمد بن محمد الحضراوي من كبار علماء مكة ومؤرخيها وله عن جده كتابان، أحدهما في «المفاضلة بينها وبين الطائف»، والثاني هو كتاب «الجواهر المعدة في فضائل جدة».
ويقول الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-: إن صديقه الباحث المحقق كوركيس عواد في كتاب خاص مؤرخ في 27/4/1967م أخبره أنه توجد نسخة من الكتاب الأخير في خزانه تشستر بيتي بمدينة دبلن في إيرلندا رقمها 3722 بخط المؤلف في 11 جمادى الآخرة سنة 1288هـ.
ويسترط الجاسر قائلًا: ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبه الشيخ عبدالستار المضافة إلى مكتبه الحرم المكي وهي بخط الشيخ عبدالستار نفسه، ورقمها 27، وتقع في (62) صفحة من القطع الصغير والكتابة مقروءة وإن كانت غير جيدة. وتقع الرسالة في مقدمة وفصلين وخاتمة. المقدمة في سبب إنشاء جدة وضبط اسمها ومن أنشأها. والفصل الأول في فضائل جدة. والفصل الثاني في مآثر جُدَّة وما احتوت عليه من سكانها. والخاتمة في بعض حكايات لطيفة وقعت فيها.
يقول الشيخ الجاسر عن هذه الرسالة: «وبالأجمال فهذه الرسالة على إيجازها توشك أن تحتوي على جل ما أورده من كَتَبَ عن تاريخ جُدَّة، بإستثناء ما جاء في رحلة ابن المجاور وفي غيره من الرحلات، فقد عول الحضراوي أكثر ما عول على «رسالة ابن فرج» المتقدم ذكره (17).
6- أحمد إبراهيم الغزاوي (المتوفى سنة 1401هـ):
يقول الأستاذ حماد السالمي عن الغزاوي -رحمه الله-: كان الشيخ أحمد بن ابراهيم الغزاوي أحد كبار الرواد في عالم الأدب والشعر المعاصر، انتخب في المؤتمر الأدبي الأول للأدباء السعوديين واحًدا من كبار الرواد المعترف لهم بالتحليق في آفاق الشعر والأدب أمدًا مديدًا، ظل فيه عملاقا مرموقًا، من هذا الجانب ومن جوانب أخرى مضيئة في عالم الأدب والفكر واللغة العربية الكريمة.
ولد الشيخ أحمد بن ابراهيم الغزاوي بمكة المكرمة عام (1318هـ-1899م) من أسرة عريقة في بلد الله الحرام، وتلقى علومه بالمدارس الأهلية «الصوليته الخيرية» و»الفلاح»، وشغل وظائف حكومية عديدة، كما تولي رئاسة ديوان رئاسة القضاء بمكة المكرمة وأصبح نائبًا لرئيس مجلس الشورى، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى توفاه الله (18).
وقد لقبه جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله - بلقب: حسان جلالة الملك وشاعره في سنة 1352هـ.
والغزاوي ولو أنه لم يفرد كتابا لجُدَّة إلا أنه كتب شذرات عديدة تزيد على خمسة وخمسون شذرة كلها تتعلق بمدينة جُدَّة وسكانها وتاريخها وغير ذلك من شؤونها، وقد أكرمني الله عزوجل فتوفقت إلى تأليف كتابا اسميته (جُدَّة في شذرات الغزاوي) سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث نظرًا لأهمية هذه الشذرات في توثيق جزئا من تاريخ جُدَّة.
7- عبدالقدوس الأنصاري (المتوفى سنة 1403هـ):
ولد الشيخ عبدالقدوس الأنصاري -رحمه الله- في المدينة المنورة سنة 1324هـ وتلقى علومه بها، وتخرج من مدرسة العلوم الشرعية بالمدينة المنورة سنة 1349هـ وأنشأ مجلة المنهل عام 1355هـ/1937م. ألف عدة كتب منها كتاب «آثار المدينة المنورة»، وكتاب «تاريخ مدينة جُدَّة»، وكتاب «بين التاريخ والآثار»، وكتاب «بنو سُليم»، وديوان «الأنصاريات»، وكتاب «التحقيقات المعدة بحتمية ضم جيم جُدَّة»، وكتاب مع ابن جبير في رحلته»، وكتاب «تاريخ العين العزيزية بجُدَّة «، وكتاب «طريق الهجرة النبوية» وكتاب «من التراث» وكتاب «الملك عبدالعزيز في مرآة الشعر»، وقام بعدة رحلات أثرية في الداخل والخارج، ونشر ثمار تلك الرحلات في مجلة «المنهل» في أجزاء خاصة. ويقول الكاتب المؤرخ الأستاذ حماد السالمي إن للأستاذ الأنصاري -رحمه الله- عدة كتب ألفها ولم تطبع بعد منها الجزء الثاني من كتاب «تاريخ مدينة جُدَّة»، وكتاب «مستقبل أبحر»(19).
وأقول: إن كتاب الأنصاري -رحمه الله- عن تاريخ مدينة جُدَّة هو كتاب موسوعي يعد من أهم المصادر الحديثة عن هذه المدينة، وموضوعات الكتاب هي في: استعراض الوضع الجغرافي للمدينة، وأصل تسميتها وصحتها، وتاريخها الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والعمراني، وعادات أهلها وتقاليدهم، وآثار جُدَّة، وفنونها، وتشكيلاتها الحكومية، وقضائها، وعلمائها، وأعيانها، والتمثيل الدبلوماسي فيها، وبلديتها، ومساجدها، وفنادقها، وأمثالها العامية، واللهجات فيها، ومكتباتها العامة والخاصة، وصفحتها، ومطابعها، وأحيائها البرية والبحرية، وغير ذلك. بالإضافة لكثير من المرسوم والوثائق والصور والخرائط وهو كتاب لا يستغني عنه أي باحث في تاريخ جُدَّة.
بعض من أرخ لجُدَّة حديثًا:
بعد صدور كتاب (السلاح والعدة في تاريخ بندر جُدَّة) للشيخ عبدالقادر بن فرج المتوفى عام 1010م - رحمه الله، وكتاب (الجواهر المعدة في فضائل جُدَّة) للشيخ أحمد الحضراوي المتوفى عام 1327هـ - رحمه الله -، نكاد لا نجد كتبًا أفردت لجُدَّة - باستثناء مخطوطة (مختصر تاريخ جُدَّة) التي كتبها خطيب المسجد الشافعي والمدرس بمدرسة الفلاح بجُدَّة الشيخ حسن حسين أبو الحمايل - رحمه الله -، ومخطوطة (تاريخ جُدَّة) المنسوبة للشيخ محمد صالح باعشن - رحمه الله - حتى جاء عام 1382هـ /1963م فصدرت الطبعة الأولى من كتاب (موسوعة تاريخ مدينة جُدَّة) للشيخ عبدالقدوس الأنصاري - رحمه الله - وهذا الكتاب يعده الكثيرون أحد أهم وأشمل الكتب التي أُفردت لمدينة جُدَّة.
ويلاحظ أنه بعد صدور هذا الكتاب بعدة سنين بدأ ظهور العديد من المؤلفات والروايات التي اختصت بجُدَّة أو أفردت لها.
ومن هذه الكتب الحديثة التي اختصت بتاريخ جُدَّة وشؤونها:
1- مدينة جُدَّة - الموقع، البيئة، العمران، السكان، من تأليف الباحثة فاطمة عبدالعزيز سليمان الحمدان، صدر عام 1410هـ - 1990م.
2- النشاط التجاري لميناء جُدَّة خلال الحكم العثماني 1256هـ - 1840م/1335هـ -1916م، للدكتور مبارك محمد المعبدي، صدر عام 1413هـ - 1993م .
3- جُدَّة في مطلع القرن العاشر الهجري، د. نوال سراج ششة، صدر عام 1414هـ - 1993م.
4- جُدَّة خلال الفترة 1286 1326هـ/1869 -1908م، دراسة تاريخية وحضارية في المصادر المعاصرة، من تأليف الباحثة صابرة مؤمن إسماعيل، صدر عام 1418هـ.
5- جُدَّة أم الرخاء والشدة وهو كتيب أصدره الدكتور خالد باطرفي عام 1418هـ.
6- جُدَّة في عهد الملك عبدالعزيز 1925 1953م للدكتور محمد بن جمعان دادا الغامدي، صدر عام (1421هـ - 2000م).
7- جُدَّة التاريخ والحياة الاجتماعية، للأستاذ محمد صادق دياب - رحمه الله - صدر عام 1423هـ - 2002م.
8- الملك عبدالعزيز واستراتجية التعامل مع الأحداث (حالة جُدَّة)، من تأليف الدكتورة دلال بنت مخلد الحربي، وصدر عام (1423هـ-2003م)
9- خواطر وذكريات، للشيخ إبراهيم محمد الحسون - رحمه الله - صدر عام 1424هـ - 2003م.
10- الحرفيون في مدينة جُدَّة، للمهندس وهيب أحمد فاضل كابلي، صدر عام 1425هـ/2004م.
11- تحقيق كتاب تراجم علماء جُدَّة من الحضارمة للشيخ علي بن سالم العميري، من علماء القرن الرابع عشر الهجري، حققه الباحث خضر بن صالح بن سند، وصدرت النسخة المحققة منه عام 1425هـ 2005م.
12- دورة تجار الحضارم في تجارة أسواق جُدَّة (خلال القرن الثالث عشر الهجري)، من تأليف الدكتور مبارك محمد المعبدي (د.ت).
13- جُدَّة حكاية مدينة، للأستاذ محمد يوسف محمد حسن طرابلسي، صدر عام 1427هـ - 2006م.
14- جُدَّة أم الرخا والشدة من تأليف ثريا التركي، وأبوبكر باقادر، ومشاركة آمال طنطاوي، وقد صدر عام 1427هـ - 2006م.
15- التجارة الخارجية لمدينة جُدَّة في العهد العثماني، 1840هـ - 1916م للدكتور محمد بن سعيد الشعفي، صدر عام 1428هـ -2007م.
16- المفردات العامية في مدينة جُدَّة، تأليف الأستاذ محمد صادق دياب - رحمه الله- وصدر عام 1429هـ - 2008م.
17- ذاكرة الزمن الجميل - جُدَّة التي أحببتها، للكاتبة ليلى النعماني علي رضا، صدر عام 2009م.
18- جُدَّة القديمة، من تأليف د.عبدالله تلمساني، والمهندس فؤاد سروجي، والدكتور عدنان عدس، صدر عام 1430هـ - 2009م.
19- جُدَّة في شذرات الغزاوي، للدكتور عدنان عبدالبديع اليافي، صدر عام 1431هـ -2010م.
20- النزلة اليمانية - حي في ذاكرة جُدَّة، للباحث الأستاذ عباس بن محمد بن سعيد الفضلي، صدر عام 1431هـ - 2010م.
21- بيوت جُدَّة القديمة، بحث وتوثيق الشيخ محمد درويش رقام والأستاذ صالح سعيد العامودي، صدر عام 1431هـ - 2011م.
22- جُدَّة معطيات المكان وآفاق الزمان، للأستاذ الدكتور عبدالرزاق سليمان أحمد أبوداود، والأستاذة الدكتورة ليلى بنت صالح محمد زعزوع، صدر عام 1432هـ -2011م.
23- جُدَّة في العصر المملوكي، للباحثه سلوى عبدالقادر السليمان، صدر عام 1432هـ - 2011م.
24- المعماريون في جُدَّة القديمة، تأليف عبدالعزيز عمر أبوزيد، صدر عام 1433هـ.
25- حكاية العطارين في جُدَّة القديمة، تأليف الأستاذ عبدالعزيز عمر أبوزيد، وصدر عام 1433هـ.
26- جُدَّة في صدر الإسلام، للدكتور عدنان عبدالبديع اليافي، صدر عام 1434هـ - 2013م.
كما صدرت بعض الكتب عن جُدَّة بلغات مختلفة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- كتاب: (Jeddah 68/69) من إصدارUniversity Press of Africa وقد صدر عام 1968م.
2- وكتاب: (Jeddah Portrait of An Arabian City) من تأليف Angelo Pesce، وقد صدر عام 1974م.
كما كتبت روايات عديدة عن جُدَّة وتاريخها كان من أحدثها رواية مقام حجاز للمؤرخ والروائي المعروف الأستاذ محمد صادق دياب، وقد أصدرها قبيل وفاته -رحمه الله- بقليل عام 2011م.
كما صدرت كتابات تتناول المورثات الشعبية في مدينة جُدَّة مثل كتاب (التبات والنبات)، من تأليف الدكتورة لمياء محمد صالح باعشن، بالإضافة لبعض الأهازيج من تراث جُدَّة والتي سجلتها د. لمياء باعشن على قرص مضغوط (CD)، وكتاب (قالوها في الحارة) الذي أصدره الأستاذ يعقوب محمد اسحاق عام 1415هـ/1995م، وكتاب الأمثال الشعبية الحجازية من جمع الكاتبة اعتدال عطيوي، وغيرها من الكتب التي عنت بالمورثات الشعبية في جُدَّة.
كما تصدر بين الحين والآخر كتبا تعنى بمؤسسات وطنية أو تعليمية في جُدَّة مثل كتاب (الملك فيصل والمدرسة النموذجية) وهو كتاب عن مدارس الثغر النموذجية في جُدَّة من تأليف الأستاذ مشعل عيضة الحارثي أصدره عام 1433هـ - 2012م.
ومثل الملف الوثائقي الذي أصدرته مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر عن مدارس الفلاح (الحضارة والتراث). ولا شك أن جُدَّة ستحظى مستقبلا -إن شاء الله- بعديد من الكتب والإصدارات العريقة التي ستتناول تاريخها وجغرافيتها وغير ذلك من أمور هذه المدينة.
المصادر:
1- الأنصاري، عبدالقدوس: تاريخ مدينة جُدَّة، دار المنهل، جُدَّة الطبعة الثالثة، (1402هـ - 1982م)، ص/73.
2- الأنصاري، عبدالقدوس: تاريخ مدينة جُدَّة، مصدر سابق، ص/73.
3- الأنصاري، عبدالقدوس: تاريخ مدينة جُدَّة، مصدر سابق، ص/31.
4- الحموي، ياقوت: معجم البلدان، المجلد الثاني، دار صادر، بيروت، ص/115.
5- ورد اسمه في بعض المصادر، جُدَّة بن جرم بن ربان.
6- الحموي، ياقوت: معجم البلدان، المجلد الثاني، مصدر سابق، ص/114.
7- الأنصاري، عبدالقدوس: تاريخ مدينة جُدَّة، مصدر سابق، ص/31.
8- الكلبي، أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب: كتاب الأصنام، مطبعة دار الكتب والوثائق القوميه بالقاهرة، القاهرة، (1430هـ - 2009م)، ص/54.
9- الأنصاري، عبدالقدوس: تاريخ مدينة جُدَّة، مصدر سابق، ص/67.
10- السليمان، سلوى عبدالقادر: جُدَّة في العصر المملوكي، النادي الأدبي الثقافي بجُدَّة، جُدَّة، (1432هـ - 2011م)، ص/17.
11- الحضراوي، أحمد بن محمد: الجواهر المعدة في فضائل جُدَّة، تحقيق د. علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، الطبعة الثانية، (1427هـ - 2006م)، ص/17.
12- دياب، محمد صادق: جُدَّة التاريخ والحياة الاجتماعية، دار العلم، جُدَّة، الطبعة الثانية، 01424هـ - 2003م)، ص/16.
13- المصدر السابق، ص/19.
14- اليافي، عدنان عبدالبديع: جُدَّة في صدر الإسلام، (د.ن)، جُدَّة، (1434هـ - 2013م)، ص/189.
15- الجاسر، حمد: مقال مؤرخو مدينة جُدَّة، مجلة العرب، الجزء الثالث، السنة الثانية، (رمضان 1387هـ - ديسمبر 1967م)، ص/198.
16- المصدر السابق، ص/200.
17- المصدر السابق، ص/193-202.
18- السالمي، حماد: الطائف في شذرات الغزاوي، دار ثقيف للنشر والتأليف، الطئف،(1414هـ-1994م)، ص/16-17.
19- المصدر السابق، ص/25-26.
مقال ومعلومات جميله
لدي سؤال لو تكرمتم هل هناك كتاب يذكر (اعيان جده) في الاعوام بين 1875 ميلادي الى 1888 ميلادي ؟؟
وشكرا